يقول السائل: أعرف رجلًا يُكثِر من الأعمال الصالحة وفعل الخير، ولكنه يتباهى مُعجبًا بذلك أمام الناس، ويرى أنه أفضل من غيره، فما التوجيه الشرعي فيما يفعله هذا الرجل؟
إن معاصي القلب أكثر خطورة من معاصي الجوارح، كما أنَّ معاصي الجوارح مُظْهِرة لأمراض في القلب يجب علاجها؛ لذا فبسلامة القلب تسلم الجوارح، وقد تُحدِث الطاعة الظاهرة من الجوارح معاصي شديدة الخطورة في القلب إذا لم يتنبه الإنسان ويخلص في طاعته، في حين أن المعصية قد يعقبها طاعات نافعة إذا فطن الإنسان وأناب إلى ربه.
ففي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» رواه مسلم.
ويقول الإمام ابن عطاء الله السكندري في "حكمه": "معصية أورثت ذلًّا وافتقارًا خير من طاعة أورثت عزًّا واستكبارًا"، يقول الشيخ العلامة ابن عباد النفزي الرَّنْدِي في شرح هذه الحكمة في "شرحه على الحكم" (1/ 74، ط. مصطفى البابي الحلبي): [وذلك أن الطاعة قد تقارنها آفات قادحة في الإخلاص فيها؛ كالإعجاب بها، والاعتماد عليها، واحتقار مَنْ لَمْ يفعلها، وذلك مانع من قبولها، والذنب قد يقارنه الالتجاء إلى الله والاعتذار إليه واحتقار نفسه، وتعظيم مَن لم يفعله فيكون ذلك سببًا في مغفرة الله له، ووصوله إليه؛ فينبغي أن لا ينظر العبد إلى صور الأشياء بل إلى حقائقها] اهـ.
ويقول أيضًا في (1/ 47): [ولا شك أن الذلَّ والافتقار من أوصاف العبودية، فالتحقق بهما مقتضٍ للوصول إلى حضرة الرب، والعز والاستكبار من أوصاف الربوبية، فالتحقق بهما مُقتضٍ للخذلان وعدم القبول، قال أبو مدين قُدّس سرّه: انكسار العاصي خير من صولة المطيع] اهـ.
وعليه: فعلى الإنسان ألّا يغترَّ بطاعته، وأن يراقب قلبه بعد كل طاعة حتى يبلغ رضا الله تعالى ظاهرًا وباطنًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم المزاح في الإسلام؟ وهل مجرد المزاح يُعدُّ شيئًا مخالفًا لتعاليم الشرع؟
ما حكم حرق الأوراق القرآنية الرميمة؟
السائل يطلب الإفادة عن كيفية التصرف في المصاحف القديمة التي لا ينتفع بها بعد استهلاكها وتمزقها وقدمها وعدم معرفة القراءة بها، وهل يتم حرقها؟
الطلب المقدم من مكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الوارد إليه من دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية ببيروت والذي تضمن قيام بعض المغنين في إحدى الدول العربية بغناء أنشودة "أنا يوسف يا أبي"، وفيها عبارة: "هل جنيت على أحد عندما قلت: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾"، وهو في هذه الأغنية يكرر الآية المذكورة بمصاحبة الآلة الموسيقية المسماة العود، وأرفق بالطلب صورة لهذه القصيدة بعنوان "أنا يوسف يا أبي"، وتنتهي بنص الآية الكريمة: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾. ويطلب بيان الحكم الشرعي في غناء مقطع من شعر أو نثر مرسل متضمن اقتباسًا لآية أو أكثر من القرآن الكريم مع مصاحبة العود أو أي آلة موسيقية أخرى، وما حكم من يغني ذلك؟
نرجو منكم بيان إلى أي مدى حث الإسلام على احترام خصوصية الآخرين.
ما حكم رفع الصوت في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دون قصد؟ فقد وقف بعضنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الرأس الشريف يسأله أن يدعو له مشتغلًا بالصلاة والسلام عليه متوسلًا به في حق نفسه مستشفعًا به إلى ربه، وبينا هو في ورد صلاةٍ عليه جاءه بعض العسكر فأمروه بالانصراف، فأبى إذ كان موقفه متأخرًا مبعدًا عن الطريق ليس فيه من إيذاء ولا تضييق على أحد، فجذبوه بالعنف حتى كادوا أن يمزقوا ثيابه وهو يقول نحوًا من: دعني، اتركني يا هذا، أنا مشتغلٌ بالصلاة على رسول الله، أنا في حمى رسول الله، ولم يجاوز نحو هذه الألفاظ، ثم تذكر أنه قد رفع صوته ببعضها دون أن يشعر مع شدة وطأة العسكر عليه رغم حرصه على ألا يرفع صوته هناك بشيء. فهل ترونه قد حبط عمله وضاعت حجته وزيارته، أم ترانا نسمع منكم ما يبشره ويسلي الله به قلبه ويفرج كربه؟ علمًا بأنه قد رأى بعدها في المنام أنه قد أصبح الإمام الراتب لمسجد رسول الله وبعض الناس يتربصون به، علمًا بأنه قصد موقفه الأول بعد ذلك مستخفيًا في الناس متنكرًا حتى لا تراه العسكر، فرأوه فجاءوا إليه مغمومين يطلبون العفو والسماح.