يقول السائل: هناك مَن يدَّعي أن السيد البدوي ليس من الأولياء، وإنما كان مجذوبًا وليس وليًّا، فهل هذا صحيح؟ وكيف نرد على مَن يدَّعي ذلك؟
سيدي أحمد البدوي: هو السيد الشريف الحسيبُ النسيب، فرع الشجرة النبوية، وسليلُ البَضعة المصطفوية، أبو العباس شهاب الدين أحمد البدوي الحُسيني رضي الله عنه وأرضاه، المولود في فاس بالمغرب عام [596هـ]، والمتوفى في طنطا بمصر عام [675هـ]، المتصف بالصفات القويمة، والملقب بالألقاب الكريمة؛ كشيخ العرب، وأبي الفتيان، والمُلثَّم، والسطوحي، والسيد، وهو اللقب الملازم لاسمه الشريف، والذي صار في عرف أهل مصر عَلمًا عليه؛ بحيث ينصرف عند الإطلاق إليه، وهو ممَّن تربَّع على عرش الولاية الربانية، والوراثة المحمدية، وشهرته تغني عن تعريفه، وبركة سيرته تكفي في توصيفه، فهو قطب أقطاب الأولياء، وسلطان العارفين الأصفياء، وركن أقطاب الولاية لدى السادة الصوفية، وإليه تنسب الطريقة الأحمدية البدوية.
والسيد البدوي رضي الله عنه هو من الأولياء الذين كتب الله لهم القبول في الأرض عند العامة والخاصة، واتفق على إمامتِه الأكابرُ والأصاغر، وترجمه بذلك المؤرخون، والعلماء والحفاظ والفقهاء في كل القرون، ولم يختلف أحدٌ في فضله، ولا نازع عالمٌ في شرفه ونُبْلِه؛ بحيث إنَّ الناظر في سيرته عند أهل العلم لا يجد عالمًا ولا مؤرخًا إلّا ذكرَه بالسيادة، وكريم الإشادة، ولا يطالع إلّا مدْحَ شجاعتِه، ووصْفَ نجدته وفتوَّتِه، والثناءَ على كرمه وسماحتِه، والدعاءَ بنيل بركتِه والانتفاع بزيارته ومحبتِه.
والسيد البدوي رضي الله عنه من الأولياء الذين عمّر الله بهم البلاد، وزكّى بهم العباد، فمنذ حلَّ في طنطا -عام 634 من الهجرة النبوية الشريفة- بدأت تعمر محلتها، وتزداد شهرتها، وتكثر أبنيتها، وتتسع عمارتها، وأصبح يقصدها القُصَّاد، ويرتادها الرواد، ويأتيها الزوار والعُبّاد؛ فازدهت عمرانًا بشريًّا، ومركزًا تجاريًّا، ومزارًا إسلاميًّا يُقصَدُ للاحتفال بالمولد النبوي فيه من جميع الأنحاء، وتُشَدُّ له الرحال من سائر الأرجاء؛ وصار ذلك -كما يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني فيما نقله عنه الإمام الشعراني في "الطبقات الوسطى" بخطه-: [يومًا مشهودًا؛ يقصده الناس من النواحي البعيدة، وشهرة هذا المولد في عصرنا تغني عن وصفه] اهـ.
ومن بركات السيد البدوي على طنطا: أنها صارت بقدومه إليها بلدًا علميًّا سامقًا ومعهدًا قرآنيًّا باسقًا، وصار تدريس القرآن والعلم فيها عريقًا، وازدانت بالعلماء والقُرّاء بريقًا؛ فنشأت فيها حركة علمية، ومنظومة تعليمية، ومدرسة قرآنية، صار فيها الجامعُ الأحمديُّ شقيقَ الجامع الأزهر، وانتسب إليه فطاحل العلماء والأولياء، وتخرّج منه كبارُ الفقهاء وأعاظم القُرّاء الذين تربعوا على عرش القراءة القرآنية؛ بحيث اشتهر بين علماءِ مصرَ قولُهم: "العلم أزهريٌّ، والقرآنُ أحمديٌّ"، وهي مقولة يأثرها القراء وعلماء القراءات عن شيخ المقارئ المصرية وإمام أهل القراءة في عصره ومصره العلامة شمس الدين محمد المتولي الكبير [ت: 1313هـ].
وبلغ ممَّا وضعه الله لوليه السيد أحمد البدوي رضي الله عنه من القبول عند الخاصة والعامة: أن سمَّى العلماءُ أولادَهم العلماءَ باسمه ولقبه معًا "السيد البدوي" تيمنًا وتبركًا؛ حتى كثر ذلك في الناس: كالشيخ العلامة محمدَا بن أبي أحمد الأموي المجلسي الشنقيطي، وولده هو العلامة النسابة أحمد البدوي الشنقيطي المجلسي [ت: 1208هـ] صاحب نظم "عمود النسب"؛ حيث سمّاه ولقبه "بأحمد البدوي" تيمنًا باسم السيد البدوي ولقبه رضي الله عنه، كما ذكره صاحب "رياض السيرة والأدب، في إكمال شرح عمود النسب" (1/ 3، ط. دار الفتح).
وكإمام الجامع الأحمدي الشيخ إبراهيم بن إبراهيم الظواهريّ الشافعي [ت: 1325هـ]؛ فإنه سمى ولدَه "بمحمد الأحمدي" تيمنًا باسم السيد أحمد البدوي رضي الله عنه، وولدُه هو شيخ الإسلام الإمام الأكبر محمد الأحمدي الظواهري إمام الجامع الأزهر [ت: 1363هـ].
وهذا كله من علامات القبول التي وعد الله تعالى بها أولياءَه وأهلَ رضاه؛ كما قال الله جل في علاه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96]. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الرجوع في الهبة بعد سنوات من تمليك الواهب للموهوب له العين الموهوبة؟ فهناك صديقان أهدى أحدهما للآخر مبلغًا كبيرًا من المال اشترى به الآخر وحدة سكنية، ثم حدث بينهما شجارٌ كبير وخلافٌ أدَّى إلى تعكير صفو ما بينهما من مودَّة، فجاء الصديق الأول "الواهب" -بعد سنوات- من استقرار صديقه الآخر "الموهوب له" في البيت الذي اشتراه بمال الهبة والذي رتَّب حياته عليه، وطالبه بأن يخرج من البيت ويعيده إليه بدعوى أنَّه قد بَذَلَ هذا المال لرجلٍ كان يظنه محبًّا مخلصًا، وبعد الشجار ظهر له خلاف ما كان يأمله فيه، لذلك هو يعتبر نفسه أنه قد بذل هذا المال منخدعًا، ويحق له أن يسترجعه، فهل يجوز له أن يرجع في هبته تمسُّكًا بأنَّ السادة الحنفية يجيزون الرجوع في الهبة؟ وهل نسبةُ ذلك للحنفية صحيحة أو لا؟
يقول السائل: نرجو منكم بيان فضل عيادة المريض وثوابها.
ما حكم مشاركة الكورسات التعليمية؟ فهناك مجموعة من الأشخاص يريدون الاشتراك في أحد كورسات تعلم الفوتوشوب، واتفقوا على أن يشترك واحدٌ منهم فقط، ثم يقومون بتوزيع ثمن الكورس عليهم جميعًا، وعند موعد بدء الكورس يجلسون معًا لمشاهدته، وذلك باعتبار أنهم جميعًا شخص واحد، فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم كتابة حرف الصاد (ص) أو لفظ (صلعم) بدلًا من كتابة (صلى الله عليه وسلم) بعد الاسم الشريف؟
سائل يقول: أرجو من فضيلتكم التكرم بالردّ على مَن يزعم أنَّ مدح النبي عليه السلام يُعدّ من باب المبالغة والغلو المخالف لأحكام الشرع؟
نرجو منكم بيان فضل بناء المساجد وثواب عمارتها في الشريعة الإسلامية.