نشرت فتوى صادرة عن دائرة الإفتاء التابعة لتنظيم داعش المتطرف تتعلق بحرمة ما يسميه البعض بـ"نكاح البدل"، وهو موجود في بعض البلدان العربية، وصورته: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، أو يزوجه أخته على أن يزوجه الآخر أخته، ولا مهر بينهما، فهل هذه الفتوى صحيحة؟
مجرد اتفاق الرجلين على أن يزوج أحدهما أخته أو ابنته من الآخر، على أن يزوج ذلك الآخر أخته أو ابنته من الأول، بلا مهر بينهما، لا يدخل تحت صورة الشغار المنهي عنه في الحديث، ما دام لم يجعل البُضع صداقًا، ويثبت في مثل هذه الحالة لكل واحدة من المرأتين مهر المثل.
والفتوى المسؤول عنها ليست صحيحة؛ فالفقيه حقًّا هو من يصحح معاملات الناس ما أمكنه، أما أولئك الدواعش فليسوا بفقهاء ولا علماء ولا صلاحية عندهم للفتوى أو الإرشاد، ويحرم أخذ الأحكام الشرعية عن طريقهم.
المحتويات
انتشر عند العرب قديمًا في الجاهلية بعض الأنكحة التي حرمها الإسلام ولم يجزها، وكان من هذه الأنكحة: ما يعرف باسم: "نكاح الشغار".
وقد ورد النهي عن هذا النوع من النكاح فيما رواه الشيخان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار، فقيل لنافع: ما الشغار؟ قال: "ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق، وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق".
وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته، على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق.
وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ».
وذكر البنت والأخت في هذا الحديث على سبيل المثال، فكل مولية كذلك؛ قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (9/ 201، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ والعمات وبنات الأعمام والإماء كالبنات في هذا] اهـ.
وأصل الشغر في اللغة: الرفع؛ يقال: شغر الكلب؛ إذا رفع رجليه ليبول، وذلك أنه لا يفعل ذلك إلا إذا كبر وبلغ حد الوثوب على الإناث. فسمي هذا النوع من النكاح شغارًا لما فيه من رفع للمهر، أو لبعض الشرائط. انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 278، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" للحطاب (3/ 512، ط. دار الفكر).
قال الإمام أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (3/ 192، ط. المطبعة العلمية بحلب): [سمي شغارًا؛ لأنه رفع العقد من أصله، فارتفع النكاح والمهر معًا. ويبين لك أن النهي قد انطوى على الأمرين معًا: أن البدل ههنا ليس شيئًا غير العقد، ولا العقد شيئًا غير البدل، فهو إذا فسد مهرًا فسد عقدًا، وإذا أبطلته الشريعة فإنما أفسدته على الجهة التي كانوا يوقعونه، وكانوا يوقعونه مهرًا وعقدًا، فوجب أن يفسدا معًا] اهـ.
المقرر في فقه السادة الشافعية أن المقتضي للبطلان: هو التشريك في البضع؛ فإنَّ بضع كل من المرأتين قد جعل موردًا للعقد، وصداقًا للأخرى، فجعله عوضًا ومعوضًا عنه، والمحل الواحد لا يكون فاعلًا وقابلًا؛ أي: لا يجعل علة ومعلولًا؛ واستنبطوا هذا من قوله: "وليس بينهما صداق"، ولم يجعلوا المقتضي للبطلان عدم الصداق؛ لأن تسمية الصداق عندهم غير واجبة، وإنما المقتضي للبطلان: جعل البضع صداقًا.
قال في "المنهاج" وشرحه للعلامة المحلي (3/ 219-220، ط. دار إحياء الكتب العربية -مع حاشيتي قليوبي وعميرة-): [(ولا) يصح (نكاح الشغار)؛ للنهي عنه في حديث الصحيحين، (وهو زوجتكها)؛ أي: بنتي (على أن تزوجني بنتك، وبضع كل واحدة) منهما (صداق الأخرى، فيقبل) ذلك؛ كأن يقول: تزوجت بنتك، وزوجتك بنتي على ما ذكرت، وهذا التفسير مأخوذ من آخر الحديث، المحتمل لأن يكون من تفسير ابن عمر الراوي، فيرجع إليه. والمعنى في البطلان: التشريك في البضع؛ حيث جعل مورد النكاح وصداق الأخرى، وقيل: التعليق، وقيل: الخلو عن المهر، ولذلك سمي شغارًا؛ من قولهم: شغر البلد عن السلطان، إذا خلا عنه. (فإن لم يجعل البضع صداقًا)؛ بأن سكت عن ذلك، (فالأصح الصحة) في النكاحين؛ لانتفاء التشريك المذكور، ولكل واحدة مهر المثل، والثاني: بطلانهما؛ لوجود التعليق، واعترض بأنه ليس فيه إلا شرط عقد في عقد، وذلك لا يبطل النكاح] اهـ.
وقد ذهب فقهاء المالكية والحنابلة إلى أن الشغار هو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته، ولا مهر بينهما، وهو باطل عندهما كذلك. راجع: "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 11، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" للمرداوي (8/ 159-160، ط. دار إحياء التراث العربي)
بينما يرى الحنفية وأحمد في رواية عنه صحة العقد مع فساد الشرط. راجع: "بدائع الصنائع" (2/ 278)، و"الإنصاف" للمرداوي (8/ 159-160).
والمختار للفتوى من مذاهب العلماء أن مجرد اتفاق الرجلين على أن يزوج أحدهما أخته أو ابنته من الآخر على أن يزوج ذلك الآخر أخته أو ابنته من الأول، بلا مهر بينهما، لا يدخل تحت صورة الشغار المنهي عنه في الحديث، ويثبت لكل واحدة من المرأتين مهر المثل.
عليه: فالفتوى المسؤول عنها ليست صحيحة بناء على ما اخترناه، والفقيه يصحح معاملات الناس ما أمكنه، أما أولئك الدواعش فليسوا بفقهاء ولا علماء ولا صلاحية عندهم للفتوى أو الإرشاد، ويحرم أخذ الأحكام الشرعية عن طريقهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الزواج من زوجة أب الزوجة؛ فقد أفاد أحد المأذونين أن رجلًا تزوج امرأة أنجب منها بنتًا زوّجها لابن أخته، ثم تزوج امرأة أخرى وأنجب منها أيضًا، ثم توفي هذا الرجل بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1954م، وسأل: هل يجوز لابن أخته الذي هو زوج بنته من الزوجة الأولى أن يتزوج امرأة خاله التي هي امرأة أبي زوجته أو لا؟
سأل في صديق له تزوج وأنجب أولادًا، ثم أصيب بارتخاء أحرجه أمام زوجته، وهداه تفكيره السقيم إلى إيقاظ دوافعه الجنسية بالاحتكاك بدبر زوجته، ولكنه وقع من حيث لا يشعر في المحظور؛ إذ إنه كان أحيانًا قليلة يأتي امرأته في دبرها.
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان إتيان صديقه زوجته في دبرها يحرمها عليه أو لا، علمًا أنه ندم على ما فعل، واستغفر وعزم مصمِّمًا على عدم العودة إلى ذلك مستقبلًا.
ما حكم الشبكة عند فسخ الخطبة؟
ما حكم الاحتفال بالزفاف في بيت الزوجة وشراء مستلزمات الزواج من المهر؟ ففي بلاد تركستان الشرقية يتم حفل الزفاف في بيت الزوجة، فهل هذا يخالف الشرع أو يُعَدُّ بدعة؟ وقد جرت العادة أن يأخذ ولي أمر المخطوبة مهرها من الزوج فيشتري لها به مستلزمات الزواج من ذهب وملابس لها، والباقي يكون لتكاليف حفل الزفاف. فهل هذا جائز؟
ما حكم الشرع في إثبات واقعة السب والقذف من زوج لزوجته أو العكس؟ وهل تصلح شهادة النساء في إثبات السب والقذف؟ وما هو نصاب الشهادة لإثبات هذه الواقعة؟ وما هي شروط أداء الشهادة؟ وهل تصلح شهادة ثلاث نساء مجتمعات، والشاهدة الثانية والثالثة لم يشهدا غير بقول: "كما قالت الشاهدة الأولى"؟ وهل تصلح الشهادة بدون حلف اليمين؟ وإذا لم تصلح شهادة هؤلاء النسوة ولم يوجد غيرهن يشهد بنفس الشهادة فما حكم الدين فيهن؟
خطب شابٌّ فتاة، وقدَّم لها شبكة وهدايا أخرى، وبعد مدة مَرِضَ الخاطبُ بمرضٍ قرَّر الطبيب أنه مرضٌ خطيرٌ ينتقلُ بالمعاشرة الجنسية، وهو مرضٌ مزمن؛ فهل يجوز فسخ الخطبة؟