حكم الانغماس في البحر أو حمامات السباحة بقصد التطهر من الجنابة

تاريخ الفتوى: 11 سبتمبر 2022 م
رقم الفتوى: 7135
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
حكم الانغماس في البحر أو حمامات السباحة بقصد التطهر من الجنابة

سائل يقول: هل النزول في البحر وحمام السباحة والانغماس الكامل في الماء يتحقق به الاغتسال الشرعي من الجنابة؟

مَن نزل في البحر أو حمَّام السباحة وانغمس انغماسًا يَحْصُل منه تعميم الشَّعر والجسد بالماء، ناويًا رَفْع الجنابة، أجزأه ذلك في حصول الغُسْل الشرعي من الجنابة، ويُستحبُّ له التدليك خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه من الفقهاء؛ إذ الخروج من الخلاف مستحبٌّ.

المحتويات

 

مفهوم الغسل الشرعي وبيان كيفيته

الغُسْل في اللغة بالضم: الاسم من الاغتسال، ويُطْلَق في اللغة على عدة معانٍ، منها: تمام غَسْل الجسد كله، ومنها: الماء الذي يُتطهَّر به. ينظر: "تهذيب اللغة" لأبي منصور الهروي (8/ 68، ط. دار إحياء التراث العربي) و"لسان العرب" لابن منظور (11/ 494، ط. دار صادر).

والفقهاء مختلفون في حقيقة الغُسْل الشرعي على ثلاثةِ أقوالٍ:

فيرى الحنفية أنَّ المعنى الاصطلاحي مطابقٌ للمعنى اللغوي دلالةً، وركنُ الغُسْل عندهم: إسالة الماء على جميع ما يمكن إسالته عليه من البدن من غير حرجٍ مرة واحدة. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني (1/ 34، ط. دار الكتب العلمية) و"رد المحتار" للإمام ابن عابدين (1/ 151، ط. دار الفكر).

ويرى الشافعية والحنابلة أنَّ الغُسْل الشرعي هو: سيلان الماء على جميع البدن مع النية. "مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني (1/ 212، ط. دار الكتب العلمية) و"المغني" للإمام ابن قدامة (1/ 82، ط. مكتبة القاهرة).

وقال المالكية: الغُسْل هو إيصال الماء إلى جميع ظاهر الجسد بنيةٍ مع الدَّلْكِ والموالاة. "شرح الخرشي على مختصر خليل" للإمام أبو عبدالله الخرشي (1/ 161، ط. دار الفكر).

دليل مشروعية الغسل

الغُسْل مشروع بالكتاب والسنة والإجماع؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]؛ وقال جلَّ وعلا: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108].

ومن السنة: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ جَنَابَةً، فَاغْسِلُوا الشَّعَرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» رواه الإمام الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه في "السنن".

اشتراط النية عند الاغتسال من الجنابة

من موجبات الغُسْل: الجنابة بالإجماع. ينظر: "الاختيار" للإمام ابن مودود الموصلي (1/ 112، ط. مطبعة الحلبي) و"منح الجليل" للشيخ عليش (1/ 119، ط. دار الفكر) و"روضة الطالبين" للإمام النووي (1/ 81، ط. المكتب الإسلامي) و"المغني" للإمام ابن قدامة (1/ 146).

وقد اتَّفق الفقهاء على أنَّ تعميم الجسد كله بالماء فَرْضٌ في الغُسْل، وهذا هو القَدْر المتَّفق عليه بين الفقهاء، واختلفوا فيما وراء ذلك، كاختلافهم في اشتراط النية لتَحقُّق الغُسْل الشرعي؛ فذهب جمهور الفقهاء، من المالكية والشافعية والحنابلة إلى اشتراط النِّية، وأنَّها من فرائض الغسل. ينظر: "مختصر خليل" (ص: 23، ط. دار الحديث) و"مغني المحتاج" للإمام الخطيب الشربيني (1/ 217، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشَّاف القناع" للإمام البهوتي (1/ 154، ط. دار الكتب العلمية).

بينما يرى الحنفية أَنَّ النية في الغُسْل سُنَّة وليست فرضًا. ينظر: "الدر المختار" للإمام الحصكفي (1/ 156، ط. دار الفكر) ومعه "حاشية ابن عابدين".

والمختار للفتوى: أنَّ النية من فرائض الغُسْل، كما هو مذهب الجمهور؛ إذ الاغتسال من الجنابة عبادة، والعبادة لا تؤدَّى ولا يعتدُّ بها شرعًا إلَّا بالنية؛ فقد أخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أي: صِحَّتُها.

اشتراط تدليك الأعضاء عند الاغتسال من الجنابة

كما اختلفوا في اشتراط دَلْك الأعضاء في الغُسْل: فيرى جمهور الفقهاء؛ من الحنفية والشافعية والحنابلة أنَّه من سُنن الغسل؛ حيث نصُّوا على أنَّ مجرد الانغماس في الماء كافٍ في تَحقُّق المفهوم الشرعي للغُسْل، ووافقهم في ذلك الإمام أبو الفرج المالكي.

قال الإمام أبو بكر الزبيدي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 10، ط. المطبعة الخيرية): [ولو انغمس الجنب في البحر، أو الغدير العظيم، أو الماء الجاري انغماسة واحدة ووصل الماء إلى جميع بدنه وتمضمض واستنشق أجزأه] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر في "الكافي" (1/ 175، ط. مكتبة الرياض): [ذكر أبو الفرج أنَّه يجزي عند مالك: أن ينغمس الرجل في الماء إذا طال مكثه فيه، أو والى بصبِّ الماء على نفسه، حتَّى يعمَّ بدنه؛ قال: وهذا ينوب للمغتسل عن إمرار يديه على جسده؛ قال: وإلى هذا المعنى ذهب مالك.. ولكن المشهور من مذهب مالك: أنَّه لا يجزيه حتَّى يتدلَّك، وهو الصحيح إن شاء الله قياسًا على غسل الوجه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 7): [ولو انغمس جنب فيما دون قلَّتين حتَّى عمَّ جميع بدنه، ثمَّ نوى، ارتفعت جنابته بلا خلاف] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 76): [ولو انغمس الجنب في ماءٍ كثير، أو توضَّأ في ماءٍ كثير، يغمس فيه أعضاءه.. صحَّ غُسله ووضوؤه] اهـ.

واستدلوا على ذلك بما روته أم سلمة رضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ: «لَا إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

ووجه الدلالة: أنَّ الحديث ليس فيه تعرُّضٌ للدَّلك، واسم الغُسْل شرعًا ولغةً لا يفتقر إليه. ينظر: "تحفة المحتاج" للإمام ابن حجر الهيتمي (1/ 280، ط. الحلبي).

بينما عدَّ المالكيةُ في المذهب الدَّلكَ من فرائض الغسل؛ قال العلامة الخرشي في "شرح مختصر خليل" (1/ 169، ط. دار الفكر): [يجب على مَن أراد أن يغتسل لشيءٍ مما مرَّ أن يدلك جسده] اهـ. وقوله: ممَّا مرّ، أي: من موجبات الغسل.

وقال العلامة الموَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (1/ 322، ط. دار الكتب العلمية): [ولابن رشد: أجمعوا أنَّ الجنب إذا انغمس في النهر وتدلَّك فيه للغسل أنَّ ذلك يجزئه، وإن كان لم ينقل الماء بيديه إليه ولا صبَّه عليه] اهـ.

وحجة وجوب الدَّلْك: أنَّه داخلٌ في مسمَّى الغُسْل، فلا يحصل الغسل مِن دونه. ينظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" للإمام ابن عرفة الدسوقي (1/ 90، ط. دار الفكر).

والمختار للفتوى ما عليه الجمهور: أنَّ الدَّلك من سنن الغسل ومستحبَّاته، وليس من فرائضه وأركانه؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها المتقدِّم.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فمَن انغمس في بحرٍ أو حمَّام سباحة انغماسًا يَحْصُل منه تعميم الشَّعْر والبَشَرة بالماء، ناويًا رَفْع الجنابة، أجزأه ذلك في حصول الغُسْل الشرعي من الجنابة، ويستحبُّ له التدليك خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه من الفقهاء؛ إذ الخروج من الخلاف مستحبٌّ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم من تيمم في الحضر عند انقطاع الماء، ثم جاء الماء بعد انتهائه من الصلاة وبعد خروج وقتها؟ هل يعيد صلاته أم لا؟


ما حكم الـمضمضة في الوضوء مع عدم وصول الماء تحت الأسنان المزروعة؟ حيث قمت بإجراء عملية تركيب صناعية ثابتة، وعندما أتمضمض في الغسل أو الوضوء لا يصل الماء إلى ما تحت هذه الأسنان، فهل تصح الطهارة على هذه الحالة؟


ما حكم طواف الإفاضة للحائض؟ فهناك امرأةٌ ذهبت لأداء فريضة الحج، وداهمها الحيض قبل طواف الإفاضة، واقترَب موعد السفر مِن مكة المكرمة، بحيث لا تتمكن مِن الانتظار حتى تَطْهُر، فطافَت وعادت إلى بلدها، وتسأل: هل حجُّها صحيح شرعًا؟ وهل عليها شيء؟


كيف يصح وضوء من يعمل في صناعة البويات والغراء؟ فأنا أعمل في تصنيع البويات والغراء وغيرها من مواد الدهان في أحد المصانع، فتلتصق هذه المواد على يدي أثناء العمل، ويتعذر مع ذلك إزالتها تمامًا لكلِّ وقتِ صلاةٍ، فهل يصح وضوئي مع وجود هذه المواد؟ علمًا بأنها كثيرًا ما تكون طبقة على البشرة.


شركة تسأل بخصوص منتج جديد خاص بالوضوء، حيث إنه في حالاتٍ كثيرةٍ عند وجود المصلين في الحرم المكي أو المدينة المنورة أو في طائرة تطير لمسافاتٍ وساعاتٍ طويلةٍ أو حافلةٍ تسير لمسافات طويلةٍ، يُنتَقضُ وضوء أحد المصلين وخاصَّة السيدات، وهو ما يسبب إحراجًا وإرباكًا لهم؛ لأن خروجهم للوضوء مرةً أخرى وعودتهم للصلاة مع الجماعة تكون صعبةً أو مستحيلةً.

وبعد دراسة مستفيضةٍ لحل هذا الوضع وصلنا إلى "منتجٍ جديد" تحت اسم: "Water Wipes" على هيئة مناديل ورقية صديقة للبيئة وتتحلل تلقائيًّا وهي مغموسة بماءٍ نظيفٍ 100% ومغلف تغليفًا جيدًا، ومقدار الماء للمغلف الواحد الذي يكفي لوضوءٍ شرعيٍّ -من وجهة نظرنا- هو: (60- 80 مللي لتر)، ومرفق طيُّه عيِّنة منه.

فهل يمكن أن يستعمل هذا المنتج كبديلٍ للوضوء في هذه الحالات؟


ما حكم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة في البنيان في الأماكن المعدة لذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 يوليو 2025 م
الفجر
4 :12
الشروق
5 :57
الظهر
12 : 59
العصر
4:35
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33