ما مدى صحة حديث السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما الوارد في الأمر بالحجاب وحكم العمل به؟ فقد ورد أن السيدة أسماءَ بنتَ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما دخلَتْ على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم وعليها ثِيَابٌ رِقَاق، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. وقد سمعت في بعض الوسائل: أن هذا الحديث ضعيف. فما مدى صحة هذا الكلام؟ نرجو منكم الإفادة
أخرج أبو داود في "سننه" واللفظ له، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الآداب" و"شُعَب الإيمان" عن عائشةَ رضي اللهُ عنها أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما دخلَتْ على رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم وعليها ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ.
وتضعيف هذا الحديث بسعيد بن بشير، وخالد بن دريك: غير سديد؛ فقد وثق سعيدًا جماعةٌ من الأئمة، وصحح حديثَه الحاكمُ في "المستدرك" وقال: [وسعيد بن بشير: إمام أهل الشام في عصره إلا أن الشيخين لم يخرجاه بما وصفه أبو مسهر من سوء حفظه، ومثله لا ينزل بهذا القدر] اهـ. ووافقه الحافظ الذهبي، وأما خالد بن دُرَيك فقد وثقه النسائي وغير واحد.
وقد عُلِّل هذا الحديث أيضًا بالإرسال بين خالد بن دُرَيْك وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهذا التعليل متعقَّبٌ مِن وجهين:
الأول: أن المرسل مقبول إذا عضَّده قول صحابي أو فعله، كما هو مذهب الإمام الشافعي والمحققين من الأصوليين، قال البيهقي في "السنن الكبرى" (2/ 319، ط. دار الكتب العلمية): [مع هذا المُرسَل قولُ مَن مضى مِن الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة، فصار القولُ بذلك قويًّا] اهـ.
الثاني: أنه منجبر بالطرق الأخرى للحديث؛ حيث ورد مِن أكثر مِن طريق: فأخرجه أبو داود في "المراسيل" عَنْ قَتَادَةَ مرسلًا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا وَجْهُهَا وَيَدَاهَا إِلَى الْمَفْصِلِ»، وهو مرسل صحيح.
وأخرج الطبراني في معجميه: "الكبير" و"الأوسط"، والبيهقي في "السنن الكبرى" عن أسماء بنت عُمَيْس رضي الله عنها أنها قالت: دخل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم على عائشةَ بنتِ أبي بكر، وعندها أختُها أسماءُ بنتُ أبي بكر، وعليها ثيابٌ شاميةٌ واسعةُ الأكمام، فلما نظر إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام فخرج، فقالت لها عائشة رضي الله عنها تَنَحَّيْ؛ فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرًا كرهه، فتنَحَّتْ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسألَتْه عائشةُ رضي الله عنها: لم قام؟ قال: «أَوَلَمْ تَرَيْ إِلَى هَيْئَتِهَا، إِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا إِلَّا هَكَذَا» وأخذ بكُمَّيْه، فغطى بهما ظهر كفَّيْه حتى لم يبد مِن كفَّيْه إلا أصابعُه، ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لم يَبْدُ إلا وجهُه. قال الحافظ الهيثميُّ في "مجمع الزوائد" (5/ 137، ط. مكتبة القدسي): [فيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح] اهـ.
وقد تقرر عند أهل الحديث أن المرسل إذا تعددت مخارجُه فهو في محل القبول؛ قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: [يُقْبَلُ إِنِ اعْتَضَد بمجيئِهِ مِن وجهٍ آخرَ يُبايِنُ الطريقَ الأُولَى، مسنَدًا أو مرسَلًا، لِيَرْجحَ احتمالُ كونِ المحذوفِ ثقةً في نفسِ الأمرِ] اهـ. نقلًا عن "نزهة النظر" للحافظ ابن حجر (ص: 101-102، ط. مطبعة سفير).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (8/ 439، ط. دار المعرفة): [الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجُها دل ذلك على أن لها أصلًا] اهـ.
وقال في "القول المُسَدَّد في الذب عن مسند أحمد" (ص: 38، ط. مكتبة ابن تيمية): [كثرة الطرق إذا اختلفت المخارج تزيد المتن قوة] اهـ.
ومن المقرر شرعًا بإجماع الأولين والآخرين من علماء الأمة الإسلامية ومجتهديها، وأئمتها وفقهائها ومُحَدِّثيها: أنَّ حجاب المرأة المسلمة فرضٌ على كلِّ مَن بلغت سن التكليف، وهي السن التي ترى فيها الأنثى الحيض وتبلغ فيه مبلغ النساء؛ فعليها أن تستر جسمَها ما عدا الوجهَ والكفين، وزاد جماعة من العلماء القدمين في جواز إظهارهما، وزاد بعضهم أيضًا ما تدعو الحاجة لإظهاره كموضع السوار وما قد يظهر مِن الذراعين عند التعامل، وأمَّا وجوب ستر ما عدا ذلك فلم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفًا ولا خلفًا؛ إذْ هو حكمٌ منصوصٌ عليه في صريح الوحْيَيْن الكتاب والسنة، وقد انعقد عليه إجماع الأمة، وبذلك تواتَرَ عملُ المسلمين كافة على مر العصور وكر الدهور مِن لَدُنْ عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأجمعوا على أن المرأة إذا كشفَتْ ما وجب عليها سترُه فقد ارتكبَتْ مُحرَّمًا يجب عليها التوبةُ إلى الله تعالى منه، فصار حكم فرضية الحجاب بهذا المعنى من المعلوم من الدين بالضرورة، ومن الأحكام القطعية التي تشكل هوية الإسلام وثوابته التي لا تتغير عبر العصور.
وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يقول السائل: المفهوم لدينا أن زوج الأخت ليس من المحارم الذين ذكرهم الله في سورة النور، وقد أجازت سورة النور في القرآن الكريم أن تضع المرأة حجابها أمام عبدها، كما أجازت وضع الحجاب عند تحرير العبد أو مكاتبته، فهل يجوز بالنسبة لزوج الأخت أن تظهر عليه أخت زوجته دون حجاب طالما أن أختها -زوجته- على قيد الحياة بحكم حرمتها عليه، ثم تتحجب أمامه عند موت أختها باعتبار أنها أصبحت حِلًّا له؟
سأل في صبية مسلمة تابعة لدولة أجنبية تزوجت من منذ ثلاث سنوات، وحاضت وحبلت وأسقطت جنينًا، والآن حامل. فهل بهذا الحيض والحمل تعتبر بالغًا شرعًا أم لا؟
ما حكم صيام المرأة التي ترى بعض نقاط الدم في غير وقت الحيض؟ فهناك امرأةٌ تأتيها العادةُ كلَّ شهرٍ وتستمر ستة أيام، وأثناء صيامها في شهر رمضان رأت بعض نقاط الدم لساعاتٍ ثم انقطَعَت، وكان هذا بعد انتهاء عادتها بعشرة أيام، وأكملت صوم اليوم، فما حكم صومها شرعًا؟
كيف يكون الجواب على من يعترض على مشاركة المرأة في الأعمال المجتمعية والسياسية، ويحاول تهميشها وعزلها عن دورها الحقيقي في بناء المجتمع؟
ما حكم منع الزوج أقارب زوجته من زيارتها؛ فأنا أعرض لفضيلتكم أن لي زوجة، ولها جدة من أمها، وخالتان، وخال، وأولاد خالاتها، وفي كل يوم يحضرون بمنزلي ويكلمونها بكلام مفاده معاشرتي بالسوء، وذلك لأني طالما تكلموا معي في وجودي معهم بمحل سكنهم، ولعدم لياقته لسكنتي أجبتهم بالرفض، ثم في مساء يوم الثلاثاء 30 أبريل سنة 1907م حضر خالها فوجدني أتكلم مع والدها في شأن ذلك، ورجوته بعدم دخول هؤلاء الأشخاص بمنزلي، فما كان من خالها المذكور إلا أنه تهور علي وشتمني، وأخذ ابنة أخته الزوجة المذكورة أمام والدها وخرج من منزلي، وحيث إن من الواجب علي معرفة ما إذا كان لهم الحق في زيارتها من عدمه، أو لخالها الحق في أخذها من منزلي حال وجود والدها أم لا؟ بناء عليه ألتمس من فضيلتكم إفتائي عما إذا كان لهم الحق في زيارتها أم لا؟ وتوضيح الأوقات الواجب زيارة كل فرد من أقاربها فيه. مع إفتائي أيضًا عما إذا كان لخالها أن يأخذها بمنزله، أو له حق في أخذ شيء من الأشياء تعلقها أم لا؟ أرجو من فضيلتكم توضيح ذلك بالكيفية الواجب اتباعها شرعًا لتنفيذها بالقوة حسب الأصول المتبعة في الشرع والسياسة.
سائل يسأل عمَّا يستفاد من قول الله جل وعلا في حديثه القدسي: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ»؟