ما حكم تأخير أداء الصلاة عن أول وقتها لعذر؟ فعند سماع الأذان أكون منشغلًا في بعض الأعمال الضرورية التي تجعلني لا أستطيع أداء الصلاة في أول وقتها، ممَّا يضطرني إلى تأخير الصلاة لآخر وقتها.
أداء الصلاة في وقتها من باب الواجب الموسَّع الذي يصح أداؤه في أيّ جزء من وقته، وتعيين أول الوقت لأداء الصلاة فيه هو من الفضائل لا من الفرائض التي يأثم تاركها، فإذا مَنَعَ المكلَّفَ مانعٌ عن أداء الصلاة في أول وقتها؛ لانشغاله بأمر متعيَّن عليه في هذا الوقت، فإنه لا يأثم شرعًا بهذا التأخير.
لقد جعل الشارع الكريم لهذه الصلاة أوقاتًا معينة، وجعل أداءها في غير هذه الأوقات من غير عذرٍ إثمًا، ولرفع الحرج عن المكلَّفين وسَّعَ الشارع الحكيم في أوقات الصلوات، فجعل لها أولًا وآخرًا، وجعل أداءها في أيّ جزء من هذه الأوقات مُجْزِئًا.
ولذلك كان أداء الصلاة في وقتها من باب الواجب الموسَّع الذي يصحّ أداؤه في أي جزء من وقته؛ فالوجوب يتعلق بالأداء في أي جزء من الوقت بحيث لا يجوز إخلاء جميع أجزاء الوقت من العبادة، والسّعَةُ تتعلق بجواز انتقاء أي جزء من أجزاء هذا الوقت لإيقاع الصلاة فيه؛ أي أن متعلَّق الوجوب لا توسعة فيه، ومتعلَّق التوسعة لا وجوب فيه، كما يعبر الأصوليون، وتعيين أول الوقت لأداء الصلاة فيه هو من النوافل والفضائل لا من الفرائض.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله سلم تقديمه لأَوْلَى المصلحتين على الأخرى حتى ولو كان على حساب تأخير الصلاة عن أول وقتها للمصلحة؛ كالإصلاح بين الناس كما حدث هذا عند إصلاحه بين بني عمرو بن عوف.
وعُرِفَ من الشرع الشريف استحباب تأخير الصلاة عن أول وقتها لبعض المصالح والحاجات الشرعية والعاديِّة؛ كما في استحباب الإسفار بصلاة الفجر، والإبراد بصلاة الظهر، وتأخير العشاء إلى ثلث الليل، وغير ذلك؛ فروى الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «بلغ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ..» الحديث.
وروى الإمامان أحمد في "مسنده" ومسلم في "صحيحه" عن بُرَيْدَةَ بن الحُصَيْبِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: «صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ، يَعْنِي: الْيَوْمَيْنِ فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرَ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ فَأَبْرَدَ بِالظُّهْرِ، فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ». قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (5/ 114، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفيه احتمال تأخير الصلاة عن أول وقتها، وترك فضيلة أول الوقت لمصلحة راجحة] اهـ.
وذكر الفقهاء في كتب "الأشباه والنظائر" كالإمام السيوطي (ص: 82، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام ابن نجيم (ص: 71، ط. دار الكتب العلمية) من أنواع التخفيفات: تخفيفَ تأخير؛ كالجمع بمزدلفة، وتأخير رمضان للمريض والمسافر، وتأخير الصلاة عن وقتها في حق مشتغل بإنقاذ غريق ونحوه.
وورد في السنة النبوية أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم شغله كفار قريش في يوم الخندق عن صلاة العصر؛ فروى الإمامان البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا» فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ».
وأخذ الفقهاء من ذلك أن المكلف إذا منعه مانع عن أداء الصلاة حتى خرج وقتها بالكلية؛ لانشغاله بواجب متعين عليه في هذا الوقت، فإنه لا يأثم بهذا التأخير. وممَّا ذُكِر يُعلمُ الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: ماذا يفعل المسافر في الطائرة إذا خشي فوات وقت الصلاة المفروضة؟ هل تصح الصلاة في الطائرة؟ وإذا صحَّت هل يجوز أن يصلّي الفريضة قاعدًا؟ وكيف يمكن أن يعرف القبلة؟
ما حكم الالتفات اليسير في الصلاة لمن يقوم بالحراسة بسبب الخوف؟ فأنا أعمل في مهنة الحراسة الليلية لإحدى الشركات، وأقوم بأداء صلاة الصبح في مكان العمل، وفي بعض الأحيان يحدث مني التفات يسير دون قصد بسبب الخوف على المكان الذي أقوم بحراسته، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل هذا يُبْطِل الصلاة؟
هل يجوز في العبادات المحددة بعلامات -من فجر وشروق وزوال ونحوها- باعتبارها سببًا لها؛ كالصلوات المفروضة وصلاة الضحى وقيام الليل والصيام وما شابه ذلك، أن تُتْرَك هذه العلامات إذا اختلّت ويتم تقدير الوقت لها؟
سائل يقول: زوجتي تعاني مِن استمرار نزول الدم بعد الولادة، وقد جاوزت أربعين يومًا؛ فكيف تتطهر من أجل الصيام والصلاة؟
طلب السيد وكيل وزارة الخارجية بيان حكم الصلاة في الخلاء مع وجود مساجد بناء على طلب أحد مسلمي مدينة جوهانسبرج.
ما الحكم الشرعي فيمن يقوم بقراءة الفاتحة وسورة من القرآن الكريم في الصلاة دون البدء بالبسملة؟