حكم إطلاق السيادة على النبي وآله والصالحين

تاريخ الفتوى: 09 نوفمبر 2004 م
رقم الفتوى: 3493
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: آداب وأخلاق
حكم إطلاق السيادة على النبي وآله والصالحين

ما حكم إطلاق السيادة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت وغيرهم من الأولياء والصالحين؟

لا مانع من ذلك، بل هو مطلوب شرعًا؛ لما فيه من حسن الأدب معهم وتوقيرهم وإجلالهم.

المحتويات

 

وجوب تعظيم وتوقير النبي والتأدب مع حضرته

النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيد الخلق بإجماع المسلمين، وقد أخبر عن نفسه الشريفة بذلك فقال صلى الله عليه وآلـه وسلم: «أَنَا سَيِّـدُ وَلَدِ آدَمَ»، وفي رواية «أَنَا سَيِّـدُ النَّاسِ» متفق عليه، وأمـرنا الله سبحانه وتعالى بتوقيره وتعظيمه فقال: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: 8–9]، ومن توقيره تسويدُه كما قـال قتادةُ والسُّدِّي: وتوقروه: وتُسَوِّدُوهُ، وقـد خاطبه بذلك الصحابة رضي الله عنهم؛ فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: مَرَرْنَا بِسَيْلٍ فَدَخَلْتُ فَاغْتَسَلْتُ مِنْهُ، فَخَرَجْتُ مَحْمُومًا، فَنُمِيَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا ثَابِتٍ يَتَعَوَّذُ»، قُلْتُ: يَا سَيِّدِي وَالرُّقَى صَالِحَةٌ؟ قَالَ: «لَا رُقْيَةَ إِلَّا فِي نَفْسٍ أَوْ حُمَةٍ أَوْ لَدْغَةٍ» أخرجه أحمد والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

وكذلك فعلوا في الصلاة عليه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسِنُوا الصَّلاةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: فَعَلِّمْنَا، قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلاتَكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إِمَامِ الْخَيْرِ، وَقَائِدِ الْخَيْرِ، وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ" أخرجه ابن ماجه وحسنه المنذري، وكذلك ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كما أخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" بسند حسن في "الشواهد".

الأدلة على جواز إطلاق السيادة على غير النبي

أما إطلاق السيادة على غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المخلوقين فهو كذلك أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وفعل الأمة خلفًا عن سلفٍ من غير نكير.
فأما الكتاب: فقول الله تعالى عن سيدنـا يحيى عليه السلام: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 39]، قال الإمام القرطبي: [ففيه دلالة على جواز تسمية الإنسان سيدًا، كما يجوز أن يُسمى عزيزًا أو كريمًا] اهـ. وقوله تعالى عن سيدنا يوسف وامرأة العزيز: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ [يوسف: 25].
وأما السنة: فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الحسن والحسين عليهما السلام: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» أخرجه الترمذي والحاكم وصححاه، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الحسن بن علي عليهما السلام: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» أخرجه البخاري، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة فاطمة عليها السلام: «يَا فَاطِمَةُ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ» أخرجه البخاري، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن سعد بن معاذ رضي الله عنه: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» أخرجه البخاري، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لبني سلمة: «مَنْ سَيِّدُكُمْ يا بَنِي سَلمَةَ؟» قالوا: سَيِّدُنا جَدُّ بْنُ قَيْسٍ، عَلَى أَنَّا نُبَخِّلُهُ، قال: «وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكم عَمْرُو بْنُ الجَمُوحِ» أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"، وفي رواية: «سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ» أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" ... إلى غير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تدل على جواز إطلاق "السيد" على المخلوق.
وأما فعل الأمة: فقول عمر الفاروق رضي الله عنه عن أبي بكر الصديق وبلال رضي الله عنهما: "أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا" أخرجه البخاري، وقول عليٍّ عن ابنه الحسن عليهما السلام: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ" أخرجه أبو داود، وقول أبي هريرة رضي الله عنه للحسن بن علي عليهما السلام: "يَا سَيِّدِي"، فَقِيلَ لَهُ: تَقُولُ يَا سَيِّدِي؟! قَالَ: "إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّهُ لَسَيِّدٌ" أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة"، وهذه الإطلاقات مع سماع الصحابة لها من غير نكير ولا معارض بمثابة الإجماع السكوتي، وهو حجة كما تقرر في الأصول.
وقد درج المسلمون من قديم الزمان على إطلاق لقب السيادة على الذرية النبوية الطاهرة من نسل سَيِّدَيْ شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام وورد في الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنـًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللهِ سَيِّئٌ" رواه الإمام أحمد.

الخلاصة

عليه: فإطلاق السيادة على أهل البيت وأولياء الله الصالحين أمر مشروع، بل هو مطلوب شرعًا لما فيه من حسن الأدب معهم والتوقير والإجلال لهم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا» رواه أحمد والحاكم واللفظ له وصححه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما معنى الاستئناس في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا﴾؟


سائل يقول: المعروف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن على دين قومه قبل بعثته، ولم يسجد لصنم أبدًا وأن الله تعالى قد عصمه من أفعال أهل الجاهلية؛ فنرجو منكم بيان ذلك وتوضيحه؟


ما موقف الإسلام من النُّصب ونُصب الجندي المجهول؟


ما حكم قضاء الحاجة في الماء المستعمل للشرب والطهارة؟ فقد سئل بخطاب مصلحة الصحة بما صورته: قد ثبت علميًّا أن مرض البلهارسيا "البول الدموي"، والإنكيلستوما "الرهقان"، وغيرهما، تنقل من مريض لآخر بواسطة المياه الملوثة من بول أو غائط مريض، وهذه الأمراض مضعفة للقوى، ومهلكة للأنفس، وتصيب خلقًا كثيرين، ويصبح المرضى بها عديمي القوى، نحال الجسم هم وذووهم لا يقوون على عمل لهم ولا للهيئة الاجتماعية، وفي الحقيقة يصبحون عالة على ذويهم؛ لعدم مقدرتهم على العمل، وهذه الأمراض منتشرة انتشارًا عظيمًا بأنحاء القطر المصري؛ لهذا كان من أهم واجبات مصلحة الصحة العمل على استئصال شأفتها، وإيقاف انتقال عدواها، ولا يكون ذلك إلا بمنع الأهالي عن التبول والتغوط في المياه التي تستعمل للشرب والاستحمام، فإذا تحقق علميًّا هذا الضرر كما قدمنا، فهل لا يحرم الدين والحالة هذه التبول والتغوط في المياه المذكورة أو بالقرب منها؟ ولذلك نلتمس من فضيلتكم إصدار فتوى ببيان حكم الدين الحنيف لنشرها على الناس، مبينًا فيها حكم الشرع الشريف فيمن يتبول أو يتغوط في المياه المستعملة للشرب وللاستحمام أو بالقرب منها إذا كانت نتيجته الضرر بصحة الغير، مع ذكر الأحاديث النبوية الخاصة بذلك.


سائل يسأل عن مدى اهتمام الإسلام بالنظافة والطهارة؟


سائل يقول: النفس الإنسانية لها منزلة خاصة في الشريعة الإسلامية؛ فنرجو منكم بيان ضرورة المحافظة عليها في ضوء نصوص الشرع؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31