هل هناك فرق بين الرؤيا والحُلم وحديث النفس؟ وهل يُخْبِر الإنسانُ أحدًا برؤياه أو لا؟
الفرق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس
الحُلم وحديث النَّفْس والرؤيا عبارة عَمَّا يراه الإنسان في النوم؛ وغُلِّبت "الرؤيا" على ما يراه النائم مِن الخير والأمور المحبوبة، وغُلِّب "الحُلم" على ما يراه مِن الشر والقبيح، وأَمَّا حديث النفس فهو عبارة عن أحداث ومخاوف يمر بها الخلق في يقظتهم، أو في منامهم بأن يُعيد العقل الباطن تكوينها مرة أخرى أثناء النوم، وتُسمَّى "أضغاث أحلام".
ويُسَنُّ لـمَنْ رأى الرؤيا أن يحمد الله تعالى عليها، وأن يُحَدِّث بها مَن يُحِب دون غيره. وأمَّا الحُلم فيُسَنُّ أن يتعوذ بالله منه، ويبصق عن يساره ثلاثًا، وألَّا يُحَدِّثَ به أحدًا، كما يستحب أن يتحوَّل عن جنبه، وأن يصلي ركعتين.
التفاصيل ....المحتويات
- ما ورد في السنة النبوية في الفرق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس
- بيان الفرق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس
- الخلاصة
ما ورد في السنة النبوية في الفرق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس
بيَّن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السُّنَّة النبوية المطهرة الفرقَ بين الرؤيا والـحُلم وحديث النفس، وما يُسَنُّ فعله لـمَن رأى رؤيا يحبها أو يكرهها، فعن أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هي مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هي مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ» رواه الإمام البخاري في "الصحيح".
وعن أبي سلمة رضي الله عنه، قال: إِنْ كنتُ لأرى الرؤيا تُمْرِضُنِي، قال: فلقيتُ أبا قتادة، فقال: وأنا كنتُ لأرى الرؤيا فَتُمْرِضُنِي، حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ، فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ» متفق عليه.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
بيان الفرق بين الرؤيا والحلم وحديث النفس
المستفاد مِن هذه الأحاديث: أنَّ ما يراه الإنسان خلال نومه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: إما حُلمٌ، أو حديثُ نفسٍ، أو رؤيا:
فالرؤيا: هي مشاهدة النائم أمرًا محبوبًا، وهي مِن الله تعالى، وقد يراد بها تبشير بخير، أو تحذير مِن شرٍّ، أو مساعدة وإرشاد، أو إظهار أمر خفي، أو بيان أمر ظاهر ولم يتم الانتباه إليه.
وأَمَّا الحُـلم: فهو ما يراه النائم مِن مكروه، وهو مِن الشيطان ليعكر على الخلق صفو حياتهم. ينظر: "المنتقى شرح الموطأ" لأبي الوليد الباجي (7/ 277، ط. مطبعة السعادة).
ويُسَنُّ لـمَنْ رأى الرؤيا أن يحمد الله تعالى عليها، وأن يُحَدِّث بها مَن يُحِب دون غيره.
وأمَّا الحُلم فيُسَنُّ أن يتعوذ بالله منه، ويبصق عن يساره ثلاثًا، وألَّا يُحَدِّثَ به أحدًا، كما يستحب أن يتحوَّل عن جنبه، وأن يصلي ركعتين. ينظر: "شرح السُّنَّة" للإمام البغوي (12/ 206، ط. المكتب الإسلامي).
والعلة في ذكر الرؤيا الصالحة لـمَنْ يحب دون غيره؛ كما يقول ابن حجر في "فتح الباري" (12/ 431، ط. دار المعرفة) عند شرحه لحديث أبي سلمة السابق: [أنَّه إذا حَدَّث بالرؤيا الحَسَنة مَن لا يحب قد يُفسِّرها له بما لا يُحَب، إما بُغْضًا وإمَّا حَسَدًا، فقد تقع على تلك الصفة، أو يتعجَّل لنفسه مِن ذلك حُزْنًا ونَكَدًا] اهـ، وقد أورد مثل ذلك ابن رشد الجد في "المقدمات الممهدات" (3/ 427، ط. دار الغرب الإسلامي).
يضاف لذلك: أَنَّ العلة في الأمر بالبصاق عن اليسار لطرد الشيطان الذي حَضَر الرؤيا؛ فقد أورد الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (15/ 18، ط. دار إحياء التراث العربي) أنَّه أَمَرَ بالنَّفْث ثلاثًا طَرْدًا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة تحقيرًا له واستقذارًا.
وقد يكون ما يراه النائم ليس رؤيا ولا حُلمًا، وإنما هو حديث النَّفْس، ويكون في اليقظة وفي المنام أيضًا:
أَمَّا في اليقظة: فهو عبارة عَمَّا يدور في نَفْس الإنسان من أحاديث وأمانٍ ومخاوف يمر بها في حال صَحْوه، ومِن رحمة الله سبحانه أنَّه رَفَع الإثم عمَّا يُحدِّث به المرء نفسه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ، أَوْ تَكَلَّمْ بِهِ» متفق عليه.
فالحديث دالٌّ بنصه على أنَّ ما لم يَنْطِق به اللسانُ لا حكمَ له. يُنظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بَطَّال (7/ 418، ط. مكتبة الرشد).
وأَمَّا حديث النَّفْس في المنام فيُسمَّى "أضغاث أحلام": وهي الأحلام المختلطة الكاذبة والأهاويل التي يراها النائم، أو ما يقوم به العقل الباطن من إعادة تكوين الأحداث مرة أخرى في أثناء النوم، وهذه الأحلام لا تأويل لها، ولا يجب الالتفات إليها. يُنظر: "مرقاة المفاتيح" للمُلَّا علي القارِّي (7/ 2919، ط. دار الفكر).
الخلاصة
بناءً على ذلك: فالحُلم وحديث النفس والرؤيا عبارة عَمَّا يراه الإنسان في النوم؛ وغُلِّبت "الرؤيا" على ما يراه النائم مِن الخير والأمور المحبوبة، وغُلِّب "الحُلم" على ما يراه مِن الشر والقبيح، وأَمَّا حديث النفس فهو عبارة عن أحداث ومخاوف يمر بها الخلق في يقظتهم، أو في منامهم بأن يُعيد العقل الباطن تكوينها مرة أخرى أثناء النوم، وتُسمَّى "أضغاث أحلام".
والله سبحانه وتعالى أعلم.