حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة

تاريخ الفتوى: 05 نوفمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8071
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة

ما حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة؟ حيث قمتُ للصلاة قبيل الفجر في أَوَّل ليلةٍ من رمضان، وتذكرتُ أنني لم أنوِ الصوم، والوقت ضاق بحيث إنَّه لو انصرفت من الصلاة لكي أنوي الصوم خرج الوقتُ بطلوع الفجر، فهل يصح مني عقد نية الصوم في هذه الحالة وأنا في أثناء الصلاة؟ علمًا بأني قد نويت صوم الشهر كله بعد إعلان رؤية الهلال وثبوت دخول الشهر.

ما دام المسلم قد عقد النية بصيام الشهر من أول ليلة من رمضان، فتكفيه هذه النية في صحة صوم الشهر كاملًا، ولا يلزمه تجديدها كلَّ ليلة، عملًا بمذهب المالكية ومَن وافقهم، ولا حرج على المسلم في عقد نية الصوم أثناء الصلاة، مع مراعاة أن تكون النية الحاصلة للصوم أثناء الصلاة لا تتعدَّى مجرد القَصْد والإرادة القلبية، دون التلفظ باللسان.

المحتويات

 

وجوب اشتراط النية في الصيام الواجب وبيان وقتها

النية لغةً: مِن نَوى نِيَّةً؛ أي: تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ، وَنَوَى: بَعُدَ، وتأتي بمعنى "القصد"، وبمعنى "الحفظ"؛ كما في "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (ص: 631، ط. المكتبة العلمية).

واصطلاحًا: هي "قَصْدُ الإنسان بقلبه ما يريده بفعله"؛ كما في "الذخيرة" لشهاب الدين القرافي (1/ 240، ط. دار الغرب الإسلامي).

وقد قرر جمهور الفقهاء أنه يلزم تعيين النية في الصوم الواجب قبل الشروع في الصيام؛ أي: قبل طلوع الفجر، ويكون وقتها في أيِّ جزءٍ مِن الليل؛ مِن غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ لحديث أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ؛ فَلَا صِيَامَ لَهُ» أخرجه النسائي في "السنن"، وخالفهم في ذلك الحنفيَّة فقالوا بأن تبييت النية مستحب، ويصح أن تكون نهارًا، لأن وقتها يمتد إلى الضحوة الكبرى، كما في "تبيين الحقائق" للعلامة الزَّيْلَعِي الحنفي (1/ 315، ط. الأميرية).

فهذا الوقت الـمُخَصَّص يجوز فيه عقد النية في أي جزءٍ من أجزائه، والمقصود بالنية هو: استحضار الشيء بالقَلْب خاصة؛ ولذا قال الفقهاء: "إنَّ مَحلَّها القلب"، ونَقَل الإجماع على ذلك العلامة ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (2/ 12، ط. المكتبة التجارية الكبرى).

حكم عقد نية الصوم أثناء الصلاة

أَمَّا التَّلفُّظ بالنية فلا يَدْخُل في كُنْهها -وإن استُحِبَّ-؛ لذا لم يشترط الفقهاء التَّلفُّظ لعقد النية، حتى قالوا: "التَّكلُّم بالنية لا معتبر به، بل المعتبر به القَصْد القلبي"، ومِن التفريعات على ذلك: أنَّه لو نهض الشخص للسحور مع جريان الصوم على خاطره؛ كَفَى ذلك في النية.

قال العلامة العَبَّادي الشافعي في "حاشيته على تحفة المحتاج" (3/ 386): [لو تَسحَّر ليصوم أو امتنع مِن الفطر خوف طلوع الفجر مع خطور الصوم بباله كذلك كَفَاه ذلك... والذي يتَّجِه في هذه المسائل: أنَّه إن وجد منه حقيقة القصد الذي هو النية مع استحضار ما يعتبر استحضاره أجزأ بلا شك] اهـ.

وإذا كان الأمر كذلك، فإنَّ القَصْد القلبي -سواء حصلَ خارج الصلاة أو داخلها- هو المعتبر في عَقْد النية، حتى نَصَّ فقهاء الحنفية والشافعية على جواز عَقْد نية الصوم أثناء الصلاة، تفريعًا منهم على اشتراط القَصْد القلبي خاصة.

قال العلامة الحَصْكَفي الحنفي في "الدر المختار" (ص 143، ط. دار الكتب العلمية): [ونيةُ الصومِ في الصلاة صحيحةٌ، ولا تفسدها بلا تلفظ] اهـ.

وقال العلامة الجمل الشافعي في "حاشيته على شرح المنهج" (2/ 311، ط. دار الفكر): [تصح نية الصوم بالقلب ولو في الصلاة] اهـ.

وجاء في "حاشية الميهي الشيبيني الشافعي على شرح الرملي للستين مسألة" (ص 186، ط. دار الكتب العلمية): [لو نوى الصوم بقلبه في أثناء الصلاة صحت نيَّته] اهـ.

وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع" (2/ 363، ط. دار الكتب العلمية): [(ومَن خَطَر بباله أنَّه صائم غدًا فقد نوى)؛ لأنَّ النية محلها القلب] اهـ.

لكن يشترط مع هذا: أن تكون النية في هذه الحالة بالقلب دون التَّلفُّظ باللسان؛ لأنَّ التلفظ بالكلام الخارج عن الصلاة يُفْسِدها اتفاقًا.

قال العلامة المَرْغِينَانِي الحنفي في "الهداية" (1/ 62، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومَن تَكلَّم في صلاته عامدًا أو ساهيًا بَطَلت صلاته] اهـ.

وقال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (1/ 387، ط. دار الغرب الإسلامي): [السلام من فرائض الصلاة، وأنَّه لا يتحلل منها إلَّا به، وأَنَّ الكلام فيها قبله يبطلها] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 85، ط. دار الفكر): [في مذاهب العلماء في كلام المصلي هو ثلاثة أقسام (أحدها) يتكلَّم عامدًا، لا لمصلحة الصلاة، فتَبْطُل صلاته بالإجماع] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (2/ 35، ط. مكتبة القاهرة): [ومَن تَكلَّم عامدًا أو ساهيًا بَطَلت صلاته] اهـ.

حكم عقد نية الصيام لشهر رمضان كاملًا في أول ليلة منه

هذا، ونية السائل التي عقدها في أول ليلة بعد الغروب وثبوت دخول الشهر تكفيه في صحة الصوم للشهر كاملًا، وذلك باعتبار أن صوم رمضان كأنَّه صوم يومٍ واحد، مَثَلُه مَثَلُ ركعات الصلاة الواحدة مِن حيث إنَّ الفِطْر المُتَخلِّل بين أيامه ليس إلَّا في الليل، والليل ليس بمحل الصوم، وهو مذهب المالكية، والإمام أحمد في رواية.

قال العلامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 419، ط. دار الفكر): [ص: (وكفت نية لما يجب تتابعه) ش: يعني أن الصوم الذي يجب تتابعه يكفي فيه نيةٌ واحدةٌ في أول ليلة من بعد الغروب، والصوم الذي يجب تتابعه هو: رمضان في حقِّ الصحيح، وكفارة القتل والظهار والفطر في رمضان، والصوم المنذور، فتكفي في ذلك كله نيةٌ واحدةٌ في أول ليلة منه على المشهور] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (3/ 111): [وعن أحمد أنه تجزئه نيةٌ واحدةٌ لجميع الشهر، إذا نوى صوم جميعه. وهذا مذهب مالك، وإسحاق؛ لأنه نوى في زمن يصلح جنسه لنية الصوم، فجاز، كما لو نوى كل يوم في ليلته] اهـ.

الخلاصة

بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فما دمتَ قد عقدتَ النية بصيام الشهر من أول ليلة من رمضان، فتكفيك هذه النية في صحة صوم الشهر كاملًا، ولا يلزمك تجديدها كلَّ ليلة، عملًا بمذهب المالكية ومَن وافقهم، ولا حرج عليك في هذه النية التي عَقدتَها لصومِ رمضان أثناء الصلاة، مع مراعاة أن تكون النية الحاصلة للصوم أثناء صلاتِك لا تتعدَّى مجرد القَصْد والإرادة القلبية، دون التلفظ باللسان.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم استنشاق الصائم في عمله غبار الملح رغمًا عنه؟ حيث يوجد شخص يعمل في معمل لتصنيع الملح ويستنشق غبار الملح وهو صائم رغمًا عنه، فما الحكم في ذلك؟ وهل يفسُد صيامه؟


ما حكم الصيام لمرضى السكر على اختلاف درجاتهم، حيث تم تقسيمهم طبيًّا إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: المرضى ذوو الاحتمالات الكبيرةِ جدًّا للمضاعفات الخطيرة بصورةٍ شبه مؤكدةٍ طبيًّا، وهذه الفئة يقول المتخصصون بأنها معرضة لحصول ضررٍ بالغٍ عند الصيام.
الفئة الثانية: المرضى ذوو الاحتمالات الكبيرة للمضاعفات نتيجة الصيام، وهذه الفئة يغلب على ظن الأطباء المتخصصين وقوع ضررٍ بالغٍ عليهم عند الصيام.
الفئة الثالثة: المرضى ذوو الاحتمالات المتوسطة أو المنخفضة للتعرض لمضاعفاتٍ نتيجة الصيام.
فما حكم الصيام لهذه الفئات على اختلاف درجاتهم؟


ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.


ما حكم صيام الستة أيام من شهر شوال؟


ما حكم إفطار طلاب المدارس والجامعات أيام الامتحانات؟ فإنهم سيؤدون بعض الامتحانات هذا العام في أيامٍ من رمضان، ولا بد لهم فيها من بذل الجهد في المذاكرة والتحصيل استعدادًا للامتحان. فهل يُعَدُّ ذلك عذرًا يبيح لهم الفطر شرعًا في هذه الأيام؟


ما مدى ثبوت مقولة سيدنا جابر رضي الله عنه: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك"؟ وما معناها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :10
الشروق
6 :43
الظهر
11 : 50
العصر
2:38
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :19