حث الإسلام على ممارسة الأنشطة الرياضية والترغيب فيها

حث الإسلام على ممارسة الأنشطة الرياضية والترغيب فيها

نرجو منكم بيان مدى اهتمام الإسلام بممارسة الأنشطة الرياضية والترغيب فيها.

الأخلاق الرياضية التي تدعمها ممارسة الأنشطة الرياضية من نحو التنافس الشريف والتدريب على المواجهة والمبادرة وغيره كامنة في الرياضات التي مارسها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه والتي دعم ممارستها بين أصحابه؛ ومنها: الرماية أي: رمي السهام والقوس، وكذلك الفروسية، والمصارعة، والسباحة، والمبارزة.

قال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (15/ 182، ط. دار الكتب العلمية): [فإذا ثبت جواز السَّبق والرمي فهو مندوبٌ إليه إن قصد به أهبة الجهاد، ومباح إن قصد به غيره] اهـ.

وقد حثَّ الإسلام على ممارسة الأنشطة الرياضية عمومًا؛ لما لها من الفوائد التي تعود على الإنسان، من تقوية الجسد جسمانيًّا وذهنيًّا ونحوه؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «عَلِّمُوا أَبْنَاءَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ» رواه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ» رواه الإمام ابن ماجه في "سننه".

وقد مارس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرياضة بنفسه الشريفة؛ حيث كان يسابق زوجه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فتسبقه مرة ويسبقها مرة، ويقول لها: «هَذِهِ بِتِلْكَ» أخرجه الإمام أبو داود في "سننه"، وأحمد في "مسنده".

وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي أُضْمِرَتْ مِنَ الحَفْيَاءِ، وَأَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ" وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا. أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

قال الإمام الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 72، ط. دار المعرفة): [وفي الحديث مشروعية المسابقة وأنَّه ليس من العبث، بل من الرياضة المحمودة الموصِّلة إلى تحصيل المقاصد في الغزو والانتفاع بها عند الحاجة، وهي دائرة بين الاستحباب والإباحة بحسب الباعث على ذلك] اهـ.

وفي معناه كلُّ رياضةٍ تحقّق التنافس وتُنمِّي الدفاع عن الحق ونصرة المظلوم وتُرَقِّي القوة، كشأن الرياضات التي اعتمدتها الاتحادات المعتمدة؛ فهي ليست من قبيل العبث أو الَّلهو المنهيِّ عنه في قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم: «ارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا، وَكُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ بَاطِلٌ، إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ» رواه الإمامان الترمذي وابن ماجه في "سننيهما" عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.

قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/ 2502، ط. دار الفكر): [وفي معناها: كل ما يعين على الحق من العلم والعمل إذا كان من الأمور المباحة، كالمسابقة بالرجل والخيل والإبل، والتَّمشِيَة للتَّنزُّه على قصد تقوية البدن، وتطرية الدماغ] اهـ.

وقال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 206، ط. دار الكتب العلمية): [اللعب إذا تعلَّقت به عاقبة حميدة لا يكون حرامًا] اهـ.

وقال الإمام النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 350، ط. دار الفكر): [اعلم أنَّ المسابقة إن وقعت بغير جُعْل تجوز بالمذكورات وغيرها، من نحو الحمير والطير والسفر والرمي بالحجارة إذا وقعت لغرضٍ صحيح] اهـ.

واللعب بهذه الألعاب وما يدخل في معناها نصَّ على مشروعيته جملة من العلماء؛ قال الإمام تاج الدين السبكي في "معيد النعم ومبيد النقم" (ص: 43، ط. مؤسسة الكتب الثقافية): [ما يعتاده الأمراء في هذا الزمان من لعب الكرة في الميدان حلال، وينبغي أن يقصدوا به تعليمَ الخيل الإِقبالَ والإِدبارَ، والكرَّ والفرَّ] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا