يقول السائل: ما التوجيه الشرعي للخاطب أو المخطوبة إذا كان أحدهما مريضًا، وما مدى إعلام الطرف الآخر بذلك؟
حث الشرعُ الشريف على المصارحة بين المخطوبيْن فيما بينهما من العيوب والأمراض التي من شأنها أن تُعطِّلَ مقاصد الزواج أو تكرَّ عليها بالفساد أو البطلان، وجعلها من باب الغش المنهي عنه شرعًا؛ خاصةً تلك الأمراض التي تمنع من الجماع، أو الأمراض المُنَفِّرة أو المُعْدِية أو المُزمنة.
وأمَّا ما عدا ذلك من الأمراض التي يمكن معالجتها؛ فالأولى الإخبار بها، حسمًا لمادة النزاع.
المحتويات
جاء الشرعُ الشريفُ بمنهجٍ متوازنٍ متضافر، لا تناقض فيه ولا تنافر، فلم يترك شيئًا فيه صلاح أمرِ الإنسان إلا وشرع له من الأحكام ما يُوَازن به بين تحقيق المصالح ودرء المفاسد؛ فشرع الزواج ووضع له من الأحكام ما به تتحقق مقاصدُهُ؛ من الإحصان، والعفة، والولد، وتُدْرَأُ مفاسدُهُ؛ من انقطاع الأنساب، والوقوع في الحرمات، والتسبُّب في الأمراض، وبذلك اتَّسقت دواعي الطبع مع دواعي الشرع، واتَّفقت المقاصد الشرعيَّة مع مصالح الخلق المرعيَّة.
قال الإمام ابن قدامة المقدسي في "المغني" (7/ 5، ط. مكتبة القاهرة) في بيان ما يترتب على النكاح من مصالح: [يشتمل على تحصين الدِّين، وإحرازه، وتحصين المرأة، وحفظها، والقيام بها، وإيجاد النسل] اهـ.
وقال الإمام زين الدين المناوي في "فيض القدير" (3/ 237، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [قال الحكماء: ينبغي للرجل أن يقصد بالتزوج حفظ النسل، والتحصين، ونظام المنزل، وحفظ المال، لا مجرد نحو شهوة] اهـ.
فكانت هذه المقاصد هي معيار قوام الحياة بين الزوجين، ومعها يتحقق السكن والاستقرار والحفاظ على النوع الإنساني، وفي سبيل ذلك ندب الشرعُ الشريفُ إلى الاحتياط للنُّطَفِ، واختيار الأَكْفَاء الأصحَّاء من الأزواج رجالًا أو نساءً؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الأَكْفَاءَ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ» أخرجه ابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
قال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 446، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [تكلفوا طلب مَا هُوَ خير لكم فِي المناكح وأزكاها] اهـ.
الزواج في الأصل إنَّما شُرِعَ لِمَن يُطيقه؛ ماديًّا ونفسيًّا وبدنيًّا؛ فعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» متفقٌ عليه.
فإن لم تطق به نفس الإنسان أو لم يقدر عليه؛ بأن يضرَّ بالطرف الآخر ضررًا محقَّقًا: كان الزواج حرامًا، على أنَّ النكاح وإن كانت فيه مصلحة دينية ودنيوية إلا أنه يُراعى فيه عدم التسبُّبِ في حصول ضررٍ بالغ بأحد الزوجين أو كليهما؛ من مرضٍ أو جورٍ أو نحو ذلك، بحيث لا تصير مفاسده أعظم من مقاصده، وقد تقرَّر في الشرع الشريف أن "رعاية دَرْءِ الْمَفَاسِدِ أولى مِنْ رعاية حُصُولِ المصالح"؛ كما قال الإمام القرافي في "الفروق" (4/ 237، ط. عالم الكتب).
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 7، ط. دار الفكر): [قوله: (فإن تيقنه) أي: تيقن الجور: حَرُمَ؛ لأنَّ النكاح إنما شُرِع لمصلحة تحصين النفس، وتحصيل الثواب، وبالجور يأثم ويرتكب المحرمات، فتنعدم المصالح لرجحان هذه المفاسد] اهـ.
وقال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (2/ 215، ط. دار الفكر): [قوله: (إلا أن يؤدي إلى حرام)؛ كأن يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو لعدم النفقة، أو التكسب من حرام] اهـ.
ولذلك طلبَ الشرعُ الشريف المصارحة بين المخطوبيْن فيما بينهما من العيوب والأمراض التي من شأنها أن تُعطِّلَ مقاصد الزواج أو تكرَّ عليها بالفساد أو البطلان، وجعلها من باب الغش المنهي عنه شرعًا؛ خاصةً تلك الأمراض التي تمنع من الجماع، أو الأمراض المُنَفِّرة أو المُعْدِية أو المُزمنة.
وأمَّا ما عدا ذلك من الأمراض التي يُمكن معالجتها: فالأولى الإخبار بها؛ حسمًا لمادة النزاع، كما في "بدائع الصنائع" (2/ 325، ط. دار الكتب العلمية) للإمام الكاساني الحنفي، و"أقرب المسالك" (2/ 467-469، ط. دار المعارف) للإمام الدردير المالكي، و"أسنى المطالب" (3/ 117، ط. دار الكتاب الإسلامي) لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي، و"الروض المربع" (ص: 530، ط. دار المؤيد) للعلامة البهوتي الحنبلي. ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الحكم الشرعي في كتابة عقد الزواج في منزل أحد العروسين أمام أسرتَيهما وعددٍ محصور من الناس بحضور المأذون وبالصيغة المتعارف عليها، وبعد شهر أو شهرين مثلًا يكون الإشهار في مكان عام، حيث نقوم بإجراء العقد من قبول وإيجاب مرة أخرى أمام جمهور الناس والمدعوين؟
ما حكم فسخ النكاح بسبب الجنون؟ فالسائل تقدم ابنه لخطبة فتاة من نفس القرية التي يسكنها السائل وابنه، وبعد تمام الزواج والدخول اكتشف الزوج وأهله أن هذه الفتاة كانت مختلةً عقليًّا قبل عقد الزواج، وقد أخفوا ذلك عن الزوج وأهله.
وطلب السائل بيان من يتحمل الغرر الذي لحق بالزوج. وكيف يتم الطلاق؟ وهل لها حقوقٌ قِبَل الزوج؟
أم السائل تزوجت برجل بعد وفاة والده، وأنجب منها أولادًا، ثم توفيت وهي على عصمته، ويريد زوجها المذكور الزواج ببنت السائل الذي هو ابن للمتوفاة وربيب لذلك الزوج. وطلب بيان الحكم الشرعي في هذا الزواج، وهل يحل له التزوج بها أو لا؟
تزوج شخصٌ من امرأةٍ ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وبعد سنتين مضت على زواجهما ثبت أنهما أخوان من الرضاع. فهل يعتبر عقد الزواج في المدة التي عاشرها فيها صحيحًا أم لا؟ مع ملاحظة أن القاضي فَرَّقَ بين الزوجين المذكورين.
سائلة تقول: يطلب مني زوجي أن أتزين وأتجمل له ونحن في المنزل. فما التوجيه الشرعي في ذلك؟
ما حكم نكاح الشغار؟ فقد اتفق رَجُلانِ على أن يُزوِّجَ الأوَّل أختَه بابن الثاني، على أن يزوج الثاني بنتَه من الأول بلا مهر، وقد تم العقدان على هذه الصورة معاوضةً. فما حكمهما شرعًا؟ وهل يصح إبطالهما؟ وتفضلوا.