حكم الطواف حول الكعبة من الدور الثاني أو الثالث

تاريخ الفتوى: 15 يونيو 2023 م
رقم الفتوى: 7701
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم الطواف حول الكعبة من الدور الثاني أو الثالث

ما حكم الطواف حول الكعبة المشرَّفة مِن (الطابق) الدَّور الثاني أو الثالث للمسجد الحرام؟

الطواف حول الكعبة المشرَّفة مِن الطوابق المرتفعة عن الأرض (الدَّور الثاني والثالث) للمسجد الحرام جائزٌ وصحيحٌ شرعًا، ولا حرج على فاعِلِهِ ولو ارتَفَع في طوافه عن حَدِّ سَقْفِ الكعبة؛ لأن هَوَاءُ الكعبة المشرَّفة يأخذ حُكمَها، وما ارتَفَعَ عن الأرض مِن بِنَاءِ المسجد الحرام يأخذ حُكمَه، وتكون الطوابِقُ مَهْمَا عَلَتْ مِنَ المسجد، ويَصح الطوافُ فيها قياسًا على صحةِ صلاةِ مَن تَوَجَّهَ نحو الكعبة وهو في مكانٍ مُرْتَفِعٍ عنها، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية في المعتمد، والحنابلة، وهو المختار للفتوى.

المحتويات 

 

تعريف الطواف في اللغة والاصطلاح

الطواف لغةً: الاسْتِدَارَةُ بالشيء والدَّوَرَانُ حَوْلَهُ، يقال: طاف بالشيء يَطُوف طَوْفًا وطَوَافًا أي: استدار به، والمطاف: موضع الطواف؛ كما في "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (2/ 380، ط. المكتبة العلمية)، و"لسان العرب" للعلامة جمال الدين ابن منظور (9/ 225، ط. دار صادر).

واصطلاحًا: الدَّوَرَانُ حول الكعبة المشرفة بصفةٍ مخصوصةٍ؛ كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (4/ 44، ط. دار المعرفة)، و"العناية" لأكمل الدين البَابَرْتِي (3/ 50، ط. دار الفكر).

دليل مشروعية الطواف بالبيت الحرام

الطواف بالكعبة المشرَّفة قربةٌ مشروعةٌ، وعبادةٌ لذاتها مقصودةٌ؛ قال الله تعالى في مُحْكَم التنزيل: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29].

وأخرج الشيخان في "صحيحيهما" عن أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: «أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ -حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ طَافَ بِهَذَا البَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ، كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللهُ عَنْهُ خَطِيئَةً، وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً» أخرجه الإمامان: الترمذي في "سننه" وَحَسَّنَهُ واللفظ له، وأحمد في "مسنده".

حكم الطواف حول الكعبة من الدور الثاني أو الثالث للمسجد الحرام

الأصل في الطواف حول الكعبة أن يكون داخل المسجد الحرام، وأن يطوف الطائفُ حال كونه على الأرض أو غيرَ مرتفِعٍ عن حدِّ سَقْفِ الكعبة، فإذا طافَ مِن الطابق الأعلى (الدَّور الثاني أو الثالث) للمسجد الحرام صَحَّ طوافُهُ ولو ارتَفَع الطابقُ عن الكعبة؛ لأنَّ هَوَاءَ الشيء المستقِرِّ على الأرض يأخذ حُكمَه، فكذا هَوَاءُ الكعبة المشرَّفة يأخذ حُكمَها، وما ارتَفَعَ عن الأرض مِن بِنَاءِ المسجد الحرام يأخذ حُكمَه، وتكون الطوابِقُ مَهْمَا عَلَتْ مِنَ المسجد، ويَصح الطوافُ فيها قياسًا على صحةِ صلاةِ مَن تَوَجَّهَ نحو الكعبة وهو في مكانٍ مُرْتَفِعٍ عنها، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية في المعتمد، والحنابلة، وهو المختار للفتوى.

قال علاء الدين الحَصْكَفِيُّ الحنفي في "الدر المختار" (ص: 160، ط. دار الكتب العلمية): [واعْلَمْ أنَّ مكانَ الطواف داخلُ المسجد ولو وَرَاءَ زمزم لا خارجه؛ لِصَيْرُورَتِهِ طائفًا بالمسجد لا بالبيت] اهـ.

قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 497، ط. دار الفكر) مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: ولو وراء زمزم) أو المقام، أو السَّوَارِي، أو على سَطْحِهِ ولو مُرتَفِعًا على البيت "لُباب"] اهـ.

وقال المُلَّا علي القارِي في "المَسْلَك المُتَقَسِّط في المَنْسَك المتوسِّط" (ص: 66، ط. الترقي الماجدية): [(فصلٌ في مكان الطواف: مكانُه: حَوْل البيت، لا فيه) أي: لا في داخله كما مَرَّ (داخل المسجد) أي: سواءٌ كان قريبًا من البيت أو بعيدًا عنه بَعْدَ أن يكون في المسجد، (ويجوز) أي: الطواف (في المسجد) أي: في جميع أجزائه (ولو مِن وراء السَّوَارِي) أي: الأسطوانات (وزمزم) وكذا المقامات (ولو طاف على سَطح المسجد ولو مُرتفِعًا عن البيت) أي: مِن جدرانه كما صرَّح به صاحبُ "الغاية" (جازَ) لأنَّ حقيقةَ البيت هو الفضاءُ الشاملُ لِمَا فَوق البِنَاءِ مِن الْهَوَاء، ولذا صحَّت الصلاةُ فَوق جبل أبي قُبَيْسٍ إجماعًا، حتى لو انْهَدَمَ البيتُ -نَعوذُ بالله- جازَ الصلاةُ إلى البُقعة] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 39، ط. دار الفكر): [قال الرافعي: فإنْ جُعِلَ سَقفُ المسجد أَعْلَى مِن سَطْح الكعبة، فقد ذَكَرَ صاحبُ "العُدَّة" أنه لا يجوزُ الطوافُ على سَطْح المسجد، وأَنكَرَه عليه الرافعيُّ، وقال: لو صَحَّ قولُهُ لَزِمَ مِنه أنْ يُقال: لو انهَدَمَت الكعبةُ -والعياذُ بالله- لم يَصِحَّ الطوافُ حول عَرْصَتِهَا، وهو بعيدٌ، وهذا الذي قاله الرافعيُّ هو الصَّوَاب، وقد جَزَم القاضي حسينٌ في "تَعليقِهِ" بأنه لو طاف على سَطْح المسجد صَحَّ وإن ارتَفَع عن مُحاذاة الكعبة، قال: كما يَجوزُ أن يُصلي على أبي قُبَيْسٍ مع ارتفاعِهِ على الكعبة، والله أعلم] اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن حَجَر الهَيْتَمِي الشافعي في "تحفة المحتاج" (4/ 82، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [المصرح بجوازه فيه (داخل المسجد) ولو على سَطْحه وإنْ كان أَعلى مِن الكعبة على المعتمد؛ لأنه يَصْدُقُ أنه طائفٌ بها؛ إذ لِهَوَائِهَا حُكمُها] اهـ.

وقال شمس الدين ابن مُفْلِح الحنبلي في "الفروع" (6/ 38، ط. مؤسسة الرسالة): [وإنْ طاف على سَطْح المسجد تَوَجَّهَ الإجزاءُ؛ كصَلَاتِهِ إليها] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ الطواف حول الكعبة المشرَّفة مِن الطوابق المرتفعة عن الأرض (الدَّور الثاني والثالث) للمسجد الحرام جائزٌ وصحيحٌ شرعًا، ولا حرج على فاعِلِهِ ولو ارتَفَع في طوافه عن حَدِّ سَقْفِ الكعبة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الحج عن المريض الذي لا يستطيع أداء الحج بنفسه؟ فزوجتي مريضة بآلام حادة في العمود الفقري -بعض الفقرات متآكلة تمامًا، وبعضها متحرك من مكانه- ولا تقوى على الحركة، وأمنيتها أداء فريضة الحج، فهل يجوز أن أحجَّ عنها؟ علمًا بأنني سبق لي أداء الفريضة.


ما حكم صلاة ركعتين عند الإحرام؟ وما الحكم لو أحرم المسلم من دون أن يصليها؟


ما حكم قصر الحج على الموجودين في السعودية بسبب الوباء؟ ففي ظل انتشار وباء كورونا في هذه الآونة، قررت وزارة الحج بالسعودية إقامة حج هذا العام بأعداد محدودة جدًّا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، وذلك حرصًا على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًّا، يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، فهل يتماشى هذا القرار مع أحكام الشريعة الإسلامية؟ خاصة مع ظهور بعض الدعاوى بأن منع الحج أو تقييده بشكل جزئي لا يجوز، وأن هذه سابقة لم تحدث قبل ذلك.


ما حكم التطوع بالطواف من غير الحاج والمعتمر؟ حيث إن هناك شخصًا قد دخل المسجد الحرام لصلاة فريضة الظهر، وكان الوقت قبل الصلاة كبيرًا، فأراد أن يتطوع بطواف البيت. فهل يجوز له ذلك مع كونه غير قاصدٍ لنسكٍ من حجٍ أو عمرة؟


هل يجوز للمعتمر والحاج بعد انتهاء المناسك أن يحلقا لأنفسهما أو لغيرهما من المعتمرين والحجيج؟


ما حكم الإحرام من التنعيم للعمرة الثانية؟ حيث إنه قد عزم رجلٌ على السفر لأداء العمرة، وحسب برنامج الرحلة ستكون إقامته في مكة لمدة أسبوع، ويريد أن يعتمر أكثر مِن مرة خلال هذا الأسبوع، فهل يجوز له أن يُحرِم للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، أو يجب عليه الرجوع لميقات بلده؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 مايو 2025 م
الفجر
4 :37
الشروق
6 :12
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 33
العشاء
8 :57