حكم حمل الميت على السيارة أثناء تشييعه

تاريخ الفتوى: 25 أبريل 2021 م
رقم الفتوى: 5435
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الجنائز
حكم حمل الميت على السيارة أثناء تشييعه

ما حكم حمل الميت على السيارة أثناء تشييعه؟ حيث يقول السائل: المقابر الخاصة بقريتنا خارج الحيز العمراني للقرية، وقريتنا شوارع ترابية، وفي أيام الشتاء والمطر تكون الشوارع سيئة جدًّا، بالإضافة إلى أن المقابر تبعد عن العمران بحوالي 400م كحد أدنى و1400م كحد أقصى من أطراف القرية، ويوجد بعض التوابع للقرية تبعد بحوالي 2 كيلو متر؛ فقمنا أنا وبعض المتبرعين بشراء سيارة وتجهيزها للدفن، فأفتى أحد مشايخ القرية من غير الأزهريين بعدم مشروعية حمل الميت بالسيارة، وقال: لا بد أن يحمل الميت على الأعناق، وما دون ذلك بدعة نحمل وزرها، فرجاء منكم فتوى رسمية بجواز ذلك من عدمه، ولفضيلتكم جزيل الشكر.

يجوز حمل الميت على السيارة إلى قبره، ما دامت المقابر بعيدة عن القرية، وما دام الأمر يشق عليكم لوجود الوحل والطين التي يصعب المرور فيها مع حمل الميت، وهي حاجات معتبرة وأعذار مقبولة، لا تخرج عن معنى الأعذار التي جوَّز لها الفقهاء حملَ الجنازة على الدابة إلى القبر، وعلى ذلك جرى عمل الناس من غير نكير، مع مراعاة احترام الميت في نقله وعدم انتهاك حرمته؛ فتُستخدَم كل الوسائل الممكنة في تحقيق ذلك.

المحتويات

 

الإجراءات والآداب التي تُحقق كرامة الميت وتصون حرمته

جعل الله تعالى أهم مظاهر تكريم الإنسان بعد خروج روحه: التعجيلَ بتغسيلِه، وتكفينِه، والصلاةِ عليه، وحمل جنازته، ودفنِه؛ صونًا لحرمته وحفظًا لأمانته، وهذا ما أجمعت عليه أمة الإسلام إلى يومنا هذا؛ حتى سمّاها الفقهاء: الأركان التي تجب على الحي في حق الميت، ونصُّوا على أنها من الفروض الكفائية على المسلمين: إن قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن تركوها أثموا جميعًا.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ» أخرجه الطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري".
وقال الزبير بن العوام رضي الله عنه: "إنما كرامة الميت تعجيلُه" رواه ابن شبة في "تاريخ المدينة"، ومثلُه عن أيوب السختياني؛ فيما رواه ابن أبي الدنيا، ومثلُه عن الإمام أحمد بن حنبل كما في "المغني" لابن قُدامة (2/ 337، ط. مكتبة القاهرة).
ولذلك اجتهد الفقهاء في النص على الإجراءات والآداب التي تُحقق كرامة الميت وتصون حرمته، ابتداءً من خروج روحه إلى إقباره وإهالة التراب عليه؛ من ستر عورته أثناء تغسيله، وإحسان تكفينه، والتلطف في حمله، ونحو ذلك، فاتفقوا على أنه يجب أن يُحمل الميت إلى قبره بطريقة تُحصِّل مقصود الكرامة والاحترام.

حكم حمل الميت على السيارة أثناء تشييعه

من ذلك: حمل الجنازة على الدابة، وقد أجازه الفقهاء للمصلحة والحاجة؛ بأن كان مكان الدفن بعيدًا يشق الحمل إليه، أو لم يوجد من يحملها، أو كانت الجنازة ثقيلة: جاز حملها حينئذٍ.
وفي معنى ذلك: الوحل الذي يصعب معه حمل الجنازة على الأعناق؛ فيجوز حينئذ حملها على السيارات، وعلى ذلك جرى عمل الناس من غير نكير.
وأما نصوص بعض الفقهاء بالمنع؛ كراهة أو تحريمًا: فالمقصود منها ما إذا كان حمل الميت على الدابة لغير حاجة، أو حُمِلَ على هيئة مزرية؛ بأن يُحمل في قُفَّةٍ أو نحوها، أو على هيئة تُشبه حمل الأثقال والأمتعة، أو على هيئة يخاف منها سقوطه، أو نحو ذلك مما لا يليق بإكرام الميت وصون حُرمته.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 223، ط. المكتبة العصرية): [ويكره حمله على ظهر دابة بلا عذر] اهـ.
وقال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 603، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: "بلا عذر": أما إذا كان عذر؛ بأن كان المحل بعيدًا يشق حمل الرجال له، أو لم يكن الحامل إلا واحدًا فحمله على ظهره: فلا كراهة إذن] اهـ.
وقال العلامة ابن أبي زيد القيرواني المالكي في "النوادر والزيادات" (1/ 569، ط. دار الغرب الإسلامي): [قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: ولا بَأْسَ بحمل الجنازة على دابة، إذا لم يوجد من يحملها] اهـ.
وقال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (2/ 465، ط. دار الغرب الإسلامي): [وينبغي تمييز الميت؛ فلا يحمل على دابة ولا عجلة إلا من ضرورة، قال أشهب: وحمل الصبي على الأيدي أحب إليَّ من الدابة والنعش] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 270-271، ط. دار الفكر): [(فرع): قال أصحابنا رحمهم الله: يحرم حمل الجنازة على هيئة مزرية؛ كحمله في قفة وغرارة ونحو ذلك، ويحرم حمله على هيئة يخاف منها سقوطه.
قال الشافعي في "الأم"، والقاضي أبو الطيب، والأصحاب: ويحمل على سريرٍ أو لوحٍ أو محملٍ، قالوا: وأي شيء حُمِلَ عليه أجزأ] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (3/ 186، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(قوله أجزأ): أي كفى في سقوط الطلب، وشرط جوازه: أن لا يكون الحمل على هيئة مزرية، ومنه: حمله على ما لا يليق به] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 127، ط. دار الكتب العلمية): [ولا بأس بحمل الميت (على دابة لغرض صحيح؛ كبعد) قبره (ونحوه) كسمنٍ مفرط] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز لكم حمل الميت على السيارة إلى قبره، ما دامت المقابر بعيدة عن القرية، وما دام الأمر يشق عليكم لوجود الوحل والطين التي يصعب المرور فيها مع حمل الميت، وهي حاجات معتبرة وأعذار مقبولة، لا تخرج عن معنى الأعذار التي جوَّز لها الفقهاء حملَ الجنازة على الدابة إلى القبر، وعلى ذلك جرى عمل الناس من غير نكير، مع مراعاة احترام الميت في نقله وعدم انتهاك حرمته؛ فتُستخدَم كل الوسائل الممكنة في تحقيق ذلك، أما الوقوف أمام ذلك واعتراضه ودعوى أنه بدعة فهو من التنطع المذموم والتشدد المرفوض الذي لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تليق أمثال هذه التصرفات والرعونات مع جلال الحال ورهبة الموت وفداحة المصيبة التي تبعث على رقة القلب وسماحة النفس وحسن الخلق.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بناء مقبرة تحت طريق مروري؟ فنحن نملك مقبرة وقد امتلأت عن آخرها بالجثث ونرغب في بناء حجرة في الشارع المار من أمام المقبرة ومسقوفة بسقف خرسانة بسمك عشرين سنتيمترًا، علمًا بأن هذه الحجرة تكون تحت الأرض في الشارع وسيمر من فوقها أناس غيرنا لدفن موتاهم في المقابر المجاورة، فهل يجوز البناء ووضع الجثث القديمة بها، علمًا بأننا لا نستطيع بناء مقابر جديدة في الأرض الزراعية، وإذا كان الأمر غير جائز فما هو الحال في إيواء الجثث القديمة؟


ما حكم صلاة الجنازة في الشوارع بالنعال؟ حيث يصلي أهل إحدى القرى صلاة الجنازة بالأحذية والنعال عند المقابر بشارع خارجها، بحجة أن يلحق بهذه الصلاة أكبر عدد من رواد المساجد بالقرية والقرى المجاورة، بالإضافة إلى المشيعين؛ علمًا بأن شوارع هذه القرية لا تخلو من بعض روث البهائم والحمير والقطط والكلاب أو مياه المجاري والطين في الشتاء، بالإضافة إلى أنهم فلاحون بعضهم يدخل إلى حظائر الحيوانات بتلك النعال، وكذلك إلى دورات المياه بالمساجد وغيرها من دورات المياه العمومية، ناهيك عن رائحة الجوارب (الشرابات)، والتي تجاوز رائحة البصل بمراحل كبيرة، بالإضافة إلى إمكان وجود بعض الروث بمكان الصلاة، ورغم ذلك يصر أهل القرية على أداء هذه الفريضة بالنعال، فما حكم شرعنا المقدس الطاهر في هذه الصلاة؟ وهل يجوز أداء باقي الصلوات بهذه الكيفية؟


يقوم بعض الناس بدفن الميت على هيئة وضعه على ظهره وقدمه للقبلة، فما حكم الدفن بهذه الطريقة؟ حيث إن ما علمناه أن الميت يدفن على جنبه ووجهه للقبلة. 


يقول السائل: عند امتلاء المقابر نقوم بعمل عظَّامة يُوضع فيها ما تبقى من عظام المُتَوَفَّين؛ فمتى يتمُّ تطهيرُ المقابر لعمل تلك العظَّامة؟ وهل يُشْتَرَط فناء المُتَوَفَّين تمامًا حتى يمكن لنا عمل تلك العظَّامة؟


عندما يحضر أكثر من ميت ونصلي عليهم جميعًا مرة واحدة، هل يتعدد الثواب بعدد المصلى عليهم؟


استفتاء عن حكم الشرع في طريقة الدفن المقدمة من إحدى الشركات المتخصصة بمدينة سيدني باستراليا، ونص استفتاء الشركة جاء كالتالي: حفاظًا وصونًا لكرامة موتى المسلمين بعد دفنهم في استراليا بخاصة وفي جُلِّ بلاد العالم بصفة عامة، حيث تُغْمَرُ وتمتلئ المقابر بالمياه الجوفية والأمطار مما يجعل الميت مغمورًا في بركة من المياه، وهي مشكلة يترتب عليها ما يلي:
- الضرر والأذى الذي يحل بالموتى، فهل للميت حرمة كحرمته حيًّا؟
- هذه الحالة تحول دون تحلُّل الجثة وفنائها مع تراب الأرض بطريقة طبيعية.
- حالة التعفن والتحلُّل داخل المياه يترتب عليها مخاطر بيئية وصحية بيولوجية.
- استنفاد المساحة المخصصة لدفن موتى المسلمين مما يضطرهم إلى البحث عن أماكن نائية خارج المدن فضلًا عن ارتفاع تكلفة الدفن في استراليا والبلاد الغربية.
ملحوظة: طبيعة الأرض في استراليا صلصالية صوانية غير مسامية وتحتفظ بالماء زمنًا طويلًا.
لهذه الأسباب وغيرها.. وفَّق الله تعالى شركتنا لاختراع وابتكار واستحداث طريقة علمية عملية لحماية موتى المسلمين وغيرهم من هذه الأضرار، كما تمنح الجاليات الإسلامية فرصة أكبر من الاستفادة من مساحة الأرض.
وتسمح للعائلات المسلمة من دفن موتاهم في مقبرة واحدة حسب تعاليم الشريعة الإسلامية.
وهذا الإنجاز والابتكار يتمثل في وحدة دفن مستطيلة على حجم الجثمان من مادة خاصة واقية من تسرب أية نسبة من الماء تمامًا بالتجربة والمعاينة، وقد أطلق عليها مصطلح (OBS) بينما سيكون جسد الميت متصلًا بالأرض الطبيعية مباشرة.
ونفس الطريقة يتم دفن ميت آخر بوضع فاصل ترابي بين الوحدتين مع تغطية القبر بالتراب كاملًا بعد الدفن بطريقة مُعتادة. كما هو موضَّح في نص الفتوى التفصيلية.
فما هو حكم الشريعة الإسلامية فيما طرحناه؟ لنتمكن من تطبيقه وتعميمه واستخدامه بين المسلمين. وجزاكم الله خيرًا. مع فائق الاحترام.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 يوليو 2025 م
الفجر
4 :35
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 49
العشاء
9 :16