سائل يقول: شخص حلف بالله على شيء يظنه كما حلف، فبان هذا الأمر بخلاف ما قسم. فهل تجب عليه كفارة اليمين؟
يمين اللغو هو الحلف بالله على شيءٍ يظنُّه الحالف كما أخبر فإذا هو بخلافه، أو أَنْ يجري اليمين على لسانه دون قصد، ولا ينعقد هذا اليمين، ولا يجب على الحانث فيه كفارة بتوبةٍ أو مالٍ. ويُنْصَح بالبُعْد عن اليمين على العموم؛ لأن المولى سبحانه وتعالى أمرنا بحفظ الأيمان، ونهانا عن الإقدام عليها دون حاجة مُلحَّة لها؛ تعظيمًا له جلَّ شأنه، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر الله تعالى أجلَّ وأعلى عند المسلم من أن يُستشهد به في غرض من الأغراض الدنيوية.
المحتويات
أمرنا الله تبارك وتعالي بحفظ الأيمان؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: 89]، ونهانا عن الإقدام عليها دون حاجة مُلحَّة لها؛ تعظيمًا له جلَّ شأنه، فكلَّما كان الإنسان أكثر تعظيمًا لله تعالى كان أكمل في العبودية، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر الله تعالى أجلَّ وأعلى عند المسلم من أن يستشهد به في غرض من الأغراض الدنيوية.
قد اختلف الفقهاء في معنى يمين اللغو وحقيقته؛ فذهب الحنفية والمالكية إلى أنَّ المراد به: الحلف بالله على شيءٍ يظنُّه الحالف كما أخبر فإذا هو بخلافه؛ سواءٌ كان الإخبار عن الماضي أو الحال، وهذا هو أحد صور يمين اللغو عند الحنابلة.
وذهب الشافعية إلى أنَّ المراد بلغو اليمين: هو ما يجري على اللسان من غير قصد الحلف؛ وهذا هو قول الإمام أبي حنيفة في روايةٍ، والصورة الأخرى ليمين اللغو عند الحنابلة، وهو ظاهر المذهب عندهم.
قد ذهب الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة في ظاهر المذهب: إلى أنَّه لا كفارة في يمين اللغو؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ [المائدة: 89]، فقد رفع الله تعالى الحرج عن عباده ولم يجعل المُؤَاخذةَ في لغوِ اليمين، وإنّما جعلها في الأيمان المعقدة أي: المغلظة، ونفي المؤاخذة يستلزم نفي الكفارة.
أَمَّا المالكية، والحنابلة في روايةٍ عندهم: فذهبوا إلى أَنَّ يمين اللغو إن تَعلَّق بزمنٍ ماضٍ أو حالٍ؛ فلا كفارة فيه، وإن تَعلَّق بزمنٍ مستقبلٍ؛ ففيه الكفارة.
قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (3/ 17): [(وأمَّا) يمين اللغو فلا كفارة فيها بالتوبة ولا بالمال] اهـ.
وقال الإمام الدردير في "الشرح الكبير" (2/ 129، ط. دار الفكر): [(ولا) كفارة في يمين (لغو)، فهو عطف على غموس أي: لا بغموس، ولا لغوٍ تَعلقت بماضٍ أو حال؛ بأن حلف (على ما) أي: على شيء (يعتقده) أي: يجزم به (فظهر) له (نفيه)، فإن تَعلقت بالمستقبل كُفِّرت؛ كالغموس] اهـ.
وقال الشيخ النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 412، ط. دار الفكر): [شرط عدم لزوم الكفارة في لغو اليمين يعلقها بالماضي أو الحال لا بالمستقبل] اهـ.
وقال الإمام الرملي في "نهاية المحتاج" (8/ 179، ط. دار الفكر): [(ومن) (سبق لسانه إلى لفظها) أي: اليمين (بلا قصد)، كـ بلى والله، ولا والله في نحو صلة كلام أو غضب (لم تنعقد)؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: 225] الآية، وعقدتم فيها قصدتم] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (9/ 497-498، ط. مكتبة القاهرة): [وفي الجملة: لا كفارة في يمين على ماض؛ لأنها تنقسم ثلاثة أقسام: ما هو صادق فيه؛ فلا كفارة فيه إجماعًا، وما تعمد الكذب فيه فهو يمين الغموس، لا كفارة فيها؛ لأنها أعظم من أن تكون فيها كفارة. وما يظنه حقًّا، فيتبين بخلافه، فلا كفارة فيه؛ لأنه من لغو اليمين. فأما اليمين على المستقبل، فما عقد عليه قلبه، وقصد اليمين عليه، ثم خالف، فعليه الكفارة، وما لم يعقد عليه قلبه، ولم يقصد اليمين عليه، وإنَّما جرت على لسانه، فهو من لغو اليمين] اهـ.
وقال العلامة المَرْدَاوي في "لإنصاف" (11/ 18، ط. دار إحياء التراث): [(والثاني: لغو اليمين وهو أن يحلف على شيء يظنه فيَبِين بخلافه؛ فلا كفارة فيها)، هذا المذهب، وعليه الأصحاب، وجزم به في "الوجيز" وغيره، وقَدَّمه في "الفروع" وغيره. وعنه: فيه الكفارة، وليس من لغو اليمين] اهـ.
بناءً على ذلك: فاليمين اللغو هي الحلف بالله على شيءٍ يظنُّه الحالف كما أخبر فإذا هو بخلافه، أو أَنْ يجري اليمين على لسانه دون قصد، وهي يمين غير منعقدةٍ، ولا يجب على الحانث فيه كفارة بتوبةٍ أو مالٍ. ويُنْصَح بالبُعْد عن اليمين على العموم؛ للأدلة القاضية بذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي حدود مسؤولية الزوج عن حجاب زوجته؟ وإذا كانت الزوجة ترفض لبس الحجاب فهل يجب على الزوج ضربها أو تعنيفها لإجبارها عليه، وهل يقع عليه إثم عدم حجابها؟
ما حكم الإمام الذي يصلي عاري الرأس بالناس؟ وحكم صلاة المأموم الذي يصلي خلفه عاري الرأس؟ وحكم صلاة المنفرد عاري الرأس؟ وهل صلاتهم صحيحة أو مكروهة أو باطلة أو محرمة؟
ما ضرورة مراعاة الأمانة لحفظ مال صاحب العمل؟ فسائل يقول: أعمل في أحد المحلات، وأحد أبناء صاحب المحل يأخذ أموالًا بدون علم والده وأنا أعلم ذلك. فماذا عليَّ أن أفعل؟
ما حكم إخفاء درجة جودة السلعة عند بيعها؟ فأنا أعمل تاجرًا في مجال قطع الغيار، ومن المعروف عني أني لا أتاجر إلا في السلع عالية الجودة، لكن في الآونة الأخيرة وبسبب عدم توفر سيولة مالية كبيرة لن أتمكن من الاستمرار في ذلك، فهل يجوز لي التعامل في السلع متوسطة القيمة والجودة، فأبيعها على كونها ذات جودة عالية لكن بسعر منخفض؟ مع العلم بأني لن أُعلم المُشتري بطبيعة هذه السلع.
ما حكم سداد ورثة الكفيل الدَّين المؤجل على الميت بالكفالة بمجرد وفاته؟ فإن رجلًا ضَمِنَ أخاه في سداد دَينٍ مؤجَّل، إلا أنَّه (الكفيل) توفاه الله قبل حلول موعد سداد الدَّين على أخيه (المدين) بخمسة أشهر، فهل يجب على ورثته سداد ذلك الدَّين من التركة بمجرد وفاته؟ علمًا بأن أخاه مُقِرٌّ بالدَّين وعازِمٌ على سداده في موعده بعد الأشهر الخمسة.
ما حكم التحايل بالزواج العرفي من أجل الحصول على المعاش؟ فأنا لي صديقة متزوجة ولديها أُسرة مكونة من زوج وأولاد، وحالتهم المادية متعسِّرة، وقد توفِّي والدها، فاتفقت هي وزوجها على الطلاق من أجل الحصول على المعاش الخاص بوالدها المتوفَّى، على أن يتزوجا بعد ذلك زواجًا عرفيًّا، وذلك من أجل الاستعانة بهذا المعاش على تحسين حالتهم المادية المتعسرة، وترجو الإفادة بالرأي الشرعي في ذلك.