ما حكم نسبة اللقيط لمَن أقر ببنوته؟ فقد قال السائل: لقيط وجده مسيحيون أهل كنيسة داخل ديرهم الموجود به كنيسة لهم، الواقع في حي إفرنجي لا يسكنه مسلمون من مدينة إسلامية، فالتقطوه وعمَّدوه نصرانيًّا وألحقوه بكنيستهم وربَّوه في ديرهم إلى أن بلغ أربع سنوات، فسلموه راضين لآخر مسيحي مصري تولى تربيته والإنفاق عليه من ماله، وبقي في يده حتى بلغ، واستمر معه إلى الحادية والعشرين من عمره، فأقر هذا الشخص الذي هو معه أنه ابنه وأنه ليس له أولاد سواه لا ذكورًا ولا إناثًا، وكان المُقَرُّ له يولد لِمِثل المُقِرِّ، وليس للمُقَر له وقت الإقرار نسب معروف، ولم يدعه أحد من قبل لا مسلمًا ولا غيره، وصدق المُقَرُّ له المُقِرَّ على هذا جميعه وحرر بهذا الإقرار والتصادق إشهاد أمام قاضٍ شرعي، واستمر معه إلى أن مات المُقِرُّ، فهل يثبت نسب المُقَرُّ له من المُقِرِّ أو لا؟ وهل يرثه المُقَرُّ له أو لا؟
اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأنه إذا كان الحال كما ذكر به: ثبت نسب المُقَرُّ له من المُقِرِّ وورثه.
أما ثبوت النسب منه: فلأنه قد وجد حال الإقرار شروط صحته من أن المُقَرَّ له مجهول النسب ليس له نسب معروف، وأنه يولد مثله للمُقِرِّ، وقد صدق المُقَرُّ له المُقِرَّ وهو من أهل التصديق، ومعنى صحة الإقرار اعتبار هذا الإقرار فيما يلزم المُقِرَّ والمُقَرَّ له من الحقوق وفيما يلزم غيرهما حتى يرث الابنُ المُقَرُّ له المُقِرَّ مع سائر ورثته وإن جحدوا هذا النسب المقر به، ويرث أيضًا من أصل المُقِرِّ وهو جد المُقَرِّ له وإن جحد الجد نسبه. يراجع أول كتاب الإقرار من "الفتاوى الأنقروية". وقد نص الفقهاء على أنه إذا ادعى الذمي نسب اللقيط ثبت نسبه منه عند عدم دعوى المسلم؛ قال في "البحر" في (باب اللقيط) شرحًا لقول المصنف: (ومن ذمي وهو مسلم إن لم يكن في مكان أهل الذمة) ما نصه: [أي: ثبت النسب من ذمي عند عدم دعوى المسلم] اهـ.
وقال في "المبسوط" صحيفة 213 من الجزء العاشر ما نصه: [وإذا كبر اللقيط فادعاه رجل فذلك إلى اللقيط؛ لأنه في يد نفسه، وله قول معتبر إذا كان يعبر عن نفسه فيعتبر تصديقه لإثبات النسب منه؛ وهذا لأن المدعي يُقِرُّ له بالنسب من وجه، ويدعي عليه وجوب النسبة إليه من وجه، فلا يثبت حكم كلامه في حقه إلا بتصديقه؛ دعوًى كان أو إقرارًا، وإذا صدقه يثبت النسب منه إذا كان مثله يولد لمثله، فأما إذا كان مثله لا يولد لمثله لا يثبت النسب منه؛ لأن الحقيقة تكذبهما] اهـ.
ولا يمنع من ذلك ما يكون قد سبق من المقر من اعترافه بأنه لقيط؛ وذلك لما قاله الفقهاء من أن هذا لا يضر؛ لأن التناقض في النسب معفو عنه؛ لأنه مما يخفى ثم يظهر.
وأما إرثه: فلأنه ذمي في الحالة المذكورة بالسؤال بلا خلاف بين الفقهاء؛ لأن الواجد له ذمي، والمكان الذي وجد فيه مكان أهل الذمة؛ قال في "الهداية": [وإن وجد في قرية من قرى أهل الذمة أو في بيعة أو كنيسة -يعني: في دار الإسلام- كان ذميًّا، وهذا الجواب فيما إذا كان الواجد ذميًّا رواية واحدة] اهـ.
ومن هذا كله: تبين أن المُقَرَّ له ذميٌّ، وقد ثبت نَسبه من ذمي مثله، فيرثه. هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز تبني طفلة من أحد الملاجئ وإعطاؤها اسم المتبني؟
هل يجوز نسب الابن من الزنا؟
هل يجوز شرعًا الاستناد إلى أقوال الأطباء والتحاليل الطبية وتحليل الحمض النووي لإثبات الزنا ونفي النسب؟
وما هي المدة التي يجوز للرجل نفي الولد خلالها؟ وما هي الإجراءات المتبعة شرعًا في مثل هذه الحالة؟
علمًا بأن هذين السؤالين مرتبطين بواقعة دعوى قضائية وملخصها الآتي:
أن المستأنِف تزوج زوجته المستأنَف ضدها وأثناء استمرار الحياة الزوجية أنجبت الزوجة طفلين، وأن هذا الزوج احتفل بمولد الطفلين كلٍّ في حينه، كما أنه قام بقيدهما لدى الجهات المختصة شخصيًّا واستخراج شهادتي ميلادهما بنفسه، وبعد ميلاد الطفل الأول بسنة وعشرة أشهر و24 يومًا، والطفل الثاني سبعة أشهر و26 يومًا، تقدم الزوج إلى الشرطة بشكوى يتهم فيها زوجته بالزنا، وينفي نسب الطفلين إليه.
هل تعد البصمة الوراثية دليلًا قاطعًا جازمًا في إثبات النسب؟ وما مدى حجيتها في ذلك؟ وهل يُلزَم أي شخص بعمل تحليل البصمة الوراثية؟ ومن الذي يُلزِم بذلك؟ هل المطلوب النسب إليه كالأب، أم غيره؟ بمعنى هل هناك إلزام على من يُدَّعَى عليهم أنهم إخوة له بذلك؟
ما هي طرق ووسائل إثبات النسب إلى شخص ميت؟ وهل يجوز النسب لشخص ميت دون وجود سند شرعي؟
رجل مات وادَّعى رجلٌ آخر على بعض الورثة المحقَّق ميراثهم وأثبت نسبه من المتوفى المذكور في وجه بعض الورثة لدى القاضي الشرعي، وحكم له بذلك حكمًا صحيحًا شرعيًّا مستوفيًا شرائط الصحة شرعًا، فهل يكون ذلك الحكم قاصرًا على بعض الورثة المحكوم عليهم، أم يتعدى لبقية الورثة؟ أفيدوا الجواب ولكم الثواب. أفندم.