ضوابط في صوم التطوع كما كان يصوم سيدنا داود عليه السلام

تاريخ الفتوى: 24 سبتمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8026
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
ضوابط في صوم التطوع كما كان يصوم سيدنا داود عليه السلام

سائل يقول: ورد في السنة النبوية أن صيام سيدنا داود عليه السلام أحب الصيام إلى الله عز و وجل. فهل هناك ضوابط وضعها العلماء لأفضلية صيام سيدنا داود على غيره من صيام التطوع؟

صيام سيدنا داود عليه السلام هو نوع من صيام التطوع، وهو من أفضله، وهو: صوم يوم، وفطر يوم، وهو أفضل من صوم الدهر كله، وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه، وأخبر بأنه من أجلِّ وأحبِّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ، صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا» متفقٌ عليه، وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ»، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ؟ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.

وقد نص الفقهاء على أن أفضل الصيام صيام سيدنا داود عليه السلام.

قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 432، ط. دار الكتاب الإسلامي): [فصوم يوم وإفطار يوم أفضل منه -أي: من صوم الدهر-؛ لخبر "الصحيحين"] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المقنع" (ص: 105، ط. مكتبة السوادي): [وأفضله -أي: صوم التطوع- صيام داود عليه السلام، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا] اهـ.

وعليه: فإن من أفضل صيام التطوع هو صيام نبي الله داود عليه الصلاة والسلام إلا أن هذه المشروعية والفضيلة مقيدة بضابطين:

الأول: ألَّا يؤدي الصيام على هذا النحو إلى إضعاف البدن من القيام بواجباتها.

قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "المبدع شرح المقنع" (3/ 47، ط. دار الكتب العلمية): [(وأفضله -أي: صوم التطوع- صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا).. وشرطه: أن لا يضعف البدن حتى يعجز عما هو أفضل من القيام بحقوق الله تعالى، وحقوق عباده اللازمة؛ فإن أضعف عن شيءٍ من ذلك كان تركه أفضل، ولهذا أشار الصادق في حق داود عليهما السلام: «ولا يفر إذا لاقى» فمن حق النفس اللطف بها حتى توصل صاحبها إلى المنزل] اهـ.

الثاني: ألَّا يؤدي الصيام على هذا النحو إلى الملل والسآمة، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» متفقٌ عليه، وفي رواية أخرى: «إِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَكُمْ بِهِ طَاقَةٌ» أخرجها الإمام مالك في "الموطأ".

قال العلامة أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (1/ 213، ط. مطبعة السعادة): [وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة» يحتمل معنيين: أحدهما: الندب لنا إلى تَكَلُّفِ ما لنا به طاقة من العمل. والثاني: نهينا عن تَكَلُّفِ ما لا نطيق، والأمر بالاقتصار على ما نطيقه، وهو الأليق بنفس الحديث وقوله: (من العمل) الأظهر أنه أراد به عمل البر؛ لأنه ورد على سببه.. وقوله: (ما لكم به طاقةٌ) يريد والله أعلم ما لكم بالمداومة عليه طاقةٌ] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما فضل صيام ثمانية أيام من عشر ذي الحجة الأول؟ وما حكم صيام يوم وقفة عرفات؟ وهل الصيام فيها يُعَدُّ من الواجبات؟ وهل يدخل فيها صيام يوم العاشر؟


ما حكم صيام السِّت من شوال بعد يوم عيد الفطر متتابعة؟


ما الذي يلزم المسلم إذا كان مريضًا لا يستطيع الصوم، وفقيرًا لا يستطيع إخراج الفدية؟


ما حكم تأخير الصائم غُسل الجنابة إلى ما بعد المغرب؛ خشية دخول الماء إلى حلقه؟


ما هو فضل صيام شهر رمضان؟ 


ما حكم صيام مرضى السكر؛ حيث تم إعداد برنامج جديد بالنسبة لتقييم حالة مرضى السكر، يحتوي على كل العوامل المسببة للخطورة، وإعطائها نقاطًا مختلفة حسب أهميتها، بشكل متناسب مع وضع كل مريض، ويقوم الأطباء بمراجعة حالة المريض بالتفصيل، وتضاف النقاط حسب المعلومات (عوامل الخطورة تتحدد بناءً على مدة المرض، ونوعه، ونوع العلاج، والمضاعفات الحادة من الحمض الكيتوني وارتفاع السكر الشديد مع الجفاف، والمضاعفات المزمنة، وهبوط السكر، وخبرة الصوم السابقة، والصحة الذهنية والبدنية، وفحص السكر الذاتي، ومعدل السكر التراكمي، وساعات الصيام، والعمل اليومي والجهد البدني، ووجود الحمل).
ويتم بعدها جمع النقاط لكل مريض لتحديد مستوى الخطورة في حال قرر صيام رمضان كما يلي: من 0: 3= خطورة خفيفة، ومن 3.5: 6= خطورة متوسطة، وأكبر من 6= خطورة مرتفعة.
نصائح وإرشادات:
أولًا: يجب تقديم النصائح الطبية لكل المرضى مهما كان مستوى الخطورة عندهم، وتعديل العلاج الدوائي بما يناسب كلِّ حالةٍ.
ثانيًا: يجب تقديم النصائح والمتابعة الدقيقة لكل المرضى، حتى في حال الإصرار على الصيام ضد نصيحة الطبيب.
ثالثًا: يُنصح المرضى الذين يقدر وضعهم على أنه مرتفع الخطورة بعدم الصيام مع توضيح احتمالات الضرر عليهم.
رابعًا: في حال المرضى متوسطي مستوى الخطورة، يتم التشاور بين الطبيب والمريض ومراجعة الوضع الصحي وخبرات المريض السابقة وأدويته، ويجب توضيح احتمال الخطورة المرافق، بشكل عام يسمح للمريض بالصيام مع الانتباه لضرورة المراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم حسب تعليمات الطبيب، وفي حال خوف المريض الشديد، دون وجود سبب طبي مقنع يتم اللجوء إلى الاستشارة الدينية.
خامسًا: في حال مستوى الخطورة المنخفض، يشجع المرضى على الصيام، مع ضرورة المراقبة الطبية الموصوفة.
سادسًا: يجب على كل المرضى الذين قرروا الصيام بنصيحة طبية أو حتى ضد النصيحة الطبية معرفة ضرورة التوقف عن الصيام في الحالات التالية:
حدوث ارتفاع السكر إلى أكثر من ٣٠٠ مع/ دل.
انخفاض السكر أقل من ٧٠ مع/ دل.
وجود أعراض الانخفاض أو الارتفاع الشديدة.
وجود أمراض حادة تسبب حدوث الحرارة أو الإسهال أو التعب أو الإرهاق العام.
الخلاصة: يجب على الأطباء مراجعة كل عوامل الخطورة المذكورة عند مرضاهم للوصول إلى تحديد مستوى الخطورة الصحيح، وستساعد هذه الوسيلة في تقييم خطورة الصيام عند المرضى في الوصول إلى تقييمات حقيقية للمرضى، حتى وإن اختلف الأطباء واختصاصاتهم، وستساعد الأطباء الأقل خبرة في الوصول إلى تقييم أقرب إلى الدقة؛ فنرجو من فضيلتكم بيان الرأي الشرعي في هذا الأمر.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 يوليو 2025 م
الفجر
4 :35
الشروق
6 :13
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 49
العشاء
9 :16