حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام

تاريخ الفتوى: 29 مايو 2023 م
رقم الفتوى: 7666
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام

ما حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وبعد أن انتهى مِن طوافه صلى ركعتي الطواف في مكانٍ مِن المسجد الحرام بعيدًا عن زحام الطائفين، وأكمل عمرته إلى أن انتهى منها، ثم أخبره أحد الأشخاص بأنه كان ينبغي عليه أن يصلي الركعتين في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام. فهل تجزئ صلاة الركعتين في المسجد الحرام بعيدًا عن المقام؟

المختار للفتوى أن ركعتي الطواف مشروعتان على جهة كونهما سُنَّة مؤكدة؛ فيُستحب للطائف بالكعبة أن يؤدي ركعتي الطواف خلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، فإن لم يفعل فحيثما تيسَّر له ذلك في أيِّ موضع من المسجد الحرام أو مكة وسائر الحَرم، أو في أيِّ مكان يناسبه، خاصة عند وجود الزحام الشديد، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا.

المحتويات

 

استحباب صلاة ركعتي الطواف خلف المقام

مِن السُّنَّة إذا انتهى الطائفُ مِن طوافه بالبيت: أن يصلي ركعتي الطواف عند مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، بحيث يكون المقام بينه وبين الكعبة؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: 125]، ولفِعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمرِه، وأنه لَم يَدَعْهُما، فدلَّ ذلك على سُنِّيَّتِهِمَا وتأكيد أمرِهما.

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا» أخرجه الشيخان في "صحيحيهما".

وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَمَعَهُ مَنْ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وجاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صِفَةِ حَجة الوداع: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا طاف بالبيت الحرام «نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَرَأَ: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾، فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ» وهو جزءٌ مِن حديث مطولٍ أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وثبتت الآثار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لَمَّا طاف بالبيت صلى عند المقام ركعتَين، وأجمعوا على قول ذلك؛ كما قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (4/ 204، ط. دار الكتب العلمية).

وأجمعوا أيضًا على أنه ينبغي لكلِّ طائفٍ إذا فَرَغَ مِن طوافه أنْ يصلي خلف المقام ركعتَيِ الطواف؛ كما قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 175، ط. دار إحياء التراث العربي).

حكم صلاة ركعتي الطواف

ثم اختلفوا في حكم هاتين الركعتين؛ هل هما واجبتان في حق الطائف بالبيت أو سُنَّة؟

والمختار للفتوى: أن هاتين الركعتين مشروعتان على جهة كونهما سُنَّة مؤكدة؛ سواء في الطواف الواجب أو في طواف التطوع؛ وهذا ما ذهب إليه المالكية في أحدِ أقوالٍ ثلاثةٍ اختاره القاضي عبد الوهاب؛ كما جاء في "شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (2/ 128، ط. دار ابن حزم)، والشافعية في الأصح؛ كما في "المجموع" للإمام النووي الشافعي (8/ 62، ط. دار الفكر)، والحنابلة في الصحيح؛ كما في "الإنصاف" لعلاء الدين المرداوي الحنبلي (4/ 18، ط. دار إحياء التراث العربي).

حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام

مع كون السُّنَّة أنْ تُصلَّى ركعتا الطَّواف خلف المقام، إلا أن الفقهاء قد أجمعوا على أنَّ الطائف يجزئه أنْ يصلي الركعتين حيث شاء؛ كما قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 56، ط. دار المسلم)، وأنه إن لم يُصَلِّ عند المقام أو خَلْفَ المقام فلا شيء عليه؛ كما قال الإمامُ ابن عبد البر في "الاستذكار" (4/ 204)، والإمامُ ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 271، ط. الفاروق الحديثة).

واستثنى الإمامُ مالكٌ مِن ذلك: حِجْر سيدنا إسماعيل عليه السلام، فلا يجزئ عنده صلاتُهُما فيه؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 56).

وقد أجاز الفقهاء -مع مراعاة هذا الخِلَاف- أن تُصلى هاتان الركعتان في أيِّ موضِعٍ؛ سواء كان هذا الموضع في الحرم أو خارجه؛ إذ لَيْسَ لركعتي الطَّواف مَوضِعٌ معيَّن يجب أن تُصلَّيَا فيه، بل يجوز إقامتهما في أيِّ موضِع أَرَادَ الطَّائِفُ، حتى لَوْ صَلَّاهُمَا فِي وَطَنِهِ أو غَيْرِهِ مِنْ أَقَاصِي الْأَرْضِ جَازَ، وَإِن كَانَت صلاتهما خلف الْمقَام أفضل وأولى إذا تيسَّر ذلك وأمكنه من غير مزاحمة؛ لما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" معلَّقًا قال: "وَطَافَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَرَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِي طُوًى".

وكونه رضي الله عنه قد ركب وصلى بذي طُوى؛ أي: ركب وسار وصلى بعيدًا عن مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، بل خارج المسجد الحرام، ولم ينكر عليه ذلك أحدٌ من الصحابة، فدلَّ على جوازه.

وعن أُمِّ المؤمنين أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ وَهْوَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ الْخُرُوجَ، وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَأَرَادَتِ الْخُرُوجَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَطُوفِي عَلَى بَعِيرِكِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ»، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ؛ فَلَمْ تُصَلِّ حَتَّى خَرَجَتْ. أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

فدل على جواز صلاة الطواف خارجًا من المسجد؛ إذ لو كان ذلك شرطًا لازمًا لما أقرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك؛ كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 487، ط. دار المعرفة).

قال الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (9/ 269، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذا بابٌ في بيانِ جوازِ صلاةِ مَن صلى ركعتَي الطواف حال كونه خارجًا مِنَ المسجد الحرام، وحاصله: أنه ليس لركعتَي الطواف موضعٌ معيَّن، بل يجوز إقامتُهُما في أيِّ موضعٍ أراد الطائف، وإنْ كان ذلك خلفَ المقام أفضل] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 175): [والسُّنَّة أن يُصَلِّيَهُمَا خلف المقام، فإن لم يفعل ففي الـحِجْرِ، وإلا ففي المسجد، وإلا ففي مكة وسائر الحرم، ولو صلاهما في وطنه وغيره من أَقَاصِي الأرض: جاز وفاتته الفضيلة] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 347، ط. مكتبة القاهرة): [مسألة: قال: (ويصلي ركعتَين خلف المقام) وجملة ذلك: أنه يُسَنُّ للطائف أنْ يصلي بعد فراغه ركعتَين، ويُستحبُّ أنْ يَرْكَعَهُمَا خلف المقام.. وحيث رَكَعَهُمَا ومَهْمَا قرأ فيهما: جاز] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يستحب للطائف بالكعبة أن يؤدي ركعتي الطواف خلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، فإن لم يفعل فحيثما تيسَّر له ذلك في أيِّ موضع من المسجد الحرام أو مكة وسائر الحَرم، أو في أيِّ مكان يناسبه، خاصة عند وجود الزحام الشديد، ولا حرج عليه في ذلك شرعًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكمة من جهر وإسرار المُصلّي في الصلاة؟


ما حكم صلاة الجمعة مرتين بإمام واحد في مسجد واحد؟ فإنه يوجد في مدينة تمبي في ولاية أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية مسجد باسم (المركز الإسلامي)، وتقام فيه الصلوات الخمس والجمع وبعض الدروس العلمية، كما تقام في نفس المسجد يوم الجمعة صلاة الجمعة مرتين أو ثلاث مرات أحيانًا والفرق ساعة بين كل صلاة جمعة، وفي يوم من أيام الجمعة حضرت صلاة الجمعة الأولى حيث خطب الجمعة وصلى الصلاة أحد الأئمة وبعد انتهاء الصلاة وانصراف الناس المتواجدين، بدأ وقت صلاة الجمعة الثانية بنصف ساعة تقريبًا، رجع نفس الإمام الذي صلى بنا الجمعة الأولى، واعتلى المنبر وبدأ خطبته، وبعد الانتهاء من الخطبة ظننت أنه قد يقدم شخصًا آخر مكانه ليصلي بالناس، ولكنني تفاجأت به هو نفسه الذي صلى بنا الجمعة الأولى يصلي بالجماعة الثانية ويؤمهم للصلاة، فتعجبت كثيرًا كيف لإمام أن يصلي صلاتي جمعة، بالجماعة الأولى والجماعة الثانية! فالصلاة الأولى صليناها في وقتها بعد الزوال على الساعة الواحدة ظهرًا، والصلاة الثانية على الساعة الثانية ظهرًا، هم في العادة كل جمعة يصلونها بإمام غير الجمعة الأخرى، ولكن الذي حدث ذلك اليوم كان أمرًا غريبًا عليَّ وتعجبت منه كثيرًا. فما حكم الصلاة الثانية للإمام والجماعة التي صلت معه؟


ما حكم الإحرام لمن سافر إلى مكة ثم نوى أداء العمرة؟ فقد سافرت إلى مكة المكرمة لزيارة ابنتي، فدخلتها غير محرم؛ ثم بدى لي طالما أنني موجود في هذه الرحاب الطيبة، الذهاب غدًا لأداء العمرة، مع العلم أنني حين دخلتها لم أكن أقصد أداء العمرة،  وإنما قصدت زيارة ابنتي، فهل دخولي إليها على هذه الحال يوجب علي دم؟ وهل يجوز لي الإحرام بالعمرة منها؟ أم أرجع إلى ميقات بلدي؟


السؤال عن قراءة التشهد بعد الركعتين الأوليين في الصلاة الثلاثية أو الرباعية، هل تجب قراءته كاملًا؟ وما هي صيغة التشهد؟


ما حكم قول الله أكبر عند الرفع من الركوع؟ فبينما كنتُ أصلي أمس وعند الرَّفع من الركوعِ نسيتُ فقلت: "الله أكبر"، بدلًا من قول: "سمع الله لمن حمده"، فما حكم صلاتي؟ مع العلم أني تداركت الأمر وقلت هذا الذكر المطلوب بعدها.


هل يجوز أداء الحج من المال الناتج من العقود الفاسدة؛ كبيع الخمر وكالربا مع غير المسلمين في غير بلاد المسلمين؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31