تكوين الأشجار على هيئة إنسان أو حيوان

تاريخ الفتوى: 02 سبتمبر 2019 م
رقم الفتوى: 4923
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
تكوين الأشجار على هيئة إنسان أو حيوان

ما حكم تكوين الأشجار على هيئة إنسان أو حيوان؛ فبرجاء التكرم ببيان الحكم الشرعي في القيام بتهذيب أشجار الزينة في بعض الحدائق العامة على أشكال تحاكي بعض الحيوانات، كالدببة، أو الفيلة، أو بعض الطيور، أو بعض الشخصيات الكرتونية التي تظهر ملامح الوجه الإنساني؛ فهل هذا جائز؟

تهذيب أشجار الزينة على أشكال تحاكي صور الحيوانات أو الشخصيات الكرتونية، ليس من التصوير المنهي عنه في شيء؛ بل هو جائز شرعًا؛ لانتفاء علة عبادتها وتقديسها، مع تحقق المصلحة؛ فإن في تزين الحدائق بهذه الأشكال ما يُسعد الأطفال ويُدخل السرور عليهم وعلى أسرهم، ولأجل ذلك جعلت الحدائق العامة.

المحتويات

 

حكم تكوين الأشجار على هيئة إنسان أو حيوان

تهذيب أشجار الزينة على صورة تحاكي بعض صور الحيوانات أو بعض الشخصيات الكرتونية بحيث تبدو وكأنها جسمٌ لما مثلت به، ليست من قبيل التجسيم والتمثيل المنهي عنه شرعًا.

فالتماثيل: جمع تمثال، والتمثال في اللغة: هو ما جُعِل على نظير مثال سابق، يقال: مثلت الشيء؛ أي: جعلت له مثالًا أو تمثالًا.

قال الإمام أبو منصور الأزهري في "تهذيب اللغة" (15/ 72، ط. دار إحياء التراث العربي): [والتمثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهًا بخلق من خلق الله، وجمعه: التماثيل، وأصله من: مثّلت الشيء بالشيء، إذا قدَّرته على قدره، ويكون تمثيل الشيء بالشيء تشبيها له، واسم ذلك الممثل: تمثال] اهـ.

وقال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (11/ 610، ط. دار صادر): [والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع: التَّماثيل، ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره حتى كأَنه ينظر إِليه] اهـ.

والتمثال المجسم الذي يصح عليه لفظ تمثال هو ما لا وجود لمحله بدونه، والممتد في الأبعاد الثلاثة، المصنوع من مادة صلبة؛ كالحجر، أو الخشب، أو الذهب، أو الفضة.

قال العلامة السيد الشريف الجرجاني في " التعريفات" (ص: 135، ط. دار الكتب العلمية): [الصورة الجسمية: جوهر متصل بسيط لا وجود لمحله دونه، قابل للأبعاد الثلاثة المدركة من الجسم في بادئ النظر. الصورة الجسيمة: الجوهر الممتد في الأبعاد كلها، المدرك في بادئ النظر بالحس] اهـ.

وقال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (13/ 443، ط. دار صادر): [الأزهري: قال شمر فيما قرأت بخطه: أصل الأوثان عند العرب كل تمثال من خشب، أو حجارة، أو ذهب، أو فضة، أو نحاس، أو نحوها] اهـ.

وقال الإمام النووي في "تحرير ألفاظ التنبيه" (ص: 163، ط. دار القلم): [وقيل: مَا كَانَ لَهُ جثة من خشب، أَو حجر، أَو فضَّة، أَو جَوْهَر، أَو غَيره سَوَاء المصور وَغَيره] اهـ.

وجعل الأشجار كهيئة الصور المجسمة لا يخرجها عن كونها أشجارًا تحتاج للرعاية والسقاية ومداومة التهذيب، لتظل مخضرة مورقة، كما أنه لا يدخلها في التجسيم والتمثيل المنهي عنه: فإن التمثال حقيقةً: هو ما يصنع من مادةٍ صلبةٍ، ويشغل حيزًا من الفراغ، وتصوير الأشجار بهذه الصور وإن استُخدم فيه بعضُ الأخشاب أو المواد الصلبة إلا أنه لا يخلو من التجويف والفراغ بين أركانها، ولا يخرجها عن الهيئة الشجرية لها، فلا تكون تمثالًا في هيئتها ولا في مادتها.

بيان المجسمات والتماثيل المحرم اتخاذها

قد أجاز جماعة من الفقهاء المحققين اتخاذَ التماثيل إذا لم يقصد بها العبادة، ونصوا على أن تحريم التماثيل الوارد في الشرع إنما جاء سدًّا لذريعة عبادتها، وحسمًا لمادة تقديسها، فأما المجسمات على صور الحيوانات والبشر التي لا تُتَّخَذُ للعبادة فلا تحرم، فالنهي عن اتخاذ التصاوير والتماثيل التي على هيئة ذوات الروح وعن صناعتها، لم يكن لكونها محرمة في ذاتها، بل لما ارتبط بها في الجاهلية من العبادة، فإذا زالت عنها تلك العلة جاز اتخاذها.

قال الإمام ابن العربي المالكي في "أحكام القرآن" (4/ 9، ط. دار الكتب العلمية): [والذي أوجب النهي عنه في شرعنا والله أعلم: ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فكانوا يصورون ويعبدون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" (14/ 91، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأما رواية "أشد عذابًا" فقيل: هي محمولة على من فعل الصورة لتُعْبَدَ، وهو صانع الأصنام ونحوها؛ فهذا كافر، وهو أشد عذابًا، وقيل: هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى واعتقد ذلك] اهـ.

فإذا أمن الناس من مظنة عبادتها، وغدت مجرد زينة أو حلية، ولم تُوضَع مَوْضعَ قداسةٍ لصورتها: فقد زالت علةُ تحريمها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ويشهد لذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن توضع الصورة في البيت بحيث تشغل عن الصلاة، أو في موضع يوحي بمظنة تقديسها، ولم ينه عن وضعها إذا زالت هذه العلل عنها، وأباحها للمصلحة.

فروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها، أنه كان لها ثوب فيه تصاوير، ممدود إلى سهوة، فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي إليه، فقال: «أَخِّرِيهِ عَنِّي»، قالت: فأخَّرته فجعلته وسائد.
وعنها رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من سفر وقد اشتريت نمطًا فيه صورة، فسترته على سهوة بيتي، فلما دخل كره ما صنعت وقال: «أَتَسْتُرِينَ الْجُدُرَ يَا عَائِشَةُ؟» فطرحته فقطعته مرفقتين، فقد رأيته متكئًا على إحداهما وفيها صورة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند".

حكم اتخاذ التماثيل في المنزل للتسلية عن الأطفال

كما أن النصوص قد وردت بجواز اتخاذ التماثيل إذا خلت عن علة العبادة أو التقديس، وكان في اتخاذها منفعة ولو يسيرة، كالتسلية عن الأطفال باتخاذها لعبًا وعرائس لهم، لإدخال السرور عليهم، وتدريبهم على تربية أولادهم فيما بعد.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل يتقمَّعن منه، فيسر بهن إلي فيلعبن معي" متفق عليه.

وعن الرُّبَيِّعِ بنتِ مُعَوِّذ ابن عفراء رضي الله عنها قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: «مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ»، فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار. متفق عليه.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فتهذيب أشجار الزينة على أشكال تحاكي صور الحيوانات أو الشخصيات الكرتونية، ليس من التصوير المنهي عنه في شيء؛ بل هو جائز شرعًا؛ لانتفاء علة عبادتها وتقديسها، مع تحقق المصلحة؛ فإن في تزين الحدائق بهذه الأشكال ما يُسعد الأطفال ويُدخل السرور عليهم وعلى أسرهم، ولأجل ذلك جعلت الحدائق العامة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم قصر الحج على الموجودين في السعودية بسبب الوباء؟ ففي ظل انتشار وباء كورونا في هذه الآونة، قررت وزارة الحج بالسعودية إقامة حج هذا العام بأعداد محدودة جدًّا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، وذلك حرصًا على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًّا، يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، فهل يتماشى هذا القرار مع أحكام الشريعة الإسلامية؟ خاصة مع ظهور بعض الدعاوى بأن منع الحج أو تقييده بشكل جزئي لا يجوز، وأن هذه سابقة لم تحدث قبل ذلك.


ما حكم الوظائف الحكومية في البلاد غير الإسلامية؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم المناصب الحكومية في داغستان، هل يجوز لواحدٍ من المسلمين أن يرشح نفسه ليكون رئيسًا لجمهورية داغستان -علمًا بأن %95 من السكان ينتسبون إلى الإسلام- أو وزيرًا من الوزراء، أو عضوًا في مجلس الشعب؟ وإذا رشح نفسه وصار واحدًا من المذكورين هل يُعتبر عميلًا للكفار لأنه يحمي وينفذ القانون الروسي، ويأمر ويحكم به؟
وما حكم شَغل المسلم لهذه المناصب في الحكومة المركزية الروسية في موسكو، هل له أن يكون منتخبًا في البرلمان الروسي، أو أن يعمل موظفًا حكوميًّا في روسيا وفي المجالات المختلفة؛ في الوزارات الداخلية والخارجية والاقتصادية وغيرها؟
وما حكم مشاركة المسلمين منا في الانتخابات العامة لاختيار رئيس روسيا الاتحادية، هل تعتبر هذه الانتخابات اختيارًا منا لتولية الكافر علينا، وإعطاءً للكافر الولاءَ، وماذا علينا أن نفعل إذا كان الحكم الشرعي كذلك فعلًا؛ والحال أننا إذا لم نُجر الانتخابات في القرية ولم نشارك فيها نهائيًّا نقع في مشاكل مع الحكومة، وفي ذات الوقت نخاف من الوقوع في الإثم إن شاركنا، وهناك من الشباب من لا يشاركون في الانتخابات ويفسِّقون أو يُكَفِّرون من شارَك، ولهم من يتبعهم في هذا الرأي، فما الحكم في ذلك؟
وهل يجوز لمسلمٍ أن يكون شرطيًّا أو يعمل في الأمن في بلدنا؟ فهناك مَن يقول بجواز قتل الشرطة ورجال الأمن والمخابرات، ولو كانوا يدَّعون الإسلام ويصلون ويصومون؛ لأن مجرد كونهم موظفين في البلد الذي هو تحت حكم الكفار يُحِلُّ دماءهم وأموالهم، ومن المعلوم أن روسيا تُنَصِّب علينا رئيسًا ووزراء وشرطة وغيرهم من أرباب المناصب والسلطات من غير المسلمين، إذا لم يَشْغَل أحدٌ مِن المسلمين هذه المناصب.


في خضم هذه الآونة التي انتشر فيها فيروس كورونا وأصبح وباءً عمّ جميع دول العالم، وفي ظل النصائح الصحية التي تؤكدها منظمة الصحة العالمية والأطباء المختصون بأن يكثر الناس من شرب السوائل؛ للمحافظة على بقاء الفم رطبًا بشكل مستمر، وأوصت بالمداومة على تناول الأغذية التي تقوي الجهاز المناعي للإنسان؛ كأسلوب من أهم أساليب الوقاية من خطر الإصابة بفيروس كورونا.
فهل يجوز إفطار رمضان في هذه الحالة لمن خاف الإصابة بالعدوى لجفاف الفم، أو احتياجه إلى تقوية مناعة الجسم؟ ومتى يجوز الإفطار للمريض؟ وما موقف أصحاب الأمراض المزمنة؛ خاصة مرضى السكري؟ والنساء الحوامل والمرضعات؟ والمصابين بعدوى الوباء؟ ومن يباشرهم من الأطباء؟


ما حكم إلقاء الكمامة الطبية في غير الأماكن المخصصة لها؟ حيث يعمد كثير من الناس في هذه الأوقات خلال استعمالهم الكمامات الطبية لحمايتهم من انتشار "فيروس كورونا المستجد" إلى إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة في غير الأماكن المُخَصَّصة لها مما يزيد من مخاطر انتشار الفيروس، فما حكم إلقاء الكمامة بعد استعمالها في الشوارع العامة؟


ما حكم إفطار الطاقم الطبي (الأطباء والممرضين) المباشر لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد؟


ما حكم الامتناع عن دفن موتى كورونا؛ فقد فوجئنا بامتناع البعض عن دفن المتوفين من جراء وباء كورونا؛ حتى إن بعض أهالي قرية من القرى تجمهروا رافضين دفن إحدى طبيبات القرية في مدفن أسرتها، بعد أن توفيت؛ بسبب مباشرتها المستمرة لعلاج مرضى كورونا، حتى تدخلت قوات الأمن وأنهت المشكلة، وتم الدفن بالفعل، فهل يجوز الامتناع عن دفن من ماتوا بسبب هذا الوباء بحجة أن دفنهم سيعدي الأماكن من حولهم؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20