حكم صلاة المريض العاجز عن استقبال القبلة

تاريخ الفتوى: 01 أبريل 2023 م
رقم الفتوى: 7599
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة المريض العاجز عن استقبال القبلة

ما حكم صلاة المريض العاجز عن استقبال القبلة؟

استقبال القبلة حال الصلاة واجبٌ مأمورٌ به شرعًا؛ حيث قال تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: 144]، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للمُسيء في صلاته: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ» متفقٌ عليه.

وقد اتفق الفقهاء على أنَّ استقبال القبلة شرطٌ من شروط صحة الصلاة. ينظر: "البناية" للإمام بدر الدين العيني (2/ 117، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للإمام الحطاب (1/ 507، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي (3/ 189، ط. دارالفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (1/ 313، ط. مكتبة القاهرة).

ومع اتفاقهم على كون استقبال القبلة شرطًا للصلاة إلا أنهم قد نصوا على سقوط هذا الشرط في حال العجز عن الإتيان به بسبب مرضٍ أو نحوه، مع اختلاف بينهم وتفصيل في شروط ذلك وفي وجوب إعادة الصلاة بعد زوال العذر أم الاكتفاء بما أدَّاه حال قيام العذر.

فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه مَن عجز عن استقبال القبلة ولم يجد أحدًا يحوله إلى القبلة أو كان التحويل يضره: يسقط عنه الاستقبال ويصلي على حسب حاله، ولا إعادة عليه حينئذٍ؛ لأن الاستقبال شرط زائد يسقط عند العجز، وإن وَجَد أحدًا يحوله إلى القبلة، فإنه ينبغي أن يطلب منه المساعدة في استقبالها، فإن لم يفعل وصلَّى إلى غير القبلة، فالصلاة صحيحة عند الإمام أبي حنيفة، خلافًا لمحمد وأبي يوسف.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 118، ط. دار الكتب العلمية) في كلامه عن شرط استقبال القبلة في الصلاة: [فإن كان عاجزًا لعذرٍ مع العلم بالقبلة فله أن يصلي إلى أيِّ جهةٍ كانت، ويسقط عنه الاستقبال؛ نحو أن يخاف على نفسه من العدو في صلاة الخوف.. أو كان مريضًا لا يمكنه أن يتحول بنفسه إلى القبلة وليس بحضرته مَنْ يحوله إليها، ونحو ذلك؛ لأن هذا شرط زائد فيسقط عند العجز] اهـ.

وقال العلامة ابن مازه في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (2/ 148، ط. دار الكتب العلمية): [الحاصل: أن مفارقة المريض الصحيح فيما هو عاجز عنه، فأما فيما يقدر عليه هو كالصحيح. فإن كان يعرف القبلة، ولكن لا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة، ولم يجد أحدًا يحوله إلى القبلة.. وفي ظاهر الجواب: لا يعيد؛ لأن ما عجز عنه من الشرائط لا يكون أقوى ما عجز عن الأركان، فإن وجد أحدًا يحوله إلى القبلة، فإنه ينبغي أن يأمره حتى يحوله إلى القبلة، فإن لم يأمره وصلَّى إلى غير القبلة، قال أبو حنيفة رحمه الله: تجوز صلاته، وقالا: لا تجوز] اهـ.

وقال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق" (1/ 302، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: والخائف يصلي إلى أيِّ جهةٍ قَدَر): لأن استقبال القبلة شرط زائد يسقط عند العجز.. وأراد بالخائف من له عذرٌ؛ فيشمل المريض إذا كان لا يقدر على التوجه وليس عنده من يحوله إليها أو كان التحويل يضرُّه، والتقييد بعدم وجود من يحوله جرى على قولهما، أما عنده: فالقادر بقدرةِ غيره ليس بقادر] اهـ.

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 3، ط. دار إحياء التراث العربي): [الصحيح من المذهب: سقوط استقبال القبلة في حال العجز مطلقًا؛ كالتحام الحرب.. وعجز المريض عنه وعمَّن يديره] اهـ.

وقال العلامة الحجاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 100، ط. دار المعرفة) في شروط صحة الصلاة: [ثم أمر بالتوجه إلى الكعبة، وهو الشرط الثامن لصحة الصلاة، فلا تصح بدونه إلا المعذور.. ولو نادرًا كمريض عجز عنه وعمن يديره إليها وكمربوط ونحوه فتصح إلى غير القبلة منهم بلا إعادة] اهـ.

وذهب المالكية والشافعية إلى أنه مَن عجز عن استقبال القبلة ولم يجد مَن يحوله إليها ولو بأجرة؛ فيصلي على حسب حاله ويعيد الصلاة وجوبًا، وقيد المالكية: الإعادة في الوقت إذ تحققت الاستطاعة به أو بوجود من يساعده.

قال الإمام المازري في "شرح التلقين" (1/ 867، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال في "المدونة" في المريض: لا يصلي إلا إلى القبلة. وإن عسر تحويله إليها احتيل فيه. فإن صلّى إلى غيرها أعاد في الوقت إليها.. وإنما يعيد في الوقت مَن لم يقدر على استقبال القبلة. فأما المريض القادر على استقبالها فيعيد أبدًا؛ كالصحيح] اهـ.

وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل" (1/ 507، ط. دار الفكر): [قال ابن بشير في باب صلاة المريض: فإن عجز عن استقبال القبلة بنفسه حُوِّل إليها، فإن عجز عن تحويله سقط حكم الاستقبال في حقه كالمسايف، وفي "الكتاب": إذا صلى لغير القبلة أعاد في الوقت بمنزلة الصحيح.. قال أصبغ في "الواضحة": هذا إذا لم يستطع التحويل إلى القبلة ولم يجد من يحوله فيصلي كما هو؛ فإذا قدر أو وجد من يحوله أعاد في الوقت. ابن يونس: يريد ولو كان واجدًا مَن يحوله فتركه وصلى إلى غير القبلة أعاد أبدًا كالناسي. انتهى] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 243، ط. دار الفكر): [المريض الذي يعجز عن استقبال القبلة ولا يجد مَن يحوله إلى القبلة، لا متبرعًا ولا بأجرة مثله، وهو واجدها يجب عليه أن يصلي على حسب حاله، وتجب الإعادة؛ لأنه عذر نادر] اهـ.

وبناءً على ما سبق: فإنَّ المريض إذا دخل عليه وقت الصلاة ولم يستطع استقبال القبلة بنفسه أو بمساعدة أحد وشقَّ عليه ذلك: فإن له أن يُصَلِّى على حاله ولو لغير القبلة، ولا إعادة عليه كما هو مذهب الحنفية والحنابلة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إهداء ثواب الأعمال الصالحة للأحياء والأموات؟ وهل ذلك يجوز شرعًا؟


ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟ فإنا أعمل في مكان خارج العُمران، وكثيرًا ما تدخل أوقات الصلاة وأنا في العمل بمفردي، وعند الصلاة أُصلِّي منفردًا، فهل يُشرع لي رفع الأذان والإقامة إذا حضرت الصلاة وأنا منفرد؟


ما حكم الصلاة فوق خزان صرف صحي؟ ففي قريتنا مسجد قمنا بتوسيعه، وكان بجواره خزان مساحته متران في ثلاثة أمتار يتجمع فيه ما يخرج من دورات المياه ومن القاذورات من البول والغائط، فأدخلنا هذا الخزان ضمن المسجد، وأصبح الناس يصلون فوق هذا الخزان الممتلئ بالمياه والقاذورات. فهل الصلاة فوق هذا الخزان تجوز أم لا؟


هل يجوز بعد الأذان مباشرة أن يقول المؤذن: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، والصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، والصلاة والسلام عليك يا مليح الوجه يا رسول الله، وهل هو فرض أو سنة؟


ما حكم متابعة النفل بعد الفرض دون فصل بينهما بذكر أو كلام؟ فكنت أصلي المغرب في بيتي، وبمجرد أن أنهيت الفريضة سارعت إلى أداء النافلة الراتبة من دون فصل بشيء، فأخبرني أخي أنه قرأ في كتاب: أنه لا بد من الفصل بين الفرض والنفل بشيء، فلا تصح متابعة النفل بعد الفرض من دون فصل بكلام أو حركة أو جلسة، فما مدى صحة هذا الكلام؟ وهل الفصل بين الفريضة والنافلة الراتبة واجبٌ؟


ما عدد ركعات صلاة التراويح؟ وهل قراءة القرآن أفضل بين كل أربع ركعات في فترة الاستراحة أو المديح والإنشاد أفضل؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57