حكم حج الصبي ومدى إجزائه عن حج الفريضة

تاريخ الفتوى: 03 فبراير 2023 م
رقم الفتوى: 7476
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم حج الصبي ومدى إجزائه عن حج الفريضة

حججتُ مع والدي وأنا طفل صغير ولم أبلغ سن التكليف الشرعي، فهل حجي في تلك السن الصغيرة يُعدُّ صحيحًا؟ وهل تُسقط عني حج الفريضة؟

ما قمتَ به من الحج مع والدكَ حال صغرك؛ هو حجٌّ صحيحٌ تثاب عليه أنت ووالدك أجرًا جزيلًا، إلا أنه لا يغني عن حج الفرض؛ لأن الحج وقع عنك تطوعًا، فيجب عليك أداء حجة الفريضة بعد البلوغ إذا استطعت إليها سبيلًا.

المحتويات

 

ارتباط الحج بالاستطاعة في الشريعة الإسلامية

من المقرر شرعًا أن الحجَّ ركن من أركان الإسلام الخمسة التي ورد ذكرها في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الشيخان.

وقد أناط الشرع الشريف فريضة الحج بالاستطاعة؛ فقال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فقال رجل: كل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا استَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شيء فَدَعُوهُ» أخرجه الشيخان.

حكم حج الصبي

اشترط العلماء لأداء فريضة الحج عدة شروط؛ من جملتها: البلوغ، ومن ثَمَّ فقد أجمعوا على أن الصبي غير مطالب بالحج؛ لعدم تكليفه به ابتداءً، فهو ساقط عنه حتى بلوغه؛ كما في "الإقناع" للإمام ابن القطان (1/ 247، ط. الفاروق الحديثة)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (3/ 213، ط. مكتبة القاهرة).

والصغير وإن كان غير مطالَبٍ بالحج، إلا أنه إذا حَجَّ أو حُجَّ به: جاز حَجُّهُ؛ مميِّزًا كان أو غير مميِّز، وهذا ما عليه الفتوى؛ لحديث السائب بن يزيد رضي الله عنهما قال: "حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ" أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقي رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فقال: «مَنِ الْقَوْمُ؟» قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «رَسُولُ اللهِ»، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

قال الإمام القاضي عياض في "إكمال المعلم" (4/ 441، ط. دار الوفاء): [لا خلاف بين أئمة العلم في جواز الحج بالصبيان] اهـ.

مدى إجزاء حج الصغير عن حج الفريضة

حج الصغير وإن كان جائزًا ويقع صحيحًا، إلا أنه لا يسقط عنه حجة الفريضة إذا بلغ سن التكليف؛ لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ الْحِنْثَ؛ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"، والقطيعي في "جزء الألف دينار"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"السنن الصغرى".

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا حَجَّ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، ثُمَّ احْتَلَمَ؛ فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى» أخرجه سعيد بن أبي عروبة في "المناسك" واللفظ له، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (2/ 146، ط. المطبعة العلمية): [إنما كان له من ناحية الفضيلة دون أن يكون ذلك محسوبًا عن فرضه لو بقي حتى يبلغ ويدرك مدرك الرجال، وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوبَ فرضٍ، ولكن يُكتب له أجرُها تفضلًا من الله، ويُكتب لمن يأمره بها ومَن شدَّه إليها أجرٌ] اهـ.

إجماع العلماء على أن حج الصبي في صغره لا يجزئه عن حجة الفريضة

أجمع أهل العلم على أن حج الصبي في صغره لا يجزئه عن حجة الفريضة بعد بلوغه سن التكليف، ومن ثَّمَ فعليه إذا بلغ هذه السن أن يحج إن استطاع إلى ذلك سبيلًا.

قال الإمام الترمذي في "جامعه" (1/ 252، ط. جمعية المكنز الإسلامي): [أجمع أهل العلم أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك؛ فعليه الحج إذا أدرك، لا تجزئ عنه تلك الحجة عن حجة الإسلام] اهـ.

وقال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 60، ط. دار المسلم): [أجمعوا على أن المجنون إذا حُج به ثم صح، أو حُج بالصبي ثم بلغ، أن ذلك لا يجزئهما عن حجة الإسلام] اهـ، ونقله عنه الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 237) وقال: [كذلك قال ابن عباس، وعطاء، والحسن، والنخعي، والثوري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي] اهـ، وهو ما نص عليه أيضًا الإمام ابن القطان في "الإقناع" (1/ 247).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن ما قمتَ به من الحج مع والدكَ حال صغرك؛ هو حجٌّ صحيحٌ تثاب عليه ووالدك أجرًا جزيلًا، ويقع عنك تطوعًا، إلا أنه لا يغني عن حج الفرض، فيجب عليك أداء حجة الفريضة بعد البلوغ إذا استطعت إليها سبيلًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

أيهما أولى الحج أم الزواج؛ حيث يَبلغ السائل السادسة والعشرين من العمر، ويعمل بإحدى الدول العربية، يمكنه ماديًّا أداء فريضة الحج من ماله الحلال الطيب، إلا أنه لم يتزوج بعد. ويسأل: أيهما يٌفضَّل: أداء فريضة الحج، أم الزواج؟


 سأل رجل قال:
امرأة في سن الخامسة والخمسين تريد الحج إلى بيت الله الحرام، وليس معها من يرافقها في حجها إلا ابن عمها وزوجته، وهما في مثل سنها، فهل يصح حجها مع هذه الرفقة؟


هل يجزئ المرور بعرفة بالطائرة عن الوقوف بها؟ فأحدُ الحجاج أُصيبَ يوم عرفة قبل وقوفه بها بوَعْكَةٍ صحيَّةٍ شديدةٍ ومفاجئةٍ، استلزَمَت نَقلَه إلى إحدى الوحدات الطبية المتخصصة، ونظرًا لازدحام الطرقات، تم نَقلُه بإحدى طائرات الإخلاء الطبي، فمَرَّت به فوق أرض عرفة في وقت الوقوف، وكان واعيًا، فهل مروره على عرفة بالطائرة يُجزِئه عن الوقوف بها؟


ما حكم تلبية الدعوة إلى الوليمة للعائد من الحج؟ فأحد جيراني أنعم الله عليه بأداء فريضة الحج، وعاد إلى أرض الوطن بالسلامة، وعزم على إقامة وليمة في بيته بهذه المناسبة، ودعاني إليها. فما حكم إجابة تلك الدعوة؟ وهل عليَّ حرج إذا لم أحضر؟


أيهما أفضل تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين؟ فالسائل قد بلغ من العمر خمسة وخمسين عامًا وقام بأداء فريضة الحج مرتين، ومن بعدها كل عام يقوم بأداء العمرة مع زوجته ويجد في هذه الرحلة راحة نفسية.
ويقول: إنه قام بتربية جميع أولاده وتخرجوا من جميع الكليات وينوي هذا العام أن يؤدي العمرة كسابق عهده، ولكن بمناقشة مع عالم جليل إمام وخطيب مسجد أفاده بأن أداءه لهذه العمرة ليس له أي معنى، وخير له أن يصرف تكاليفها على أناس فقراء.
وأرسل إلينا بعد أن ختم سؤاله بقوله: إنني بهذه الرحلة استعيد نشاطي من عناء العمل طول العام، حيث إنه يعمل بالتجارة فضلًا عن العبادة في الأماكن المقدسة، فما حكم الشرع؟ هل يذهب لأداء العمرة فضلًا وتطوعًا كل عام، أم ينفق تكاليفها على الفقراء؟


ما هو الميقات المكاني لمن يحج عن المتوفى؟ فأنا مصري مقيم في الإمارات توفِّي لي قريب من مصر لم يحج عن نفسه مع استطاعته للحج، فهل يجب عليّ أن أحج عنه؟ وإذا كان يجب فما هو الميقات الواجب علي أن أحجّ منه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57