ما حكم دعاء الاستفتاح؟ فقد سمعت بعض الناس على وسائل التواصل الاجتماعي يقول: إن دعاء الاستفتاح واجب، واعتقدت صحة هذه المعلومة منذ هذا الوقت، بعدها صليتُ وراء بعض الأفاضل ولاحظت أنه لم يقرأ دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، فأنكرت عليه، فرد عليَّ أن الصلاة صحيحة ولا شيء فيها، وأرجو الإفادة بالرأي الصحيح في ذلك؟
اختلف الفقهاء في حكم دعاء الاستفتاح؛ فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب إلى أنه سنة، بينما ذهب المالكية في المشهور إلى كراهة دعاء الاستفتاح في الفريضة؛ فمَن كان مُقلِّدًا لمذهب إمامٍ يرى قراءته في الصلاة فلا يحق له الإنكار على مَن لا يرى قراءته في الصلاة، من منطلق ما تقرر شرعًا من أنه لا يُنكَر المختلفُ فيه، وإنما يُنكَر المتفق عليه.
المحتويات
الاستفتاح لغة: الابتداء والافتتاح، يقال استفتحت الشيء أي: ابتدأته وافتتحته.
واصطلاحًا: الذكر المشروع بين تكبيرة الإحرام والاستعاذة للقراءة، من نحو: "سبحانك اللهم" أو "وجهتُ وجهي"، سمي بذلك؛ لأنَّه شُرِعَ ليستفتح به الصلاة.
دعاء الاستفتاح ممَّا اختلف في حكمه الفقهاء، فهو سنة عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب، وقال الإمام أحمد بوجوبه في رواية:
قال العلامة ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (1/ 327، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وقوله مستفتحًا): هو حال من الوضع أي يضع قائلًا: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدُّك ولا إله غيرك، وقد تقدَّم أنَّه سنة لرواية الجماعة: أنَّه كان صلى الله عليه وآله وسلم يقوله إذا افتتح الصلاة، أطلقه فأفاد أنَّه يأتي به كلُّ مصلٍّ إمامًا كان أو مأمومًا أو منفردًا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 239، ط. المكتب الإسلامي): [يستحب للمصلي إذا كبَّر أن يقول دعاء الاستفتاح] اهـ.
وقال العلامة المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي) في صفة الصلاة: [(وسنن الأقوال اثنا عشر: الاستفتاح، والتعوذ) هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم، وعنه: أنهما واجبان اختاره ابن بطة] اهـ.
بينما ذهب المالكية في المشهور إلى كراهة دعاء الاستفتاح في الفريضة.
قال العلامة خليل في "المختصر" (ص: 33، ط. دار الحديث): [وكُرِهَا بفرض: كدعاء قبل قراءة وبعد فاتحة وأثناءها وأثناء سورة وركوع وقبل تشهدٍ وبعد سلامٍ] اهـ.
وقال الشيخ عِلِيش في "منح الجليل" (1/ 266، ط. دار الفكر): [وشَبَّه في الكراهة فقال: (كدعاء) عقب إحرام و(قبل قراءة) فيكره على المشهور للعمل وإن صحَّ الحديث به] اهـ.
وروى الإمام ابن شعبان عن الإمام مالك قولًا بجواز دعاء الاستفتاح؛ قال العلامة المازري المالكي في "شرح التلقين" (1/ 564-565، ط. دار الغرب الإِسلامي): [وحكى ابن شعبان -وهو رأس المالكية في زمانه- في مختصره عن مالك أنه كان يقول ذلك بعد إحرامه، وعلل النقل عن الإمام بعدمه؛ لكراهة أن يعتقد الناس وجوبه؛ لأنه واقع بين ذِكْرَيْن قوليَّيْن واجبين.. وقد حاول الشيخ أبو الحسن اللخمي أن يخرج قولًا عندنا بجواز الفصل بالدعاء. وأشار إلى ما حكيناه عن ابن شعبان. واستحسن الجواز. واحتج بقول أبي هريرة رضي الله عنه في "الصحيحين": "يا رسول الله إسكاتتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد»] اهـ.
أمَّا صيغة دعاء الاستفتاح: فاختار الحنفية والحنابلة تفضيل صيغة: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدُّك، ولا إله غيرك". ينظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (1/ 327)، و"البناية" للبدر العيني (2/ 184، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" لابن قدامة (1/ 244، ط. دار الكتب العلمية).
وفضَّل الشافعية صيغة التوجيه في الاستفتاح، وهي: "وجَّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له وبذلك أمرتُ وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت ربي وأنا عبدك ظلمتُ نفسي واعترفتُ بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنِّي سيئها لا يصرف عنِّي سيئها إلَّا أنت، لبَّيْك وسعدَيْك والخير كله بيديك، والشَّرُّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك". ينظر: "المجموع" للنووي (3/ 314-315، ط. دار الفكر).
واختار صاحب "الإنصاف"، أن يقال هذا تارة وهذا تارة أخرى جمعًا بين الأدلة، ونقله عن ابن تيمية. ينظر: "الإنصاف" (2/ 47).
أمَّا القاضي أبو يوسف من الحنفية، وابن تيمية وابن هبيرة من الحنابلة ففضَّلوا الجمع بين الصيغتين في الاستفتاح للصلاة. ينظر: "البناية" للبدر العيني (2/ 184)، و"الإنصاف" للمرداوي (2/ 47).
وهذه المسائل الخلافية ينبغي التعامل معها من منطلق ما تقرر من أنه لا يُنكَر المختلفُ فيه، وإنما يُنكَر المتفق عليه.
بناء عليه: فالأمر مبنِيٌّ على أن مَن قال دعاء الاستفتاح في الصلاة فقد قلَّد مذهب أحد الأئمة المجتهدين المتبوعين الذين أُمرنا باتِّباعهم، ومَن كان مُقلِّدًا لمذهب إمامٍ آخر يرى صوابه في هذه المسألة فلا يحق له الإنكار على مَن لا يرى قراءته في الصلاة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم مَن يصلي جماعة مع الإمام وهو خارج المسجد، وما هو ضابط المسافة التي يصحّ معها الاقتداء؟
ما الرد على دعوى الخطأ في توقيت صلاة الفجر في الديار المصرية. حيث أحضر بعض المصلين في المسجد كتابًا به بعض الآراء الشاذة التي تقول بأنَّ صلاة الفجر لا تجوز بعد الأذان مباشرة، ولا بدَّ من الانتظار لمدة 25 دقيقة؛ حتى تجوز الصلاة وإلا كانت باطلة، على خلاف ما تعلمناه منكم بصحة الصلاة بعد الأذان مباشرة؛ وحيث إنّ هذا الأمر أثار فتنة بين المصلين بالمسجد، فما مدى صحة هذا الكلام؟ ولسيادتكم جزيل الشكر.
سائل يسأل عن الآتي:
1- ما هو وقت صلاة الضحى؟ وما عدد ركعاتها؟
2- هل يقتصر دعاء القنوت الوارد في الركعة الثانية من صلاة الفجر على صلاة الجماعة فقط، أو يشمل صلاة الفرد أيضًا؟
سائل يقول: هناك بعض الناس عندما يدخل المسجد يصلي سنة الفجر بعد إقامة الصلاة لأنه يعلم أن الإمام يطيل في الركعة الأولى؛ فما حكم ذلك؟
ما حكم الصلاة على النبي والذكر قبل إقامة صلاة العشاء وبين ركعات التراويح؟ فقد اعتاد الناس في بعض المساجد في شهر رمضان المُعظَّم قبل صلاة العشاء أن يُصَلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصيغة الشافعية: اللهم صل أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد.. إلى آخرها، ثم يقيموا صلاة العشاء، وبعد صلاة سنة العشاء يقوم أحدهم مناديًا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، صلاةَ القيام أثابكم الله، ثم يصلون ثماني ركعات، بين كل ركعتين يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة واحدة، فاعترض أحد المصلين على ذلك بحجة أنها بدعة يجب تركها. فما حكم الشرع في ذلك؟
ما حكم مراعاة ترتيب السور عند قراءتها في الصلاة؟ وما حكم صلة أهلي الذين يصلونني تارة ويقطعونني تارة أخرى بدون سبب؟