ما حكم استبدال قطعة أرض بجزء من المسجد؟ حيث يوجد لدينا مسجد صغير بالعِزبة ولا يسع المصلِّين، وقد تمَّ ضمه لوزارة الأوقاف، ومنزلي مجاور للمسجد؛ حيث تقع دورة مياه المسجد ملاصقةً لمنزلي وعددها أربع دورات، وأنا أريد أَخْذَ الأرض المقام عليها هذه الدورة، التي لا تتعدى مساحتها ثمانية عشر مترًا مربعًا؛ وذلك لعمل مدخل إلى منزلي المجاور للمسجد، ونظير ذلك تركتُ للمسجد مساحة مائتي متر مربع من جهة القبلة تساعد على توسعته. وقبل إبرام العقد ذهبتُ إلى مديرية الأوقاف التابع لها حيث تم عرض الأمر عليهم شفويا، فأجابني رئيس الإدارة الهندسية بأنه لا يتم الموافقة على ترك الوزارة مساحةَ الثمانية عشر مترًا مربعًا لي إلا بعد قيامي ببناء دورات مياهٍ بديلة على نفقتي الخاصة، وتحضر لجنة لتعاين ذلك من الوحدة المحلية وتطمئن للحال الجديد. وبالفعل قمت ببناء عدد ستِّ دورات مياه جديدة بالإضافة إلى مكان للوضوء، وتم التشطيب بمستوًى عالٍ على نفقتي الخاصة، وقمت بوضع أساس المسجد بالطوب الحجري في باقي القطعة وهي الأمتار المربعة المائتان؛ وبذلك يصبح المسجد كبيرًا وعبارة عن قطعة واحدة ومتميز بالتيار الهوائي بعد استكماله. فتقدَّمت إلى وزارة الأوقاف لكي تقبل الأمتار المائتين بما عليها من ملحقات المسجد وتعطيني الأمتار المربعة الثمانية عشرة مكان دورات المياه القديمة لعمل مدخل إلى منزلي المجاور للمسجد، فتبيَّن أنَّ رئيس القطاع الديني يقترح عدم الموافقة لأسباب المنفعة العامة إلا بعد الرجوع لفضيلة مفتي الجمهورية. لذلك، نرجو من سيادتكم الإفتاء في هذا الموضوع حتى أتقدَّم بهذه الفتوى إلى وزارة الأوقاف.
المعتبر في هذه الحالة هو تحقيق منفعة حقيقية أو مصلحة معتبرة للوقف، والمعنِيُّ بالنظر في ذلك القضاء المختص.
الأصل أنه لا يجوز الإبدال والاستبدال في الوقف إلا لمنفعة حقيقية له، والذي يحكم بذلك هو القاضي، وليس للعامة نظر في ذلك.
وقد نصَّ بعض الفقهاء على أنه يجوز إبدال الوقف دون شرط الواقف بإذن القاضي متى كان لمصلحة الوقف، ومنهم مَن شَدَّد في المنع؛ خشية ضياع الوقف وتصرف النُّظَّار في ثَمنه، لكن متى وُجِدَت الوسيلة للأمن من ذلك وتوافرت الأسباب لمنع النُّظَّار من تبديد الأثمان فللقاضي أن يحكم باستبدال الوقف أو بعضه إذا تحققت لديه منفعة الوقف في ذلك.
ومن هذه النصوص ما ذكره صاحب "البحر الرائق شرح كنز الدقائق": [وإن كان للوَقفِ رِيعٌ ولكن يَرغَبُ شَخصٌ في استِبدالِه إن أُعطِيَ مَكانَه بَدَلًا أَكثَرَ رِيعًا منه في صُقعٍ أَحسَنَ مِن صُقعِ الوَقفِ جازَ عند القاضِي أَبِي يُوسُفَ، والعَمَلُ عليه، وإلا فلا يَجُوزُ] اهـ. وفيه أيضًا: [وفي "شَرحِ مَنظُومة ابن وَهبانَ": لو شَرَطَ الواقِفُ أَن لا يَستَبدِلَ أو يكونَ النَّاظِرُ مَعزُولًا قبلَ الاستِبدالِ، أو إذا هَمَّ بالاستِبدالِ انعَزَلَ، هل يَجُوزُ استِبدالُه؟ قال الطَّرسُوسِيُّ إنَّه لا نَقلَ فيه. ومُقتَضى قَواعِدِ المَذهَبِ أَنَّ للقاضِي أَن يَستَبدِلَ إذا رَأى المَصلَحةَ في الاستِبدالِ؛ لأَنَّهم قالوا: إذا شَرَطَ الواقِفُ أَن لا يكونَ للقاضِي أو السُّلطانِ كَلامٌ في الوَقفِ أَنَّه شَرطٌ باطِلٌ، وللقاضِي الكَلامُ؛ لأَنَّ نَظَرَه أَعلى، وهذا شَرطٌ فيه تَفوِيتُ المَصلَحةِ للمَوقُوفِ عليهم وتَعطِيلٌ للوَقفِ، فيكونُ شَرطًا لا فائِدةَ فيه للوَقفِ ولا مَصلَحةَ، فلا يُقبَلُ] اهـ.
ولا يخفى أن المقصود بالمنفعة والمصلحة المعتبرة هنا هي مصلحة المسجد وحده لا غيره، والقضاء هو المعنِيُّ بالنظر في ما إذا كان المسجد في حاجة حقيقية إلى هذا البدل أم لا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الوصية بوقف الأرض الزراعية على جهات البر والخير؟ فقد أوصى رجل حال حياته بما يملكه من أطيان زراعية مساحتها فدان و16 قيراطًا و20 سهمًا، وهذه المساحة قد آلت إليه بالميراث الشرعي من والده، وقد أقام عليها وصيًّا متصرفًا في الأطيان المذكورة بعد وفاته فله حق التصرف فيها بزراعتها واستغلالها وتأجيرها وأن يتصرف في قيمة الريع لهذه الأطيان بالصرف منها على أنواع البر الخيري بكافة أنواعها والصرف على فقراء العائلة، وله حق الاحتفاظ لنفسه بمقدار أتعابه والصرف على نفسه، وأن يكون هو المشرف الوحيد على الأطيان وإدارتها، ولأرشد أولاد الموصي أو أسرته من بعد وفاته حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ويطلب السائل بيان التكييف الشرعي والقانوني لهذه الوصية ومدى مضمونها وجوهرها.
سئل في تاجر اقترض مبلغًا، ورهن عليه عند دائنه بضاعة -منقولات- تساوي أكثر من قيمة الدين وقت الرهن بكثير كما هي العادة المتبعة في مثل ذلك، وقد اتفق المدين مع الدائن المرتهن على أن يرسل الدائن البضاعة المرهونة لخارج القُطر لأجل بيعها هنالك، وفعلًا شُحِنت البضاعة بعد أن ضمنت إحدى شركات التأمين أخطار البحر كما جرت العادة بذلك، وبعد هذا حصلت عوارض بحرية للبضاعة المرهونة لم تنقص بها قيمة البضاعة عن مقدار الدين، بل ظلت زائدة عليه، وعلم بذلك التاجر، فطالب شركة التأمين بالتعويض عن الضرر الذي نتج من العوارض المذكورة، وقد حصل في أثناء المطالبة أن المدين مالك البضاعة وقف ما كان يملكه من العقارات التي لا علاقة لها بالدين مباشرة، وفي وقت الوقف كانت قيمة البضاعة لا تزال أكثر من مقدار الدين، ثم إنه قد ظهر أخيرًا بعد مضي مدة تغيرت فيها الأسعار وحالة البضاعة أن عملت التصفية بين الدائن والمدين، فتبين منها أن قيمة الأشياء المرهونة والتعويض لا يكفي لسداد الدين والمصاريف والملحقات.
فهل والحالة هذه يكون الوقف صحيحًا؛ لأن الدائن كان معتمدًا وقت الإدانة على البضاعة المرهونة وعلى مركز التاجر الذي كان متينًا وقتئذٍ، ولأن الوقف حصل في وقت كانت فيه البضاعة المرهونة أكثر قيمة من الدين خصوصًا إذا ضم إليها التعويض الذي كان مطلوبًا من شركة التأمين، أو أنه يكون باطلًا؟ وإذا كان صحيحًا فهل يمكن إبطاله والعود على أعيانه بما بقي من الدين بعد المحاسبة واستنزال ما تحصل من التعويض وقيمة الدين المرهونة على حسب ما تساويه الآن لا وقت الاستدانة ولا وقت الوقف؟ أرجو أن تفيدونا بالجواب، ولفضيلتكم الثواب.
الناظرُ إذا مات مجهلًا لمال الوقف. ما الحكم في ذلك؟
سأل وكيل إدارة إحدى الجرائد في واقفٍ وقف وقفه على نفسه مدة حياته، ثم من بعده على أولاده.. إلخ ما هو مدون بحجة الوقف الذي جعل آخره لجهة بر دائمة، وجاء ضمن الشروط التي اشترطها ما نصه:
أنه إذا اشتغل أحد المستحقين بالربا أخذًا أو إعطاءً أو استعمل الخمور أو الزنا حرم من نصيبه في الوقف سنةً، وقد اتهم أحد المستحقين بأنه قد وجد معه ورقة هورائين -نوع يشبه الكوكايين- قيل أنه وجد معه داخل حذائه، وتقدم إلى المحاكم وحكم عليه بعشرة جنيهات، وهو غير شارب للخمر ولم يتهم به، فهل ينطبق عليه هذا الشرط بحيث يحرم من نصيبه سنة قياسًا على الخمر، أم يكون الأمر واقفًا عند مورد النص بحيث لا يقاس عليه غيره، سيما وأن ما ثبت استحقاقه بيقين لا يمنع استحقاقه بشبهة، على أنه إذا تعارض ما يقتضي الإعطاء والحرمان غلب ما يقضي الإعطاء على ما يقضي الحرمان؟ هذه هي حجة الطرفين قد أدلينا بها لفضيلتكم؛ فإن النظار يقولون بالحرمان، والمستحق يقول بعدمه، وحجة كل من الطرفين هو ما أوضحناه؛ فنرجو بيان ما تنطبق عليه الحقيقة، ومن الذي يوافق قوله النصوص الشرعية؟
ما حكم تقييد تنفيذ الوقف بشرط الواقف؟ فقد سئل في رجلٍ وقف من ضمن وقفه منزلًا له كائنًا بالدرب الجديد بخط السيدة زينب، وجعل حق السكنى فيه من بعده لعتقائه الإناث مدة حياة كل منهن ما دمن عزبات، وكل من تزوجت منهن سقط حقها من السكنى، فإن تأيَّمت عاد حقها في السكنى فيه، وهكذا؛ كلما تزوجت وتأيمت يجري الحال في ذلك كذلك، وتستقل بالسُّكنى بالمكان المذكور الواحدة منهن إذا انفردت، ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، يتداولن ذلك بينهن إلى انقراضهن، يكون ذلك المنزل مُنضمًّا وملحقًا بباقي الوقف، حكمه كحكمه، وشرطه كشرطه.
ثم قرر أن يُقرأ في كل شهر بالمنزل المذكور ختمة قرآن شريف بمعرفة خمسة فقهاء، كما أنه قرر أن يُصرف من إيراد الوقف مائة جنيه مصري على المقيمين والواردين والمترددين بالمنزل المذكور على الدوام، في ثمن مأكل ومشرب، وبن قهوة، وفحم لزوم القهوة، وزيت وشمع للاستضاءة، ووقود لطبخ الطعام، وخبز ومسلى، وغير ذلك من سائر اللوازم برأي الناظر واجتهاده. وحيث إنه لا يوجد الآن من أولئك العتقاء سوى ثلاث متزوجات ومقيمات بمنازل أزواجهن، ولم يكن بالمنزل أحد من العتقاء، فهل بذلك يمكن إسكانه واستغلال أجرته وضمها على إيراد الوقف أم لا؟ وإن لم يتيسر إسكانه فماذا يكون في صرف ذلك المبلغ؛ هل يجوز إحضار رجل أمين بالأجرة ويشترى له ما يلزم من خبز وأدم وبن قهوة لمن يتردد على المنزل المذكور، أم كيف؟ نرجو الجواب.
هل يجوز لناظر الوقف والقائم على رعايته أن يأخذَ أجرةً من المال الموقوف؟ وهل له أن يُتَاجر فيه بغرض تنميته؟ علمًا بأنَّه مال أيتام.