مدى أحقية تناقل المنفعة في العلامة التجارية والاسم التجاري بالوصية أو التوارث

تاريخ الفتوى: 16 فبراير 2025 م
رقم الفتوى: 8606
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الميراث
مدى أحقية تناقل المنفعة في العلامة التجارية والاسم التجاري بالوصية أو التوارث

ما مدى أحقية تناقل المنفعة في العلامة التجارية والاسم التجاري بالوصية والتوارث؟

العلامة التجارية والاسم التجاري يُعَدَّان مالًا، ويثبت لهما أحكام المال مِن بيع وغيره، وبوفاة صاحبها تكون ميراثًا عنه، ويجوز له حال حياته أن يوصي بها لمن شاء إن كان مقدارها يساوي ثلث أمواله أو أقل، وإن زادت على الثلث فلا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذه الأمور.

المحتويات

 

بيان المراد بالعلامة التجارية والاسم التجاري وماليّتهما في الشرع والقانون

العلامة التجارية والاسم التجاري من أهم حقوق الملكية التجارية الثابتة لأصحابها شرعًا وقانونًا، فالعلامة التجارية هي: كل ما يميز منتجًا، سلعة كان أو خدمة عن غيره، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلًا مميزًا، والإمضاءات، والكلمات، والحروف، والأرقام، والرسوم، والرموز، وعناوين المحال، والدمغات، والأختام، والتصاوير، والنقوش البارزة، ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلًا خاصًّا ومميزًا، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي، أو استغلال زراعي، أو استغلال للغابات، أو لمستخرجات الأرض، أو أية بضاعة، وإما للدلالة على مصدر المنتجات، أو البضائع، أو نوعها، أو مرتبتها، أو ضمانها، أو طريقة تحضيرها، وإما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات. وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرَك بالبصر، كما في المادة (63) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢م.

أما الاسم التجاري فقد نظمه القانون رقم 55 لسنة 1951م الخاص بالأسماء التجارية، إلا أنه لم يضع تعريفًا للاسم التجاري، مكتفيًا ببيان الأحكام العامة المنظمة له، فنص في المادة رقم (1) منه على أنَّ: [على مَن يَملِك بمفرده محلًّا تجاريًّا أن يتخذ اسمه الشخصي عنصرًا أساسيًّا في تكوين اسمه التجاري، ولا يجوز في هذه الحالة أن يتضمن الاسم التجاري بيانات تدعو للاعتقاد بأن المحل التجاري مملوك لشركة] اهـ.

كما نص في المادة رقم (2) منه على أنه: [يجوز أن يتضمن الاسم التجاري بيانات خاصة بالأشخاص المذكورين فيه متعلقة بنوع التجارة المخصص لها، كما يجوز أن يتضمن تسمية مبتكرة، وفي جميع الأحوال يجب أن يطابق الاسمُ التجاري الحقيقةَ، وألَّا يؤدي إلى التضليل أو يمس بالصالح العام] اهـ.

وكل من العلامة التجارية والاسم التجاري من الناحية الشرعية له صفة المالية، وذلك لأنَّ كلًّا منهما تميل إليه الطباع بالتملك والانتفاع، ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، ويباح نفعه إذا لم يكن متعلقًا بأمر محرم أو سلعة محرمة، وله قيمة بين الناس يباع بها، ويتعلق به حقوق الضمان، وهذه هي حقيقة المال.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (4/ 501، ط. دار الفكر): [المراد بالمال ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، والمالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم، والتقوُّم يثبت بها وبإباحة الانتفاع به شرعًا] اهـ.

وقال الإمام شهاب الدين النَّفَرَاوِي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 281، ط. دار الفكر): [وحقيقة المال: كلُّ ما مُلِكَ شرعًا ولو قَلَّ] اهـ.

وقال الإمام السيوطيّ الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 454، ط. دار الكتب العلمية): [قال الشافعي رضي الله عنه: لا يقع اسم (مال) إلا على ما له قيمة يباع بها، وتَلزَم مُتلِفَه، وإن قَلَّت، وما لا يَطَّرِحُه النّاسُ مثل الفَلس وما أشبه ذلك] اهـ.

وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 12، ط. المكتب الإسلامي): [(وهو)، أي: المال شرعًا (ما يباح نفعه مطلقًا)، أي: في كل الأحوال] اهـ.

ما تطلق عليه التركة من حيث الأصل

المقرر شرعًا أنَّ التركة من حيث الأصل تطلق على ما تركه الميت أو خلَّفه من أموال وحقوق لمستحقيها من ورثته.

قال الإمام ابن عَابِدِين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (6/ 759) نقلًا عن "شروح السراجية" في تعريفها بأنها: [ما تركه الميت من الأموال صافيًا عن تعلُّق حق الغير بعَيْنٍ مِن الأموال] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (6/ 406، ط. دار الفكر) : [وتركة الميت تُرَاثه، وهو الميراث، وضبطه بعضهم: بأنه حقٌّ قابِلٌ للتَّجْزِيء ثَبَت لمستحقٍّ بعد موتِ مَن كان له؛ لوجود قرابة بينهما أو ما في معناها] اهـ.

وقال الإمام أبو البقاء الدَّمِيرِي الشافعي في "النجم الوهاج" (6/ 111، ط. دار المنهاج): [التركة: ما يخلفه الميت] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 499، ط. عالم الكتب): [المواريث جمع ميراث، وهو مصدر بمعنى الإرث، والوراثة، أي البقاء وانتقال الشيء من قوم إلى آخرين. وشرعًا: بمعنى التركة أي الحق المخلف عن الميت، ويقال له التراث] اهـ.

مدى أحقية تناقل المنفعة في العلامة التجارية والاسم التجاري بالوصية أو التوارث

لما كان كل من العلامة التجارية والاسم التجاري مالًا ثابتًا لصاحبه، فإنه يجري عليه التصرفات التعاقدية المعتبرة شرعًا وقانونًا من البيع والشراء والهبة ونحو ذلك، كما قرر ذلك قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 في مادته رقم (87) والتي نصت على أنه: [يجوز نقل ملكية العلامة أو تقرير أي حق عيني عليها أو الحجز عليها استقلالًا عن المحل التجاري أو مشروع الاستغلال، وذلك وفقًا للقواعد والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون] اهـ.

وعلى ذلك فتجوز التصرفات التي تسري على العلامة التجارية والاسم التجاري المضافة لما بعد الموت كالميراث والوصية؛ وذلك لأن حقيقة الميراث "انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة"، وبما تقرر من مالية العلامة التجارية والاسم التجاري فهما مِمَّا يصحُّ توريثه والوصية به.

قال الإمام ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (5/ 85، ط. دار الكتب العلمية) في بيان تعريف الميراث: [وفي الشرع: انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة، فكأن الوارث لبقائه انتقل إليه بقية مال الميت] اهـ.

وقال الإمام أبو البركات الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (4/ 456-457، ط. دار الفكر): [وغايته إيصال كل ذي حق حقه من تركة الميت والتركة حق يقبل التجزيء] اهـ.

قال الإمام الدسوقي مُحَشِّيًا: [(قوله: حق) هذا جنس يتناول المال وغيره كالخيار والشفعة والقصاص والولاء والولاية] اهـ.

وقال الإمام ابن الرفعة في "كفاية النبيه" (12/ 484، ط. دار الكتب العلمية): [الإرث والميراث أصله: العاقبة، كما قاله المبرد، ومعناه هاهنا: الانتقال من واحد إلى واحد] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (4/ 402، ط. دار الفكر): [المواريث جمع ميراث، وهو الحق المخلَّف عن الميت] اهـ.

والوصية عبارةٌ عن تبرعٍ مضافٍ إلى ما بعد الموت، كما في "نهاية المطلب" لإمام الحرمين الجويني (8/ 412، ط. دار المنهاج). ومعنى كونه مضافًا إلى ما بعد الموت: أنَّ نفاذ هذا التبرع لا يكون إلَّا بعد موت المُوصِي.

والذي عليه العمل في الديار المصرية إفتاءً وقضاءً: أن الوصية مشروعة، وأنها تَنْفُذُ فيما لا يزيد على ثلث التركة وجوبًا متى استكملت شروط صحتها وثبتت بما تثبت به الحقوق قضاءً، ولا تتوقف حينئذٍ على إجازة أحدٍ من الورثة، فإن زادت على الثلث فهذه الزيادة تحتاج إلى إجازة الورثة، فإن أجازوها جميعُهُم نفذت في حقهم جميعًا، وإن أجازها بعضهم ورفضها الآخرون نفذت الزيادة في حق مَنْ أجازها فقط، ثم تقسم التركة بعد استخلاص الوصية منها بين جميع الورثة كلٌّ حسب نصيبه فيها.

قال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (8/ 482، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وفيما زاد على الثلث مؤخرة، فإن الوصية بالثلث تقع نافذة من غير إجازة، فكانت وصية قوية مستحكمة فتكون في التنفيذ مقدمة. والوصية بما زاد على الثلث واهية ضعيفة؛ لأنها لا تجوز إلا بالإجازة لتعلق حق الورثة به فكانت مؤخرة عن حق الورثة؛ لأن حقهم متأكد] اهـ.

قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي" (2/ 1024، ط. مكتبة الرياض): [ومن أوصى بثلثه كله جاز ونفذ ذلك، ومن أوصى بأكثر من ثلثه لم يجز ما زاد على الثلث إلا أن يجيزه الورثة، هم في ذلك بالخيار؛ فإن أبى بعضهم وأجاز بعضهم لزم من أجاز ذلك منهم في نصيبه بقسطه، وإن أجازوا كلهم جاز، وإن لم يجيزوا كلهم نفذ عليهم الثلث، وذلك من بعد كفنه ومؤونة قبره ودفنه بالمعروف شيئًا متوسطًا، وبعد قضاء ديونه أيضًا؛ لأنه لا ميراث ولا وصية إلا بعد أداء الدين، فإذا قضي دينه أخرج ثلثه في وصيته] اهـ.

قال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (4/ 78، ط. دار الكتب العلمية): [(فإن زاد) في الوصية على الثلث (ورد) (الوارث) الخاص المطلق التصرف (بطلت في الزائد) على الثلث بالإجماع لأنه حقه... (وإن أجاز) المطلق التصرف (فإجازته تنفيذ) أي: إمضاء لتصرف الموصي بالزائد، وتصرفه موقوف على الإجازة] اهـ.

قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (2/ 266، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم سعدًا عن ذلك، فإن فعل وقف الزائد على الثلث على إجازة الورثة، فإن أجازوه جاز] اهـ.

وقد نص قانون الوصية المصري رقم 71 لسنة 1946م في المادة 37 على أنه: [تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ مِن غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث، ولا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه] اهـ.

الخلاصة

وبناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن العلامة التجارية والاسم التجاري يُعَدَّان مالًا، ويثبت لهما أحكام المال مِن بيع وغيره، وبوفاة صاحبها تكون ميراثًا عنه، ويجوز له حال حياته أن يوصي بها لمن شاء إن كان مقدارها يساوي ثلث أمواله أو أقل، وإن زادت على الثلث فلا تنفذ في الزيادة إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذه الأمور.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

توفي رجل بتاريخ 3/ 9/ 2017م عن: زوجة، وزوجة مُطلقة رجعيًّا بتاريخ 5/ 8/ 2017م، وأم، وأربعة أبناء وخمس بنات. ولم يترك المتوفى المذكور أي وارث آخر غير من ذكروا، ولا فرع يستحق وصية واجبة. فما نصيب كل وراث؟


ما حكم اشتراط صاحب المال عدم تحمل الخسارة في المضاربة؟ فأنا أريد القيام بعقد شراكة مع شخص، بحيث أعطيه الأموال، وهو يقوم بشراء البضاعة وبيعها، وذلك مقابل نسبة 40% من الأرباح له، ونسبة 60% لي، وأشترط عليه عدم تحملي لأيِّ خسارة، فما حكم إبرام هذا العقد شرعًا؟


ما حكم إنشاء صندوق للحج والعمرة وإيداع أمواله في البنك؟ فنحن بصدد إنشاء صندوق أو نظام للحج والعمرة للسادة الزملاء بشركتنا، على أن يكون رأس مال الصندوق قائمًا على اشتراكات السادة الأعضاء، والذي يخصم من راتبهم الشهري بانتظام بعد موافقتهم على نسبة الخصم، بجانب جزء صغير تدفعه الشركة سنويًّا كمساهمة اجتماعية للعاملين، علمًا بأن الصندوق يساهم بنسبة 35% من ثمن العمرة أو الحج للعامل، و20% للمرافق كمنحة لا ترد، ويتم تقسيط باقي المبلغ على الذين استفادوا من الخدمة؛ حيث إنه لا يشترط استفادة جميع المشتركين؛ حيث إن الأعداد محدودة، ويتم اختيار المستفيدين عن طريق عمل قرعة علنية.
فما هي شرعية وضع النقود بالبنك على شكل وديعة ذات فائدة سنوية ثابتة، أم يفضل شراء أذونات خزانة بالنقود المودعة، أم يتم إيداع النقود بحساب جاري بدون فائدة؛ أيها أفضل؟


رجل أوصى حال حياته وصحته بطوعه واختياره بأن يصرف ثلث ما يوجد مخلفًا عنه بعد موته في وجوه خيرات عيَّنها، وجعل زوجته وصيًّا على ذلك، وتحرَّر بذلك إعلام شرعي، وبقي بعد ذلك على قيد الحياة نحو العشرين سنة، ثم مات عن زوجته الوصية، وعن باقي ورثته، وادَّعت الزوجة لدى قاضٍ شرعي على بعض الورثة بالوصية والإيصاء المذكورين، وموت الموصي مُصِرًّا على ذلك، ولم تثبت دعواها، فهل -والحالة هذه- لا يكون لها التصرف في الثلث بل يتوقف ذلك على الإثبات الشرعي؟ أفيدوا الجواب.


ما هي كيفية توريث سطح البيت؟ فقد ملَّك والدي -رحمه الله- لكل ولد من أولاده ذكورًا وإناثًا شقة في بيته، بالإضافة إلى أنه ملك ورشة ومحلين بالطابق الأرضي لابنيه الاثنين، وأجَّر شقتين بالطابق الأخير لابني هذين الابنين.
والسؤال: هل سطح البيت يخص جميع الورثة؟ أم أنه خاص بالابنين فقط؟ حيث إننا نريد أن نبني عليه لتسكين أمنا، وكيف يوزع إيجار الشقتين؟


 ما درجة القرابة بيني وبين إخوة زوجتي الأشقاء؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 مايو 2025 م
الفجر
4 :30
الشروق
6 :7
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 36
العشاء
9 :2