ما يفيده قول الله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾

تاريخ الفتوى: 04 ديسمبر 2012 م
رقم الفتوى: 7854
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: اللباس والزينة
ما يفيده قول الله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾

نرجو منكم بيان المعنى المراد من قول الله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾، وما مدى دلالته على وجوب الحجاب الشرعي للمرأة؟

قال الله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].

جاء الأمر الإلهي في الآية للنساء المؤمنات بضرب الخُمُر على الجيوب، والخُمُر: جمع خِمَار، وخمار المرأة في لغة العرب هو مَا يُغطِّي رَأْسها، قال العلامة الفيومي في "المصباح المنير" (مادة خمر): [الخِمار: ثوب تغطي به المرأة رأسها، والجمع خُمُر] اهـ. والجُيُوب: جمع جَيْب، وهو الصدر. فجاء على غاية ما يكون وضوحًا في بيان المقصود؛ فإن التعبير بضرب الخمار على الجيب: يقتضي ستر الشعر والعنق والنحر، والعدول عن التعبير بضربه على الوجه إلى الضرب على الجيب يقتضي في الوقت نفسه كشفَ الوجه، وهذا مِن أبلغِ الكلام وأفصحِه، وأبينِه وأوضحِه.
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (19/ 159، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره: وليلقين خُمُرهنَّ، وهي جمع خمار، على جيوبهنَّ، ليسترن بذلك شعورهنَّ وأعناقهن وقُرْطَهُنَّ] اهـ.
وقال الإمام أبو محمد بن حزم في "المحلَّى" (2/ 247، ط. دار الفكر): [فأمرهن الله تعالى بالضرب بالخمار على الجيوب، وهذا نص على ستر العورة، والعنق، والصدر. وفيه نص على إباحة كشف الوجه؛ لا يمكن غير ذلك أصلًا] اهـ.
وقال الإمام مكي بن أبي طالب القرطبي في "الهداية إلى بلوغ النهاية" (8/ 5071، ط. مجموعة بحوث الكتاب والسنة): [أيْ: وليلقين خمرهن، وهو جمع خمار على جيوبهن، ليسترن شعورهن وأعناقهن] اهـ.
وقال الإمام السمرقندي في "بحر العلوم" (2/ 508): [قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ﴾ يعني: ليرخين بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ، يعني: على الصدر والنحر. قال ابن عباس: «وكنَّ النساء قبل هذه الآية يبدين خمرهن من ورائهن، كما يصنع النبط، فلما نزلت هذه الآية، سدلن الخمر على الصدر والنحر». ثم قال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ، يعني: لا يظهرن مواضع زينتهن، وهو الصدر والساق والساعد والرأس، لأن الصدر موضع الوشاح، والساق موضع الخلخال، والسَّاعد موضع السوار، والرأس موضع الإكليل، فقد ذكر الزينة وأراد بها موضع الزينة] اهـ.
وقال الإمام أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (1/ 251، ط. مطبعة السعادة): [ويستر الخمار عنقها وقصتها ودلاليها ولا يظهر منها غير دور وجهها] اهـ.
وقال الإمام ابن كثير في "تفسيره" (6/ 42، ط. دار الكتب العلمية): [ضاربات على صدورهن لتواري ما تحتها من صدرها وترائبها؛ ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية؛ فإنهن لم يكن يفعلن ذلك، بل كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء، وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها، فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن] اهـ.

ومن المقرر شرعًا بإجماع الأولين والآخرين من علماء الأمة الإسلامية ومجتهديها، وأئمتها وفقهائها ومُحَدِّثيها: أنَّ حجاب المرأة المسلمة فرضٌ على كلِّ مَن بلغت سن التكليف، وهي السن التي ترى فيها الأنثى الحيض وتبلغ فيه مبلغ النساء؛ فعليها أن تستر جسمَها ما عدا الوجهَ والكفين، وزاد جماعة من العلماء القدمين في جواز إظهارهما، وزاد بعضهم أيضًا ما تدعو الحاجة لإظهاره كموضع السوار وما قد يظهر مِن الذراعين عند التعامل، وأمَّا وجوب ستر ما عدا ذلك فلم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفًا ولا خلفًا؛ إذْ هو حكمٌ منصوصٌ عليه في صريح الوحْيَيْن الكتاب والسنة، وقد انعقد عليه إجماع الأمة، وبذلك تواتَرَ عملُ المسلمين كافة على مر العصور وكر الدهور مِن لَدُنْ عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأجمعوا على أن المرأة إذا كشفَتْ ما وجب عليها سترُه فقد ارتكبَتْ مُحرَّمًا يجب عليها التوبةُ إلى الله تعالى منه، فصار حكم فرضية الحجاب بهذا المعنى من المعلوم من الدين بالضرورة، ومن الأحكام القطعية التي تشكل هوية الإسلام وثوابته التي لا تتغير عبر العصور.

وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل هناك فرق في الاستعمال الشرعي بين لفظي الصوم والصيام؟ وهل يترتب على الفرق بينهما أيُّ أحكام شرعية؟


ما حكم ظهور لون الشعر من تحت الطرحة؟ حيث قد زُفَّت ابنتي إلى زوجها، وقد طلب يوم الزفاف أن تتحجب، فوضعت طرحة أخفت شعرها ولم يظهر منها سوى وجهها وكفيها، وعندما استلمت صور الزفاف أخذت إحداها لتكبيرها ووضعها في غرفة الصالون، فطلب مني عدم تنفيذ ذلك حيث إن شعرها يظهر داكنًا تحت الطرحة البيضاء، وقد أبلغته بأنني سأُنفذ رغبته لحين الرجوع لفضيلتكم في هذا الأمر. فما حكم الشرع في ذلك؟


ما مدى صحة حديث: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَن يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَن شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، وهل ينطبق على الحاج؟


ما حكم استعمال العدسات اللاصقة للذكور والإناث لتصحيح الإبصار؟ علمًا بأن هذه العدسات قد تكون ملونة. هل في استعمالها تغرير بالرائي، أو تدخل في تغيير خلق الله، أو إبداء الزينة لغير المحارم؟


ما حكم زرع العدسات الملونة؟ حيث إنني جراح عيون؛ وردت لي الكثير من التساؤلات والطلبات من مرضى ومريضات يطلبون مني أن أقوم لهم بزرع عدسة داخل العين تؤدي إلى تغيير لون العين؛ هذه العدسة عبارة عن بلاستيكات طبية رقيقة السُّمْك، وقطرها يساوي قطر قزحية العين، والذي يحدد كثافة الصبغة بداخلها لونُ عيون الناس، هذه العدسة يمكن زرعها؛ أي: إدخالها داخل العين عن طريق عملية بسيطة يتم خلالها عمل جرح بسيط (حوالي 3 مم) تحت تأثير مخدر موضعي قطرة أو مرهم وبدون حقن، ويتم قبل العملية عمل فحوصات للعين للتأكد من صلاحيتها؛ مثل ضغط العين، وعدد خلايا بطانة القرنية، وعمق الخزانة الأمامية، وعدم وجود أمراض مثل السكر أو التهاب قزحي. هذه العملية لم يتم إجراؤها في مصر، لكن يتم إجراؤها في بعض الدل العربية وفي الدول الأجنبية. ويوجد أكثر من لون؛ يستطيع الإنسان قبل العملية اختيار اللون الذي يريده. ولقد قمت كثيرًا بزرع العدسات الشفافة المماثلة؛ للنظر، وليس لتغيير لون العين (ICL)، وامتعنت عن زرع العدسات الملونة خوفًا من أن يكون حرامًا، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لعن الله الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله».
وتذكرت من سنوات بعيدة أنني كنت أيضًا أرفض التعامل مع العدسات الملونة مخافة الحرام، حتى أتيح لي سؤال أحد المشايخ الأساتذة بجامعة الأزهر ولهم تفاسير مطبوعة باسمهم فأجاز أنها حلال، وكذلك سمعت فتوى أنها حلال ما دامت لم تستخدم في التدليس على الخاطب، وما دام أنها يمكن إزالتها وليست دائمة، وأنها تأخذ حكم ما يتم ارتداؤه.
وهذا النوع من العدسات التي تقوم بتغيير لون العيون يمكن إزالته من العين أيضًا بعملية جراحية بسيطة، لكن القيام بزرع العدسة أو إزالتها بعملية جراحية يمكن أن يحمل نسبة بسيطة من المخاطر، كما أن لبس العدسات الملونة الخارجية يمكن أن يحمل نسبة من المخاطر، ويتعامل بها ويستخدمها ملايين من الناس.
واليوم اتصلت بي سيدة تلح علىَّ أن أقوم لها بزرع هذه العدسات؛ لأن أمها سورية وأهلها كلهم عيونهم ملونة ما عدا هي، وحيث إن أباها مصري فعينها سوداء، وذلك يؤلمها نفسيًّا وتريد أن تكون مثل أهلها، قلت لها: أخاف الحرام، فجادلتني وأخبرتني أنها سألت فقيل لها: إنَّ ذلك حلالٌ؛ لأنه ليس تغييرًا دائمًا لخلق الله، وأنه مثل العدسات اللاصقة الملونة التي توضع على القرنية ويمكن خلعها في أي وقت؛ حيث إن العدسات التي يمكن أن تزرع يمكن أن تخلع من العين أيضًا إذا أراد الإنسان وبالتالي لها نفس حكم العدسات اللاصقة الواسعة الانتشار والاستخدام والتي أجاز استخدامها العلماء.
أيضًا جادلتني تلك السيدة وذكرتني بحالة نادرة أحيانًا تأتي إلينا وهم الناس الذين خلق الله لعيونهم أكثر من لون؛ فليست العينان شبيهتين في اللون بطريقة تشعر معها الإنسانة بأن شكلها قبيحٌ وغريبٌ، وفي ذلك ضرر نفسي كبير، وأصرت على أن زرع هذه العدسة لهؤلاء المرضى لا يمكن أن يكون حرامًا.


نرجو منكم بيان المراد من قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ وما الغاية التي من أجلها خلق الله الإنسان؟ ومدى شمولية العبادة للعمل وطلب الرزق.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :52
الشروق
6 :25
الظهر
12 : 59
العصر
4:34
المغرب
7 : 32
العشاء
8 :54