تحذير الشريعة الإسلامية من التشدد

تاريخ الفتوى: 14 يناير 2013 م
رقم الفتوى: 7294
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: آداب وأخلاق
تحذير الشريعة الإسلامية من التشدد

سائل يقول: دائمًا نسمع بأنَّ ديننا الحنيف يدعو إلى اليسر والرحمة ويحذر من التشدد والتنطع؛ فنرجو منكم بيان ذلك.

جاءت شريعة الإسلام بالرفق والرحمة والهداية إلى الصراط المستقيم، وكان من أهم مقاصدها رفع المشقة والحرج عن الناس؛ قال الحق تبارك وتعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ[الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف: 157]، وقال جلَّ شأنه: ﴿مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة: 6]، ولهذا فإنَّ التشدد في الدين أمر مذموم؛ لأنه يتنافى مع مقاصد الشريعة السمحة ومع ما جاء في نصوصها الصريحة الدالة على أنَّ مدار التكليف هو التيسير والتخفيف والمقاربة قدر استطاعة المُكلَّف.
روى البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ».

وروى أحمد في "مسنده" عن محجن بن الأدرع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّكُمْ أُمَّةٌ أُرِيدَ بِكُمُ الْيُسْرُ»؛ يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 94-95، ط. دار المعرفة-بيروت): [وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد: «إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا هَذَا الأَمْرَ بِالمُغَالَبَةِ» و«خَيْر دِينِكُمُ اليَسَرَة»، وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية؛ فإنَّ الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطّع، كمَن يترك التيمم عند العجز عن استعمال الماء فيفضي به استعماله إلى حصول الضرر] اهـ.
والتشدّد في غير موضع التشديد يُعَدُّ من التنطع المذموم شرعًا، فما جعل الله فيه سعة ومجالًا لاختلاف العلماء وتعدّد اجتهاداتهم لا يكون موضعًا للتشديد والإنكار، ولهذا تقرّر في قواعد الفقه أنه: "لا ينكر المختلف فيه، وإنما ينكر المجمع عليه". يُنْظر: "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 158، ط. دار الكتب العلمية).
ويقول الشيخ ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/ 92، ط. دار الكتب العلمية): [وفي "صحيح مسلم" عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ» قالها ثلاثًا، أي: المشددون في غير موضع التشديد] اهـ.
وروى أبو داود في "سننه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: «لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ».
فهذا نهي عن التشدد في الدين؛ لأنه يستتبع شدة التكليف وشدة العقوبة؛ فالله سبحانه وتعالى جعل الدين سهلًا سمحًا، ومَن يخالف مقاصد الدين ويضاد الفطرة ويُشدِّد على نفسه، فإنه حتمًا سيُقصّر فيما أوجبه على نفسه من الشدة التي اعتبرها من الدين، فيظل بعد ذلك يرى نفسه بعيدًا عن الدين مخالفًا له وتقل عزيمته وتضعف همته، ولا يدري أنَّ تشدّده كان هو مدخل الشيطان إليه؛ قال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا [الحديد: 27]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ». وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عن السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نرجو منكم توضيح سبب تسمية مكة المكرمة بـ "أم القرى"، وبيان الحكمة من ذلك.


ما حكم الشُّهرة، وما ضَوابِطُها، وهل منها ما هو مذمومٌ؟


يقول السائل: بعض الناس يرى أنَّ اسم "ياسين" في قوله تعالى: ﴿يٓسٓ ۝ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ [يس: 1-2] ليس من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فما مدى صحة هذا القول؟


ما مدى أحقِّيَّة الطَّرَف المعافى مِن الزوجين في طلب التفريق بسبب إصابة الآخر بمرض ألزهايمر؟


ما حكم تعاطي المخدرات والاتجار فيها والربح منها؟ فقد جاء من مكتب المخابرات العامة للمواد المخدرة ما يأتي: أتشرف بأن أرسل لفضيلتكم نسخة باللغة العربية من التقرير السنوي لمكتب المخدرات لسنة 1939م، وإني أنتهز هذه الفرصة فأعرب لفضيلتكم أن الحكومة المصرية قد وجهت عنايتها الكلية إلى محاربة المواد المخدرة كالكوكايين والهيروين والحشيش والأفيون؛ لما لمسته من ضررها البليغ بالأمة أفرادًا وجماعات ماديًّا وصحيًّا وأدبيًّا، وسلكت إلى ذلك مختلف الطرق الممكنة فسنت القوانين الرادعة لمنع زراعتها أو إحرازها أو تعاطيها أو الاتجار بها. وقد تصادف أثناء مكافحة هذه الزراعات والمواد بعض الجهلة من مروجيها يزعمون أن الدين لم يحرمها، وأنه لم يرد فيه نص يفيد ذلك، كما رئي أن بعض تجارها يباشرون بعض القربات من أرباحهم منها؛ كالحج والصدقات، زاعمين أن ذلك يقربهم إلى الله سبحانه وتعالى، ولما كنتم فضيلتكم المرجع في مثل هذه الشئون فإنا نتقدم إلى فضيلتكم راجين التفضل بالإجابة تفصيلًا عن الآتي:
أولًا: ما حكم تعاطي هذه المواد وبيانه؟
ثانيًا: ما حكم الاتجار فيها واتخاذها حرفة تدرّ الربح؟
ثالثًا: ما حكم زراعتها؟ أي: زراعة الأفيون والحشيش لاستخلاص المادة المخدرة منها لتعاطيها أو الاتجار بها.
رابعًا: ما حكم الربح الناتج من الاتجار في هذه المواد؟ وهل يعتبر حرامًا أو حلالًا؟ وإذا كان من قسم المحرّم فما هو الحكم في إنفاقه في القربات؟


يُروِّج بعض المتنطعين لمقولة: إن العلماء مُقَصِّرُون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنهم يتعاملون بالحلم والصبر الزائدين، فما مدى صحة هذا الكلام؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :14
الشروق
6 :42
الظهر
12 : 49
العصر
4:17
المغرب
6 : 55
العشاء
8 :13