ما مدى صحة نية صيام التطوع آخر النهار؟ فقد أذَّن العصر ولم أفعل شيئًا يفسد الصيام، وفي هذا الوقت نويت الصيام؛ فهل ما فعلته صحيح شرعًا؟
اتفق الفقهاء على أن النية مطلوبة في كل أنواع الصيام، فرضًا كان أو نفلًا، إما على سبيل الشرط أو الركن، بل حكى بعضهم الإجماع على ذلك؛ لأن الصوم عبادة محضة، والعبادات تفتقر إلى النية.
فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» أخرجه البخاري في "الصحيح".
قال الإمام كمال الدين ابن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (2/ 302، ط. دار الفكر): [ولا بد من النية في الكل، والكلام في وقتها الذي يعتبر فيه؛ فقلنا في رمضان والمنذور المعين والنفل: تجزيه النية من بعد الغروب إلى ما قبل نصف النهار في صوم ذلك النهار، وفيما سوى ذلك من القضاء والكفارات والمنذور المطلق؛ كنذر صوم يوم من غير تعيين: لا بد من وجودها في الليل] اهـ.
وقال الإمام محيي الدين النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 300، ط. دار الفكر): [مذهبنا: أنه لا يصح صوم إلا بنية، سواء الصوم الواجب من رمضان وغيره والتطوع] اهـ.
وقال الشيخ البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 314، ط. دار الكتب العلمية): [(فصل: ولا يصح صوم) إلا بنية؛ ذكره الشارح إجماعًا] اهـ.
وعليه: فلا يصح صيام يوم فرضًا كان أو نفلًا من غير نية.
أما عن صحة نية صوم التطوع قبل الزوال أو بعده، فقد ذهب الشافعية في قول والحنابلة في رواية (اختارها الشيخ ابن تيمية) إلى صحة نية التطوع بعد الزوال ولو نواها آخر النهار، وهو قول جماعة من السلف؛ كالثوري، وإبراهيم النخعي، والحسن ابن حي، وهو المختار للفتوى؛ لأنه لما كان الليل محلًّا للنية في صوم الفريضة، واستوى الإتيان بالنية في أي وقت منه، ثم كان النهار محلًّا للنية في صوم التطوع، وجب أن يستوي الإتيان بالنية في أي وقت منه.
قال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي" (3/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [فإذا تقرر جواز النية في صوم التطوع نهارًا قبل الزوال، فهل يجوز أن ينوي فيه بعد الزوال أو لا؟ على قولين:.. والقول الثاني: وهو ظاهر ما نقله حرملة جوازه، لأنه لما كان الليل محلًّا للنية في صوم الفريضة، واستوى حكم جميعه، ثم كان النهار محلًّا للنية في صوم التطوع، وجب أن يستوي حكم جميعه] اهـ.
وقال محيي الدين النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 292، ط. دار الفكر): [قال المصنف رحمه الله: وأما صوم التطوع فانه يجوز بنية قبل الزوال.. وهل يجوز بنية بعد الزوال؟ فيه قولان: (روى) حرملة أنه يجوز؛ لأنه جزء من النهار، فجازت نية النفل فيه كالنصف الأول] اهـ.
وقال العلَّامة البكري الدمياطي الشافعي في "إعانة الطالبين" (2/ 252، ط. دار الفكر): [وفي الإيعاب: للشافعي قول جديد؛ أنه تصح نية النفل قبل الغروب.
قال: فمَن تركها قبل الزوال ينبغي له بالشرط الذي ذكرناه -وهو تقليد في ذلك- أن ينويها بعده، ليحوز ثوابه على هذا القول، بناء على جواز تقليده. اهـ كردي] اهـ.
وقال العلامة ابن عبد البر في "الاستذكار" (3/ 285، ط. دار الكتب العلمية): [وقال الثوري في صوم التطوع: إذا نواه في آخر النهار أجزأه. قال: وقال إبراهيم له أجر ما استقبل، وهو قول الحسن ابن حي] اهـ.
وقال علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 397-398، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (ويصح صوم النفل بنية من النهار، قبل الزوال وبعده) هذا المذهب، نص عليه. قال في "الفروع": وعليه أكثر الأصحاب، منهم القاضي في أكثر كتبه، وهو من المفردات، ومنهم ابن أبي موسى، والمصنف، وصححه في "الخلاصة"، و"تصحيح المحرر"] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "مجموع الفتاوى" (25/ 120، ط. مجمع الملك فهد): [وأما النفل: فيجزئ بنية من النهار؛ كما دل عليه قوله: «إِنِّي إِذًا صَائِمٌ».. واختلف قولهما: هل يجزئ التطوع بنية بعد الزوال؟ والأظهر: صحته كما نقل عن الصحابة] اهـ.
وبناء على ذلك: يصح أن تكون النية في صيام النفل بعد العصر وقبل الغروب؛ إذ النهار كله محلٌّ للنية في صوم التطوع، فمتى وجدت في أي جزء منه صَحَّت؛ تقليدًا لمَن أجاز من الفقهاء، وهذا كله ما لم يأت مريد الصوم بشيء يتنافى مع الصيام، مثل: الأكل والشرب أو غيرهما.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إفطار مريض السكر في شهر رمضان؟ حيث أبلغ من العمر 59 عامًا، وأعيش في كندا منذ 30 عامًا، وأحافظ على ديني، ولأنني مريض بالسكر أعاني كثيرًا من الصيام، وطبيبي الكندي نصحني بعدم الصيام فتوقفت عن الصيام، لكني أشعر بالأسف. فما هو وضعي؟
ما حكم أخذ حقنة التطعيم في العضل للصائم في نهار رمضان؟
سائل يقول: ورد في الشرع الشريف أنه يجب على الوالدين أن يعلموا أولادهم أداء العبادات الواجبة عليهم من صيام وصلاة وغيرها تدريبًا لهم على العبادة، وتعويدًا لهم على أدائها؛ فما مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم في ذلك؟
ما حكم من تصوم الإثنين والخميس على نية إن كان بقي عليها من القضاء شيء فهو قضاء وإلا فهو نفل؟ حيث تقول السائلة: عليَّ أيام أفطرتها في رمضان ولعدة سنوات ماضية، ولم أكن أحسب هذه الأيام، وبعد انتهاء رمضان الماضي وأنا أصوم يومي الإثنين والخميس على نية إن كان عليَّ قضاء فتلك الأيام تكون صيام قضاء، وإن لم يبق عليَّ شيء يكون صيام نافلة، فهل يجزئ ذلك عن القضاء؟ وإن لم يكن كذلك، فهل أصوم من جديدٍ؟
ما حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام؟
ما حكم قطع تتابع صيام الكفارة بسبب الفطر للسفر؟ فإن أحد جيراني يعمل سائقًا، وقد وجب عليه كفارة صيام شهرين متتابعين، فصام شهرًا أو أكثر من الكفارة، وبحكم عمله طُلِبَ للسفر في رحلة مدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الثاني منها أفطر، ثم أكمل صيامه من اليوم التالي، فهل بفطره في يوم سفره يكون تتابع صيامه قد انقطع؟