ما موقف من لم يعقد نية الأضحية؟ فقد تعوَّدتُ منذ أمدٍ بعيد أن أضحِّيَ كلَّ عام، ولكنِّي هذا العام أَمُرُّ بضائقة مادِّيَّة تحول -حتى الآن- بيني وبين التضحية، وربَّما تيسَّر لي الأمر أيام الذبح؛ فهل تجزئ التضحية حينئذٍ وأنا لم أعقد النية من قبل؟ وكذلك لم أمسك عن شعري وأظفاري من أول ذي الحجة.
تجزئ الأضحية ما دام المضحي مستحضرًا النية حال الذبح، ولا يشترط لها أن يعقد النية عليها من أول ذي الحجة، ولا يندب في حقِّه الإمساك عن الشعر والأظفار؛ لأنه لم يرَ الهلال وهو مريد التضحية.
المحتويات
الضَّحيَّة: الأُضْحية، والجميع: الضَّحايا والأضاحي، وهي الشَّاة يُضَحَّى بها يوم الأَضْحَى بمِنًى وغيره، كما في "العين" للخليل بن أحمد (3/ 266، ط. دار الهلال).
وهي في اصطلاح الفقهاء: ما يذبح من النَّعَم تقرُّبًا إلى الله تعالى بشروط مخصوصة. ينظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (6/ 122، ط. دار الكتب العلمية).
وهي سنة مؤكدة في حقِّ القادر عليها عند جمهور الفقهاء؛ من المالكية في المشهور والشافعية والحنابلة والظاهرية. ينظر: "مواهب الجليل" للإمام الحطاب (3/ 238، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام النووي (3/ 228، ط. المكتب الإسلامي)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (9/ 435، ط. مكتبة القاهرة)، و"المحلى" للإمام ابن حزم (6/ 3، ط. دار الفكر).
قد اشترط الفقهاء لصحة التضحية شروطًا؛ منها: أن ينوي المضحي التضحية حال الذبح، ولا يشترط تقدمها عليه؛ لأن "النية المعتبرة ما قاربت الفعل" كما قال الإمام القرافي في "الذخيرة" (4/ 156، ط. دار الغرب الإسلامي).
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 71-72، ط. دار الكتب العلمية) عند تعداده شرائط الجواز: [أما الذي يرجع إلى مَن عليه التضحية، فمنها: نية الأضحية، لا تجزي الأضحية بدونها؛ لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة، والفعل لا يقع قربة بدون النية... ويكفيه أن ينوي بقلبه ولا يشترط أن يقول بلسانه ما نوى بقلبه كما في الصلاة؛ لأن النية عمل القلب، والذكر باللسان دليل عليها... (ومنها) أن تكون نية الأضحية مقارنة للتضحية كما في باب الصلاة؛ لأن النية معتبرة في الأصل، فلا يسقط اعتبار القِران إلا لضرورة كما في باب الصوم؛ لتعذر قِران النية لوقت الشروع لما فيه من الحرج] اهـ.
وجاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 291، ط. دار الفكر): [(وأمَّا) (ركنها): فذبح ما يجوز ذبحه في الأضحية بنية الأضحية في أيامها؛ لأن ركن الشيء ما يقوم به ذلك الشيء، والأضحية إنما تقوم بهذا الفعل، فكان ركنًا] اهـ.
وقال الإمام التنوخي المالكي في "التنبيه على مبادئ التوجيه -قسم العبادات" (2/ 837، ط. دار ابن حزم): [أما الأضحية، فسبب الخلاف في هذا هل تتعين الأضحية بالشراء أو بالنية؟ فتكون كالهدي لا يفتقر إلى النية عند الذبح، أو لا تتعين إلا بالذبح فتفتقر إلى النية] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 321، ط. دار الفكر): [وتشترط النية عند الذبح إن لم يسبق تعيين] اهـ.
وقال الإمام السيوطي الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 24، ط. دار الكتب العلمية) في أحكام النية: [نية الأضحية يجوز تقديمها على الذبح، ولا يجب اقترانها في الأصح] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 95، ط. دار إحياء التراث العربي): [يشترط لها نية المالك عند الذبح، فلا يجزئ ذبح غيره بغير إذنه] اهـ.
ومقتضى هذه النصوص أنَّه لا يجب عقد النية على التضحية من أول ذي الحجة، فتقع مجزئة متى قارنت النية الذبح وإن لم ينوها قَبْلَه.
أمَّا الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظفار، فيُندب في حقِّ مَن رأى هلال ذي الحجة وهو مريد التضحية، فإن رآه غير مريد التضحية فليس مطالبًا بالإمساك حينئذٍ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحِّي، فليمسك عن شعره وأظفاره» أخرجه مسلم.
قال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 39، ط. دار الفكر): [يندب لمن أراد الأضحية أن لا يقلم أظفاره ولا يحلق شيئًا من شعره ولا يقص من سائر جسده شيئًا تشبيهًا بالمحرم، ويستمر على ذلك حتى يضحي] اهـ.
وقال الإمام ابن جزي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 128، بدون طبعة): [يستحب لمن أراد أن يضحي أن لا يقص من شعره ولا من أظفاره إذا دخل ذو الحجة حتى يضحي] اهـ.
وقال الإمام الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (8/ 132، ط. دار الفكر): [(ويسن لمريدها) غير المحرم -أي التضحية- (أن لا يزيل شعره ولا ظفره) أي شيئًا من ذلك (في عشر ذي الحجة حتى يضحي)] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فتجزئ أضحية مَن لم يعقد النية عليها من أول ذي الحجة ما دام مستحضرًا النية حال الذبح، ولا يندب في حقِّه الإمساك عن الشعر والأظفار؛ إذ لم يرَ الهلال وهو مريد التضحية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سوف أقوم بأداء فريضة الحج هذا العام إن شاء الله تعالى، فهل أكتفي بالذبح هناك أم على أهل بيتي الموجودين هنا أن يذبحوا أيضًا؟
سائل يقول: اشترينا خروفًا لنضحي به في عيد الأضحى، ويوم العيد وقبيل الذبح أمرنا الوالد بأن نقدم للأضحية الماء لتشرب، فقال له أخي الصغير: ما فائدة أن تشرب قبل الذبح؟ فأخبره الوالد بأن هذا من باب الرفق بالأضحية المستحب شرعًا، ثم طلب من الجزار أن يحد سكين الذبح بعيدًا عن أعين الأضحية، وطلب منا أن ننوي عند الذبح أن تكون تلك الأضحية لله، فهل ما يقوم به الوالد بالفعل يُعَدُّ سنة يثاب عليها المضحي؟
ما حكم ذبيحة أهل الكتاب وعدم تسميتهم عليها؟ فالسائل قرأ تفسيرًا لقول الله سبحانه في القرآن الكريم في سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾ إلى آخر الآية الكريمة، وهذا التفسير باللغة الإنجليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد، والمنشور في 1979م بلندن بإنجلترا، وقد قال في (صحيفة 110) تفسيرًا لهذه الآية ما ترجمته: "اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا من طعام أهل الكتاب. كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حلٌّ لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور".
والسؤال هو: هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ محمد أحمد في تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد خنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس؟
هل يجوز الاستفادة من فرق الأسعار بين الصك البلدي والمستورد في دفع ثمن تعليب لحوم الأضاحي ليمكن حفظها لمدة عام وتوزيعها على المستحقين شهريًّا؛ حيث إن الفقراء لا يملكون ثلاجات لحفظ لحوم الأضاحي ويتناولونها مرة واحدة فقط في العيد؟
يدعي بعض الناس أن الطريقة التي يتمُّ بها ذبح الحيوانات فيها نوع من الوحشية وخالية من الرحمة؛ لكونها تشتمل على تعذيب الحيوان قبل ذبحه! فكيف يمكن لنا أن نرد على ذلك؟
ما حكم الأضحية بكبش واحد عن الرجل وأهل بيته؟ فأنا لي ثلاثة أولاد -ولدان وبنت-، كنت أضحي كل سنة بكبش عن كل فرد منهم، وقد ارتفعت أثمان اللحوم هذا العام، فهل تحتم الشريعة التضحية بكبش لكل شخص منهم، أو يجوز الاكتفاء بكبش واحد؟