حكم الدعوة للاجتماع للصلاة والسلام على سيدنا النبي يوم الجمعة

حكم الدعوة للاجتماع للصلاة والسلام على سيدنا النبي يوم الجمعة

سائل يقول: ناقشني بعض أصدقائي بخصوص قرار وزارة الأوقاف المصرية المتضمن "الصلاة على النبي" في جميع المساجد عقب صلاة الجمعة القادمة لمدة ثلاث أو خمس دقائق بالصيغة الإبراهيمية، ويقول بأن هذا الأمر بدعة، وهو يحرضني على الخروج من المسجد بعد سلام الإمام مباشرة لأنني سأكون مشاركًا في هذا الفعل، وأرجو الإفادة بالرأي الصحيح في ذلك.

الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد صلاة الجمعةِ جهرًا واجتماعُ الناس على ذلك هو أمرٌ مشروعٌ على سبيل الاستحباب يَجمَعُ الناسَ على قربة من أجلِّ القربات، فإذا ما اجتمع في ذلك مقاصد شرعية؛ من تنبيه الغافلين ورفع الحرج عنهم، وتعليم الشباب وتوجيههم: كان آكدَ مشروعية وأولى استحبابًا، ولا إثم فيه ولا بدعة، وإنما البدعة في التضييق على المسلمين فيما فَسَحَ اللهُ تعالى لهم ورسولُه صلى الله عليه وآله وسلم وجَرَتْ عليه أعرافُهم وعاداتُهم وعلماؤهم وعوامُّهم مِن أمر الذِّكر وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كلِّ وقتٍ وحينٍ، ويراعى في ذلك أن يكون رفع الصوت رفعًا متوسطًا، ليس فيه إزعاج، مع توافق الأصوات بطريقةٍ موزونةٍ، وهذا كله بمراعاة إجراءات جهات الاختصاص المنظِّمة لهذا الشأن.

التفاصيل ....

المحتويات


فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أفضلُ ما امتنَّ الله تعالى به على خلقِهِ، وأعظمُ ما أسبغَ عليهم من نِعَمِهِ، جعله ربه رحمةً للعالمين، ودفعًا للنقمة عن المخلوقين؛ فقال سبحانه: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةً لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
فلم تُمْسِ بنا نعمةٌ ظهرت ولا بَطَنَت، نلنا بها حظًّا في دِينٍ ودنيا، أو دُفِعَ بها عنا مكروهٌ فيهما، وفي واحدٍ منهما، إلَّا وسيدُنا محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم سببُها، القائدُ إلى خيرها، والهادي إلى رشدها، الذائدُ عن الهلكة وموارد السوء في خلاف الرَشَد، المنبِّهُ للأسباب التي تورد الهلكة، القائمُ بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها؛ كما قال الإمام الشافعي في "الرسالة" (ص: 16-17، ط. مكتبة الحلبي).
والصلاة والسلام على حضرته من أجلِّ العبادات، وأقرَب القربات، وأعظم الطاعات؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» أخرجه مسلم في "الصحيح".
وعن أُبَيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكروا اللهَ، اذْكروا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ». قلت: يا رسول الله، إني أُكثِرُ الصلاةَ عليك، فكم أجعلُ لك من صلاتي؟ فقال: «مَا شِئْتَ». قلت: الربع؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قلت: النِّصْفَ؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قلت: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قال: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: أَجعلُ لَكَ صَلَاتِي كلَّهَا؟ قال: «إِذن تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ». أخرجه الترمذيُّ في "السنن" وحسَّنه، والحاكمُ في "المستدرك" وصحَّحه، والبيهقي في "شُعب الإيمان".
وفي رواية: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَنْ يَكْفِيَكَ اللَّهُ مَا أَهَمَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ» أخرجه الإمام أحمد في "المُسند".
وقد ورد الأمر الشرعي بذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مطلقًا، ومن المقرر أن الأمر المطلق يستلزم عموم الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال؛ فالأمر فيه واسعٌ، وإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر من وجهٍ، فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلا بدليل.
قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 518، ط. دار الفكر) عن حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [(قوله: ومستحبة في كلِّ أوقاتِ الإمكان) أي: حيث لا مانع] اهـ.
والذكر في جماعة له سرٌّ يظهر من كلام الإمام الغزالي حيث شبَّه "ذِكر شخصٍ واحدٍ وذكر جماعةٍ مجتمعين بمؤذن واحد وجماعة مؤذنين، فكما أن أصوات الجماعة تقطع جرم الهواء أكثر من صوت شخصٍ واحدٍ، فكذا ذكر جماعة على قلبٍ واحدٍ أكثر تأثيرًا في رفع الحجب من ذكر شخصٍ واحدٍ، ومن حيث الثواب فلكلِّ واحدٍ ثوابُ ذكرِ نفسه وثوابُ سماع ذكر رفقائه" كما نقله عنه الإمام السيوطي في "تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة" (2/ 376-377، ط. دار الفكر، مطبوع ضمن "الحاوي للفتاوي").
ثم بيَّن قول الغزالي: إنه "أكثر تأثيرًا في رفع الحجب"، فقال في الموضع السابق نفسه: [فلأن الله تعالى شبَّه القلوب بالحجارة في قوله: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ [البقرة: 74] ومعلوم أن الحجر لا ينكسر إلَّا بقوة، فقوةُ ذكرِ جماعةٍ مجتمعين على قلبِ واحدٍ أشد مِن قوةِ ذكر شخصٍ واحدٍ] اهـ.

حث الشرع الشريف على الاجتماع للذكر والأدلة على ذلك

قد جاءت الأدلة الشرعيَّة من القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية متضافرةً في الحثِّ على مجالس الذِّكر والاجتماع عليها؛ ومن ذلك قول الله تعالى مخاطبًا نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: 28]، ولا يخفى أن امتثال الأمر بمعية الداعين لله يحصل بالمشاركة الجماعية في الدعاء.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي ملأٍ ذَكَرْتُهُ فِي ملأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ»، و"الذكر في الملأ لا يكون إلَّا عن جهرٍ"؛ كما قال الحافظ السيوطي في "نتيجة الفكر في الجهر بالذكر" (مطبوع ضمن "الحاوي للفتاوي" 1/ 376، ط. دار الكتب العلمية).
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شَهِدَا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ. قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا.. الحديث» رواه الإمام البخاري في "الصحيح".

بيان مشروعية رفع الصوت بالذكر والجهر به في جماعة

قد نصَّ العلماء على مشروعية رفع الصوت بالذكر والجهر به خاصة إذا كان الذاكرون جماعة:
قال الإمام ابن عطاء الله السكندري في "مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح" (ص: 13، ط. مطبعة السعادة): [وإن كان الذاكرون جماعة، فالأولى في حقِّهم رفع الصوت بالذِّكر، مع توافق الأصوات بطريقةٍ موزونةٍ] اهـ.
وقال الإمام السيوطي في "تعريف الفئة بأجوبة الأسئلة المائة" (2/ 376) في جواب السؤال الثالث والثلاثين المتضمن الجمع بين الأدلة الواردة في الإسرار والأخرى الواردة في الجهر: [الذاكرين إذا كانوا مجتمعِين على الذكر، فالأولى في حقهم رفع الصوت بالذكر والقوة، وأما إذا كان الذاكر وحده: فإن كان من الخاص؛ فالإخفاء في حقِّه أولى، وإن كان من العام، فالجهر في حقِّه أفضل] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/ 176، ط. المكتبة الإسلامية): [جمع النووي بينهما بأن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء أو تأذى به مصلون أو نيام، والجهر أفضل في غير ذلك؛ لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته تتعدى للسامعين، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همَّهُ إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم ويزيد النشاط] اهـ.

مشروعية الاجتماع للصلاة على النبي عليه السلام بعد صلاة الجمعة

إذا عُلِمَ ذلك تبين أن اجتماع المصلين بعد صلاة الجمعة للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهرًا مشروعٌ؛ وذلك لعدة أمور:
أولًا: دخوله تحت عموم الأدلة الشرعية التي جاءت باستحسان الذِّكر عقب الصلاة مطلقًا في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡ﴾ [النساء: 103]، والْمُطْلَق يُؤْخَذُ على إطلاقه حتى يأتي ما يُقَيِّده في الشرع.
ثانيًا: كونه امتثالًا للأمر النبوي الشريف الطالب من المسلمين ألَّا تخلو مجالسهم واجتماعاتهم مِن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ وإلَّا كانت حسرة على مَن لا يمتثل يوم القيامة؛ كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ» أخرجه الترمذي في "السنن"، وقال: "هذا حديث حسن.. ومعنى قوله: "ترة": يعني حسرة وندامة".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا، ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ غَيْرِ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَّا تَفَرَّقُوا عَلَى أَنْتَنَ مِنْ رِيحِ الْجِيفَةِ» أخرجه النسائي في "السنن الكبرى".
ولفظ النهي عن ترك الصلاة عليه في المجلس لفظ عامٌّ، كما أن المجلس الخالي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان حسرة على أصحابه، فإن المشتمل عليها يكون محلَّ الرحمة والرضا من الله تعالى، ومحلَّ نظر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ورعايته، خاصة وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد عبَّر بلفظ "القوم"، ولا يصدق إلَّا على جماعة.
ولا ريب أن مجالس الذكر مجالس مشهودة من الملائكة الكرام، ومحلٌّ للبركات وشمول مَن حضرها بالقبول والرحمات والفيوضات والغفران؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن لله سيارة من الملائكة، إذا سمعوا حِلَق الذكر قال بعضهم: اقعدوا فإذا دعا القومُ أمَّنوا على دعائهم، فإذا صلَّوْا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلوا معهم حتى يفرغوا، ثم يقول بعضهم لبعض: طوبى لهؤلاء يرجعون مغفورًا لهم» رواه أبو القاسم التميمي في "الترغيب والترهيب".
ثالثًا: التماس ما للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الجمعة من فضلٍ ومزية ليست في غيره، ورجاء أن يوافق ذلك ساعة الإجابة، ولكون يوم الجمعة سيد الأيام، فإن أفضل ما يصرف فيه هو خدمة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَإِنَّ أَحَدًا لَنْ يُصَلِّيَ عَلَيَّ إِلَّا عُرِضَتْ عَلَىَّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا» قَالَ: قُلْتُ: وَبَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: «وَبَعْدَ الْمَوْتِ؛ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ فَنَبِيُّ اللهِ حَيٌّ يُرْزَقُ» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
وعن أنس رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" و"شعب الإيمان"، والقطيعي في "جزء الألف دينار".
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 1016، ط. إدارة البحوث العلمية): [(فأكثروا عَلَيَّ من الصلاة فيه)، أي: في يوم الجمعة؛ فإن الصلاة من أفضل العبادات، وهي فيها أفضل من غيرها لاختصاصها بتضاعف الحسنات، إلى سبعين على سائر الأوقات، ولكون إشغال الوقت الأفضل بالعمل الأفضل، هو الأكمل والأجمل، ولكونه سيد الأيام فيصرف في خدمة سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام] اهـ.

أقوال الفقهاء في استحباب الصلاة على النبي عليه السلام يوم الجمعة وليلتها

والأمر باستحباب الصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الجمعة وليلتها -هو ما تضافرت به- أقوال الفقهاء وتواردت عليه نصوص أئمة المذاهب المتبوعة:
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 518): [نص العلماء على استحبابها في مواضع: يوم الجمعة وليلتها] اهـ.
وقال قاضي الجماعة الشيخ أبو عبد الله الرصاع في "تحفة الأخيار في فضل الصلاة على النبي المختار" فيما نقله الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 18، ط. دار الفكر): [من المواطن التي يتأكد فيها طلب الصلاة.. يوم الجمعة] اهـ.
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (2/ 457، ط. دار الكتب العلمية) في أحكام الجمعة: [وتُختارُ الزيادة من عمل الخير، والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة الجمعة ويومها] اهـ.
وقال الإمام الرافعي في "فتح العزيز" (2/ 316، ط. دار الكتب العلمية) في بيان آداب الحضور للجمعة: [إذا حضر قبل الخطبة اشتغل بذكر الله تعالى وقراءة القرآن والصَّلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويستحب الإكثار من الصلاة عليه يوم الجمعة وليلة الجمعة وقراءة "سورة الكهف"، ويكثر من الدعاء يوم الجمعة، رجاءَ أن يصادف ساعة الإجابة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 262، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يُكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة؛ لما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ تَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ» رواه ابن ماجه] اهـ.

عقد العلماء والأولياء مجالس للصلاة على النبي عليه السلام يوم الجمعة وليلتها

قد أُثِرَ عن علماء هذه الأمة وأوليائها تخصيص يوم الجمعة وليلته بعقد مجالس مختصة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك بتوزيعه على أوقات اليوم، ومنها بعد صلاة الجمعة؛ كـ "مجلس المحيا" الذي أحياه الإمام نور الدين علي الشوني [ت: 944هـ/ 1538م] في مقام سيدي السيد أحمد البدوي رضي الله عنه بمدينة طنطا مدة عشرين سنة متواصلة، ثم انتقل إلى الجامع الأزهر الشريف بالقاهرة.
قال العلامة الغزي في "الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة" (2/ 214، ط. دار الكتب العلمية): [انتقل إلى مقام سيدي أحمد البدوي، فأقام فيه مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الجمعة ويومها، فكان يجلس في جماعة من العشاء إلى الصبح، ثم من صلاة الفجر حتى يخرج لصلاة الجمعة، ثم من صلاة الجمعة إلى صلاة العصر، ومن صلاة العصر إلى المغرب، فأقام على ذلك عشرين سنة.. وممن انتصر له الشيخ شهاب الدين القسطلاني، وصنف كتابًا في الرد على مَن أنكر على مجلس الشوني، وحثَّ على حضور المجلس، وصار يحضره ولما كتب شرحه على البخاري كان يأتي قربه، فيضعه وسط الحلقة إلى الصباح رجاء القبول، وكان إنشاؤه لمجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأزهر سنة سبع وتسعين وثمانمائة] اهـ، وذكر ذلك أيضًا ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" (10/ 366- 367، ط. دار ابن كثير).
ثم عقَّب الغزي بعد ذلك فقال (2/ 215): [ولا شك ولا ريب أن هذا الرجل من مشاهير الأولياء والصالحين، ومجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي ابتكره من المجالس التي تلقاها العلماء الأعلام بالقبول في أقطار الأرض، وأقاليم البلاد] اهـ.

الرد على من يدّعي عدم مشروعية الذكر الجماعي

قد يحتجُّ بعض الناس على عدم مشروعية الذِّكر الجماعي بما ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مما قد يُفيد النهي عن رفع الصوت بالذِّكر، ويُرَدُّ على ذلك من عدة وجوه:
الأول: أنه قد ذَكر غير واحد من الحفاظ والشراح أن هذا الأثر مما لا يصح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأنه قد روي من فعله رضي الله عنه ما يخالف ذلك القول.
قال الإمام ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (1/ 177): [وأما ما نُقل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه رأى قومًا يهللون برفع الصوت في المسجد، فقال: ما أراكم إلا مبتدعين، حتى أخرجهم من المسجد؛ فلم يصح عنه بل لم يَرِد] اهـ. 
والثـاني: على فرض صحته، فإنه محمولٌ على المبالغة في الجهر الذي يحصل به التشويش على أناس آخرين، ومعلومٌ أن المشروعية مقيدة بمنع التشويش على الغير.
قال الإمام الشعراني في "الأنوار القدسية" (ص: 29، ط. دار الكتب العلمية): [أجمع العلماء سلفًا وخلفًا على استحباب ذكر الله تعالى جماعةً في المساجد وغيرها من غير نكير، إلَّا إن شوش جهرهم بالذكر على نائم أو مصلٍّ أو قارئ، أو نحو ذلك مما هو مقررٌ في كتب الفقه] اهـ.
والثالث: وعلى فرض صحته أيضًا فهو معارَض بما يدل على ثبوت الجهر منه رضي الله تعالى عنه مما رواه غير واحد من الحفاظ.
قال الإمام السيوطي في "الدر المنظم في الاسم الأعظم" (1/ 472، ط. دار الفكر، ضمن "الحاوي في الفتاوي"): [فإن قلتَ: فقد نقل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه رأى قومًا يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: ما أراكم إلا مبتدعين، حتى أخرجهم من المسجد.
قلتُ: هذا الأثر عن ابن مسعود يحتاج إلى بيان سنده ومَن أخرجه من الأئمة الحفاظ في كتبهم، وعلى تقدير ثبوته فهو معارَضٌ بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة، وهي مقدمة عليه عند التعارض، ثم رأيت ما يقتضي إنكار ذلك عن ابن مسعود، قال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب "الزهد": .. عن أبي وائل قال: هؤلاء الذين يزعمون أن عبد الله كان ينهى عن الذكر، ما جالستُ عبد الله مجلسًا قط إلا ذكر الله فيه. وأخرج أحمد في "الزهد" عن ثابت البناني قال: إن أهل ذكر الله ليجلسون إلى ذكر الله، وإن عليهم من الآثام أمثال الجبال، وإنهم ليقومون مِن ذكر الله تعالى ما عليهم منها شيء] اهـ، وبمثله قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (1/ 457، ط. المكتبة التجارية الكبرى).
فإن قيل: إن هناك من العلماء مَن عدَّ "الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة ليس مِن السُّنَّة" كما قال ابن الزبير.
قلنـا: هذا القول متعلق بمسألة غير مسألتنا، فمعناه: "لا يقال مع الإِمام كما يقول على المنبر"، كما قال شيخ المالكية في وقته الإمام ابن شعبان؛ كما في "شرح التلقين" للإمام المازري المالكي (1/ 1003، ط. دار الغرب الإسلامي).
وإن قيل: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا عن الصحابة الكرام التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقب صلاة الجمعة، ولذا فهذا يُعدُّ من البدع، وهذا مثل واقعة إحداث المؤذنين الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند طلوع الفجر، وقد قال العلامة ابن الحاج المالكي في "المدخل" (2/ 249-250، ط. دار التراث) بخصوص ذلك: [ينبغي أن ينهاهم عما أحدثوه من صفة الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند طلوع الفجر، وإن كانت الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أكبر العبادات وأجلِّها؛ فينبغي أن يسلك بها مسلكها، فلا توضع إلَّا في مواضعها التي جعلت لها. ألَا ترى أن قراءة القرآن من أعظم العبادات؟! ومع ذلك لا يجوز للمكلف أن يقرأه في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس، أعني: الجلوس في الصلاة؛ لأن ذلك ليس بمحلٍّ للتلاوة؛ فالصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدثوها في أربعة مواضع لم تكن تفعل فيها في عهد من مضى، والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم مع أنها قريبة العهد بالحدوث جدًّا] اهـ.
قلنـا: لعل الذي جعل ابن الحاج ومن ينحو نحوه يحكم على هذا الأمر ومثله من الأمور المتروكة التي لم تكن في الصدر الأول بالابتداع -هو أنه عَدَّ كلَّ ما لم ينقل فيه شيء مخالفًا لمقصود الشارع، ومن ثَمَّ وصفه بـ"البدعة"، ومن المعلوم أن القائلين بهذا المنهج والمتبعين له في كلِّ المسائل قد أصابهم نوع اضطراب في أقوالهم في هذا النوع مِن الترك؛ إذ تارة يُدخلون ذلك في الأمور العادية، وتارة يقصرونه على ما فيه تعبد.
والذي يترجح أن مجرد عدم وجود نقله على عين المسألة يدل على الإباحة والمشروعية ما لم يصادم نصًّا أو قاعدة شرعية؛ ثُمَّ إن ترك الصدر الأول في الإسلام تدخله الاحتمالات؛ إذ من الممكن أن تركهم لفعلٍ ما كان لما هو أفضل منه، أو جاء بغير قصد، أو أن يكون المتروك غير جائز عندهم.. إلى غير ذلك من الاحتمالات، والقاعدة: أن ما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال.
ولا ريب أن العلماء قد نصوا على مشروعية تخصيص زمان معين أو مكان معين بالأعمال الصالحة، وليس ذلك من البدعة في شيء؛ لكونها من مشمولات الأمر العام.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 69، ط. دار المعرفة) في شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتي مسجد قباء كلَّ سبتٍ ماشيًا وراكبًا: [وفي هذا الحديث -على اختلاف طرقه- دلالة على جواز تخصيص بعض الأيام ببعض الأعمال الصالحة، والمداومة على ذلك] اهـ.
وقال العلامة محمد بخيت المطيعي -مفتي الديار المصرية الأسبق- في "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسُّنَّة والبدعة من الأحكام" (ص: 27-28، ط. مطبعة كردستان العلمية): [وروي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رواه مسلم.
وروى أيضًا أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لقوم جلسوا يذكورن الله تعالى ويحمدونه على أن هداهم للإسلام: «أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه الصلاة والسلام فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ».
وفي الحديثين أوضح دلالة على فضلِ الاجتماع على الخير كلِّه والجلوس له، وأن المجتمعين على خيرٍ الجالسين له، ذكرًا كان أو قراءة قرآن أو سماعه أو أدعية أو غير ذلك، مما عُرف أنه خيرٌ شرعًا، بأن أُمِرَ به على الخصوص، أو أُدخل تحت الأمر العام، في مسجدٍ أو غيره من الأمكنة التي لا يُخلُّ الاجتماع فيها بالآداب، في يوم الجمعة أو في غيره مع الجهر والسر -يباهي الله بهم الملائكة، وتنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، ويذكرهم الله بالثناء عليهم فيمَن عنده من الملائكة، فأي فضائل أجلُّ من هذه الفضائل؟
ومن هذا القبيل -بلا شبهة- الاجتماع للصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنها جماع الخير، ومفتاح البركات بإجماع المسلمين، وقد أمرنا الله في كتابه بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال جلَّ شأنه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، وهذه الآية عامة في الأشخاص والأحوال والأمكنة والأوقات، وقد وردت أحاديث كثيرة أيضًا في فضل الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
ولا حجة عقلية ولا شرعية لمن ينهى عن تخصيص المسلمين لوقت من الأوقات لذكر الله تعالى وعبادته، وهم مع ذلك لا ينهون ولا يعترضون عن تخصيص بعض الأوقات لغير ذلك من الأفعال الدينية أو غير ذلك، بل يُخشَى على هؤلاء الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويتكلمون فيما لا يعلمون، أن يدخلوا بنهيهم هذا في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ﴾ [البقرة: 114].
قال العلامة الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 318، ط. دار الكتب العلمية): [قال في "الفتاوى": لا يمنع من الجهر بالذكر في المساجد احترازًا عن الدخول تحت قوله تعالى: ﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُ﴾ [البقرة: 114] كذا في "البزازية"] اهـ.

منهج دار الإفتاء المصرية في النظر في الأمور التي يدعي البعض أنها بدعة

بذلك يتأكد منهج النظر الذي تنطلق منه دار الإفتاء المصرية في مثل هذه الأمور، حيث تقرر أن إطلاق مصطلح "البدعة" إنما هو مجرد وصف لغوي لكلِّ ما أُحْدِث، وأن هذه النازلة وذلك المُحْدَث يحتاج إلى حكم شرعي يحكم به عليه؛ ولذلك يكون النظر الإفتائي: في أيٍّ من الأحكام التكليفية الخمسة يندرج؟ ومن ثَمَّ يخضع كلَّ جديد -سواء أكان من الأمور العادية أم مما فيه تعبد- لقواعد الشرع الشريف وثوابته، فما وافقها يُقبل، وما خالفها يُرَد.
وهو امتداد لعامة الفقهاء أوسعُ وأرحبُ؛ وأليق بالمناهج والقواعد الفقهية وأقرب إلى النظر الأصولي، وفيه يظهر اتساق الأدلة وعدم الاضطراب في تطبيقها، بينما نلاحظ أن منحى المخالف غير منضبط، نظرًا لاحتياجه إلى أن يؤول كثيرًا من النصوص لتخضع تحت مظلة أدلته، وتنطوي تحت مقولاته التي يتبناها!

الخلاصة

بناء على ذلك: فإنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد صلاة الجمعةِ جهرًا واجتماعَ الناس على ذلك هو أمرٌ مشروعٌ على سبيل الاستحباب يَجمَعُ الناسَ على قربة من أجلِّ القربات، فإذا ما اجتمع في ذلك مقاصد شرعية؛ من تنبيه الغافلين ورفع الحرج عنهم، وتعليم الشباب وتوجيههم: كان آكدَ مشروعية وأولى استحبابًا، ولا إثم فيه ولا بدعة، وإنما البدعة في التضييق على المسلمين فيما فَسَحَ اللهُ تعالى لهم ورسولُه صلى الله عليه وآله وسلم وجَرَتْ عليه أعرافُهم وعاداتُهم وعلماؤهم وعوامُّهم مِن أمر الذِّكر وقراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كلِّ وقتٍ وحينٍ، ويراعى في ذلك أن يكون رفع الصوت رفعًا متوسطًا، ليس فيه إزعاج، مع توافق الأصوات بطريقةٍ موزونةٍ، وهذا كله بمراعاة إجراءات جهات الاختصاص المنظِّمة لهذا الشأن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

اقرأ أيضا