حكم ظهور أسفل الظهر في الصلاة

تاريخ الفتوى: 17 أبريل 2018 م
رقم الفتوى: 4342
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم ظهور أسفل الظهر في الصلاة

ما حكم انكشاف بعض العورة في الصلاة عند الرجال؟ حيث يلاحظ عند حضور صلاة الجماعة والجمعة انكشاف بعض الظهر عند بعض الـمُصلِّين، وبعض الناس يرتدون بناطيل يَظْهَر منها جزءٌ من الأليتين أثناء السجود؛ فهل صلاتهم صحيحة؟ وماذا لو سارع الـمُصَلِّي بجذب التيشيرت أو البنطال ليُغَطِّي ما انكشف منه؟

يجب على المسلم أَنْ يُراعِيَ سَتْر عورته في الصلاة مستحضرًا وقوفه بين يدي الله عز وجل متأدبًا في حضرته، فإن حدث الانكشاف اليسير لبعضِ الظهر أو الأليتين أثناء الصلاة فلا تَبْطُل إذا كان ناسيًا أو غير متعمِّدٍ ولا مُفرِّطٍ في ستر عورته، أو سارَعَ بجذب ثيابه لستر ما انكشف منها، ويستحب له إعادة الصلاة خروجًا من الخلاف. وتهيب دار الإفتاء المصرية بالأئمة والعلماء ضرورة تنبيه المصلين على هذا الأمر الذي يَغْفُل عنه كثيرٌ من الناس في هذه الأيام.

المحتويات

عورة الرجل في الصلاة

تُطلَق العورة في اللغة على عدة معانٍ؛ منها: السوءةُ وكلُّ أمرٍ يُستَحيَا منه. وعورة الرجل هي ما بين السُّرَّة والرُّكْبة عند جمهور الفقهاء على تفصيلٍ بينهم في ذلك؛ لِـمَا رواه الحارث في "مسنده" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عَوْرَةُ الرَّجُلِ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ».
وروى ابن حبان في "صحيحه" عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاق قَالَ: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَلَقِينَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لِلْحَسَنِ: اكْشِفْ لِي عَنْ بَطْنِكَ -جُعِلْتُ فِدَاكَ- حَتَّى أُقَبِّلَ؛ حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُقَبِّلُهُ. قَالَ: فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ، فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ"، وَلَوْ كَانَتْ مِنَ الْعَوْرَةِ مَا كَشَفَهَا.
وروى الدار قطني في "سننه" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «..وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا يَرَيْنَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ؛ فَإِنَّ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ مِنْ عَوْرَتِهِ».
قال الإمام العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (2/ 121، ط. دار الكتب العلمية): أن [قَوله: (عورة الرجل ما تحت السرة إلى الركبة)؛ لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «عَورَةُ الرجلِ ما بين سُرَّتِهِ إلى رُكْبَتِهِ»] اهـ.
وقال الإمام النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 130، ط. دار الفكر): [اعلم أن عورة الرجل الواجب عليه سَتْرُهَا عن الناس خَلَا زَوْجَتَهُ.. ما بين الركبةِ والسُّرَّةِ مع رَجُلٍ مِثْلِهِ أو امرأةٍ مَحْرَمٍ له، وَالسُّرَّةُ وَالركبةُ خَارِجَتَانِ] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغنى المحتاج" (1/ 397، ط. دار الكتب العلمية): [(وعورة الرجل) أي: الذكر ولو عبدًا أو كافرًا أو صبيًّا ولو غير مميز، وتظهر فائدته في الطواف إذا أحرم عنه وَلِيُّهُ (ما بين سرته وركبته)؛ لما روى الحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عَورَةُ المؤمنِ ما بين سُرَّتِهِ إلى رُكْبَتِهِ»] اهـ.
إلَّا أَنَّ الحنفية والمالكية قَسَّموا العورة إلى مُغَلَّظةٍ ومخففةٍ؛ فالـمُغَلَّظة هي السوأتان، والـمُخَفَّفة ما عداهما مما بين السرة إلى الركبة؛ قال الإمام الزبيدي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 46، ط. المطبعة الخيرية): [قوله: (والعورة من الرجل ما تحت السرة إلى الركبة) إلى ها هنا بمعنى مع، ثم العورة على نوعين: غليظة؛ كالقُبُل والدُّبُر، وخفيفة؛ وهي ما عداهما] اهـ.
وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (1/ 246، ط. دار الفكر): [وهي -أي العورة- مِن رَجُلٍ.. ما بين سرةٍ وركبةٍ في العورة الشاملة للمغلظة والمخففة، ثم إن العورة المغلظة من الرجل هي السوأتان، وهما كما قاله البُرْزُلِي عن ابن عرفة: من المقدَّم: الذكر والأنثيان. ومن الدبر: ما بين الأليتين؛ وهذا في حق الرجل] اهـ.

آراء الفقهاء في حكم انكشاف جزء من العورة أثناء الصلاة

اختلف الفقهاء في حكم ظهور جزءٍ من العورة؛ فذَهَب الحنفية إلى أنَّه لو ظَهَر من الـمُصَلِّي ربع العضو في غير العورة الـمُغَلَّظة صَحَّت صلاته، وإن زاد الجزء الظاهر عن الربع لم تصح صلاته، أمَّا العورة الـمُغَلَّظة -وهما السوأتان-؛ فإذا ظَهَر منهما قَدْرُ درهمٍ بَطَلَت صلاته، وإن كان أقل من ذلك لم تَبْطُل، وهذا رأي الإمامين أبي حنيفة ومحمد. وقال القاضي أبو يوسف: لو ظهر نصف العضو صحت صلاته، وإن زاد على ذلك لم تصح؛ قال الإمام الزبيدي في "الجوهرة النيرة" (1/ 46): [وقليلُ انكشافِ العورةِ لا يَمْنَعُ -صحةَ- الصلاة، وكثيرُها يَمْنَعُ. وَحَدُّ المانع ربع عضوٍ فما زاد عند أبي حنيفة ومحمد، فإن انكشف أقلُّ من الربع لا يمنع. وكذا إذا كان في أعضاءٍ متفرقة؛ فإن كان ذلك كله لو جُمع يبلغ ربع عضوٍ مَنَعَ -أي صحة الصلاة-، وإن كان أقل لا يَمْنَعُ. وعند أبي يوسف: المانعُ النصفُ فما زاد، فإن كان أقل من النصف لا يَمْنَعُ] اهـ.
وذهب المالكية إلى أن الرجل إذا ظهر شيءٌ من عورته الـمُغَلَّظة وهي القُبُل والدُّبُر؛ وجب عليه إعادة الصلاة، ولا تَسْقُط عنه ولو خرج وقتها، وإذا ظهر الأليتان أو جزءٌ منهما أعاد الصلاة ما لم يخرج وقتها، فإذا خرج الوقت فلا إعادة عليه، أما إذا ظهر غير ذلك فلا إعادة عليه.
قال الإمام الدردير في "الشرح الصغير" (1/ 214، ط. دار الفكر): [(لا رَجُلٌ) فلا يعيد لكشف فخذه أو فخذيه وإن كان عورةً؛ لخفة أمره، بخلاف الأليتين أو بعضهما؛ فيعيد بوقت، وللسوأتين أبدًا] اهـ.
ونص الشافعية على أنَّ المصلِّي لو كُشف جزءٌ من عورته بسبب الريح أو غيره فسَتَرَ ما كُشِفَ منه في الحال لم تبطل صلاته، ويُغتفر الانكشافُ العارضُ اليسير.
قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 401): [لو تنجس بَدَنُهُ أو ثوبُهُ بما لا يُعفَى عنه واحتاج إلى غسله أو طَيَّرَت الريحُ سُتْرَتَهُ إلى مكانٍ بعيدٍ (فإن أمكن) دَفْعُهُ في الحال (بأن كشفته ريح) أي أظهرت عورته أو وقعت على بدنه أو ثوبه نجاسةٌ يابسةٌ أو على ثوبه نجاسةٌ رطبةٌ (فسَتَرَ) العورةَ أو ألقى النجاسةَ اليابسةَ أو أَلْقَى الثوبَ في الرطبة (في الحال لم تبطل) صلاتُهُ؛ لانتفاء المحذور، ويُغتَفَرُ هذا العارض اليسير] اهـ.
وذهب الحنابلة إلى عدم بطلان الصلاة عند انكشاف جزءٍ يسيرٍ من العورة بلا قصد، وحَدَّدوا اليسير بالذي لا يَفْحُش في النَّظَر عُرْفًا، والفُحْش يختلف بحسب الشيء الـمُنْكَشِف؛ واستدلُّوا بما رواه عمرو بن سَلِمة رضي الله عنه قال: كُنَّا بِحَاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا مَرُّوا بِنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «كَذَا وَكَذَا»، وَكُنْتُ غُلَامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا، فَانْطَلَقَ أَبِي وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ، فَقَالَ: «يَؤُمُّكُمْ أَقْرَؤُكُمْ»، وَكُنْتُ أَقْرَأَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَحْفَظُ، فَقَدَّمُونِي فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي صَغِيرَةٌ صَفْرَاءُ فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَكَشَّفَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ النِّسَاءِ: وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَرَوْا لِي قَمِيصًا عُمَانِيًّا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحِي بِهِ، فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ. أخرجه البخاري في "صحيحه"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وأبو داود في "السنن" واللفظ له، وزاد في روايةِ النُّفيليِّ قولَ عمرو بن سلمة رضي الله عنه: "فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ فِيهَا فَتْقٌ، فَكُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتِ اسْتِي".
قال الإمام البهوتي الحنبلي مُستَدِلًّا بهذا الحديث في "كشاف القناع" (1/ 268-269، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا تبطل الصلاة بكشف يسيرٍ من العورة) واليسير هو الذي (لا يفحش في النظر عرفًا) ويختلف الفحش بحسب المنكشف؛ فيفحش من السوأة ما لا يفحش من غيرها (بلا قصدٍ).. ثم ساق الحديث، ثم قال: وانتشر ذلك، ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنكر ذلك ولا أحدٌ من أصحابه، ولأن ثيابَ الأغنياء لا تخلو من فتقٍ، وثيابَ الفقراء لا تخلو من خرقٍ غالبًا، والاحتراز عن ذلك يشق؛ فعُفِيَ عنه (ولو) كان الانكشاف اليسير (في زمنٍ طويل)] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤالِ: فيجب على المسلم أَنْ يُراعِيَ سَتْر عورته في الصلاة مستحضرًا وقوفه بين يدي الله عز وجل متأدبًا في حضرته، فإن حدث الانكشاف اليسير لبعضِ الظهر أو الأليتين أثناء الصلاة فلا تَبْطُل إذا كان ناسيًا أو غير متعمِّدٍ ولا مُفرِّطٍ في ستر عورته، أو سارَعَ بجذب ثيابه لستر ما انكشف منها، ويستحب له إعادة الصلاة خروجًا من الخلاف. وتهيب دار الإفتاء المصرية بالأئمة والعلماء ضرورة تنبيه المصلين على هذا الأمر الذي يَغْفُل عنه كثيرٌ من الناس في هذه الأيام.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يحصل ثواب الجماعة بصلاة الرجل في البيت بزوجته جماعة؟ فرجلٌ اعتاد أن يصلي الصلوات المفروضة في المسجد مع الجماعة، لكنه في بعض الأوقات يكون مرهقًا فيصلي في البيت هو وزوجته جماعةً، فهل يعد بذلك محققًا صلاةَ الجماعة هو وزوجته، مُحصِّلَين فضلَها؟


ما حكم نسيان الإمام التكبيرات في صلاة العيد وسجوده للسهو؟ حيث صلى بنا الإمام صلاة عيد الفطر ونسي أن يكبر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام السبع التكبيرات، وسجد للسهو، وبعد أن سلم قال أحد المصلين: نعيد الصلاة، وقال آخر: لا سجود سهو في صلاة السنة، وقال ثالث: هذه الصلاة صحيحة. فما هو الرأي الصحيح في هذه المسألة؟


سائل يقول: أرى بعض الناس عندما يأتون لزيارة المدينة المنورة يحرصون على الذهاب إلى المسجد النبوي ومسجد قباء ومسجد القبلتين؛ وذلك لكون هذه المساجد صلى فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فما حكم ذلك؟


يقول السائل: أنا في دولة بها أقلية مسلمة تقدر بمائتي مليون مسلم، وأكثرهم يتبعون الإمام أبا حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه، ونريد أن تجيبونا على مذهب الإمام أبي حنيفة:
1- هل تُخرِج المرأةُ رِجليها اليسرى واليمنى من الجانب الأيمن في جلسة ما قبل السلام وتُلصِق أَليتَها بالأرض؟ أو تكون رِجلاها تحت استها منصوبتَين منخفضتَين؟
2- مكتوب في كتب الفقه الحنفي أن المرأة تَضُمّ في ركوعها وسجودها؛ فلا تُبدِي عضديها. وفي موضع آخر أنها مع ذلك تفترش ذراعيها. فإذا كانت المرأة تضم عَضُدَيها لجَنبَيها فإنها لا تستطيع أن تفترش ذراعيها، فأيهما أولى؟


ما حكم الشرع في جمع النقود في المسجد ما بين الخطبة الأولى والخطبة الثانية؟


نرجو منكم بيان مذاهب العلماء في حكم التشهد الأخير في الصلاة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 يوليو 2025 م
الفجر
4 :35
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 49
العشاء
9 :16