حكم تغطية الرأس أثناء الإحرام خوفًا من البرد والمطر

تاريخ الفتوى: 30 يونيو 2025 م
رقم الفتوى: 8710
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الحج والعمرة
حكم تغطية الرأس أثناء الإحرام خوفًا من البرد والمطر

ما حكم تغطية الرجل رأسه حال الإحرام خوفًا من البرد والمطر الشديد؟

يجب على الرجل كشف رأسه أثناء الإحرام، ويحرم عليه سترها وتغطيتها، فإن اضطر إلى ذلك واحتاج إليه لشدة برد، أو مرض أصابه في رأسه يحتاج معه إلى التغطية، فيجوز شرعًا سترها وتغطيتها، وتلزمه الفدية، وهي على التخيير: إما ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين.

المحتويات

 

المراد بالإحرام للحج والعمرة وحكمه

المراد بالإحرام: نية الدخول في مناسك الحج أو العمرة، أو التزام حُرُمات مخصوصة، والـمُحْرِم: هو مريد الإحرام المتلبس به، وهو ركن من أركان الحج والعمرة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما". يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (2/ 479، ط. الحلبي)، و"شرح الشيخ زروق على متن الرسالة" (1/ 527، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية الجَمَل" للشيخ سليمان الجَمَل الشافعي (2/ 407، ط. دار الفكر)، و"الروض المربع" لأبي السعادات البهوتي الحنبلي (ص: 285، ط. دار المؤيد).

حكم تغطية الرأس أثناء الإحرام

إذا أحرم المكلَّف الرجل بالنُّسك فإنه يمنع عليه شرعًا أشياء كانت حلالًا له قبل إحرامه حتى يتحلل منه، ومن هذه المحظورات: أن يسترَ المُحرمُ رأسه أو بعضه؛ لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن لبس العمائم والبرانس للمحرم حال إحرامه.

والأصل في ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قام رجل فقال: يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا العَمَائِمَ، وَلَا البَرَانِسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ» أخرجه الإمام البخاري.

فصرَّح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث الشريف بالنهي عن أن يلبس الرجل العمائم والبرانس، وما يستر الرأس أو جزءًا منه.

وقد أجمع الفقهاء على أنَّ إحرام الرجل في رأسه، وأنه ممنوعٌ من تغطيته حال إحرامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ» أخرجه الإمامان: الدارقطني في "سننه" مرفوعًا، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"معرفة السنن والآثار" موقوفًا، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

قال الإمام ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 261، ط. الفاروق الحديثة): [وأجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من تخمير رأسه، لا أعلمهم يختلفون فيه. وأجمعوا على أن إحرام الرجل في رأسه، وأنه لا يغطيه؛ لنهيه عليه السلام] اهـ.

كما أن المحرم ممنوع من ارتداء شيء من المخيط الذي يصنع فيحيط بالجسد أو عضو من أعضائه فيستره؛ قال العلامة ابنُ عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 489): [الممنوعُ عنه: لبس المخيطِ اللُّبس المعتاد] اهـ.

وقال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (3/ 303، ط. دار الغرب الإسلامي) عند بيان أنواع المحظورات في الإحرام: [لُبس المخيط، وليس المراد خصوص المخيط، بل ما أوجب رفاهية للجسد كان مخيطًا أو محيطًا] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 18، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يلبس المحرم الذكر مخيطًا) ولا ما في معناه مما يحرم على المحرم لبسه، (ولا يستر رأسه ولا وجه المحرمة)، أي: يحرم ذلك إبقاء لأثر الإحرام] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 425، ط. عالم الكتب) في بيان محظورات الإحرام: [(الرابع: لبس الذَّكر المخيط قلَّ أو كثر في بدنه أو بعضه) مما عمل على قدره، أي: قدر الملبوس فيه من بدن أو بعضه، (من قميص وعمامة وسراويل وبرنس ونحوها، ولو درعًا منسوجًا أو لبدًا معقودًا ونحوه) مما يعمل على قدر شيء من البدن] اهـ.

حكم تغطية الرأس أثناء الإحرام خوفًا من البرد والمطر الشديد

الفقهاء وإن اتفقوا على أن المحرم ممنوع من تغطية رأسه حال إحرامه حتى يتحلل منه، إلَّا أنهم أجازوا له ذلك عند الضرورة والحاجة، فمن احتاج إلى تغطية رأسه لمرض أصابه أو بردٍ شديد لا يقوى على تحمله لكبر سن أو غيره جاز له تغطية رأسه، مع وجوب الفدية عليه، وهي على التخيير: إما ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، ويجوز إخراجُ القيمة في الإطعام.

والأصل في ذلك ما روي عن كعب بن عجرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرَّ به زمنَ الحديبية، فقال: «قَدْ آذَاكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟» قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «احْلِقْ، ثُمَّ اذْبَحْ شَاةً نُسُكًا، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ» أخرجه الإمام مسلم.

وقد تتابعت نصوص الفقهاء على ذلك؛ قال الشيخ برهان الدين ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 448، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يغطي المحرم رأسه ولا وجهه... وإن فعل ذلك؛ إن كان يومًا إلى الليل: فعليه دم، وإن كان أقل من ذلك: فعليه صدقة... قال في "الأصل": وإن استظل المحرم بفسطاط: فلا بأس به، وكذلك إذا دخل تحت ستر الكعبة حتى غطاه، والستر لا يصيب رأسه ولا وجهه: لا بأس به؛ لأن التغطية إنما تحصل بماسٍّ بدنَه] اهـ.

وقال العلامة شهاب الدين النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 369، ط. دار الفكر): [(وإحرام الرجل في وجهه ورأسه)، والمعنى: أن أثر إحرام الرجل إنما يظهر في وجهه ورأسه، فيَحرُم عليه سترهما بكل شيءٍ ولو طِينًا، قال خليلٌ بالعطف على ما يَحرُم: "وستر وجهٍ أو رأسٍ بما يعد ساترًا كطينٍ"، فإن ستر وجهه أو رأسه أو بعض أحدهما وانتفع به: افتدى، ولو فعل ناسيًا أو جاهلًا أو مضطرًّا، إلا إنْ أزال الساتر سريعًا: فلا فدية؛ لأن شرطها في اللبس الانتفاعُ من الحر أو البرد] اهـ.

وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 292-293): عند عدّه لمحظورات الإحرام: [(أحدها: ستر بعض رأس الرجل) ولو البياض الذي وراء الأذن، سواء أستر البعض الآخر أم لا (بما يعد ساترًا) عرفًا، مخيطًا كان أو غيره؛ كالعمامة والطيلسان والخرقة، وكذا الطين والحناء الثخينين... (إلا) ستر بعض رأس الرجل أو كله، (لحاجةٍ) من حرٍّ أو بردٍ أو مداواة، كأن جرح رأسه فشد عليه خرقة، فيجوز... لكن تلزمه الفدية قياسًا على الحلق بسبب الأذى] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 538-539، ط. عالم الكتب): عند عدّه محظوراتِ الإحرام: [(الثالث: تغطية الرأس)، أي: رأس الذكر إجماعًا... (فمتى غطاه)، أي: الرأس بلاصق معتادٍ؛ كبرنس وعمامة أو غيره (ولو بقرطاس به دواء، أو لا دواء به، أو غطاه بطين أو نورة أو حناء، أو عصبه ولو يسيرًا) حرم بلا عذر وفدى] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي السؤال: فيجب على الرجل كشف رأسه أثناء الإحرام، ويحرم عليه سترها وتغطيتها، فإن اضطر إلى ذلك واحتاج إليه لشدة برد، أو مرض أصابه في رأسه يحتاج معه إلى التغطية، فيجوز شرعًا سترها وتغطيتها، وتلزمه الفدية، وهي على التخيير: إما ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تقديم طواف الإفاضة على الرمي في حج التمتع؟ فهناك بعثة حجَّاج تعزم أن يكون خط سيرها المقترح في الحج: من القاهرة، إلى مطار جدة، ثم إلى مكة، ثم إلى عرفات، ثم إلى المزدلفة، ثم إلى مكة، ثم إلى منًى، ثم إلى مكة؛ بحيث يتم التوجُّه من المزدلفة إلى مكة مباشرة وأداء طواف الإفاضة وسعي الحج ثم التحلل الأكبر، ثم التوجه بعد ذلك إلى منًى ورمي جمرة العقبة الكبرى، فهل هذا جائزٌ في حجِّ التَّمتُّع، أم أنه يتعيَّن التوجُّه من مزدلفة إلى منًى لِرَمي جمرة العقبة الكبرى قبل التحلُّل الأكبر؟


هل يختص ذبح دم الفدية بوقت معين؟ حيث عزم أحدُ الأشخاص على الحجِّ هذا العام، وسأل: إذا وجب عليه دمُ الفدية بسبب ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام، أو تَرْكِ واجب من واجبات الحج؛ فهل يجب عليه ذبحه بمجرد ارتكابه للمحظور، أو تَرْكِه للواجب، أو له أن يذبحه حسبما تيسر له فيما بعد؟


ما حكم الحج عن المتوفاة إذا كان مال تركتها لا يكفي؟ حيث سألت سيدةٌ وقالت:
أولًا: كانت والدتي رحمها الله تعتزم الحج، إلا أن الأجل وافاها قبل أن تتمكن من تأدية هذه الفريضة، فهل من الممكن -والحالة هذه- أن أقوم أنا بدلًا منها بإتمام الحج على أن يحتسب للمرحومة؟ علمًا بأن ظروفي العملية تمنعني أنا شخصيًّا من تأدية هذه الفريضة لنفسي.
ثانيًا: إن ما ورثته عن المرحومة أمي لا يكفي كل مصاريف الحج وعليه، فهل يجوز لي أن أكمل هذه المصاريف مما ادخرته لمستقبل ابنتي الطفلة ولمستقبلي كأرملة؟


هل لصلاة العيد سُنة قَبلية؟ حيث نجدُ بعضَ الناس يُنكرون على بعض المصلين صلاتهم قبل صلاة العيد عندما يحضرون للمُصلَّى قبل الشروع في الصلاة مع الإمام، وما مدى صحة صلاة ركعتين قبل صلاة العيد؟


ما سنن العمرة؟ وما الحكم لو ترك المعتمر شيئًا من هذه السنن؟


ما حكم الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظفار لمن يجمع بين الحج والأضحية؟ فرجلٌ عزم على الحجِّ متمتعًا هذا العام، وقد وكَّل مَن يذبح عنه أضحيةً في بلده، فهل له أن يأخذ مِن شَعرِه وأظفاره للنظافة الشخصية قبل إحرامه، أم هو مطالبٌ شرعًا بالإمساك عنهما مِن أول ذي الحجة إلى أن تُذبح أضحيتُه؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :15
الشروق
6 :48
الظهر
11 : 55
العصر
2:42
المغرب
5 : 1
العشاء
6 :24