التحذير من الشماتة في الموت وبيان عواقبها

تاريخ الفتوى: 04 يناير 2022 م
رقم الفتوى: 6861
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
التحذير من الشماتة في الموت وبيان عواقبها

ما حكم الشماتة في الموت وبيان عواقبها؟ حيث إن الشماتة في الموت من الأخلاق الذميمة؛ فنرجو منكم بيانًا في التحذير من ذلك وبيان عواقبه؟

لا يجوز شرعًا للإنسان أن يَشْمَت في نزول المصائب على أحد سواء في الموت أو غيره من المصائب؛ فإنها خَصلةٌ ذَميمة، تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات؛ فإن المولى سبحانه وتعالى لا يَرْضى عن هذه الفِعْلة، ومن المعلوم أن الإنسان لا يثبت على حال واحدة؛ فإنَّه يعيش الحياة يومًا حزينًا، ويومًا مسرورًا؛ وقد يرحم المولى سبحانه وتعالى المُبتلَى ويبتلي الشامت رَغْمًا عن أنفه.

المحتويات

 

بيان معنى الشماتة في الموت

الشَّمَاتَةُ في الموت: هي الفرح والسرور بِحُلُول هذه النازلة بأحد الناس. ينظر: "تهذيب اللغة" لأبي منصور الأزهري (11/ 226، ط. دار إحياء التراث العربي).

التحذير من الشماتة في الموت وبيان عواقبها

ولا مِرْية في أَنَّ الموت مصيبةٌ؛ وبهذا عَبَّر القرآن الكريم عن الموت في قول الله تعالى: ﴿فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: 106]، والشَّمَاتة بنزول هذه المصيبة –أي: الموت- على أحد النّاس هي صفةٌ غير مرضية، وخَصلةٌ ذَميمة تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات؛ ولذا نهت عنها الشريعة الإسلامية؛ فعن وَاثِلَةَ بن الأَسْقَعِ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «لا تُظْهِرِ الشَّمَاتةَ لأخيك فَيَرْحَمَهُ اللهُ ويَبْتَلِيكَ» رواه الترمذي في "سننه" وحَسَّنه.

فهذا الحديث النبوي الشريف يُفِيدُ أنَّ الشماتةَ أمرٌ منهيّ عنه شرعًا، وأَنَّ الله تعالى لا يَرْضى عن هذه الفِعْلة؛ فيرحم المُبتلَى رَغْمًا عن أنف الشامت؛ قال العلامة علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7/ 3048، ط. دار الفكر-بيروت): [(لا تُظهر الشماتة)؛ أي: الفرح بِبَلِيَّةِ عَدُوِّكَ (لأخيك)؛ أي: لأجل أخيك المسلم الذي وَقَع في بَلِيَّة دينيةٍ أو دُنيويةٍ أو ماليةٍ (فَيَرْحَمَهُ الله).. والمعنى: يرحمه رَغْمًا لأنْفِك (ويَبْتَليك)؛ حيث زَكَّيْتَ نفسك ورَفَعْتَ مَنْزِلَتَك عليه] اهـ.

بل إنَّ مِن كمال الأخلاق الإسلامية عدم إظهار الشماتة في نزول الموت بالخصم أو مَن كان بينهما عداوة؛ ولذلك يقول العلامة الكرماني في "شرح مصابيح السنة" (5/ 254، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [لا تُظْهِر الشماتة لأخيك؛ أي: لا تَفْرح بذنبٍ صَدَر من عدُوِّك، أو بِنَكْبةٍ وَرَدت إليه، فلعلك تَقَعُ في مثل ذلك] اهـ.

وفلسفة هذا الأمر -أي: عدم إظهار الشماتة في الموت-: أنَّ الموت من المقادير التي كتبها الله تعالى على جميع الخلق؛ فكلُّ إنسان لا بد أنّه سيموت؛ فلا ينبغي لأحد أن يشْمَت عند موت غيره، فالموت ممَّا لا يمكن أن يَفِرَّ  منه المرء مهما طال عمره؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ۝ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [الأنبياء: 34-35]؛ قال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (22/ 142، ط. دار إحياء التراث العربي): [فأمَّا قوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾، ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: قال مُقاتل: إنَّ أناسًا كانوا يقولون إنَّ محمدًا صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يموت؛ فنزلت هذه الآية، وثانيها: كانوا يُقَدِّرُونَ أنَّه سيموت فَيَشْمَتُونَ بموته فنفى الله تعالى عنه الشَّماتة بهذا؛ أي: قضى الله تعالى ألا يُخَلِّدَ في الدنيا بشرًا فلا أنت ولا هم إلا عُرْضَةٌ للموت أَفَإِنْ مِتَّ أنت أيبقى هؤلاء؟ لا، وفي معناه قول القائل:

فَقُل لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا ... سَيَلْقَى الشامتون كما لَقِينَا] اهـ.

وإنَّنَا نُذَكِّرُ مَن يمارس هذه العادة السيئة مع خلق الله أنَّ سنة الحياة التي قررها الله تعالى قاضيةٌ بأنَّ الإنسان لا يَثْبُت على حال واحدة؛ فإنَّه إنّما يعيش الحياة يومًا حزينًا، وأيامًا مسرورًا؛ قال الله تعالى: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 140].

قال الإمام أبو حيَّان في "البحر المحيط" (3/ 354، ط. دار الفكر): [﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾؛ أخبر تعالى على سبيل التسلية أنَّ الأيام على قَدِيمِ الدَّهر لا تُبْقِي النَّاسَ على حالة واحدة، والمرادُ بالأيام أوقات الغَلبة والظَّفَر، يُصَرِّفُهَا الله على ما أراد تارةً لهؤلاء وتارةً لهؤلاء] اهـ.

وممَّا يدلّ على عدم جواز الشماتة في الموت: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد رضي الله عنهما قاعدين بالقادسية، فمرّوا عليهما بجنازة، فقاما، فقيل لهما إنّها من أهل الأرض، أي: من أهل الذمة، فقالا: إنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنّها جنازة يهودي، فقال: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا».

كما أنَّ الشَّماتة بوجهٍ عامٍّ مُنَافِيةٌ لقيم الرَّحمة؛ فتكون أشد مُنَافاة في المصائب من باب أولى، فكيف بأعظم المصائب- أي الموت-؟

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز شرعًا للإنسان أن يَشْمَت في نزول المصائب على أحدٍ سواء في الموت أو غيره من المصائب؛ فإنَّها خَصلةٌ ذَميمة، تأْبَاهَا النفوس المستقيمةُ، ويترفَّع عنها أصحاب المُروءات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما هي كيفية التصرف  الصحيح في هيكل عظمي لإنسان؟ فأنا طالب بكلية الطب بإحدى الجامعات، ويوجد عندي هيكل عظمي لإنسان، وهذا الهيكل يلزم للدراسة بهذه الكلية، وقد حصلت عليه من طالب قريب لي سبقني في الدراسة عليه، وقد أنهيت دراستي لعلم التشريح على هذا الهيكل، وأصبح لا يلزمني في دراستي، وأنا الآن أريد التصرف فيه وفق الشريعة الإسلامية حتى لا يتم سؤالي عنه يوم القيامة، مع العلم بأن الكلية يتم بيع الهياكل بها بصورة طبيعية للطلبة.


ما حكم اختراق الهاكر لحسابات المعتدين على الناس؟ فأنا أعمل في مجال التكنولوجيا وأحيانا يأتيني بعض الناس لأقوم بتهكير الحساب الخاص لشخص ما على وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني قد آذاهم ولا يستطيعون أخذ حقهم منه بأي وسيلة، وأستهدف من عملية اختراق الحساب الشخصي له الحصول على أسراره وخصوصياته والأمور ذات الطبيعة الحساسة، ثم أخبره بأنني سأنشر هذه الأمور الخاصة والحساسة لو لم يدفع لي مبلغًا ماليًّا قدره كذا، أقَدِّرُه على حسب ما فعله تعويضا للمظلومين، مع احتساب أجرة لي على مجهودي في العملية، فما الرأي الشرعي في الإقدام على هذه الأمور؟


ما حكم المشاركة في نظام تأميني لتغطية نفقات الدفن عند الوفاة؟ ففي بعض البلدان الأجنبية ترتفع نفقات دفن الميت بشكل كبير، وقد لا تستطيع أسرة الميت تحمل تلك التكاليف، ومن ضمن الحلول لهذه المشكلة، المشاركة في التأمين الخاص بترتيبات الدفن، وهذا التأمين عبارة عن مبلغ شهري يُدفع لمكان الدفن، بحيث إذا توفى شخص ما من أسرة دافع التأمين يتم دفنه مباشرة دون طلب نفقات للدفن، فما حكم الشرع في المشاركة في هذا النوع من التأمين؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.


ما حكم التهنئة بالعام الهجري الجديد؟ حيث يتداول بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي عبارات التهنئة بالعام الهجري الجديد، فهل التهنئة بالعام الهجري الجديد جائزةٌ شرعًا؟


الطلب المقدم من الأمين العام للمجلس القومي لرعاية أسر الشهداء ومصابي الثورة، والمتضمن: السؤال عن تعريف الشهيد، وعن حكم ضحايا أحداث مباراة الأهلي والمصري في بورسعيد بتاريخ 1/ 2/ 2012م، حتى يمكن تقديم الخدمة والعون لمن يستحق منهم؟


ما حكم بناء مقبرة تحت طريق مروري؟ فنحن نملك مقبرة وقد امتلأت عن آخرها بالجثث ونرغب في بناء حجرة في الشارع المار من أمام المقبرة ومسقوفة بسقف خرسانة بسمك عشرين سنتيمترًا، علمًا بأن هذه الحجرة تكون تحت الأرض في الشارع وسيمر من فوقها أناس غيرنا لدفن موتاهم في المقابر المجاورة، فهل يجوز البناء ووضع الجثث القديمة بها، علمًا بأننا لا نستطيع بناء مقابر جديدة في الأرض الزراعية، وإذا كان الأمر غير جائز فما هو الحال في إيواء الجثث القديمة؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :17
الشروق
6 :50
الظهر
11 : 57
العصر
2:45
المغرب
5 : 4
العشاء
6 :27