الثلاثاء 09 ديسمبر 2025م – 18 جُمادى الآخرة 1447 هـ

مظاهر كون الشتاء غنيمة المؤمن

تاريخ الفتوى: 25 يونيو 2025 م
رقم الفتوى: 8709
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصلاة
مظاهر كون الشتاء غنيمة المؤمن

ما هي الأوجه التي تجعل من فصل الشتاء غنيمة للمؤمن حتى أُحْسِنَ استغلال هذا الفصل؟

فصل الشتاء غنيمة للمؤمن، وعليه أن يغتنمه في التقرب إلى الله تعالى بإسباغ الوضوء، وقيام الليل، وصوم النهار، وسائر القربات، وفي ذلك كلِّه حط للخطايا والذنوب والسيئات، ورفع للدرجات في الجنات.

المحتويات

 

فصل الشتاء ربيع المؤمن

جعل الحق تبارك وتعالى فصل الشتاء للمؤمن روضة للطاعات والقربات، يقتبس فيها من أنوار العبادات، يقصر نهاره فيصومه، ويطول ليله فيقومه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ» أخرجه الأئمة: أحمد وأبو يعلى والقضاعي في "مسانيدهم"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وزاد فيه: «قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ، وَطَالَ لَيْلُهُ فَقَامَ». وحسَّنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/ 200، ط. مكتبة القدسي، القاهرة).

قال الإمام المُناوي في "فيض القدير" (4/ 172، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ»؛ لأنَّه يرتع فيه في روضات الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه القلب في رياض الأعمال، فالمؤمن فيه في سعة عيش من أنواع طاعة ربه، فلا الصوم يجهده ولا الليل يضيق عن نومه وقيامه كالماشية تربع في زهر رياض الربيع] اهـ.

كيفية اغتنام المؤمن فصل الشتاء

اغتنام فصل الشتاء يكون بعدة أمور، من أهمها:

أولًا: إسباغ الوضوء على المكاره فيه، وهو في شدَّة البَرْدِ من أفضَل الأعمال؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟»، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» رواه الإمام مسلم.

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح الإمام مسلم" (3/ 141، ط. دار إحياء التراث العربي): [وإسباغ الوضوء: تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد، وألم الجسم، ونحو ذلك] اهـ.

ثانيًا: قيام ليله؛ وهو من أعظم القربات التي يأتي بها المكلف؛ فقد مدح الله تعالى عباده الذين هم أهل الجنة بأنَّهم: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: 16]، وقال تعالى مادحًا لهم أيضًا: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ [الذاريات: 17]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» أخرجه الإمام مسلم.

وإذا كان قيام الليل مستحبًّا في كل فصول العام إلَّا أنه في فصل الشتاء آكد استحبابًا وأعظم ثوابًا؛ فعن قتادة أنَّ عامر بن عبد الله لمَّا حُضِر -أي حضرته الوفاة- جعل يبكي، فقيل له: ما يُبْكيك؟ فقال: ما أبكي جَزَعًا من الموت ولا حِرْصًا على الدنيا، ولكن أبكي على ظَمَإ الهواجر وعلى قيام ليل الشتاء. أخرجه ابن سعد في "الطبقات". وبكى معاذ رضي الله عنه عند موته وقال: إنما أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء بالرّكب عند حلق الذّكر. ذكره الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 524، ط. المكتب الإسلامي). وذكر قبله أنَّ قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف.

وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه كان يقول: "مرحبًا بالشتاء؛ تنزل فيه الرحمة، أمَّا ليله فطويل للقائم، وأمَّا نهاره فقصير للصائم" أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس".

ثالثًا: صوم نهاره، فعن عامر بن مسعود الْجُمَحِيِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ» أخرجه الإمامان الترمذي وأحمد.

قال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 106، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [«الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة»، أي: التي تحصل عفوًا بغير مشقة؛ لقصر النهار، وبرده، وعدم الحاجة مع ذلك إلى أكل وشرب] اهـ.

رابعًا: الدعاء خاصة إن كان اليوم شديد البرد بأن يقول: "اللهم أجرني من زمهرير جهنم"؛ لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ! اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَ بِي مِنْ حَرِّكِ فَاشْهَدِي أَنِّي أَجَرْتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ بَرْدَ هَذَا الْيَوْمِ! اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي قَدِ اسْتَجَارَنِي مِنْ زَمْهَرِيرِكِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ»، قَالُوا: مَا زَمْهَرِيرُ جَهَنَّمَ؟ قَالَ: «بَيْتٌ يُلْقَى فِيهِ الْكَافِرُ، فَيَتَمَيَّزُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ» أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"، والبيهقي في "الأسماء والصفات".

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي السؤال: ففصل الشتاء غنيمة للمؤمن، وعليه أن يغتنمه في التقرب إلى الله تعالى بإسباغ الوضوء، وقيام الليل، وصوم النهار، وسائر القربات، وفي ذلك كلِّه حط للخطايا والذنوب والسيئات، ورفع للدرجات في الجنات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

متى يبدأ ومتى ينتهي وقت صلاة الضحى؟ حيث يوجد رجلٌ يسكن في القاهرة، ويخرج إلى عمله مُبَكِّرًا عند طلوع الشمس، وقد يسافر إلى بعض المحافظات، ويريد أن يصلي الضحى، ويسأل: متى يبدأ وقتُها ومتى ينتهي حتى يراعي هذا الوقت عند أدائها؟


ما حكم صلاة رجل لا يخرج الزكاة المفروضة عليه، علمًا بأنه لديه أموال بلغت النصاب وحال عليها الحول. فهل هناك علاقة بين إقامة الصلاة وأداء الزكاة؟


ما معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾، وهل المراد منه أنه لا بد أن تُؤَدَّى الصلاة بعد الأذان مباشرة؟


هل يجوز القراءة من المصحف أثناء الصلاة؟


ما الذي ينبغي فعله على مَن أراد الدخول في صلاة الجماعة ولم يجد مكانًا في الصف؟


ما حكم صلاة الجمعة بأقل من أربعين في زمن الوباء؟

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد..
فإن من نوازل العصر ومتقلبات الأحوال: جائحة كورونا التي أصابت العالم بأسره، أسأل الله تعالى السلامة منه لجميع الناس.
وهذه الأزمة تجعل المتغيرات إلى المرونة والتمسك بيسر الدين الإسلامي وملامح رحمته ومحاسن تشريعه، فيما نقوم به من الطاعات كالجمعة والجماعة والتجمع لأداء العبادات والتباعد في الصفوف، وتقليل عدد التجمع في الأماكن العامة ودور العبادات.
وقد أعلنت وزارة الصحة التابعة لسيريلانكا والجهات المختصة بمنع التجمع بأكثر من خمسة وعشرين شخصًا في الأماكن العامة ودور العبادات، وفي إطار هذه الأزمة أفتت هيئة الإفتاء التابعة لجمعية علماء سيريلانكا بإقامة الجمعة في أماكن مختلفة، وذلك بناءً على جواز تعدد الجمعة في بلدٍ واحدٍ عند الحاجة في المذهب الشافعي.
ولكن لا يزال العلماء يناقشون مسألة التجمع بأقل من أربعين رجلًا في هذه الحالة الراهنة، علمًا بأن المعتمد في المذهب الشافعي أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر، فاختلفت آراء العلماء على اتجاهين:
الاتجاه الأول: الإنكار بإقامة الجمعة بأقل من أربعين رجلًا؛ اعتمادًا على القول الراجح المعتمد في المذهب الشافعي، وتعليلًا بأن العدد غير مكتمل.
الاتجاه الثاني: تنفيذ إقامة الجمعة بالعدد المسموح؛ تعظيمًا لشعائر الله، ومراعاة للمصلحة الدينية.
وبينما هو كذلك قد عثرتُ على مخطوطٍ لعالم جليل وعلم من كبار علماء سيريلانكا، وركن من أركان علم الفلك، ومؤسس الكلية الحسنية العربية الشيخ العلامة عبد الصمد رحمه الله، الذي كان رئيسًا لجمعية علماء سيريلانكا فترة طويلة، وله عدة مؤلفات من المطبوع والمخطوط.
وقد ألف كتابًا في عام 1912م، بخطه وسماه بـ "ضوء الشرعة بعدد الجمعة"، وقد ناقش الأدلة والآراء ورجح القول بأن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر.
وما حاصله: وإذا كان أهل البلد أقل من الأربعين، فإن كانوا (الشافعية) بأربعة فصاعدًا وأرادوا تقليد الإمام أبي حنيفة في صحة الجمعة بأربعة، فيجوز أن يصلوا الجمعة إن قلدوه تقليدًا صحيحًا؛ بأن يحافظوا كلهم على جميع الشروط المعتبرة عنده، ولكنه تُسنّ إعادتها ظهرًا خروجًا من الخلاف القوي. وإذا أرادوا أن يعملوا باختيار بعض الأئمة الشافعية في صحة الجمعة بدون أربعين وصلوا الجمعة فلا بأس بذلك، ولكن يلزمهم أن يعيدوا الظهر بعدها لوجوب العمل بالراجح، فإن لم يعيدوا الظهر جماعة أو فرادى فينكر عليهم إنكارًا شديدًا.
أطلب من سماحتكم إبداء موقف دار الإفتاء في إعادة الظهر بعد الجمعة: هل هي لازمة إذا عملوا في هذه المسألة على المرجوح في المذهب الشافعي؟ أو هل هي مسنونة إذا قلدوا في هذه المسألة مذهب الحنفية أو المالكية حفاظًا على جميع شروطهم؟ ولكم جزيل الشكر ومن الله حسن الثواب.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :7
الشروق
6 :39
الظهر
11 : 47
العصر
2:36
المغرب
4 : 55
العشاء
6 :18