سائل يقول: نرجو منكم بيان المعنى المراد من قوله تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ [البقرة: 187].
حينما أمرَ الشرعُ الشريفُ بالزواج ورغَّبَ فيه: قصدَ به الاستخلاف والإعمار، وأرادَ له الديمومة والاستمرار؛ ولذلك أقامَ الشرعُ الشريف أساس هذه العلاقةِ على المودة والرحمة وحُسْن العِشْرة؛ قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ [البقرة: 187]، وقال سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]، وأباحَ استمتاع كلٍّ من الزوجين بالآخر بما يضمن لهما العفاف والكفاف، وجعل حقَّ المرأة في ذلك كحقِّ الرجل؛ لأن ما يحتاجهُ الرجلُ من المرأةِ من علاقته بها، هو عينُ ما تحتاجه المرأةُ من الرجل؛ قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228].
قال الإمام أبو جعفر الطَّبَرِي في "جامع البيان" (3/ 489-492، ط. مؤسسة الرسالة) -في تفسير قوله تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾-: [فإن قال قائل: وكيف يكون نساؤنا لباسًا لنا، ونحن لهن لباسًا، و"اللباس" إنما هو ما لُبِسَ؟
قيل: لذلك وجهان من المعاني: أحدهما: أن يكون كلُّ واحدٍ منهما جُعل لصاحبه لباسًا، لتجرُّدهما عند النوم، واجتماعهما في ثوبٍ واحدٍ، وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبه، بمنزلة ما يلبسه على جَسده من ثيابه، فقيل لكل واحد منهما: هو "لباسٌ" لصاحبه..
الوجه الآخر: أن يكون جَعل كلَّ واحد منهما لصاحبه "لباسًا"؛ لأنه سَكنٌ له، كما قال جلَّ ثناؤه: ﴿جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾ [الفرقان: 47]، يعني بذلك سكنًا تسكنون فيه، وكذلك زوجة الرجل سَكنه يسكن إليها، كما قال تعالى ذِكْرِه: ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ [الأعراف: 189]، فيكون كل واحد منهما "لباسًا" لصاحبه، بمعنى سكونه إليه] اهـ.
وقال الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (5/ 270، ط. دار إحياء التراث العربي): في بيان وجوه تشبيه الزوجين باللباس في الآية الكريمة: [أحدها: أنه لما كان الرجل والمرأة يعتنقان، فيضم كل واحد منهما جسمه إلى جسم صاحبه حتى يصير كل واحد منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه، سمي كل واحد منهما لباسًا... وثانيها: إنما سمي الزوجان لباسًا ليستر كل واحد منهما صاحبه عما لا يحل؛ كما جاء في الخبر «مَنْ تَزَوَّجَ فَقَدْ أَحْرَزَ ثُلُثَيْ دِينِهِ». وثالثها: أنه تعالى جعلها لباسًا للرجل، من حيث إنه يخصها بنفسه، كما يخص لباسه بنفسه، ويراها أهلًا لأن يلاقي كل بدنه كل بدنها كما يعمله في اللباس. ورابعها: يحتمل أن يكون المراد ستره بها عن جميع المفاسد التي تقع في البيت، لو لم تكن المرأة حاضرة، كما يستتر الإنسان بلباسه عن الحر والبرد وكثير من المضار] اهـ. ومما ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تعليق صور الأهل على جدران المنزل؟ وما حكم الاحتفاظ بهذه الصور للذكرى؟
ما حكم الخلوة بين المرأة والمطلِّق أثناء فترة العدة؟ فقد طَلَّق زوجٌ زوجتَه طلاقًا بائنًا، وعنده منها طفلٌ رضيعٌ يريد رؤيته، فهل يجوز التواجد معها في المنزل لرؤية طفله، أو يشترط وجود مَحْرَمٍ؟
توفيت امرأة وتركت: ابنين وبنتًا، وبنتين لبنتها المتوفاة أولًا قبلها، وأولاد بنتها المتوفاة ثانيًا قبلها: ابنين وبنتًا، وأولاد ابنها المتوفى قبلها: ابنين وبنتًا.
ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر، ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذشءكروا.
علمًا بأنه توجد وصية اختيارية موثقة بالشهر العقاري لابنتها الموجودة على قيد الحياة بثلث تركتها.
فما حكم هذه الوصية في وجود الوصية الواجبة؟
وما كيفية احتساب كل منهما في حدود ثلث التركة؟
وما نصيب كل وارث ومستحق؟
ما المراد بالمحو والإثبات في قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: 39]؟
ما حكم الشرع في بر البنت بأمها التي لم تطالب بحضانتها عند الطلاق، ثم طالبت بالرؤية بعد ثلاث سنين، وفي أثناء الرؤية كان هناك تحريض مستمر على الأب، وبعد بلوغ البنت بدأت أمها في الوقيعة بينها وبين أبيها، وحاولت الجدة العمل على تحريض البنت على أبيها، كما أن الأب يخاف على ابنته من الاختلاط بأهل الأم لسوء أخلاقهم وانعدام الوازع الديني والأخلاقي لديهم؛ فهم يحرضونها على خلع الحجاب ويشجعونها على كل ما هو غير أخلاقي. والبنت تنفر من أمها وأهلها لِمَا لمسته بنفسها من تدنيهم الأخلاقي، ولكنها تخاف أن يكون تجنب الأم عقوقًا للوالدين. فما حكم الشرع في بر أمٍّ لا ترعى حدود الله؟
ما حكم عطاء الوالد لبعض أولاده حال حياته؟ فنحن ثلاث أخوات شقيقات، ولنا أختان من أبينا، وكان والدنا رحمه الله تعالى قد كتب لي ولشقيقَتَيَّ أرضًا زراعية مساحتها 11 فدانًا بيعًا وشراء، وترك ستة أفدنة أخرى لم يكتبها باسم أحد، تم تقسيمها على ورثته بعد وفاته، وكذلك قد خصني أنا وشقيقَتَيَّ -دون الأختين الأخريين- بمبلغ ألف جنيه في دفتر توفير لكل واحدة منا، مع العلم أننا ساعتها كنا صغيرات، وكانت أختانا لأبينا متزوجتين.
والسؤال هنا: هل من حق الإنسان أن يتصرف حال حياته كيفما يشاء في ماله؟ مع العلم أنني قد سمعت عدة آراء فقهية مختلفة في هذه المسألة؛ بعضها يحرم ما فعله الوالد ويلزمنا بِرَدِّ الحقوق، وبعضها يحرم ما فعله الوالد ويجعل رد الحقوق تطوعيًّا منا، وبعضها يجيز ما فعله الوالد ولا يلزمنا بشيء، فما مدى صحة هذه الآراء؟ وهل يجوز لي تقليد أيٍّ منها؟ وهل معنى حديث: «استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك، والبر ما اطمأن إليه القلب والإثم ما حاك بالصدر» أن الإنسان إذا سمع عددًا من الآراء فإن الرأي الذي يطمئن إليه قلبه وعقله يكون هو الصحيح شرعًا؟ وما حكم العمل بالأحوط هنا؟ حيث إنني قد احتطت ورددت بعض الحقوق لأصحابها، وطلبت منهم المسامحة في الباقي فسامحوا.