نرجو منكم بيان ضابط الغضب الذي نهت عنه الشريعة الإسلامية.
الغضب هو حالةُ غليانٍ تنتابُ الإنسان نتيجةَ انْزِعاجِه من أمرٍ من الأمور؛ بحيث يكون مريدًا للتشفي والانتقام.
قال الإمام الجرجاني في "التعريفات" (ص: 162، ط. دار الكتب العلمية): [الغضب: تغير يحصل عند غليان دم القلب؛ ليحصل عنه التشفي للصدر] اهـ.
وقال الإمام الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن" (ص: 608، ط. دار القلم): [الغَضَبُ: ثوران دم القلب إرادة الانتقام] اهـ.
ولا مراء في أن الشخص إذا تصرف وهو على حال الغضب فإن تصرفَه لن يكون محمودًا؛ بل سيفعل ما لا تُحمد عواقبه ويندم عليه بعد ذلك غالبًا؛ لأن الغضبَ نارٌ تَشْتَعِلُ في الجسم فلا يكون الإنسان معها مُتحكِّمًا في تصرفاته وانْفِعَالاته؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَلَا وَإِنَّ الغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَمَا رَأَيْتُمْ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ» رواه الترمذي في "سننه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وهناك حالات يكون الغضب فيها مطلوبًا، وهي ما إذا كان هذا الغضب من أجل إحقاق حقٍّ أو إبطال باطلٍ ونحو ذلك.
قال الإمام الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7/ 214، ط. مطبعة السعادة) عند شرح قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أوصني، قال: «لَا تَغْضَبْ»: [أَرَادَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم امْتِنَاعَهُ من الغضب في مَعَانِي دُنْيَاهُ وَمُعَامَلَتِهِ، وأما فيما يُعَادُ إلى القيام بالحق فالغضب فيه قد يكون واجبًا، وهو: الغضب على أهل الباطل وإنكاره عليهم بما يجوز، وقد يكون مندوبًا إليه، وهو الغضب على المخطئ إذا علمتَ أن في إبْدَاءِ غضبك عليه رَدْعًا له وباعثًا على الحق، وقد رَوَى زيد بن خالد الْجُهَنِيُّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سأله رجلٌ عن ضالة الإبل غَضِبَ حتى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ أو احمر وجهه، وقال: «مَا لَكَ وَلَهَا»، وغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما شكا إليه رجلٌ معاذَ بنِ جبلٍ رضي الله عنه أنه يُطَوِّلُ بهم في الصلاة، ويحتمل أن يكون هذا الذي قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ تَغْضَبْ» قد عَلِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان كثيرَ الغضب قليلَ الْمَلْكِ لنفسه عنده، وإن كان ما كان يدخل عليه نَقْصٌ في دينه وحاله من جهة الغضب؛ فخصَّه بالنهي عن ذلك، والله أعلم] اهـ.
ويفُهم من ذلك: أن الغضب منه ما هو حسن ومحمود، ومنه ما هو سيئ ومذموم، وهذا هو محل النهي الوارد في النصوص الشرعية. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما رأي الدين فيمَنْ يقومُ من الأطباء بتحنيط بعض أنواع الأجِنَّة من الحالات الشاذة والنادرة ناقصة النمو، ثم يقومُ بعرضها في عيادته للعظة والاعتبار؟
سائل يسأل عن واجب الأسرة نحو أبنائها، وما دورها في العناية بهم من حيث التربية والرعاية؟ وهل يتوقف الأمر على الرعاية المادية فقط؟
ما حكم الشرع في اختلاء المسجون بزوجته؟
ما حكم النداء على المفقود عبر مكبرات الصوت بالمسجد؟ فقد حدث خلافٌ كبيرٌ في بلدتنا إثر نداء أحد العامة على طفل مفقود باستخدام مكبرات الصوت بالمسجد الكبير في البلدة؛ تلبيةً لاستغاثة أمه التي كاد قلبها ينفطر من البكاء، فاختلف الناس في أمر هذا النداء بين مؤيد ومعارض، حتى وصل الخلاف إلى حدِّ الاتهام في الدين والإيمان، فالمعارضون يستدلون بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا رأيتم الرجل ينشُد ضالته في المسجد فقولوا له: لا ردها الله عليك»، ويستدلون أيضًا بأن المساجد ما جُعلت لذلك، وإنما جُعِلت للعبادة، ويرون أن هذا ليس من العبادة.
والمؤيدون يستدلون بأن حفظ النفس من مقاصد التشريع، وأن هذه نفس مفقودة، ومن مقاصد التشريع أيضًا حفظ العقل والدين، ومن يكون في هذا الموقف يكاد يطير عقله، واستدل المؤيدون أيضًا بأن هذا الدين دين رحمة وسماحة، وأن المقصود بالضالة في الحديث: البهائم وما في حكمها كما ورد في سبب الحديث، وأن حرمة الإنسان أعظمُ من حرمة البنيان كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للكعبة: «ما أعظم حرمتَك عند الله! وَلَدَمُ امرئ مسلم أعظمُ حرمةً منكِ».
ما الحكمة من تخصيص سيدنا إبراهيم عليه السلام بالذِّكر في الصلاة الإبراهيمية، التي تقال في التشهد الأخير في الصلاة من دون سائر الأنبياء، فنقول: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم... إلخ"؟ وهل هذا يتعارض مع كونه صلى الله عليه وآله وسلم أفضل خلقِّ الله على الإطلاق؟
سائل يقول: ورد في الشرع الشريف الحث على الوفاء بالعهد، والتحذير من الغدر ونقض العهد؛ فنرجو من فضيلتكم بيان ذلك.