وقت صيام المتمتع ثلاثة أيام في الحج لعدم القدرة على الهدي

تاريخ الفتوى: 13 يونيو 2023 م
رقم الفتوى: 7682
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
وقت صيام المتمتع ثلاثة أيام في الحج لعدم القدرة على الهدي

متى يبدأ المتمتع صيام ثلاثة أيام في الحج؟ حيث إن هناك رجلًا أحرم بالحج متمتعًا، ونفد منه المال قبل دخول شهر ذي الحجة، ويَعلم عدم قدرته على شراء الهدي، فمتى يجوز له أن يبدأ في صيام الأيام الثلاثة الواجبة عليه في الحج بدلَ هدي التمتع؟

يجوز للمتمتع أن يبدأ في صيام الأيام الثلاثة الواجبة عليه في الحج بدلَ هدي التمتع ما دام غير قادرٍ عليه -في أيِّ وقتٍ مِن بعد إحرامه بالعمرة في أشهُر الحج، والأفضل أن يصوم مِن شهر ذي الحجة بعد إحرامه بالحج: أيامَ السابع، والثامن وهو يوم التروية، والتاسع وهو يوم عرفة.

المحتويات

 

مفهوم حج التمتع وسبب تسميته بهذا الاسم

التمتع: هو أنْ يُحرم الحاجُّ بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده، أو من غيره من المواقيت التي يمر بها أو ما يحاذيها، ثم يؤديها وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج، وإنما سمي بالتمتع؛ لتمتع صاحبه بإحلال محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ مِن العمرة وإحرامه بالحج، وقيل: لتمتعه بسقوط العَوْدة في حَقِّه إلى الميقات ليُحرِمَ منه بالحج، وقيل: لهذين السببين معًا.

ينظر: "تبيين الحقائق" لفخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي (2/ 45، ط. الأميرية)، و"الفواكه الدواني" لشهاب الدين النَّفراوي المالكي (1/ 371، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 287، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (3/ 260، ط. مكتبة القاهرة).

ما يجب على المتمتع في الحج

إذا وُفِّقَ القادمُ مِن الآفاق -وهي: الأماكن الخارجة عن حدود المواقيت المكانية- وأتى بأعمال العمرة في أشهر الحج، ثم مكث في مكة حتى أدَّى مناسك الحج في نفس العام على النحو المذكور سابقًا: فإنه يصير بذلك متمتعًا بإجماع الفقهاء، ويجب عليه حينئذٍ أنْ يُهدي دمًا ما دام مستطيعًا؛ ويسمى "هدي التمتع"، وإلا فعليه الصيام عشرة أيام؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المنذر (ص: 56، ط. دار المسلم).

والأصل في ذلك: أن يصوم الحاجُّ ثلاثةَ أيام في الحج، وسَبْعَةً بعد رجوعه إلى أهله؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 196].

أول وقت صيام الأيام الثلاثة للمتمتع الذي لا يجد الهدي

قد اختلف الفقهاء في أول وقت صيام الأيام الثلاثة التي تجب على المتمتع العادم للهدي، والمختار للفتوى، وهو ما ذهب إليه الحنفية، والحنابلة في المعتمد: أنه يجوز له صيامُها ابتداءً مِن إحرامه بالعمرة في أشهر الحج، ومِن ثَمَّ فإنْ صام في أيِّ وقتٍ مِن بعد أن يحرم بالعمرة أجزأه ذلك شرعًا.

ومع ذلك فقد نصُّوا على أنَّ الأفضل أنْ يبتدئ صيام هذه الأيام الثلاثة قبل يوم التروية بيومٍ (السابع من ذي الحجة)، إضافة إلى يوم التروية (الثامن من ذي الحجة)، ويوم عرفة (التاسع من ذي الحجة)، بعد أن يكون قد أحرم بالحج، إن تيسر ذلك، ووَجه ذلك: أنَّ الله تعالى جَعل صيام ثلاثة أيامٍ بدلًا عن الهدي، وأفضل أوقات البَدَل وقتُ اليأس عن الأصل؛ لِمَا يحتمل القدرة على الأصل قَبله، ولهذا كان الأفضلُ تأخيرَ التيمم إلى آخِرِ وقتِ الصلاة؛ لاحتمال وجود الماء قَبله، وهذه الأيام آخِرُ وقتِ هذا الصوم؛ كما قال علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 173، ط. دار الكتب العلمية).

قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (4/ 181، ط. دار المعرفة): [فإن لم يجد الهدي فعليه صوم ثلاثة أيام في الحج، والأفضل أن يصوم قبل يوم التروية بيوم، ويومَ التروية، ويومَ عرفة.. ولو صام هذه الأيام الثلاثة بعد إحرامه للعمرة قبل إحرام الحجة جاز عندنا] اهـ.

وقال علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 173): [ولا يجوز له أن يصوم ثلاثة أيام في أشهر الحج قبل أن يُحْرِمَ بالعمرة بلا خلاف، وهل يجوز له بعد ما أحرم بالعمرة في أشهر الحج قبل أن يحرم بالحج؟ قال أصحابنا: يجوز، سواءٌ طاف لعمرته أو لم يَطُفْ بعد أن أحرم بالعمرة.. والأفضل أن يصوم ثلاثة أيامٍ آخِرها يوم عرفة؛ بأن يصوم قبل التروية بيوم، ويومَ التروية، ويومَ عرفة] اهـ.

وقال العلامة الطَّحَاوي الحنفي في "مختصر اختلاف العلماء" (2/ 168، ط. دار البشائر الإسلامية): [مَن صام بعد إحرام العمرة أجزأه] اهـ.

وقال بدر الدين العَيْنِي الحنفي في "البناية" (4/ 294، ط. دار الكتب العلمية): [ويجوز أن يصومها قبل الإحرام بالحج وهو محرمٌ بالعمرة أو حَلَالٌ] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (3/ 417، ط. مكتبة القاهرة): [ولكلِّ واحدٍ مِن صوم الثلاثة والسَّبعةِ وَقْتَانِ: وقت جواز، ووقت استحباب، فأما وقت الثلاثة، فوقتُ الاختيار لها: أن يصومها ما بين إحرامه بالحج ويوم عرفة، ويكون آخر الثلاثة يوم عرفة.. وإنما أحببنا له صوم يوم عرفة هاهنا لِمَوْضِعِ الحاجة، وعلى هذا القول يُستحب له تقديم الإحرام بالحج قبل يوم التروية ليصومها في الحج، وإن صام منها شيئًا قبل إحرامه بالحج جاز، نص عليه. وأما وقت جواز صومها فإذا أحرم بالعمرة] اهـ.

وقال علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 512، ط. دار إحياء التراث العربي): [(فصيام ثلاثة أيام في الحج، والأفضل أن يكون آخِرُها يومَ عرفة) هذا المذهب، نص عليه، وعليه الأصحاب، منهم: القاضي في "التعليق". قال في "الفروع": هذا الأشهَر عن أحمد، وعليه الأصحاب، وعلل بالحاجة] اهـ.

ثم قال (3/ 512-513): [فوائد: الأولى: يجوز تقديم صيام الثلاثة الأيام بإحرام العمرة على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه الأصحاب. قال في "الفروع": وهو أشهَر، وفي كلام المصنف إيماءٌ إليه؛ لقوله: "والأفضل أن يكون آخِرُها يومَ عرفة"] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز للرجل المذكور أن يبدأ في صيام الأيام الثلاثة الواجبة عليه في الحج بدلَ هدي التمتع ما دام غير قادرٍ عليه -في أيِّ وقتٍ مِن بعد إحرامه بالعمرة في أشهُر الحج، والأفضل أن يصوم مِن شهر ذي الحجة بعد إحرامه بالحج: أيامَ السابع، والثامن وهو يوم التروية، والتاسع وهو يوم عرفة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل الأولوية للشباب الزواج أم الحج؟ حيث يوجد رجل عزم على الزواج في عام والحج في العام التالي، ولم يتمّ الزواج في العام المتفق عليه لظروف ما، وأتى عام الحج. ويسأل: هل الأَوْلى الزواج، أو أداء فريضة الحج في الوقت المحدد له، وتأجيل الزواج إلى العام المقبل؟


ما الحكم لو مسَّ المُحْرِمُ شيئًا من الطّيب الموجود على الكعبة المشرفة؟


ما حكم الحج عن كبير السن الذي لا يستطيع أداء فريضة الحج؟ فأنا رجل كبير السن ولا أستطيع أداء فريضة الحج، فهل يجوز لي توكيل غيري لأداء فريضة الحج عني؟


ما حكم الحج عن الابن المتوفى وهبة أعمال البر له؟ لأن امرأة تريدُ أن تَحُجَّ عن ابنها المُتَوفَّى في حادث، وكان قد سبق لها الحج، وتبرع والد المُتوفّى بنفقة الحج؛ لأنه كان طالبًا ولم يكن له مال خاص، كما تريد هذه المرأة أن تصطحب معها ابنتها البالغة من العمر ستة عشر عامًا، وقد تبرع لها والدها بنفقات الحج أيضًا؛ لأنها ما زالت طالبة، فهل يصحُّ حجّهما؟ وإذا كُتِبَ لها الحج عن ابنها، فما الذي يجب عليها عمله اعتبارًا من نية الحج إلى الانتهاء منه؟ وهل إذا صلَّت في الحرمين الشريفين بمكة والمدينة المنورة أن تُصَلي لابنها الصلوات المفروضة؟ وهل يجوز أن تؤدي العمرة عن نفسها بعد أداء الحج عن الابن المتوفى؟


سائل يقول: قامت والدتي بتقديم أوراق الحج قبل وفاة والدي، وبعد الوفاة حصلت على التأشيرة الخاصة بالحج، وقامت بدفع الرسوم، ولن تستطيع استردادها حال عدم ذهابها، مع العلم أنَّ والدي لم يمانع من سفرها إلى الحج؛ فما حكم خروجها لأداء الحج أثناء العدة؟


سئل بإفادة واردة من وزارة الداخلية؛ صورتها: نحيط علم فضيلتكم أنه لما قامت الحرب الأوروبية في العام الماضي صار السفر إلى الحجاز صعبًا وطريقه غير مأمون للأسباب الآتية:
أولًا: عدم توفر الأسباب لسفر البواخر المخصصة لنقل الحجاج المصريين في ذهابهم وإيابهم، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في تأخيرهم بالحجاز زمنًا ليس بالقليل، وفي ذلك مخاطرة على أنفسهم وعائلاتهم.
ثانيًا: صعوبة المواصلات الخاصة بنقل المواد الغذائية للأقطار الحجازية التي انبنى عليها عدم إرسال مرتبات الغلال التي كانت ترسلها الحكومة المصرية للحجاز سنويًّا، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في وجود خطر على الحُجاج أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة.
ثالثًا: عدم تمكُّن الحكومة بسبب العسر المالي من اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية الحجاج المصريين من الأخطار التي تهدد حياتهم سواء كان من اعتداء أعراب الحجاز عليهم، أو من تأخيرهم مدة طويلة بتلك الجهات.
رابعًا: عدم تمكن الحكومة بسبب العسر المالي أيضًا من اتخاذ الاحتياطات الصحية التي كانت تتخذها في كل سنة لوقاية القطر من الأوبئة والأمراض المعدية التي ربما تفد مع الحجاج.
لذلك قد أخذت الوزارة في ذلك الوقت رأي فضيلة المفتي السابق عما يراه موافقًا للشرع الشريف من جهة الترخيص للحجاج المصريين بالسفر إلى الحجاز، فرأى فضيلته أنه يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج. وحيث إن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين؛ لذلك رأينا لزوم الاستمداد برأي فضيلتكم فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 يوليو 2025 م
الفجر
4 :34
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 50
العشاء
9 :17