ما حكم صلاة الجنازة على أكثر من متوفى مرة واحدة؟ نظرًا لما حدث من انتشار فيروس كورونا المستجد، وما ترتَّب عليه من زيادة أعداد الموتى بسبب هذا الوباء، وما نتج عنه مِن اجتماع أكثر مِن جنازة في وقت واحد للصلاة عليها؛ فهل إذا صلَّى الإنسان على أكثر مِن جنازة دفعة واحدة ينال مِن الأجر والثواب ما يأخذه لو صلَّى على كل جنازة منفردة؟
إذا تعددت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعةً واحدةً: كان للمُصَلِّي عليها قيراطٌ مِن الأجر والثواب عن كلِّ جنازة منها كما لو صلى عليها منفردة؛ لأنَّ الشرع قد ربط هذا الأجر والثواب بوصف الصلاة على الجنازة، وهو حاصلٌ في كلِّ ميتٍ يُصَلَّى عليه وإن تعدَّدت الجنائز، بالإضافة إلى أنَّ كلَّ ميتٍ ينتفع بصلاة المصلِّي عليه ودعائه له؛ فحصل له تعدُّد الأجر، وفضل الله واسع.
المحتويات
الصلاة على الجنازة مِن فروض الكفاية عند جماهير الفقهاء، وقد رغَّب الشرع الشريف فيها، وندب إليها وإلى اتِّباعها حتى تُدفَن، ورَتَّب على هذا العمل الثوابَ العظيمَ والأجرَ الوفيرَ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ؛ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ»، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» متفق عليه.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 195، ط. دار المعرفة): [قال الطيبي: قوله: «مِثْلُ أُحُدٍ»: تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط، والمراد منه: أنَّه يرجع بنصيب كبير من الأجر؛ وذلك لأنَّ لفظ القيراط مُبْهَمٌ مِن وجهين: فبيَّن الموزون بقوله: «مِنَ الْأَجْرِ»، وبيَّن المقدار المراد منه بقوله: «مِثْلَ أُحُدٍ»، وقال الزين بن المنير: أراد تعظيم الثواب فَمَثَّلَهُ لِلْعَيَان بأعظم الجبال خَلقًا وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حُبًّا] اهـ.
وقال الإمام القسطلاني في "إرشاد الساري" (2/ 428، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [ويجوز أن يكون على حقيقته؛ بأن يجعل الله تعالى عمله يوم القيامة جسمًا قَدْرَ أُحُدٍ ويُوزَن، وفي حديث واثلة عند ابن عدي: «كُتِبَ لَهُ قِيرَاطَانِ؛ أَخَفُّهُمَا فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ». فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أُحُدٍ، وأنَّ المراد به زنة الثواب المُرَتَّب على ذلك العمل] اهـ.
هذا إذا كانت الصلاة منفردةً على جنازة واحدة؛ فإذا تعدَّدت الجنازات واتحدَت الصلاة عليها دفعة واحدة -لا سيما في ظل الظروف الاستثنائية- كان للمُصلي عليها قيراطٌ مِن الأجر عن كلِّ جنازة منها كما لو صلى عليها منفردة؛ لأنَّ الشرع الشريف قد ربط القيراط بوصفٍ هو الصلاة على الجنازة، وهذا الوصف حاصلٌ في كل ميتٍ يُصَلَّى عليه عند تعدُّدهمْ، فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات، بالإضافة إلى أنَّ كل ميتٍ قد انتفع بصلاة المصلِّي عليه ودعائه له؛ فصحَّ له تعدد الأجر، وفضل الله أوسعُ مِن أن يُحْجَرَ أو يُمْنَعَ عن عباده.
وعلى ذلك نَصَّ غيرُ واحدٍ مِن المحققين على اختلاف مذاهبهم الفقهية:
قال شهاب الدين النفراوي في "الفواكه الدواني" (1/ 295، ط. دار الفكر): [لو تعدَّدت الأموات لَتَعَدَّدَ قيراط الصلاة والدفن بتعددهم، قال الفقيه أبو عمران وسيدي يوسف بن عمر: يحصل له بكلِّ ميتٍ قيراطٌ؛ لأنَّ كلَّ ميتٍ انتفع بدعائه وحضوره] اهـ.
وقال الشيخ العدوي في "حاشيته على شرح مختصر خليل" (2/ 135، ط. دار الفكر): [قال الجزولي: وانظر هل يحصل للمصلي على الجماعة دفعة واحدة من القراريط بعددهم؟ قال الفقيه أبو عمر: أن يحصل بكل ميتٍ قيراط واحد، ونحوه للشيخ سليمان في "شرح اللمع"] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 54، ط. دار الكتب العلمية): [ولو تعدَّدت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعة واحدة؛ هل يتعدّد القيراط بتعددها أو لا نظرًا لاتحاد الصلاة؟ قال الأذرعي: الظاهر: التعدد، وبه أجاب قاضي حماة البارزي، وهو ظاهر] اهـ.
وقال شهاب الدين الرملي في "فتاويه" (2/ 45، ط. المكتبة الإسلامية): [ويتعدّد القيراط بتعدد الجنائز وإن اتحدت الصلاة عليها؛ لأنَّ الشارع ربط القيراط بوصف، وهو حاصل في كلِّ ميتٍ؛ فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات] اهـ.
وقال الشيخ السفاريني في "كشف اللثام شرح عمدة الأحكام" (3/ 390، ط. أوقاف الكويت): [فلو تعدَّدت الجنائز، واتحدت الصلاة عليها دفعة واحدة؛ هل تتعدّد القراريط بتعددها، أو لا تتعدد؛ نظرًا لاتحاد الظاهر الصلاة؟ الظاهر: التعدد، ونصّ عليه غير واحد، واستظهره الأذرعي مِن الشافعية] اهـ.
بناءً على ذلك: فقد رتَّب الشرع الشريف الثواب العظيم والأجر الوفير لكل مَن صلَّى على الجنازة أو تَبِعَهَا؛ فإن تعدَّدت الجنائز واتحدت الصلاة عليها دفعةً واحدةً: كان للمصلي عليها قيراطٌ مِن الأجر والثواب عن كلِّ جنازة منها كما لو صلى عليها منفردة؛ لأنَّ الشرع قد ربط هذا الأجر والثواب بوصف الصلاة على الجنازة، وهو حاصلٌ في كلِّ ميتٍ يُصَلَّى عليه وإن تعدَّدت الجنائز، بالإضافة إلى أنَّ كلَّ ميتٍ قد انتفع بصلاة المصلِّي عليه ودعائه له؛ فحصل له تعدُّد الأجر، وفضل الله أوسعُ مِن أن يُحْجَرَ عليه أو يُمْنَعَ عن عباده.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم السجود مع وجود حائل بين جبهة المصلي وموضع السجود كالعمامة؟ فصديقي صلى الظهر وهو يرتدي عمامة على رأسه وكانت تَحُولُ بين جبهته وموضع سجوده في الصلاة، وقد سمعت أنَّ الصلاة بهذه الكيفية غير صحيحة. فما حكم هذه الصلاة؟ وهل هي صحيحة أو لا؟
سائل يقول: ورد في بعض الأحاديث النبوية الشريفة أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الجلوس والمشي والاتكاء على المقابر. فنرجو منكم بيان الحكمة من هذا النهي الوارد في هذه الأحاديث ومعناه.
ما حكم السجود على قدم المصلي عند الزحام؟ حيث دخلتُ لأداء صلاة الجمعة بأحد مساجد القاهرة الكبرى، واشتد الزحام في المسجد، ولم أستطع تمكين جبهتي من الأرض عند السجود لضيق المكان، فسجدت على قَدَمِ من يصلي أمامي؛ فهل صلاتي صحيحة شرعًا؟ وهل يلزمني إعادتها؟
ما هي السنة في حمل الجنازة إلى المقابر؟ فقد سُئِل بخطاب المحافظة بما صورته: لا يخفى على فضيلتكم أن مدينة القاهرة قد أصبحت مترامية الأطراف، وأن المباني اتسعت فيها اتساعًا كبيرًا؛ بحيث إن الإنسان قد يقضي بضعة ساعات سائرًا على الأقدام لأجل الوصول من جهة إلى أخرى، كذلك لا يخفى على فضيلتكم أن موتى المسلمين ينقلون إلى الجبانات المراد الدفن فيها بطريقة الحمل على الأكتاف، ويسير المشيعون خلف النعش من الجهة التي حصلت فيها الوفاة إلى المدفن، ويتحمل المشيعون في هذا السبيل الكثير من العناء والمتاعب.
ما حكم الدعاء للميت جهرًا والموعظة على قبره وتلقين الميت وقراءة القرآن بعد الدفن؟ فقد حصل خلاف في قريتنا حول ما يتبع عند دفن الميت، برجاء التكرم بإفادتنا بالفتوى فيما يأتي: شرعية الدعاء للميت؛ هل يكون سرًّا أم جهرًا؟ وهل يجوز أن تسبقه موعظة على القبر عند الدفن؟ وما حكم تلقين الميت؟ وما هي الصيغة؟ وشرعية قراءة القرآن عقب الفراغ من الدفن.
هل يجوز قضاء الفرائض الفائتة في أوقات الكراهة التي نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة فيها؟