حكم وقوف النائم والمغمى عليه بعرفة

تاريخ الفتوى: 13 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8637
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الحج والعمرة
حكم وقوف النائم والمغمى عليه بعرفة

 ما حكم وقوف النائم والمغمى عليه بعرفة؟ فقد سمعتُ أنَّه يشترط في صحة الوقوف بعرفة في الحج أن يكون الحاج مستيقظًا، فهل هذا صحيحٌ بحيث لا يصح وقوف النائم والمغمى عليه بعرفة في حال حصول النوم والإغماء بعد الإحرام؟

الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم، ويحصل بحضور الحاج بأيِّ جزءٍ مِن أجزاء عرفة في وقته المشروع، سواءٌ كان مفيقًا أو نائمًا أو مغمى عليه، ولا يلزمه شيء من فدية أو نحوها.

المحتويات

 

حكم الوقوف بعرفة ووقته

تقرَّر في الشرع الشريف أنَّ الوقوف بعرفة ركنُ الحجِّ الأعظم، ومَن فاته الوقوفُ بعَرَفة في وقته الذي حدَّده الشرع فقد فاته الحجُّ، ولا يُجزئ عنه شيءٌ، وقد نقل هذا الإجماعَ الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 57، ط. دار المسلم)، والإمام ابن عبد البَرِّ في "التمهيد" (10/ 20، ط. أوقاف المغرب).

ولا خلاف بين الفقهاء في أن طلوع الفجر الصادق يوم النَّحْر -أي: يوم العاشر من ذي الحجة- هو آخِر وقت الوقوف بعرفة، بل إنهم قد أجمعوا على ذلك، كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامَة (3/ 372، ط. مكتبة القاهرة)، إلا أنهم اختلفوا في أول وقته على أقوال ثلاثة:

القول الأول: أنه يبدأ من زوال شمس يوم عرفة -أي: وقت الظهر-، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية، والإمامان اللخميُّ وابنُ العربي، ومَالَ إليه الإمام ابن عبد البر من المالكية، وكذلك الشافعية، والإمام أحمد في روايةٍ اختارها الشيخُ ابن تيمية، ونَقَلَها عنه الإمام ابنُ قاضي الجَبَل، واختارها أيضًا الإمامان أبو حفص وابنُ بطة العُكْبَرِيَّان، وعليه حُمِلَ كلام الإمام الخِرَقِي. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكَاسَانِي الحنفي (2/ 125-126، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية الإمام الدُّسُوقِي المالكي على الشرح الكبير" (2/ 37، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي الشافعي (3/ 97، ط. المكتب الإسلامي)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 372).

القول الثاني: أنه يبدأ من غروب شمس يوم عرفة، وهو ما نص عليه الإمام مالك، كما في "شرح مختصر خليل" للإمام الزُّرْقَانِي (2/ 474، ط. دار الكتب العلمية).

القول الثالث: أنه يبدأ من طلوع فجر يوم عرفة، وهو يوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهذا ما نَصَّ عليه الحنابلة في معتمد المذهب، كما في "الإنصاف" للإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي (4/ 29).

أقوال الفقهاء في حكم وقوف النائم والمغمى عليه بعرفة

يحصل الوقوف بعرفة بحضور الحاج بأيِّ جزءٍ مِن أجزاء عرفة، ويجزئه ذلك عن الفرض بإجماع الفقهاء، كما في "المجموع" للإمام النووي (8/ 105، ط. دار الفكر).

والدليل على ذلك ما ورد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» أخرجه مسلم.

والأصل أنَّ شهود عرفة ينعقد به الحج، فعن عُرْوَة بْنِ مُضَرِّسٍ الطَّائِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنَا هَذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، فَقَدْ أَتَمَّ حَجَّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ» أخرجه الترمذي في "السنن"، وقال: "حديث حسن صحيح".

وذلك في حق المُفيق المُدرِك، أمَّا غير المفيق كالنائم والمغمى عليه فعلى تفصيلٍ بين الفقهاء في إجزاء وقوفه مِن عدمه، فيرى الحنفية والحنابلة في قول أَنَّ ركن الوقوف للحاج يتحقق بكَيْنُونَتهِ بعرفة في وقته المشروع، على أي صفةٍ، ولَم يُفرِّقوا بين كونه حال وقوفه بعرفه مُفِيقًا أو مُغمًى عليه أو نائمًا، فعلى كلِ حالٍ وقف صح وقوفه وأجزأه؛ لأنه أتى بالقَدْر المفروض، في مكان وزمان الوقوف.

قال الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 127): [أما القَدْر المفروض مِن الوقوف: فهو كَيْنُونَتُهُ بعرفة في ساعةٍ مِن هذا الوقت... سواءٌ كان عالمًا بها أو جاهلًا، نائمًا أو يقظان، مُفِيقًا أو مُغمًى عليه، وَقَف بها أو مَرَّ، وهو يمشي أو على الدَّابة أو محمولًا؛ لأنه أتى بالقَدْر المفروض، وهو حصولُه كائنًا بها] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين الـمَردَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 29-30): [وكذا لا يصح وقوف السكران، والمغمى عليه، وقيل: يصح] اهـ.

ويرى المالكية -في المشهور من المذهب- أَنَّ الحاج إذا أحرم قبل الوقوف بعرفة ثم نام أو أغمي عليه بعد الزوال في يوم عرفة واستمر الإغماء أو النوم للغروب أو للفجر أجزأه الوقوف على هذه الحالة، وكذلك من نام أو أغمي عليه قبل الزوال ووَقَفَ به أصحابه في محل الوقوف أجزأه أيضًا؛ وذلك لأن الإغماء لا يبطل الإحرام، وقد دخل في نية الإحرام.

قال الإمام أبو عبد الله الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 95، ط. دار الفكر): [من أغمي عليه قبل الزوال، وكان أحرم قبل ذلك بالحج فوقف به أصحابه فإنه يجزيه عند ابن القاسم، قال سند: لأن الإغماء لا يبطل الإحرام، وقد دخل في نية الإحرام، ونَبَّه بقوله: قبل الزوال على أن الإغماء لو كان بعد الزوال أجزأه من باب الأولى، وهو كذلك، ولا بد أن يقف به أصحابه جزءًا من الليل، ولو دفعوا به قبل الغروب لم يجزه عند مالك، قال في "الطراز": وهو ظاهر، وهذا قول مالك، وهو مذهب "المدونة"، وهو المشهور] اهـ.

بينما ذهب الشافعية في الأصح، والحنابلة في الصحيح مِن المذهب إلى التفرقة بين النوم والإغماء، فمَن وقف بعرفة وهو نائم صحَّ وقوفه وأجزأه، وإن استمر نومه حتى خرج وقت الوقوف، أما المغمى عليه فلا يجزئ وقوفه إن استغرق الإغماء جميع وقت الوقوف فإن أفاق لحظة أجزأه وإلَّا فلا؛ وذلك لأن المغمى عليه ليس من أهل العبادات، والنائم من أهل العبادات.

قال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 262، ط. دار الكتب العلمية): [(يشترط كونه) محرما (أهلا للعبادة) إذا أحرم بنفسه (لا مغمى عليه) جميع وقت الوقوف فلا يجزئ وقوفه لعدم أهليته للعبادة، ولهذا لا يجزئ الصوم إذا أغمي عليه جميع النهار، فإن أفاق لحظة كفى كما في الصوم... (ولا بأس بالنوم) ولو مستغرقا جميع الوقت كما في الصوم] اهـ.

وقال الإمام محيي الدين النووي في "المجموع" (8/ 94): [فإن حصل بعرفة في وقت الوقوف قائمًا أو قاعدًا أو مجتازًا فقد أدرك الحج... وإن وقف وهو مغمى عليه لم يدرك الحج، وإن وقف وهو نائم فقد أدرك الحج؛ لأن المغمى عليه ليس من أهل العبادات، والنائم من أهل العبادات] اهـ.

وقال أيضًا في "روضة الطالبين" (3/ 95): [الأصح عند الجمهور: لا يصح وقوف مغمى عليه] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين الـمَردَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 29-30): [فمن حصل بعرفة في شيء من هذا الوقت وهو عاقل: تم حجه ومن فاته ذلك: فاته الحج) أنه لا يصح الوقوف من المجنون وهو صحيح ولا أعلم فيه خلافا، وكذا لا يصح وقوف السكران، والمغمى عليه، على الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب وجزم به في "المغني" و"الشرح"... ويدخل في كلام المصنف أعني في قوله: (وهو عاقل) النائم والجاهل بها، وهو الصحيح من المذهب... والأظهر صحته مع النوم دون الإغماء والجهل] اهـ.

وقال العلامة ابن النَّجَّار الحنبلي في "منتهى الإرادات" (2/ 157، ط. مؤسسة الرسالة): [فمَن حَصَلَ -لا مع سُكْرٍ، أو جنونٍ، أو إغماءٍ فيه- بعرفة ولو لحظةً، وهو أهلٌ للحجِّ، ولو مارًّا، أو نائمًا، أو جاهلًا أنها عرفة، صحَّ حجُّه] اهـ.

المختار للفتوى في حكم وقوف النائم والمغمى عليه بعرفة

المختار للفتوى هو ما ذهب إليه الحنفية والمالكية في المشهور، والحنابلة في قول- أنه يصح وقوف النائم والمغمى عليه ويجزئه، طالما وقف محرمًا في الوقت المشروع للوقوف؛ وذلك تيسيرًا ورفعًا للحرج، وقد نصَّ الفقهاء والأصوليون على أنَّ المكلَّف له أن يقلد مَن أجاز مِن المجتهدين، وتقرر ذلك عندهم في القاعدة الفقهية: "مَن ابْتُلِيَ بشيءٍ مِن المختَلَف فيه فلْيُقَلِّد مَن أجاز"، كما في "الفصول في الأصول" للإمام أبي بكرٍ الجَصَّاص (4/ 284، ط. أوقاف الكويت)، و"شرح تنقيح الفصول" للإمام شهاب الدين القَرَافِي (ص: 432-433، ط. الطباعة الفنية المتحدة)، و"حاشية العلامة الشَّرْوَانِي على تحفة المحتاج" (1/ 119، ط. المكتبة التجارية).

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإن الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم، ويحصل بحضور الحاج بأيِّ جزءٍ مِن أجزاء عرفة في وقته المشروع، سواءٌ كان مفيقًا أو نائمًا أو مغمى عليه، ولا يلزمه شيء من فدية أو نحوها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما مدى انقطاع تتابع الطواف بالذهاب للوضوء؟ فرجلٌ ذهب إلى الحج، وأثناء الطواف انتقض وضوؤه، فخرج مِن طوافه وتوضأ، ثم عاد فور الانتهاء مِن الوضوء فأكمل الشوط الذي خرج منه وبَقِيَّةَ الأشواط بعد ذلك، فهل طوافه صحيح شرعًا؟


نحيطكم عِلمًا بأن صندوق خاص بإحدى الجهات الرسمية يقوم بتنظيم بعثة سنوية للحج، وذلك حسب البرنامج التالي ذكره، فبرجاء التفضل بإبداء الرأي في مدى صحة هذا البرنامج من الناحية الشرعية:
تقوم البعثة بالسفر بالملابس العادية إلى المدينة أولًا، وتمكث البعثة بالمدينة لمدة خمسة أيام، قبل التوجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، ونقوم بشراء صكوك الهدي من المدينة، والإحرام من فندق الإقامة بنية القران بين الحج والعمرة.
ثم نقوم بعد ذلك بالتوجه إلى الحرم المكي لأداء طواف القدوم والسعي بعده، فهل يجزئ هذا السعي عن سعي الحج؟
في يوم التروية نذهب ليلًا مباشرة إلى عرفة، ولا نبيت بمِنى ولا ندخلها، ونبيت ليلة عرفة بمقر البعثة بعرفة والذي يكون داخل حدود عرفة، ونمكث بالمخيَّم داخل عرفة دون الذهاب إلى جبل الرحمة، وعند غروب الشمس نبدأ في التحرك إلى المزدلفة، فنصل إليها ليلًا، ونصلي المغرب والعشاء جمع تأخير مع قصر العشاء، ونسرع بجمع الحصى من المزدلفة، ثم نبادر بعد ذلك وفي منتصف الليل بمغادرة المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويمكن لكبار السن والسيدات التوكيل في رمي الجمرات، ثم نتوجه إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة، وبعدها نتوجه إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة.
ثم نتوجه في ظهيرة يوم النحر من مكة إلى منى للمبيت بها حتى الساعة 12 صباحًا، ثم نقوم برمي الجمرات ليلة أول أيام التشريق وثاني أيام العيد، ثم التوجه إلى فندق الإقامة لمَن يرغب. وفي ظهر أول أيام التشريق وثاني أيام العيد نتوجه إلى منى ونقيم بها حتى نرمي جمرات اليوم الثاني من أيام التشريق في حدود الساعة 12 صباحًا، ونتعجل اليوم الثالث، ونقوم بمغادرة مِنى إلى مكة ليلة ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات.
ننصح الكثير من أعضاء البعثة وخاصة كبار السن بالذهاب بعد العشاء بساعة أو ساعتين ليلة 12 من ذي الحجة بالذهاب إلى الجمرات ورمي جمرات اليوم الأول، ثم يمكثون إلى أن ينتصف الليل ويرمون لليوم الثاني. كما ننصح كبار السن والنساء ومن لا يستطع الذهاب إلى منى أن يبقى بمكة ويوكِّلَ من يرمي عنه الجمرات. ويمكن لمن أحب عمل أكثر من عمرة أن يقوم بذلك بعد الرجوع إلى مكة والتحلّل الأكبر، ويقوم أعضاء البعثة بطواف الوداع في يوم 13 من ذي الحجة، أي: قبل المغادرة بيوم.
كما ننصح كبار السن والمرضى أن يجمعوا في طواف الإفاضة بين نية الإفاضة ونية الوداع.
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام
 


ما حكم من اقترض للحج والعمرة ولم يسدد ولم يزر قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقد قام شخص بأداء مناسك الحج عام 1991م، إلا أنه اقترض من أخيه المقيم بالسعودية مبلغ خمسمائة ريال في هذه الأثناء ولم يسددها حتى الآن، وأخوه قد توفي وله أولاد، فهل حجه صحيح؟ واقترض أيضًا من أخيه المقيم بالسعودية مبلغ ثمانمائة ريال سنة 1988م لأداء مناسك العمرة ولم يسددها حتى الآن، فهل عمرته صحيحة؟ وفي أثناء حجه لم يزر قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.


هل يجوز للمُحْرِم أن يمسَّ شيئًا من الطيب؟


ما حكم تقبيل الحجر الأسود وملامسته في أزمنة الوباء؟ حيث اقترب موسم أداء فريضة الحج، ومما يستحب للحاج فعله تقبيل الحجر الأسود وملامسته، والآن ومع انتشار فيروس كورونا القاتل، وسرعة انتشاره عن طريق العدوى من رذاذ المصاب به أصبح تقبيل الحجر الأسود وتزاحم الناس على فعل ذلك قد يكون سببًا للتعرض للعدوى والإيذاء، فما حكم الامتناع عن تقبيل الحجر الأسود في هذه الحالة؟


هل لمن سعى دون نية مخرج؟ ومن فَرَّقَ أشواط السعي على أيام، ومن مشى السبعة الأشواط لإعانة ضعيف على السعي هل يصح هذا له سعيًا مع اقتصاره على نية إعانة الغير؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :39
الظهر
12 : 50
العصر
4:21
المغرب
7 : 2
العشاء
8 :20