نظرًا لاقتراب موسم الحج لسنة 1364 هجرية سأل وكيل الوزارة المختصة في قرارهم بإصدار تعليمات إلى الجهات بقبول الطلبات من الراغبين في السفر إلى الأقطار الحجازية؛ لأداء فريضة الحج وزيارة الروضة الشريفة، ولما كانت التعليمات المشار إليها تقضي -ضمنًا- باتخاذ الإجراءات الصحية نحو مقدِّمِي هذه الطلبات؛ وذلك بتطعيمهم ضد الجدري وحقنهم ضد الكوليرا والتيفويد، وأن هذه الإجراءات ستتخذ نحوهم في خلال شهر رمضان المعظم؛ لذلك نرجو التفضل بإبداء الرأي فيما إذا كانت الإجراءات الصحية المشار إليها تبطل الصوم إذا اتخذت أثناء النهار مع الصائم، أم لا تبطل صحته؟ وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
التطعيم بالحقن ضد الكوليرا والتيفويد المذكور لا يفطر الصائم؛ لأنه لا يصل إلى الجوف شيءٌ منه من المنافذ المعتبرة شرعًا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فقد اطلعنا على كتاب سعادتكم رقم 61/ 1/ 2 المؤرخ 21 يونيو سنة 1945م، المتضمن طلب إبداء رأينا في تأثير تطعيم الراغبين في السفر إلى الأقطار الحجازية ضد الجدري في شهر رمضان المبارك، وحقنهم ضد الكوليرا والتيفويد.
ونفيد بأن وزارة الداخلية للشئون الصحية سبق أن طلبت معرفة الحكم الشرعي في تأثير التطعيم ضد الجدري في شهر رمضان المعظم، فأجبناها بتاريخ 22/ 12/ 1932م برقم 403 فتاوى بما يأتي: [اطلعنا على خطاب سيادتكم المؤرخ 17/ 12/ 1932م رقم 9850، ونفيد بأن الداخل في الجسم إذا لم يصل إلى الجوف أو الدماغ أو وصل إلى أحدهما من المسام لا يفطر الصائم، كما نص على ذلك فقهاء الحنفية والشافعية؛ فقد جاء في "فتح القدير" ما نصه: [وَلَو اكْتَحَلَ لَمْ يُفْطِرْ سَوَاءٌ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي حَلْقِهِ أَثَرُهُ دَاخِلًا مِنْ الْمَسَامِّ وَالْمُفْطِرُ الدَّاخِلُ مِنْ الْمَنَافِذِ كَالْمُدْخَلِ وَالْمُخْرَجِ لَا مِنْ الْمَسَامِّ] اهـ.
وفي "شرح منظومة الكواكبي" ما نصه: [وكذا إن وصل إلى جوفه أو دماغه دواء من غير المسام، أما إذا وصل من المسام فإنه لا يقضي – يعني: لا يفطر، فلا قضاء عليه- كما لو ادهن فوجد أثر الدهن في بوله، أو اكتحل فوجد طعم الكحل في حلقه، أو لونه في بزاقه] اهـ.
وجاء في "شرح المهذب" للإمام النووي صحيفة 313 من الجزء السادس ما نصه: [وَضَبَطَ الْأَصْحَابُ الدَّاخِلَ الْمُفْطِرَ بِالْعَيْنِ الْوَاصِلَةِ مِنْ الظَّاهِرِ إلَى الْبَاطِنِ فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ عَنْ قَصْدٍ مَعَ ذِكْرِ الصَّوْمِ] اهـ. ثم بيَّن الباطن بأنه: ما يقع عليه اسم الجوف، أو ما يقع عليه اسم الجوف مما له قوة تحيل الواصل إليه من دواء أو غذاء على اختلاف القولين عندهم.
هذا، وقد نقل الإمام النووي في صحيفة 320 في "شرح المهذب" عن الإمام مالك: [أنه لَوْ دَاوَى جُرْحَهُ فَوَصَلَ الدَّوَاءُ إلَى جَوْفِهِ أَوْ دِمَاغِهِ أَفْطَرَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَ الدَّوَاءُ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا] اهـ.
ومن هذا يُعْلَمُ أن التطعيم بالطعم المذكور بالسؤال لا يفطر الصائم؛ لأنه لا يصل إلى الجوف منه شيءٌ من طريقٍ غير المسام كما علمنا ذلك من الأطباء.
هذا، والله سبحانه وتعالى أعلم] انتهى نص الفتوى.
وبما ذكرنا يعلم حكم الحقن ضد الكوليرا والتيفويد، وهو أنها لا تفطر الصائم؛ لأن الدواء لا يصل فيها إلى الجوف من المنافذ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجب على المسافر الذي قدم بلده مفطرًا أن يمسك بقية اليوم؟ فقد سافرتُ في شهر رمضان المبارك قبل الفجر، ولَمَّا كان السفرُ طويلًا، أخذتُ بالرخصة فأفطرتُ في الطريق، وبعد أن وصَلْتُ إلى منزلي بعد العصر أكلتُ وشرِبْتُ، فهل كان واجبًا عليَّ الإمساك عن الطعام والشراب بمجرد وصولي إلى البيت؟
ما حكم اشتراط النية في صيام التطوع؟ وما هو وقتها؟ فقد كان لدي عمل مهم، وانتهيت منه بعد آذان العصر، ولانشغالي في هذا العمل لم أتناول شيئًا، فأردت أن أصوم هذا اليوم تطوعًا؛ فهل تشترط النية لذلك؟ وهل تصح إذا نويت الصيام بعد العصر؟
هل للمسافر في البحر لفترة طويلة أن يفطر؟ فرجلٌ يعمل على إحدى السفن التجارية، وقد يستمر سفرُه بالبحر مدةً طويلة، وأحيانًا يُدركه شهر رمضان المبارك وهو على مَتْنِهَا، فهل يجوز له الفطر؟
ما حكم المصافحة بين المصلين بعد التسليم من الصلاة؟ وهل هي بدعة؛ لأنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا صحابته الكرام، أو لأنها تشغل المصلي عن أذكار ختام الصلاة؟
سائل يقول: ورد في السنة النبوية أن صيام سيدنا داود عليه السلام أحب الصيام إلى الله عز و وجل. فهل هناك ضوابط وضعها العلماء لأفضلية صيام سيدنا داود على غيره من صيام التطوع؟