هل حديث اليهودي الذي كان يقوم بوضع المخلفات أمام بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعندما مرض ذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لزيارته، هل هذا حديث صحيح؟
الصحيح في هذا المعنى هو ما ورد من عيادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لجاره اليهودي عندما مرض، إلا أنَّ هذا اليهودي لم يكن يؤذيه بالمخلفات كما هو مشتهرٌ بين الناس، وإنما يورد الناس هذه القصة لضرب المثل للتسامح والعفو عند المقدرة، وهذا لا بأس به بشرط عدم نسبته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قصة اليهودي الذي كان يقوم بوضع المخلفات أمام بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعندما مرض ذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لزيارته، هي قصة مشتهرة بين الناس، ولكنها لم ترد في كتب السنة أو السيرة، وإنما يوردها الناس لضرب المثل للتسامح والعفو عند المقدرة، ولا بأس بما كان من ذلك بشرط ألَّا ينسب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال الإمام الصنعاني في "توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار" (2/ 82، ط. دار الكتب العلمية): [الأحاديث الواهية (فجوزوا) أي أئمة الحديث (التساهل فيه وروايته من غير بيان لضعفه إذا كان) واردًا (في غير الأحكام) وذلك كالفضائل والقصص والوعظ وسائر فنون الترغيب والترهيب] اهـ.
ومما يؤكد عدم صحة هذه القصة أنَّ وجود اليهود في جزيرة العرب كان في اليمن والشام والمدينة وما جاورهم، أما في مكة فلم يكن لهم وجود ملحوظ؛ فقد ورد في السنة ما يدل على وجود جار يهودي له صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك ما رواه الإمام مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي كِتَابِ "الْآثَارِ" فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم فَقَالَ لَنَا: قُومُوا بِنَا نَعُودُ جَارَنَا الْيَهُودِيَّ، قَالَ: فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَيْفَ أَنْتَ يَا فُلَانُ؟ ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ الشَّهَادَتَيْنِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ فِي الثَّالِثَةِ: يَا بُنَيَّ اشْهَدْ، فَشَهِدَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْحَمْدُ لله الَّذِي أَعْتَقَ بِي نَسَمَةً مِنْ النَّارِ».
وما رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ في "مصنفه" قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ جَارٌ يَهُودِيٌّ لَا بَأْسَ بِخُلُقِهِ، فَمَرِضَ، فَعَادَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ؟» فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ، فَسَكَتَ أَبُوهُ، وَسَكَتَ الْفَتَى، ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ أَبُوهُ فِي الثَّالِثَةِ: قُلْ مَا قَالَ لَكَ، فَفَعَلَ، فَمَاتَ، فَأَرَادَتِ الْيَهُودُ أَنْ تَلِيَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم: «نَحْنُ أَوْلَى بِهِ مِنْكُمْ»، فَغَسَّلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَكَفَّنَهُ، وَحَنَّطَهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: [وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو] اهـ.
وما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ». فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ. فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لله الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ».
وفي هذا الحديث لم يكن اليهودي جارًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما هو غلام يخدمه وقيل: اسمه عبد القدوس؛ قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 221): [كان غلام يهودي يخدم لم أقف في شيء من الطرق الموصولة على تسميته إلا أن ابن بشكوال ذكر أن صاحب العتبية حكى عن زياد شيطون أن اسم هذا الغلام عبد القدوس، قال: وهو غريب ما وجدته عند غيره] اهـ.
والخلاصة: أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرب المثل الأعلى في معاني الرحمة ونقاء المعدن وسمو الروح ونبل الطبع بعيادته لجاره اليهودي عندما مرض، إلا أنَّ هذا اليهودي لم يكن يؤذيه صلى الله عليه وآله وسلم بالمخلفات كما هو مشتهر بين الناس، وإنما يوردها الناس لضرب المثل للتسامح والعفو عند المقدرة، ولا بأس بذلك بشرط ألَّا يُنْسَبَ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الانتقال من مذهب إلى مذهب؟ فرجل عاميّ قد تعبد منذ ثلاثين عامًا على مذهب الإمام مالك من كل الوجوه من غير تلفيق، ثم انتقل إلى مذهب الإمام أبي حنيفة من غير تلفيق من كل الوجوه منذ شهرين. هل ذلك جائز، أم لا؟
ما حكم من يقوم بتصوير الأفعال الفاضحة المُخلّة بالحياء في الطريق العام ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل يختلف الحكم إن كان القصد من ذلك هو من باب إنكار المنكر؟
ما حكم السلام على المؤذن؟
هل يجوز للحاكم التسعير عند استغلال بعض التجار الظروف الاقتصادية التي يمرّ بها العالم وقيامهم بمضاعفة أسعار الأطعمة والسلع؟
نرجو منكم بيانًا واضحًا حول نجاة السيدة آمنة أم النبي عليه الصلاة والسلام والأدلة على ذلك.
ما حكم التسامح بالتنازل عن قضية منظورة أمام القضاء مراعاة لحرمة شهر رمضان؟ فنحن مقبلون على أيام كريمة في شهر رمضان، وعندي قضية مرفوعة أمام إحدى المحاكم على بعض الأفراد بخصوص أرضٍ بيني وبينهم، وقال لي بعض المقربين بأنه لن يُتقبل لي صيام، ولن يُغفر لي إلا بعد التنازل عن هذه القضية، فهل هذا صحيح؟ وهل يجب عليَّ التنازل عن القضية وعن حقوقي أو على أقل تقدير ما أظنه حقي من باب التسامح؟ وما التسامح الذي يحصل به القبول والمغفرة؟