عقد أخو السائل قرانه على بنت خالته، وأوضحت خالته أنها سبق لها أن أرضعت هذا الأخ مع ابنها الأكبر؛ أي الذي تليه مباشرةً الفتاةُ التي عقد أخوه قرانه عليها. وطلب السائل إفادته عن الحكم الشرعي لهذا العقد.
ما دام رضاع الشاب من أم الفتاة قد ثبت على جهة اليقين، فعقد الزواج بهذه الصورة قد وقع باطلًا، ويجب التفريق بينهما رضاءً أو قضاءً؛ لأنه عقدُ زواجِ أخوين من الرضاع.
المحتويات
تقضي نصوص القرآن والسنة بأنه «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»، متى وقع الرضاع في مدته الشرعية وهي سنتان قمريتان من تاريخ الولادة على المفتَى به، وتصير المرضعة أمًّا من الرضاع لمن أرضعته، ويصبح جميع أولادها سواء منهم من رضع معه أو قبله أو بعده إخوة وأخوات له من الرضاع.
اختلفت كلمة الفقهاء في عدد ومقدار الرضاع الموجب للتحريم:
فقال فقهاء الحنفية والمالكية وفي إحدى الروايات عن الإمام أحمد: إن قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم.
بينما قال فقهاء الشافعية وفي أظهر الروايات عن الإمام أحمد: إن الرضاع المحرِّم أقله خمس رضعات متفرقات متيقنات مشبعات.
لما كانت واقعة السؤال أن أخ السائل قد رضع من خالته أم الفتاة التي عقد قرانه عليها كان هذا الرضيع ابنًا لخالته رضاعًا وأخًا من الرضاع لجميع أولادها ومنهم ابنتها التي عقد قرانه عليها.
ولما كان لا يحل للرجل أن يتزوَّج من أخته نسبًا لم يحل له أن يتزوج من أخته رضاعًا، وهذا على إطلاقه حكم فقه المذهب الحنفي والمذهب المالكي ورواية عن الإمام أحمد؛ حيث قالوا: إن قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم متى وقع في سن الرضاع، وهو أيضًا حكم فقه المذهب الشافعي وأظهر الروايات عن الإمام أحمد إذا كانت مرات الرضاع قد بلغت خمسًا.
ويحل له الزواج منها في قول فقهاء المذهب الشافعي وأظهر الروايات عن الإمام أحمد إذا كانت مرات الرضاع لم تبلغ خمس رضعات.
ولما كان حدوث الرضاع على هذا الوجه أمرًا غير مجحود، فإنه احتياطًا في الدين يحرم هذا الزواج أخذًا بقول فقه الأئمة أبي حنيفة ومالك وإحدى الروايات عن الإمام أحمد، وبما أفتى به بعض فقهاء الشافعية من كراهة الزواج عند ثبوت حصول الرضاع على وجه قاطع، لا سيما والقضاء يجري في أحكام الرضاع والتحريم به على أرجح الأقوال في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة عملًا بالمادة 280 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931م بلائحة المحاكم الشرعية.
ومن ثَمَّ يكون عقد الزواج المسئول عنه قد وقع باطلًا؛ لأنه بزواج أخوين من الرضاع، وهذا ما نميل للإفتاء به في هذه الواقعة؛ تغليبًا لدليل التحريم، وامتثالًا لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُك» رواه البخاري.
والسبيل إلى فسخ هذا العقد هو عمل إشهاد متاركة لدى المأذون يثبت فيه أن العقد فُسخ بسبب ثبوت الرضاع، وإن لم ينفسخ العقد رضاءً كان لكل مسلمٍ التقدم للنيابة العامة لاتخاذ شئونها مع طرفي العقد.
هذا وقد جاء في سورة النساء في آية المحرمات قول الله سبحانه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: 23]؛ فوجب الالتزام بحدود الله وأوامره فيما أحل وفيما حرم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم زواج شاب من ابنة عمه وتدعي أمها أنها أرضعته؟ فقد خطب شاب ابنة عمه، ولكن بعد مدة قالت أم الفتاة إنها قد أرضعت الفتى، ولما قيل لها: لِمَ سكتِّ عن هذا الأمر طوال هذه المدة؟ قالت إنها لم تكن تعلم أن الرضاعة من أسباب التحريم رغم أنه قد حدث عدة خطبات في الأسرة، وقبل أن يتقدم الشاب إلى ابنة عمه، وفسخت هذه الخطبات بسبب الرضاع، وقد حدثت إحدى هذه الخطبات في بيت ملاصق للمنزل الذي تقيم فيه هذه الأم وهو في الوقت نفسه بيت أخ لزوجها، وقد فسخت هذه الخطبة بسبب الرضاع، وقد علمت هذه الأم بسبب فسخ هذه الخطبة في حينه ألا وهو الرضاع، ولما عرض الأمر على أم الشاب أنكرت ذلك كل الإنكار، وقالت إنها مستعدة أن تحلف على أنها لم ترَ والدة الفتاة ترضع ابنها، ولما طلب إلى أم الفتاة أن تأتي بأدلتها التي تثبت صدق قولها استشهدت بعمات الفتى والفتاة وهن ثلاث سيدات، ولكن العمات أنكرن حصول رضاع أمامهن، وقلن إنهن لم يرين أو يسمعن عن هذا الرضاع إطلاقًا، واستشهدت أيضًا بامرأة أخرى، ولكن هذه المرأة قالت إنها لم ترها ترضع الفتى أبدًا، وأبدت استعدادها لحلف اليمين أيضًا، ولم تستشهد أم الفتاة بأي رجل، ولم يشهد أي رجل بحصول الرضاع. ثم بعد مدة قالت أم الفتاة إنها مستعدة لليمين، وقد سُئِل الفتى عن وقع هذا الكلام في قلبه فقال إني لا أصدقها؛ لأن هناك خطيبًا آخر، ولم يتيسر سؤال الفتاة؛ لأنها في كنف أمها، فهل هناك مانع شرعي من إتمام الزواج، أم لا؟
إن رجلًا طلب أن يعقد على بنت عمه البكر البالغ بوكالة أبيه، فحضرت والدة الطالب وشهدت أنه رضع عليها مرتين، وبين ولادتهما واحد وعشرون شهرًا فقط. فهل والحالة هذه تقبل شهادتها وحدها ويعد أمرًا لا يُعلم إلا من جهتها لوفاة المرضعة أم المطلوبة فلا يصح الإقدام على عقد النكاح؟ أو لا بد من إقامة الحجة التامة من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين كما في دعوى المال؟ نرجو الجواب، ولكم من الله الثواب. أفندم.
ما حكم الزواج ببنتٍ إذا كان أخوه قد رضع من أمها؟ فالسائل أراد الزواج من بنتٍ، فقال له أبوها: إنها لا تحلُّ له؛ لأن أخاه من أمه رضع من أمها، ولما سأل والدته قالت له: إن البنتَ لم ترضع منها أبدًا. وطلب السائلُ الإفادةَ عما إذا كان يحل له الزواج من البنت المذكورة أم لا.
امرأة أرضعت ابن جارتها من لبنها المخلوط بالماء بواسطة الببرونة، وكان الماء أكثر من اللبن، فهل تثبت المحرمية بينهما في هذه الحالة؟
ما حكم الزواج بأخت الأخ رضاعًا؟ حيث يوجد أختان: أنجبت الأولى منهما ثلاث بنات وولدين، وأنجبت الثانية أربعة ذكور، وقد رضع الولدُ الثاني للأخت الثانية من خالته، ورضعَت بنتُ الأولى من خالتها على ابن خالتها الذي رضع من أمها، فهل يجوز لباقي أولاد الأخت الثانية الزواج من بنت خالتهم التي لم يتم رضاعها من أمهم؟ مع العلم أنه لم يرضع أحدٌ من الباقين على الآخر من الأختين. أفيدوا بالجواب ولكم الأجر والثواب.
ورد كتاب من إحدى المحاكم الابتدائية الشرعية، ويرافقه عريضة مقدمة للمحكمة قال فيها صاحبها: توفيت والدتي وعمري سنة ونصف تقريبًا، وبعد والدتي كنت في حضانة جدتي لأمي، وكانت سنها أكثر من سبعين سنة، وكانت جدتي المذكورة تطعمني بالطعام، وكنت أكتفي به عن الرضاع، ولكنها كانت تحملني على ثدييها بقصد الحنان فنزل لها اللبن وشربت منه، والآن أريد أن أتزوج ببنت بنت بنتها، وهذه المعلومات المذكورة ثابتة بشهادة رجلين وغيرهما من النساء، والنص في مذهب الإمام مالك يقضي بأن الطفل إذا كان يستغني بالطعام عن اللبن بحيث لو رضع اللبن لا يستغني عن الطعام فإن الرضاع لا يحرم حينئذٍ، ومأذون الناحية -بلدنا- ممتنع عن إجراء العقد، وبناء عليه حيث إن النص فيه من مذهب مالك يحلها لي، فألتمس من فضيلتكم إصدار أمركم الكريم إلى المأذون لإجراء العقد.