ما حكم ما يُسمى بـ(طلعة رجب) لتوزيع الصدقات عند المقابر؟ علمًا بأنه يعتاد بعض المسلمين في بداية شهر رجب من كل عام زيارة المقابر فيما يعرف بـ "طلعة رجب" ويمكثون في المقابر يوزعون فيها الطعام والأموال على الفقراء والمحتاجين. فما حكم ذلك شرعًا؟
الصدقة عن الميِّت جائزة ومستحبة شرعًا ويصل ثوابها له، سواء أكان التصدق عن الميت في شهر رجب، أو في غيره من الشهور، وهي في رجب وغيره من الأوقات الفاضلة أرجى ثوابا، ولا حرج أيضًا في توزيع هذه الصدقات عند القبر أو في أي مكان يتوارد عليه المساكين والفقراء وذوو الحاجة؛ لأن الجواز يعمُّ جميع الأزمنة والأحوال والأماكن متى روعيت الضوابط والآداب، ويجب الالتزام مع ذلك بآداب زيارة القبور من عدم رفع الصوت، وكذا مراعاة المعايير الصحية والطبية في توزيع الصدقات إن كانت طعامًا أو شرابًا، ونحو ذلك.
المحتويات
من المقرَّر شرعًا جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ سعد بن عبادة رضي الله عنه توفِّيت أمه وهو غائب عنها، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». أخرجه البخاري؛ يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 390، ط. دار المعرفة): [وفي حديث الباب من الفوائد: جواز الصدقة عن الميت، وأن ذلك ينفعه بوصول ثواب الصدقة إليه ولا سيما إن كان من الولد، وهو مخصص لعموم قوله تعالى ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: 39]] اهـ.
وقد أجمع الفقهاء على جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها للمتوفَّى ولم يُعرف بينهم خلاف فيه؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 323، ط. دار الفكر): [أجمع المسلمون على أنَّ الصدقة عن الميِّت تنفعه وتصله] اهـ.
بالنسبة لعادة بعض الناس في إخراج تلك الصدقة في زمان معين أو مكان محدد؛ وذلك نحو ما يفعله البعض من توزيع الصدقات في شهر رجب عند زيارة قبور الأقارب المتوفَّين، وذلك بنية وهب ثواب إخراج الصدقة عند الميت، فهذا لا حرج فيه شرعًا، ويرجى وصول ثواب هذه الصدقة إلى المقصودين؛ وذلك لأن النصوص الواردة في جواز الصَّدقة عن الميت جاءت مطلقة، فيعم الجواز كل الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال ما لم يرد ما يُقيِّده، فإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة العموم أو الإطلاق فإنَّه يؤخذ على عمومه وسَعَته ولا يصح تخصيصه ولا تقييده بوجه دون وجه إلَّا بدليل، وإلَّا كان ذلك بابًا من أبواب الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. ينظر: "غمز عيون البصائر" للحموي (1/ 16، ط. دار الكتب العلمية)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (6/ 202، ط. دار الكتب العلمية).
والصدقة في الأيام والشهور الفاضلة مستحبة شرعًا، فقد روي عن محمد بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا». أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".
ومن المعلوم أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي رغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس في الإقبال على الطاعات فيها، وبالأخص ما يكون نفعه متعديًا؛ كالصدقات وإطعام الطعام.. ونحو ذلك.
فعن نُبَيْشَةَ رضي الله عنه، قال: نادى رجل وهو بِمِنًى فقال: يا رسول الله، إنا كنا نَعْتِرُ عَتِيرَةً في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «اذْبَحُوا فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا». أخرجه النسائي في "سننه".
وفي سر إطعام الطعام في هذا الشهر الحرام، وتقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم لثواب هذه العادة الماضية؛ لاستبقاء ما فيها من خير وثواب يناله كل من يطعم الناس وبالأخص الفقراء في هذا الوقت الفضيل.
وهذا أصلٌ في اختصاص شهر رجب بمزيد من الفضل والخير والبركة والأجر لمن زاد فيه من عمل الطاعات، وخاصة العبادات التي يكون النفع منها متعديًا للغير؛ كالصدقات.
ويؤخذ من ذلك جواز ما جرى عليه عمل بعض الناس من التَّصدُّق عن الميت عند زيارة قبره في أول رجب؛ رجاء أن يرحم الله تعالى المتوفى بسبب تلك الصدقة، وذلك متى روعيت الآداب الشرعية في ذلك؛ من نحو خفض الصوت عند المقابر، ومراعاة المعايير الصحية والطبية عند توزيع الصدقة إذا كانت من طعامٍ أو شرابٍ ونحو ذلك. ومما ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء في السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الدخول أو الخروج لأرض فيها وباء؟ فقد اجتاح فيروس كورونا بلدان العالم، ومات بسببه الكثير من الأشخاص؛ فما حكم الدخول إلى أرض انتشر فيها فيروس كورونا، أو الخروج منها؟ وهل يحرم الخروج إذا كان للمداواة؟
يقول السائل: بعض الناس يرى أنَّ اسم "ياسين" في قوله تعالى: ﴿يٓسٓ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ [يس: 1-2] ليس من أسماء النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فما مدى صحة هذا القول؟
ما حكم قيام العامل أو الموظف بإثبات حضور زميله من دون أن يأتي للعمل؟
ما حكم الزكاة والصدقات لصالح مؤسسة خيرية؟ حيث يتشرف أحد البنوك بإحاطة فضيلتكم علمًا بتأسيس مؤسسة للتنمية المجتمعية بوزارة التضامن الاجتماعي، وتعمل المؤسسة منذ إنشائها على تطوير مجالي الصحة والتعليم في مصر، وذلك عبر منهج متكامل لا يعتمد فقط على المساهمات المادية، ولكن أيضًا من خلال إدارة عملية للتطوير بالتعاون مع الإدارات المختصة بالمؤسسات العامة التي تعمل بها، وإذ تركز المؤسسة في المرحلة الحالية على المشروعات الصحية، لا يتوقف دورها عند تحديث البنية الأساسية وتطوير الخدمات فحسب، ولكنه يمتد أيضًا ليشمل توفير الدورات التدريبية لأطقم التمريض، والعمل على رفع كفاءة العنصر البشري ككل، وننوه سيادتكم بأن البنك يتحمل كافة التكاليف الإدارية للمؤسسة، بحيث تذهب جميع التبرعات مباشرة للمشروعات التي تتبناها المؤسسة الخيرية.
وتعمل المؤسسة الآن على استكمال التطوير الشامل لثلاثة مشروعات مهمة وهي: مستشفى الأطفال الجامعي التخصصي "أبو الريش الياباني"، المعهد القومي للأورام، وقريبا نبدأ العمل بمركز الكلى بالمنصورة، وذلك للوصول بها إلى مستويات عالمية في الخدمة، حتى نتمكن من خدمة أكبر عدد من المرضى المحتاجين دون تحميلهم أي أعباء مادية، ويأتي اختيار هذه المؤسسات تحديدًا؛ لأنها تخدم المجالين التعليمي والصحي، وهما الهدف الأساسي الذي من أجله أنشئت المؤسسة.
وفي هذا الشأن، نعمل الآن على الاستعداد لإطلاق حملة إعلانية لتعريف الرأي العام بأهداف المؤسسة وبرامجها التنموية، وقد وردتنا في هذا الشأن عدة استفسارات من عملائنا يتساءلون من خلالها عن المواضع التي يمكن أن يتبرعوا من خلالها بالزكاة، وتلك التي تستحق الصدقات بالمؤسسة، كي تنفق منها على المشروعات التي تعمل عليها.
وعليه: فإنا نسأل فضيلتكم عن إمكانية استصدار فتوى مكتوبة وموثقة من دار الإفتاء المصرية تجيز إخراج الزكاة والصدقات لصالح المؤسسة، وتبين المواضع الملائمة لصرف كل منها، مما يشجع السادة المساهمين من أبناء المجتمع المصري لدعم جميع المبادرات التي من شأنها الوصول بمصر إلى ما نصبو إليه من تقدم وازدهار.
هل يجوز تخصيص يوم الجمعة بزيارة المقابر؟ وهل هناك فضل للزيارة في هذا اليوم؟
سائل يقول: أخبرني أحد أصدقائي أن معرفة الأحكام الشرعية وتمييز الصحيح فيها مبني على مجرد التذوق النفسي للشخص والشعور القلبي له محتجًا بحديث «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ»؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟ وما هو المعنى الصحيح الذي يفيده الحديث؟