الرد على دعوى جواز جمع المرأة بين أكثر من زوج

تاريخ الفتوى: 10 يناير 2024 م
رقم الفتوى: 8236
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النكاح
الرد على دعوى جواز جمع المرأة بين أكثر من زوج

ما حكم جمع المرأة بين أكثر من زوج؟ حيث انتشر مؤخَّرًا على صفحات التواصل الاجتماعي مقطع مُصوَّر لفتاة تزعم إقبالها على الزواج من رجلين خلال الفترة المقبلة؛ إذ ذلك -كما تزعم- يُعدُّ حقًّا لها كما هو للرجل، فما قولكم في ذلك؟

أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمرأة أن تجمع بين أكثر من زوجٍ حتى يفارقها الزوج الأول بموتٍ أو يفارقها بطلاقٍ أو فسخ وتنتهي عدتها إن كان مدخولًا بها.

المحتويات

 

حق المساواة في الإنسانية بين الرجل والمرأة

ساوت شريعةُ الإسلام بين الرجل والمرأة في أصلِ الخِلْقَة وفي القيمة الإنسانية والأهلية والتكليف والثواب والعقاب، حيث خلقهما الله تعالى من أصلٍ واحدٍ وطينةٍ واحدةٍ مِن غير فرقٍ بينهما في الأصل والفطرة، فلا فضلَ لأحدهما على الآخر بسبب عنصره الإنساني وخِلقه الأول، فالناس جميعًا ينحدرون من أبٍ واحد وأمٍّ واحدة، قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [فاطر: 11].

ولا يلزم من هذا بالضرورة أن تكون المرأة مساويةً للرجل في جميع أحوالها وأحكامها، بل إنَّ للإسلام نظرة أكثر دقة وواقعية وملاءمة لخصائص المرأة الجسدية والنفسية، فأناط بكلٍّ مِن الرجال والنساء من الحقوق والواجبات والخصائص ما يناسب طبيعةَ كلٍّ منهما.

وهذا يعني أن هناك فرقًا بين الرجل والمرأة في المهام، وفي التكاليف، وأنَّ هذا الفرق لا يقوم على تفضيلِ أحدِ الجنسين على الآخر من حيث الإنسانية والمكانة عند الله عزَّ وجلَّ، لكنه يقوم على أساس وظائفهما وخصائصهما.

دعوى جمع المرأة بين أكثر من زوج

لذلك لمَّا كانت طبيعة المرأة لا تناسب الجمع بين أكثر من زوجٍ، فضلًا عما يترتب على ذلك مِن تضييع لمصالح ضروريةٍ تتعلق بحفظ العِرض أو النَّسل أو ربما تتعلق بحفظ النفس: لم يُبِح لها الشرعُ الشريفُ أن تكون ذات زوجين كما أباحه للرجل.

فجمع المرأة بين أكثر من زوج يفضي إلى فساد الأنساب، وهو مدعاة لاشتداد الفتنة بين الأزواج، وقتل بعضهم بعضًا.

قال الإمام الروياني الشافعي في "بحر المذهب" (9/ 122، ط. دار الكتب العلمية): [لا يجوز أن تكون المرأةُ ذات زوجين وإن جاز أن يكون الرجل ذا زوجتين؛ لأنَّ اشتراك الزوجين في نكاحِ امرأة يفضي إلى اختلاط المياه وفساد الأنساب، وليس هذا المعنى موجودًا في الزوج] اهـ.

وقال الشيخ ابن القيم الحنبلي في "إعلام الموقعين" (2/ 65، ط. دار الكتب العلمية) في بيان الحِكمة من ذلك: [ذلك من كمال حكمة الربِّ تعالى لهم وإحسانه ورحمته بخلقه ورعاية مصالحهم، ويتعالى سبحانه عن خلاف ذلك، ويُنَزَّه شرعه أن يأتي بغير هذا، ولو أبيح للمرأة أن تكون عند زوجين فأكثر لفسد العالم، وضاعت الأنساب، وقتل الأزواج بعضهم بعضًا، وعظمت البَلِيَّة، واشتدَّت الفتنة، وقامت سوق الحرب على ساق، وكيف يستقيم حال امرأة فيها شركاء متشاكسون! وكيف يستقيم حال الشركاء فيها! فمجيء الشريعة بما جاءت به من خلاف هذا من أعظم الأدلة على حكمة الشارع ورحمته وعنايته بخلقه] اهـ.

فكانت حرمة جمع المرأة بين أكثر من زوج من الأحكام الثابتة بيقين التي لا تقبل الاجتهاد أو التأويل؛ وذلك لقول الله تعالى في معرض بيان المحرمات من النساء: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [البقرة: 180].

قال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/ 256، ط. دار طيبة): [أي: وحُرِّم عليكم الأجنبِيَّات المحصنات، وهنَّ المُزَوَّجات] اهـ.

وقد اتفق علماء الأمة على عدم جواز جَمْع المرأة بين أكثر من زوجٍ، ونقل الإجماع على ذلك غيرُ واحد من العلماء.

قال الإمام البابرتي الحنفي في "العناية" (3/ 243، ط. دار الفكر): [كلُّ مَن كانت فِراشًا لشخص لا يجوز نكاحها؛ لئلَّا يحصل الجمع بين الفراشين فإنَّه سبب الحرمة في المحصنات من النساء] اهـ.

وقال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (3/ 87، ط. الحلبي): [ولأن ذلك يفضي إلى اشتباه الأنساب، لم يُشرَع الجمع بين الزَّوْجين في امرأة واحدة في دينٍ من الأديان] اهـ.

وقال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (2/ 60، ط. دار الفكر): [يحرم نكاح ذوات الأزواج قبل مفارقتهن لأزواجهن] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 161، ط. دار المعرفة): [وإجماع أهل العلم أنَّ ذوات الأزواج من الحرائر... محرَّمات على غير أزواجهِنَّ حتَّى يفارقهُنَّ أزواجهنَّ بموتٍ أو فرقةِ طلاقٍ أو فسخٍ] اهـ.

وقال شمس الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "الشرح الكبير" (7/ 502، ط. دار الكتاب العربي): [يحرم عليه نكاح زوجة غيره بغير خلافٍ] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فلا يجوز للمرأة أن تجمع بين أكثر من زوجٍ حتى يفارقها الزوج الأول بموتٍ أو فرقة طلاقٍ أو فسخ وتنتهي عدتها إن كان مدخولًا بها، وهو أمرٌ من الأمور المُجْمَع عليها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يسأل عن حكم الصور المرسومة على الملابس والمنازل وغيرهما، وهل تدخل في الصور التي ورد النهي عنها في الشرع الشريف؟


توجد مشكلة اجتماعية في الهند وخاصة في "المليبار"، وهي عنوسة كثير من الفتيات المسلمات بسبب التغالي في المهور. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.


هل يحق للمرأة البالغة الرشيدة الحقّ في التصرّف في أموالها بمطلق حريتها دون الرجوع إلى أحدٍ حتى وإن كان زوجها؟


ما المقصود بمعراج النبي ﷺ إلى السماء؛ فبعض الناس يحاول إثبات المكان لله تعالى، وأنه في جهة الفوق، ويستدلون على ذلك بمعراج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء، وغير ذلك من الآيات والأحاديث الواردة في الكتاب والسنة والتي نصت على العروج، مُتَّبعين في ذلك ما أفتى به ابن تيمية أن حملة العرش أقرب إلى الله تعالى ممن دونهم، وأن ملائكة السماء العليا أقرب إلى الله من ملائكة السماء الثانية، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما عُرج به صار يزداد قربًا إلى ربه بعروجه وصعوده، وكان عروجه إلى الله لا إلى مجرد خلق من خلقه، وغير ذلك مما يُحدث الفتن والزعزعة والاختلاف بين الناس، فكيف نرد عليهم؟


ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟ حيث سألت سيدةٌ وقالت:
أولًا: كانت والدتي رحمها الله تعتزم الحج، إلا أن الأجل وافاها قبل أن تتمكن من تأدية هذه الفريضة، فهل من الممكن -والحالة هذه- أن أقوم أنا بدلًا منها بإتمام الحج على أن يحتسب للمرحومة؟ علمًا بأن ظروفي العملية تمنعني أنا شخصيًّا من تأدية هذه الفريضة لنفسي.
ثانيًا: إن ما ورثته عن المرحومة أمي لا يكفي كل مصاريف الحج وعليه، فهل يجوز لي أن أكمل هذه المصاريف مما ادخرته لمستقبل ابنتي الطفلة ولمستقبلي كأرملة؟


ما مدى الاهتمام باليتيم في الشريعة الإسلامية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :18
الشروق
6 :50
الظهر
11 : 57
العصر
2:46
المغرب
5 : 5
العشاء
6 :28