سائل يقول: كنت أقوم بتلقين المُتوفَّى فاعترض بعض الأشخاص علي؛ مُدَّعين بأنه بدعة، وأنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولا صحابته، ولا التابعين. فما حكم الشرع في ذلك؟
يُسنّ تلقين الميت بعد الدفن؛ لما رُوي عن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم بن عمير -وهم من قدماء التابعين من أهل حمص- قالوا: "إذا سُوي على الميت قبرُه وانصرف الناس عنه كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان، قل: لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ثلاث مرات، يا فلان، قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم ينصرف" رواه سعيد بن منصور في "سننه".
ورُوي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "إذا أنا متّ فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نصنع بموتانا؛ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، فَسَوَّيْتُمِ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللهُ، وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا؛ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلّ وَاحِدٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا مَا يُقْعِدُنا عِنْدَ مَنْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، ويَكُونُ اللهُ تعالى حُجَّتَهُ دُونَهُمَا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ؟ قَالَ: «ينْسُبُهُ إِلَى أُمِّهِ حَوَّاءَ، يَا فُلَانَ بْنَ حَوَّاءَ» رواه الطبراني في "الكبير" وابن شاهين وغيرهما.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وإسناده صالح، وقد قوّاه الضياء في "أحكامه".
وقال الإمام النووي في "الروضة" (2/ 138، ط. المكتب الإسلامي-بيروت): [والحديث الوارد فيه ضعيف، لكن أحاديث الفضائل يُتسامح فيها عند أهل العلم من المحدِّثين وغيرهم، وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة، كحديث: (اسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ) ووصية عمرو بن العاص رضي الله عنه.. ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفي زمن مَن يُقتدَى به] اهـ.
وقد قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: 55]، وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة.
وقال ابن القيم في كتاب "الروح" (ص: 13، ط. دار الكتب العلمية-بيروت): [جرى عليه عمل الناس قديمًا وإلى الآن، والحديث وإن لم يثبت فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كافٍ في العمل به، وما أجرى الله سبحانه وتعالى العادة قط بأن أمة طَبَّقَتْ مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولًا وأوفرها معارف تُطْبِقُ على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل، وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكِر، بل سَنَّهُ الأولُ للآخر، ويقتدي فيه الآخرُ بالأول] اهـ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائلة تقول: لم أذهب إلى مقبرة والدي سوى مرات قليلة، وظروفي لا تسمح لي أن أذهب دائمًا؛ فهل يجب علي أن أذهب باستمرار؟ وهل صحيح أنَّ الميت يفرح بزيارة أهله له؟
هل هناك إثم على من تسبب في إحداث جرح في جسم الميت عن طريق الخطأ؟ فإنَّ امرأةً توفيت وفي يدها خاتمٌ من ذهب، وعند غُسلها شرعت مُغَسِّلَتُها في نزعه، فوجدت صعوبةً في ذلك نظرًا لزيادة وزنها وقت الوفاة عن وقت ارتدائها للخاتم، فاضطرَّت إلى قطع الخاتم باستخدام آلة خاصة بذلك، وبدون قَصْدٍ منها تسبَّبَت في جرح المتوفاة، فسال دمٌ خفيف منها، فهل تأثم بذلك شرعًا؟
يقول السائل:
1- هل يجوز تجديد المقابر القديمة القابلة للسقوط وإعادة لفّ الرُّفَات في كفن جديد حتى يتمّ التجديد ثم إعادتها؟
2- هل يجوز دهان المقابر بعد دفن الجثث؟
3- هل يجوز وضع لافتات على المقابر بأسماء الأشخاص المتوفين؟
ما حكم قراءة القرآن على المتوفى مقابل أجر؟ وهل يصل ثوابها إليه؟
ما حكم الدعاء للميت عند القبر جماعة بصوتٍ عالٍ؛ بأن يقول رجلٌ: إني داعٍ فأمِّنوا، فيدعو ويؤمِّن الناس على دعائه، هل هذا الفعل من السنة؟ فهناك مَن يقول إنها بدعة، ويزعم أنها لم تحدث في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا الخلفاء الراشدين ولم يجزه أحدٌ من الأئمة.
ما حكم الوقوف على القبر والدعاء للميت؟