عدم صحة ضرب السيدة عائشة للنبي وضربه لها

تاريخ الفتوى: 12 مايو 2004 م
رقم الفتوى: 4404
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: آداب وأخلاق
عدم صحة ضرب السيدة عائشة للنبي وضربه لها

في أحد البرامج الفضائية تحدث أحد الشيوخ عن ضرب الأزواج للزوجات وضرب الزوجات للأزواج، وقال: إنه بالفعل قامت السيدة عائشة رضي الله عنها بضرب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما قام بضربها. ويطلب السائل بيان مدى صحة هذه الواقعة من عدمها.

أولًا: السيدة عائشة رضي الله عنها تحتل مكانة الصديقة عند أهل السنة والجماعة؛ حتى قيل في شأنها: "الصديقة بنت الصديق"، وقد برأها الله سبحانه وتعالى من فوق سبعة أرقع؛ فقال تعالى في سورة النور: ﴿وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [النور: 26]، وهي من أمهات المؤمنين؛ قال تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6]، وقال تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [الأحزاب: 32]، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: 33]، وقد زكاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه؛ حيث قال: «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» رواه البخاري.

أما سبب الخطأ في نسبة ضرب السيدة عائشة رضي الله عنها لسيد الخلق صلى الله الله عليه وآله وسلم: فهو الرواية بالمعنى بعد اختلاط مرجع الضمير؛ فقد أخرج النسائي في "السنن الكبرى": أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عِنْدَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَرْسَلَتْ أُخْرَى بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ يَدَ الرَّسُولِ، فَسَقَطَتِ الْقَصْعَةُ فَانْكَسَرَتْ، فَأَخَذَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُخْرَى، فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ، كُلُوا»، فَأَكَلُوا، فَأَمْسَكَ، حَتَّى جَاءَتْ بِقَصْعَتِهَا التي في بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ، وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ في بَيْتِ التي كَسَرَتْهَا.

وأخرجه أيضًا البيهقي، وهذا الضمير الذي في رواية البيهقي مرجعه إلى الخادم وليس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما فهمه المتحدث من رواية النسائي خطأ، ويؤكد ذلك ما رواه الإمام البخاري رضي الله عنه: حَدَّثَنَا علي حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ التي النَبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم في بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الذي كَانَ في الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: «غَارَتْ أُمُّكُمْ»، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ التي هُوَ في بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى التي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ في بَيْتِ التي كَسَرَتْ.

ومن مجمل ذلك: يتبين أن رواية النسائي في "سننه الكبرى" قد أحدثت لبسًا عند المتحدث، فصورها بما تحدث به وهو خطأ، وتحريره ما سبق ذكره؛ حيث إنه اعتمد على رواية النسائي في "الكبرى"، وفيها ما فيها من الخطأ، كما أنه أضاف خطأً آخر؛ حيث عمم الحكم وأظهره بتلك الصورة المسؤول عنها.

ثانيًا: لم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب أحدًا من أصحابه على وجه الاعتداء فضلًا عن زوجاته؛ حتى إن الحق تبارك وتعالى وصفه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]، وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما قال لي يومًا لشيء فعلته: لمَ فعلته، ولا لشيء لم أفعله": لمَ لم أفعله"، فما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالذي يغضب أو يضرب، بل كان هادئ الطبع طيب الأخلاق؛ ولذلك عندما تحدث عن نفسه قال: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» رواه البيهقي في "السنن الكبرى".

والحديث عن مكارم أخلاقه وحلمه وصبره يضيق عنه المقام؛ لكثرة ما يقال في هذا الأمر. ومما ذكر يعلم الجواب.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: شخص أساء لي وتجاوز في حقي، فطلب مني بعض الناس العفو عنه ومسامحته، وأخبرني بأنه قد ورد في القرآن والسنة أن العفو عن المسيء سبيل للوصول إلى عفو الله تعالى، كما أنه يكسب صاحبه عزة. فما مدى صحة هذا الكلام؟


ما حكم الشرع في اختلاء المسجون بزوجته؟


يقول السائل: ما حكم بيع الأسنان المخلوعة لطلاب كلية الطب بقصد التَّعلُّم؟


أنا مقبلٌ على الزواج ولا أعلم أحكامه؛ فنصحني البعض بضرورة تعلم أحكام عقد الزواج؛ حتى لا أوقع نفسي أو غيري في حرج أو إثم بسبب عدم علمي بذلك، وذلك من خلال الدورات التي تنظمها الجهات المتخصصة في هذا الشأن؛ فما قولكم في ذلك، وهل يجب عليَّ ذلك؟


ما حكم رد الهدية؟ وهل رد الهدية ينافي الهدي النبوي مطلقًا؟ وهل هناك حالات يجوز فيها عدم القبول؟


سائل يسأل عن كيف تكون تربية الطفل الصغير على الإيمان الصحيح وغرس الأخلاق الحسنة في نفسه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 23 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :55
الظهر
12 : 57
العصر
4:33
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :33