سائل يقول: ورد في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن إسبال الثياب، فقال لي أحد أصدقائي: إن هذا ليس على إطلاقه، وقد قال بعض العلماء بجوازه؛ فكيف نجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك؟
وردت مجموعة من الأحاديث تنهى عن الإسبال للرجل؛ منها: ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِى النَّارِ».
ولكن هذا الإطلاق مقيد بأن يكون الإسبال على جهة الخيلاء والتكبر؛ وهو المستفاد مما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ؛ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن أحد شقي ثوبي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكَ لَسْتَ تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ».
والقول بأن أحاديث النهي عن الإسبال مقيدة بالخيلاء، فإذا انتفى الخيلاء لم يكن الإسبال محرمًا، هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من المذاهب المختلفة؛ إعمالًا للقاعدة الأصولية في حمل المطلق على المقيد؛ جمعًا بين الأدلة، دون اضطرار إلى إعمال أحدها وإلغاء الآخر؛ والإعمال أولى من الإهمال.
فجاء في "الفتاوى الهندية" من كتب الحنفية (5/ 333، ط. دار الفكر): [إسبال الرجل إزاره أسفل من الكعبين إن لم يكن للخيلاء ففيه كراهة تنزيه، كذا في الغرائب] اهـ.
وقال الإمام أبو الوليد الباجي المالكي في "المنتقى" (7/ 226، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ» يقتضي تعلق هذا الحكم بمن جره خيلاء، أما من جره لطول ثوب لا يجد غيره، أو عذر من الأعذار، فإنه لا يتناوله الوعيد] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" من كتب الشافعية (1/ 278، ط. المكتبة الإسلامية): [(ويحرم) على الرجل (إطالة العذبة طولًا فاحشًا، وإنزال الثوب ونحوه عن الكعبين للخيلاء، ويكره) ذلك (لغيرها)] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 341، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر برفع الإزار، فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حَرُم] اهـ.
وهذا هو ما صرح به الشيخ ابن تيمية -الذي تنال آراؤه احترام عامة التيارات المتشددة، ويعتبرونه مرجعًا معتبرًا عندهم-؛ فقال في "شرح عمدة الفقه" (ص: 364، ط. دار العاصمة، من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة): [وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة، والمطلق منها محمول على المقيد، وإنما أطلق ذلك؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة] اهـ.
وقال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/ 133، ط. دار الحديث): [وقد عرفت ما في حديث الباب من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر رضي الله عنه: «إنَّك لَسْت مِمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ»، وهو تصريح بأن مناط التحريم: الخيلاء، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء، وقد يكون لغيره، فلا بد من حمل قوله: «فَإِنَّهَا الْمَخِيلَةُ» في حديث جابر بن علي أنه خرج مخرج الغالب، فيكون الوعيد المذكور في حديث الباب متوجهًا إلى من فعل ذلك اختيالًا، والقول بأن كل إسبال من المخيلة أخذًا بظاهر حديث جابر ترده الضرورة؛ فإن كل أحد يعلم أن من الناس من يسبل إزاره مع عدم خطور الخيلاء بباله، ويرده ما تقدم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر.. وبهذا يحصل الجمع بين الأحاديث وعدم إهدار قيد الخيلاء المصرح به في "الصحيحين".. وحمل المطلق على المقيد واجب] اهـ. وممَّا سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما صفة إحرام الرجل والمرأة؟
ما حكم خلع النقاب للمرأة التي تضررت من لبسه؛ فأنا أرتدي النقاب، وأعاني من ضيق في التنفس، وألم في الفك والوجه بسبب النقاب، وأفاد الأطباء بأن النقاب هو السبب ويجب خلعه، وقد قمتُ بخلعه. فهل عليّ إثم؟
أنا ولي أمر طالبة في مرحلة الثانوية العامة، وقد صدر قرارٌ من الجهات القائمة على العملية التعليمية يتضمَّن إلزام الطلاب بارتداءِ زيٍّ مُوحَّد، كما يتضمَّن إلزام الطالبات بكشف وجوههنَّ داخل الأبنية التعليمية، وقد كانت ابنتي بدأت ترتدي النقاب منذ بلوغها؛ فنرجو الإفادة بالرأي الشرعي في هذا الأمر.
هل من السُنة أن يصلي المسلم قبل المغرب ركعتين بعد الأذان وقبل الفريضة؟
ما حكم استعمال العدسات اللاصقة للذكور والإناث لتصحيح الإبصار؟ علمًا بأن هذه العدسات قد تكون ملونة. هل في استعمالها تغرير بالرائي، أو تدخل في تغيير خلق الله، أو إبداء الزينة لغير المحارم؟
ما هي مبطلات المسح على الخفين؟ حيث إن هناك رجلًا يقوم بالمسح على الخفين، ولكنه يكون مقيمًا أحيانًا، ومسافرًا في بعض الأوقات، ويسأل: متى يكون المسح على الخفين باطلًا وغير صحيح؟