بيان مظاهر الرفق بالحيوان عند ذبحه في الشرع الشريف

تاريخ الفتوى: 30 مايو 2019 م
رقم الفتوى: 7773
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
بيان مظاهر الرفق بالحيوان عند ذبحه في الشرع الشريف

يدعي بعض الناس أن الطريقة التي يتمُّ بها ذبح الحيوانات فيها نوع من الوحشية وخالية من الرحمة؛ لكونها تشتمل على تعذيب الحيوان قبل ذبحه! فكيف يمكن لنا أن نرد على ذلك؟

المحتويات

 

المراد بالعالمين في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ

جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمةً لجميع المخلوقات؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، والعَالَمُونَ: هم كل ما سوى الله تعالى من المخلوقات؛ فشملت رحمتُه صلى الله عليه وآله وسلم الإنس والجن والملائكة، والحيوان والجماد، وكل ما خلقه الله تعالى، فعَلَّم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الدنيا كيف تكون الرحمة، وأرسله ربُّه عز وجل؛ ليشرح للناس ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، فالرحمة هي بداية الوحي ومبنى الدين، وعليها مدار الإسـلام.

من مظاهر الرفق بالحيوان عند ذبحه في الإسلام

كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرحمَ الخلق بالخلق، وأكثرَ الناس رحمةً بالحيوان، وحثًّا على الرفق به والإحسان إليه، وتنبيهًا على أن إباحة الشرع لأكله مقرونةٌ بوجوب رحمته والرفق به وتحريم تعذيبه البدني أو النفسي؛ فكان يحذِّر من اتخاذ ذبحه مبررًا لإيذائه ومضاعفة ألمه؛ فأوجب إحسان الذبح في آلته وهيئته وسرعته ووقته وأثناء الذبح وقبله وبعده؛ فأوجب إحداد الشفرة؛ حتى لا تكون كالّةً، وأمر بإراحة المذبوح وأن يساق برفق، وأمر بمواراة الشفرة عنه، وبمواراته عن بقية الحيوانات التي يراد ذبحُها، وأن يكون الذبح بأسرع ما يمكن؛ لتقليل ألمه، ونهى أن يبلغ الذبح إلى النخاع، وحرم قطع الرأس قبل خروج الروح، وحرَّم إصابة الحيوان أو الطائر بأي ألم أو أذًى يمكن تلافيه، ونهى عن أخذ الأم من أولادها، أو أخذهم منها عند حاجتهم إليها؛ فجعل الإحسانَ إلى الحيوانات ورحمتَها حالَ الذبح فرضًا كتبه الله تعالى على ذابحها؛ فعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنهما أن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَة، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه الأئمة: مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وجعل شعور الذابح برحمة الحيوان المذبوح مستجلبًا لرحمة الله تعالى له؛ فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لأَذْبَحُ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا، أَوْ قَـالَ: إِنِّي لأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ» رواه الإمام أحمد، وصححه الإمام الحاكم.
وراعى الشعور النفسي للحيوان المذبوح؛ فنهى عن سن السكين أمام بصره، وجعل ذلك قتلًا مضاعفًا له، وأمر بالإسراع في الذبح وعدم التلكؤ فيه؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رجلٍ واضعٍ رجلَه عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ وَهِيَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصَرِه، فقال: «أَفَلَا قَبْلَ هَذَا! أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ! هَلَّا أَحْدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا!» رواه الإمام الطبراني، وصححه الإمام الحاكم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: "أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بِحَدِّ الشِّفَارِ، وَأَنْ تُوَارَى عَنِ الْبَهَائِمِ، وإِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ" أخرجه الإمامان: أحمد في "المسند"، وابن ماجه في "السنن".
ورأى عمر رضي الله عنه رجلًا قد وضع رجله على شاة، وهو يحد السكين، فضربه حتى أفلت الشاة. ذكره الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 398، ط. مكتبة القاهرة).
ونهى في حال الذبح أن يُبلَغ به إلى نخاعها، وحرَّم بعد الذبح كسر عنقها وإبانة رأسها قبل تمام زهوق روحها؛ حذرًا من مضاعفة ألمها وازدياد الكرب عليها؛ فروى الإمام البخاري في "صحيحه" معلقًا: عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما نهى عن النَّخْع، يقول: "يَقطَعُ ما دون العظم، ثم يَدَعُ حتى تموتَ". والنَّخْع: أن يبلغ بالذبح إلى النخاع.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (2/ 262، ط. دار المعرفة): [نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النَّخْع، وأن تُعجَلَ الأنفسُ أن تزهق، والنَّخْعُ: أن يذبح الشاة ثم يكسر قفاها من موضع الذبح لنخعه ولمكان الكسر فيه، أو تُضرَب ليعجل قطع حركتها، فأكره هذا، وأن يسلخها أو يقطع شيئًا منها ونفسها تضطرب، أو يمسها بضرب أو غيره حتى تبرد ولا يبقى فيها حركة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 193، ط. دار المعرفة): [والنَّخْع: قطع نخاع الشاة؛ وهو خيط عنقها الأبيض الداخل في القفا] اهـ.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنِ الذَّبِيحَةِ أَنْ تُفْرَسَ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ" أخرجه الأئمة: ابن الجعد في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى". والفَرْس: هو كسر رقبة الذبيحة قبل إزهاق الروح.
وهذا كله في وجوب الرحمة بالحيوان والإحسان إليه أثناء الحصول عليه للانتفاع المباح به شرعًا.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإن الإسلام قد جاء بالرحمة لجميع ما على الأرض من مخلوقات، وسن لأجل ذلك من التشريعات ما يضمن المعاملة الرحيمة بالحيوان حتى في وقت ذبحه، ثم اشترط أن يكون في ذبحه منفعة معتبرة، ونهى أشد النهي أن يذبح الحيوان لغير منفعة، بل أن يعبث به أو يتخذ غرضًا، ولما شرع الذبح أوجب إحسانه في آلته وهيئته وسرعته ووقته وأثناءه وقبله وبعده؛ من إحداد الشفرة، وإراحة المذبوح، وسوقه برفق، ومواراة الشفرة عنه، ومواراته عن بقية الحيوانات المراد ذبحُها، والذبح بأسرع ما يمكن لتقليل الألم، وعدم الذبح إلى النخاع، وتحريم قطع الرأس قبل خروج الروح، وتحريم إصابة الحيوان بأي ألم أو أذًى يمكن تلافيه، وبذلك يظهر جليًّا حقيقة هذه الدعاوى الزائفة التي تسم طريقة الذبح في الإسلام بالوحشية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكم لو فات وقت ذبح العقيقة في اليوم السابع؟


ما حكم توجيه الحيوان إلى القبلة عند الذبح؟ حيث توجد إحدى الشركات التي تقوم بالإشراف على اللحم الحلال في نيوزيلاند في الادعاء أو الإفتاء بأن من ضمن الشروط الأساسية للذبح الحلال هو اتجاه الحيوان جهة القبلة أثناء الذبح، وحولت الماكينات التي تعلق عليها الحيوانات أثناء الذبح جهة القبلة، وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك، وهل هو من القرآن والسنة أم لا؟


ما حكم ذبيحة أهل الكتاب وعدم تسميتهم عليها؟ فالسائل قرأ تفسيرًا لقول الله سبحانه في القرآن الكريم في سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ إلى آخر الآية الكريمة، وهذا التفسير باللغة الإنجليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد، والمنشور في 1979م بلندن بإنجلترا، وقد قال في (صحيفة 110) تفسيرًا لهذه الآية ما ترجمته: "اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا من طعام أهل الكتاب. كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حلٌّ لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور".
والسؤال هو: هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ محمد أحمد في تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد خنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس؟


ما مدى سنية أو بدعية عدم أخذ المضحي من شعره وأظفاره بعد دخول شهر ذي الحجة؟


ما حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة؟ فهناك رجلٌ يريد أن يشترك مع والده في الأضحية بشاةٍ واحدةٍ، على أن يدفع كلُّ واحدٍ منهما نصفَ الثمن ويكون له نصفُها، فهل تجزئ عنهما تلك الأضحية على هذا النحو؟


السؤال من وزارة التجارة والصناعة شؤون التموين أن الاتحاد العام للقصَّابين بالقاهرة قد شكا للوزارة من أنه بسبب قفل الأسواق في الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذَّر جلب الحيوانات المعدَّة للذبح بالعدد الكافي للوفاء بحاجة المستهلكين، وطالب بالعودة إلى حظر الذبح ثلاثة أيام في الأسبوع؛ للموازنة بين العرض والطلب، ولإزالة عوامل ارتفاع الأسعار؛ ونظرًا لما تعلقه هذه الوزارة من الأهمية على موازنة العرض والطلب بقدر الإمكان، فإنه قد يكون من المفيد أن يصرف الناس عن الإسراف في ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعًا الاستعاضة عنها بما يساوي ثمنها من الصدقات الأخرى، وفي ذلك ما فيه من العمل على خفض الأسعار تيسيرًا على الطبقات الفقيرة؛ لذلك أكون شاكرًا لو تفضلتم بإفتاء الوزارة فيما إذا كان من الجائز استبدال الأضحية عينًا بالصدقة بما يوازي ثمنها في أقرب وقت؛ ليتسنى للوزارة إذاعتها على عامة المسلمين بكافة الوسائل الممكنة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :12
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 50
العصر
4:19
المغرب
6 : 59
العشاء
8 :17