سائل يقول: أنا أضطر إلى جمع الصلوات جمع تأخير بسبب ظروف عملي؛ حيث إنني أعمل خبازًا، وأبدأ العمل قبل صلاة الظهر ولا أنتهي منه إلا بعد العصر، فهل يجوز لي الجمع؟
المحتويات
الناظر في الشريعة الإسلامية يجد أنَّ مبناها على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين؛ وفي ذلك رعاية لحالهم وتحقيق لمصالحهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وهناك أمثلة كثيرة في الشريعة الإسلامية للتيسير ورفع الحرج عن المكلفين:
منها على سبيل المثال: تخفيف عدد الصلاة من خمسين إلى خمس فقط؛ كما جاء ذلك في حديث الإسراء والمعراج.
ومنها: جمع الصلاة الرباعية وقصرها إلى ركعتين في حالة السفر.
وقد ثبت أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوفٍ ولا مرضٍ ولا مطرٍ، وعندما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك قال: "أراد أن لا يحرج أمته".
وروى الشيخان في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ".
وفي لفظ قال: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ"، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: "أراد أن لا يحرج أمته".
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/ 257، ط. دار الحديث): [قوله: (أراد أن لا يحرج أمته).. ومعناه: إنما فعل تلك لئلا يشق عليهم ويثقل، فقصد إلى التخفيف عنهم] اهـ.
قد ذهب إلى جواز الجمع في الحضر مطلقًا للحاجة من غير اشتراط الخوف، أو المطر، أو المرض، جماعة من الأئمة؛ منهم ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير وابن شبرمة وغيرهم؛ قال العلامة ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 24، ط. دار المعرفة): [وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقًا.. وممن قال به: ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير، وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث] اهـ.
وقال العلامة ابن جزي الكلبي في "القوانين الفقهية" (1/ 57): [وأجاز الظاهرية وأشهب الجمع بغير سبب] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 384، ط. دار الفكر): [(فرع) في مذاهبهم في الجمع في الحضر بلا خوف ولا سفر ولا مرض: مذهبنا ومذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد والجمهور أنه لا يجوز، وحكى ابن المنذر عن طائفة جوازه بلا سبب، قال: وجوزه ابن سيرين لحاجة أو ما لم يتخذه عادة] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (2/ 205، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: ولا يجوز الجمع لغير من ذكرنا. وقال ابن شبرمة: يجوز إذا كانت حاجة أو شيء، ما لم يتخذه عادة] اهـ.
وقال العلامة ابن قاسم في "حاشية الروض المربع" (2/ 396): [وأوسع المذاهب مذهب أحمد، فإنه نص على أنه يجوز للحرج والشغل] اهـ.
وقد أجاز فقهاء الحنابلة الجمع بين الصلاتين لأصحاب الأعمال الشاقة؛ كالطباخ والخباز ونحوهما؛ قال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 336، ط. دار إحياء التراث): [قال أحمد في رواية محمد بن مشيش: الجمع في الحضر إذا كان عن ضرورة مثل مرض أو شغل. قال القاضي: أراد بالشغل ما يجوز معه ترك الجمعة والجماعة من الخوف على نفسه أو ماله.. واختار الشيخ تقي الدين جواز الجمع للطباخ، والخباز ونحوهما، ممن يخشى فساد ماله ومال غيره بترك الجمع] اهـ.
وقال الإمام البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [في بيان أعذار الجمع بين الصلاة (و) الحال السابعة والثامنة (لمن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة والجماعة) كخوف على نفسه أو حرمته أو ماله، أو تضرر في معيشة يحتاجها بترك الجمع ونحوه] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة الجمعة في الزوايا؟
ما قولكم في مسجد مكون من طابقين يؤم الإمام فيه المصلين بالطابق العلوي، ويصلي باقي المصلين بالطابق السفلي سماعًا من مكبرات الصوت.
فهل صلاة المصلين بالطابق السفلي صحيحة؟
وهل وجود الإمام بالطابق العلوي من باب ارتفاع الإمام عن المأموم؟
وهل هناك شرعًا ما يمنع وجود الإمام مع بعض المأمومين بالطابق العلوي دون السفلي الذي به باقي المصلين؟
ما حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم؟ فأنا نمت ليلة الجمعة متعبًا بسبب عملي فلم أستيقظ إلَّا بعد صلاة الجمعة؛ فهل يقع عليَّ إثم في هذه الحالة؟ وما الواجب عليَّ حينئذٍ؟
ما حكم قول المؤذن: "صلوا في رحالكم"، أو "الصلاة في بيوتكم"؟ وهل ورد ذلك في السنة النبويَّة؟ وما موضعها من الأذان؟ هل تكون بدل قوله: "حي على الصلاة، حي على الفلاح"، أم بعدها؟
ما الذي يجب على من فاته أداء الصلاة مدة طويلة من الزمن؟
سائل يقول: يحدث أثناء المحاضرة أن يقوم بعض الطلبة بترك المحاضرة للصلاة بعد الأذان مباشرة، ولما نبهت إلى أنه يمكن تأجيل الصلاة إلى ما بعد المحاضرة، فقام بعض الطلاب بكتابة رد يتضمن بعض المناقشات.
والسؤال: هل لا بد أن تؤدى الصلاة بعد وقت الأذان مباشرة؟ وهل واجب الإدارة أن تقوم بتوفير أوقات الصلاة وعدم شغلها بالمحاضرات؟ وهل أترك المحاضرة وقت الصلاة؟
وما الرأي في الآيات والأحاديث والحُجج التي أوردَها بعض الطلاب والتي ظاهرها يؤيد هذا الرأي وهي: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]؟
وحديث: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ»
وأنه لو أبيح تأخير الصلاة عن وقتها ولو قليلًا لكان الأمر أولى أثناء الحروب، وهو ما لم يحدث فكانت صلاة الخوف.