مدى وجوب قضاء زكاة المال لمن لم يؤدها لسنوات لعدم علمه بوجوبها

تاريخ الفتوى: 15 مارس 2020 م
رقم الفتوى: 7157
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الزكاة
مدى وجوب قضاء زكاة المال لمن لم يؤدها لسنوات لعدم علمه بوجوبها

هل يشترط لوجوب الزكاة العلمُ بفرضيتها؟ وإن وجد إنسان مسلم في بلاد المسلمين يجهل وجوبها، ومرَّ عليه أعوام، فهل يجب عليه قضاء ما فات؟

ليس من شروط وجوب الزكاة العلمُ بها؛ فإنَّ المُكلّف إذا اكتملت عنده شروطها وهو مسلم، حرّ، مالك للنصاب، وحال على هذا النصاب الحول، وكان هذا المال فائضًا عن حاجته، وحاجة من يعول؛ فإنَّه يجب عليه إخراجها، فإن تركها لعامٍ أو أعوامٍ لعدم علمه بوجوبها، ثم علم ذلك، فإنَّه يجب عليه إخراجُها عن ما مضى من الأعوام.

المحتويات

 

شروط وجوب الزكاة

تقرَّر في الشرع الشريف أنَّ الزكاة واجبة على كل مسلمٍ، حرٍّ، مالكٍ للنصاب، وحال على هذا النصاب الحول، وكان هذا المال فائضًا عن حاجته وحاجة مَن يعول؛ وذلك لما أخرجه البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن، فقال: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُولُ الله، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ الله افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ».

وروى أبو داود في "سننه" عن علي -رضي الله عنه وكرم وجهه- أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ -يَعْنِي- فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ»، قال: فلا أدري أعليٌّ يقول: فبحساب ذلك، أو رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وزاد المالكية في شروط الوجوب فيما يتعلق بزكاة الماشية: مجيء الساعي. انظر: "الشرح الصغير" لسيدي أحمد الدردير (1/ 590، ط. دار المعارف).

وشرط الوجوب: هو الذي نكلف به؛ أي: بسببه، فدخول الوقت شرطٌ في وجوب الصلاة، والنقاء من الحيض شرطٌ في وجوب الصلاة والصوم والطواف، وبلوغ بعث الأنبياء شرط في وجوب الإيمان. انظر: "فتح الودود" للشيخ يحيى الولاتي (ص: 18-19، ط. المطبعة المولوية بفاس).

وأما شرط الأداء: فكل ما هو شرط في الوجوب فهو شرط في الأداء، ويزيد شرط الأداء بالتمكن من الفعل. انظر: "نشر البنود" للشيخ الشنقيطي (1/ 44، ط. مطبعة فضالة بالمغرب).

هل يشترط لوجوب الزكاة العلمُ بفرضيتها

المقرر عند جماهير الفقهاء أنَّ العلم ليس شرطًا من شروط وجوبها؛ ففي "المدونة" من كتب المالكية (1/ 334، ط. دار الكتب العلمية): [قال: وسألت مالكًا عن الرجل يعلم الإمام أنه لا يؤدي زكاة ماله الناض، أترى أن يأخذ منه الإمام الزكاة؟ فقال: إذا علم ذلك أخذ منه الزكاة. قلت: أرأيت قومًا من الخوارج غلبوا على بلد من البلدان، فلم يؤدوا زكاة مواشيهم أعوامًا، أيأخذ منهم الإمام إذا كان عدلًا زكاة تلك السنين إذا ظفر بهم؟ فقال: نعم. قلت: وهذا قول مالك؟ فقال: نعم] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 337، ط. دار الفكر): [إذا مضت عليه سنون، ولم يؤدّ زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها؛ سواء علم وجوب الزكاة أم لا، وسواء كان في دار الإسلام أم دار الحرب، هذا مذهبنا. قال ابن المنذر: لو غلب أهل البغي على بلد، ولم يؤد أهل ذلك البلد الزكاة أعوامًا، ثم ظفر بهم الإمام، أخذ منهم زكاة الماضي في قول مالك والشافعي وأبي ثور] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 512، ط. مكتبة القاهرة): [ولو أسلم في دار الحرب، وأقام بها سنين لم يؤدّ زكاة، أو غلب الخوارج على بلدة، فأقام أهله سنين لا يؤدون الزكاة، ثم غلب عليهم الإمام أدوا الماضي، وهذا مذهب مالك والشافعي] اهـ.

والحجة في وجوب الزكاة لمن اكتملت عنده شروط وجوبها -حتى ولو لم يعلم بوجوبها- أن الزكاة من أركان الإسلام، وهذه الأركان يجب عليه العلم بها، وعدم علمه بها تقصير منه، ولهذا فلم تسقط كالصلاة والصيام.

قال الإمام ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 42، ط. دار الفكر- بيروت): [قال العلامي في "فصوله": من فرائض الإسلام تعلمه ما يحتاج إليه العبد في إقامة دينه، وإخلاص عمله لله تعالى، ومعاشرة عباده. وفرض على كل مكلف ومكلفة بعد تعلمه علم الدين والهداية، تعلم علم الوضوء، والغسل، والصلاة، والصوم، وعلم الزكاة لمَن له نصاب، والحج لمَن وجب عليه، والبيوع على التجار؛ ليحترزوا عن الشبهات والمكروهات في سائر المعاملات. وكذا أهل الحرف، وكل مَن اشتغل بشيء يفرض عليه علمه وحكمه ليمتنع عن الحرام فيه] اهـ.

وقال العلامة القرافي المالكي في "الفروق" (2/ 149-150، ط. عالم الكتب) في الفرق الرابع والتسعين بين قاعدة ما لا يكون الجهل عذرًا فيه وبين قاعدة ما يكون الجهل عذرًا فيه: [اعلم أن صاحب الشرع قد تسامح في جهالات في الشريعة فعفا عن مرتكبها، وآخذ بجهالات فلم يعف عن مرتكبها. وضابط ما يعفى عنه من الجهالات: الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادة، وما لا يتعذر الاحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فإنَّ الزكاة ليس من شروط وجوبها العلم بها، فإنَّ المكلف ما إذا اكتملت عنده شروط الوجوب المقرّرة عند الفقهاء فإنه يجب عليه إخراجها، فإن تركها لعامٍ أو أعوامٍ لعدم علمه بوجوبها، ثم علم ذلك، فإنَّه يجب عليه إخراجها عن ما مضى من الأعوام.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إخراج زكاة الزروع مالا ونقلها إلى مكان آخر؟ حيث يقول السائل إن أحد أقاربه يعمل مهندسًا زراعيًّا ويمتلك أرضًا زراعية، وقد قام هذا العام بحصاد القمح وأعد زكاة القمح على أساس العُشر، ولكنه لم يجد فقراء يقبلون القمح كزكاة لأنهم يفضلون شراء الخبز من المخابز، وقد رأى أن يبيع هذا المقدار من القمح -مقدار الزكاة- مع ما يبيعه من المحصول على أن يأخذ ثمنه ويوزعه على فقراء محل إقامته. ويسأل:
1- هل يجوز استبدال القمح بالنقود وإعطاؤها للفقراء في حالة تعذر إعطائه قمحًا؟
2- وهل يجوز نقل الزكاة من مكان استحقاقها إلى محل إقامته؟


ما حكم تأخير زكاة الفطر بحجة توزيعها حبوبا على مدار السنة؛ فأنا بصفتي رئيس لجنة زكاة جمعية خيرية أود الإفادة في أنه يرد إلى اللجنة مبالغ مالية خلال شهر رمضان تدفع بقصد زكاة الفطر، وهذه المبالغ تفوق احتياجات الحالات التي تخص اللجنة (وتأخذ مبالغ شهرية منها) فأرجو الفتوى في الآتي:

- هل يجوز أن يتم توزيع ما يكفي الحالات من الحبوب، وما يفيض من ذلك يتم تأخير توزيعه إلى ما بعد العيد، بحيث يمكن توزيعها على تلك الحالات كمساعدات (زكاة) شهرية تعينهم على المعيشة؟
- هل في حالة القول بعدم جواز ذلك -عدم جواز التأخير- هل يجوز إخراج زكاة الفطر مالًا؟


طلب مجلس إدارة مشروع إنشاء معهد أمراض الكبد بيان ما إذا كان يجوز شرعًا دفع الزكاة أو جزء منها لهذا المشروع أم لا يجوز؟ وبعد الاطلاع على الكتيب الذي حوى فكرة المشروع، وتقدير تكاليف إنشائه وضرورته بسبب انتشار أمراض الكبد انتشارًا كبيرًا في مصر وباقي الأقطار العربية، وفي مراحل العمر المختلفة، وأن الجمعية القائمة على المشروع قد تم شهرها وتسجيلها بالشؤون الاجتماعية جنوب القاهرة، وأن المعهد سيلحق به مستشفًى لعلاج القادرين بأجر في حدود نسبة معينة من المرضى، وذلك كمورد لتشغيل المعهد ومؤسساته بالإضافة إلى الموارد الأخرى المبينة بالكتيب.


هل يجوز التبرع بالصدقة والزكاة لصالح منتجات رمضان؛ وهي: "خيمة لإفطار الصائمين، وكرتونة غذائية، ووجبات إفطار للمسافرين"؟


ما حكم إعطاء الزكاة لذوي الهمم؟ وهل يجوز صرف الزكاة إلى الطفل أو الشاب المعاق من ذوي الهمم أو أنهما يُعطَيان من الصدقة لا من الزكاة الواجبة؟


يقول السائل: أنا رجل أضارب في أسهم بعض الشركات من خلال البورصة، وربما أشتري الأسهم وأنتظر فترة طويلة حتى يرتفع سعر الأسهم ثم أبيعها، وقد يستمر الانتظار فترة طويلة بعد حلول الحول، وهو ما يجعلني مضطرًّا لتأجيل إخراج الزكاة حتى يتمّ بيع هذه الأسهم، فكيف أُخْرِج الزكاة في هذه الحالة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :32