الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، سيدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وبعد،،،
فإن دار الإفتاء المصرية –حرسها الله- أحد أبرز وأهم المؤسسات المعنية بشؤون الفتوى، والنظر في النوازل المعاصرة، وبيان أحكامها الشرعية في عالمنا العربي والإسلامي، وقد تعاقب على رئاستها عدد من المفتين الذين أسهموا إسهامًا بارزًا في إثراء المجال الإفتائي بإصدار فتاوى علمية أزالت كثيرًا من الإشكالات لدى المستفتيين.
ولا تزال الدار إلى يومنا هذا تؤدي هذا الدور بفاعلية واقتدار، مستندةً في ذلك إلى توفيق الله تعالى، ثم إلى جهود المخلصين من العاملين فيها، وحسن قيادة علمائها الأجلاء الذين أدركوا عظم التحديات التي تمر بها دول العالم عامة، ودول العالم الإسلامي على وجه الخصوص.
فقد شهد الواقع المعاصر تطورات كثيرة وطفرات متنوعة في كافة المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وهو ما نتج عنه العديد من المستجدات والقضايا التي لم تكن موجودة من قبل، وليس لها مثيل فيما تصنفه كتب الفقه المعروفة.
الأمر الذي دفع بها إلى مزيد بحث ودراسة لمثل هذه القضايا والمستجدات بغية الوصول بها إلى التكييف الفقهي الصحيح، ومن ثم بيان الرأي الشرعي الرشيد الذي يزيل اللبس، ويقضي على الغلو والتطرف، ويكشف عن يسر الشريعة وتمامها وكمالها.
ولهذا فقد انتهجت لنفسها منهجًا يحقق ذلك، يتمثل فيما يلي:
الاعتماد في الفتوى على المذاهب الأربعة المعروفة المشهورة لدى أهل السنة والجماعة: «الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة»، مع الاستئناس ببعض الآراء الفقهية من بعض المذاهب الأخرى، وترجيحها أحيانًا لحاجة الناس، أو لتحقيق مقاصد الشرع.
كما تتسع دائرة الحجية في منهجية دار الإفتاء لتشمل مذاهب الأئمة المجتهدين كالأوزاعي والطبري والليث بن سعد وغيرهم؛ حيث تستأنس بآراء هؤلاء الأئمة المجتهدين، وقد ترجحها لقوة الدليل، أو للحاجة إليها؛ لتحقيق مصلحة الناس، أو مقصد من مقاصد الشرع الشريف، «فليست المذاهب المتبوعة منحصرة في الأربعة، بل لجماعةٍ من العلماء مذاهب متبوعة أيضًا، كالسفيانين وإسحاق بن راهويه وداود الظاهري والأوزاعي، ومع ذلك فقد صرح جمع من أصحابنا بأنه لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة؛ وعللوا ذلك بعدم الثقة بنسبتها إلى أربابها؛ لعدم الأسانيد المانعة من التَّحريفِ والتبديل بخلاف المذاهب الأربعة؛ فإن أئمتها بذلوا أنفسهم في تحرير الأقوال، وبيان ما ثبت عن قائله وما لم يثبت، فأمن أهلها من كل تغيير وتحريف، وعلموا الصحيح من الضعيف؛ ولذا قال غير واحد في الإمام زيد ابن علي: إنه إمام جليل القدر عالي الذكر، وإنما ارتفعت الثقة بمذهبه؛ لعدم اعتناء أصحابه بالأسانيد، فلم يؤمن على مذهبه التحريف والتبديل ونسبة ما لم يقله إليه، فالمذاهب الأربعة هي المشهورة الآن المتبعة، وقد صار إمام كل منهم لطائفة من طوائف الإسلام عريفًا بحيث لا يحتاج السائل عن ذلك تعريفًا، ولا بأس بتقليد غير من التزم مذهبه في أفراد المسائل، سواء كان تقليده لأحد الأئمة الأربعة، أو لغيرهم ممن حفظ مذهبه في تلك المسألة ودون حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته، فالإجماع الذي نقله غير واحد على منع تقليد الصحابة يحمل على ما لم يعلم نسبته لمن يجوز تقليده، أو علمت ولكن جهل بعض شروطه عنده، ولو كان ذلك الغير منتسبًا لأحد الأئمة الأربعة كأصحاب الشافعي وأبي حنيفة مثلا، فإن أحدهم قد يختار قولا يخالف نص إمامه، فيجوز تقليده فيه بالشروط الآتية، ومن ذلك اختيارات النووي وابن المنذر وغيرهما، فيجوز تقليدهم فيها» ([1]).
كذلك تلتزم دار الإفتاء المصرية بقرارات المجامع الإسلامية المعتمدة، وعلى رأسها: هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة؛ وخاصة في القضايا العامة والنوازل؛ فهذه المجامع الفقهية تحقق اليوم الاجتهاد الجماعي الذي تدعو الحاجة إليه وإلى توسيع دائرته.
قد تلجأ دار الإفتاء المصرية إلى استنباط الأحكام من النصوص الشرعية بالكتاب والسنة مباشرة؛ خاصة فيما لا يوجد فيه حكم في المذاهب الفقهية، أو كان موجودًا ولكنه لا يتناسب مع الحال، وشرط ذلك أن تكون النصوص تحتمل هذا الاستنباط بالمعايير التي وضعها الأصوليون في ذلك.
تلتزم الدار بما صدر عنها من فتاوى سابقة كمؤسسة ولا تعارض ما صدر عنها؛ إلا لتغير الجهات الأربعة التي تستلزم التغير في الفتوى: الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
وبالجملة فدار الإفتاء المصرية وعبر تاريخها الطويل ومنذ نشأتها عام 1895، وحتى العام 2025 بدور فعال لبيان حكم الله تعالى وفق مراده تعالى، وبما يحقق مصلحة العباد، فهي ومنذ نشأتها تحرص على المحافظة على ثوابت الدين وأصوله، وفي ذات الوقت الانفتاح على الواقع والتعامل مع مسائله والاشتباك مع قضاياه، والإجابة عليها بصورة علمية مثلى، تحقق مراد الشارع الحكيم ولا تتعارض مع مصالح الناس وأحوالهم.
وقد استطاعت من خلال ذلك نشر الوعي الديني، وتقديم خطاب ديني رشيد يقطع الطريق أمام الفتاوى الشاذة، والآراء الغريبة، والاجتهادات الضالة والتي تأتي بعيدة عن أي أساس علمي تستند إليه وتقوم من خلاله.
فمنذ عام 1946م، شهدت دار الإفتاء المصرية تطورًا ملموسًا في منهجها الإفتائي، لا سيما في مجال المعاملات المالية، ولقد حرصت الدار في فتاواها على مراعاة الواقع، وتحقيق مقاصد الشريعة، وتبنّت منهج التيسير ورفع الحرج، دون إخلالٍ بالضوابط الشرعية المقررة، فبادرت إلى دراسة النوازل والمستجدات المالية والاقتصادية وغيرها من النوازل المعاصرة.
وقد بدأت ملامح هذا التطور تتضح في عهد فضيلة الشيخ/ حسنين مخلوف؛ مفتي الديار المصرية آنذاك، الذي أسس لنقلة نوعية في الفتوى من خلال تعميق النظر المقاصدي، وربط الأحكام الفقهية بواقع الناس واحتياجاتهم العملية.
وفي العقود التالية، تابعت الدار هذا النهج، فعملت على تطوير آلياتها المؤسسية، واستعانت بالمتخصصين في شتى العلوم، ومنها: علماء المالية والاقتصاد، وشاركت في المؤتمرات الدولية المتخصصة، وواكبت تطورات الاقتصاد العالمي، مما انعكس على نوعية الفتاوى الصادرة منها، والتي اتسمت بالدقة والعمق، وتحقيق التوازن بين المقاصد والمصالح.
وفي السنوات الأخيرة، كثّفت الدار جهودها في هذا المجال، فأطلقت وحدات متعددة في جوانب مختلفة تتعلق بمسائل الاقتصاد والمال، وأصدرت العديد من الفتاوى المتعلقة بالمعاملات البنكية، والصكوك، والتأمين، والتمويل، والعملات الرقمية وغيرها، مع التأكيد الدائم على مراعاة الضوابط الشرعية، وتحقيق مقاصد الشريعة.
كما تُولي الدار أهمية بالغة لتحقيق المقاصد الكلية في هذا الباب، وعلى رأسها حفظ المال، وإقامة العدل، وتؤكد الدار دائمًا على ضرورة توثيق المعاملات والالتزام بالضوابط الفقهية؛ تجنبًا للغرر والنزاع، وسعيًا لضمان صحة التعاملات.
وبإيجاز نقول: لقد أدركت دار الإفتاء المصرية في وقت مبكر مدى الحاجة إلى مواكبة التحولات الاقتصادية المتسارعة، فأصدرت العديد من الفتاوى المعاصرة في المعاملات المالية، والتي أسهمت في دعم الاقتصاد الوطني وفق رؤية شرعية منضبطة، وأسّست لأنظمة مالية تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وحول الفتاوى المالية التي أصدرتها دار الإفتاء المصرية جاءت هذه الدراسة المعنونة بـــ«منهج دار الإفتاء المصريةَّ في فتاوى النوَّازل في المعامَلات الماليةَّ في الفترة من 1946م إلى 2014م». وقد توصّل الباحث من خلال وقوفه على هذا المنهج أن دار الإفتاء المصرية تنتهج منهجًا علميًّا رصينًا في تناولها للنوازل المتعلقة بالمعاملات المالية، يقوم على الاجتهاد المنضبط، يُراعى فيه التكييف الشرعي، ومقاصد الشريعة، والتطورات الواقعية.
وبتحليل مضامين هذه الفتاوى، تمكن من تصنيف النوازل المالية التي تناولتها الدار إلى نوعين رئيسين:
أولًا: المسائل ذات الجذور الفقهية السابقة
وهي القضايا التي سبق للفقهاء القدامى أن بحثوها وبيّنوا أحكامها، إلا أنها عادت للظهور في العصر الحديث على نطاق واسع، مما استدعى تجديد النظر فيها، وقد اعتمدت الدار في معالجتها لهذه المسائل على منهج "الاختيار الفقهي"، والذي يُعدّ نمطًا من الاجتهاد يقوم على ترجيح أحد الأقوال المأثورة عن الفقهاء المتقدمين بحسب ما تقتضيه المصلحة ويوافق واقع الحال. ويُقصد به: اجتهاد الفقيه في تمييز القول الأرجح في المسائل المختلف فيها، والانتصار لما يراه أقرب إلى الصواب من أقوال الأئمة وأصحاب المذاهب.
ثانيًا: المسائل المستجدة التي لم يتناولها الفقهاء القدامى بالنظر
وهذه النوازل المعاصرة عالجتها الدار بمنهج يشتمل على ما يلي:
التخريج الفقهي: وذلك بردّ هذه النوازل إلى القواعد والأصول المقررة في المذاهب الأربعة، والاستناد إلى الأدلة التفصيلية والكلية والقواعد الفقهية والضوابط المعتبرة، وصولًا إلى استنباط الحكم الشرعي المناسب.
مراعاة مقاصد الشريعة: إذ تسعى الدار إلى تقييم المسائل الجديدة في ضوء المقاصد العامة للشريعة، فتقر ما يحقق المقاصد، وتحكم بإبطال ما يتعارض معها. كما تحرص على ردّ المعاملات الحديثة إلى العقود المسماة ما أمكن، وإن تعذر ذلك، اعتبرتها عقودًا مستحدثة تُعرض على الضوابط الشرعية العامة للحكم عليها.
الاستعانة بأهل الخبرة: إذ تستعين الدار بأهل التخصص في المجالات المختلفة لفهم طبيعة النوازل وتصورها بدقة، والنظر في آثارها ومآلاتها.
الاعتداد بالاجتهادات الجماعية: تُولي الدار أهمية للاجتهادات الجماعية الصادرة عن المجامع الفقهية والمؤتمرات العلمية، فتستأنس بها ولا تنفصل عنها، إيمانًا منها بقيمة التشارك العلمي وعمق النظر الجماعي في النوازل المعقدة.
والاختيار الفقهي لا يقوم على التفضيل العشوائي بين الأقوال الفقهية كما يظن البعض؛ وإنما يرتكز على قواعد علمية راسخة، ويُناط بأهلية علمية متخصصة، ممن بلغوا مراتب الاجتهاد أو امتلكوا أدوات الترجيح والتمييز بين الأدلة.
وقد التزمت دار الإفتاء بهذا المنهج على مدار تاريخها، مؤكدة أن الفتوى في القضايا المتغيرة لا تصدر إلا بعد مراعاة جملة من الأسس المحكمة، يمكن تلخيصها في ثلاثة محاور رئيسة:
أولًا: فقه النص، وذلك بأن يستند الاختيار الفقهي إلى دليل شرعي معتبر من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس أو غيرها من الأصول المعتمدة عند أهل العلم، ولا تتبنى الدار رأيًا فقهيًّا يخالف نصًّا صريحًا أو إجماعًا قطعيًّا، بل تعمل على استخراج الحكم من مظانه، ملتزمة بثبوت الدليل ودلالته، وفق قواعد الاستنباط المقررة في علم أصول الفقه.
ثانيًا: فقه المصلحة، وهو من أبرز ملامح الاختيار الفقهي الذي انتهجته دار الإفتاء في قضايا النوازل، حيث تراعي في فتاواها المقاصد العامة للشريعة، من حفظ الدين والنفس والمال والعقل والنسل، فضلًا عن تعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق مصالح الناس ورفع الحرج عنهم، وقد اعتمدت الدار في كثير من النوازل على قاعدة: درء المفاسد وجلب المصالح، ووسّعت دائرة النظر المقاصدي حين تعارضت بعض الفروع مع المصلحة الراجحة، ما لم يكن في ذلك مخالفة لنص قطعي.
ثالثًا: فقه الواقع، فقد أولت الدار عناية بالغة بالواقع المعيش، إدراكًا منها أن الأحكام الاجتهادية تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، وقد اعتمدت في إصدار فتاواها على دراسات ميدانية، كما تبنت آلية الفريق البحثي الفقهي المتعدد التخصصات، من أجل الإحاطة بجوانب المسألة، للوصول إلى إجابة فقهية تراعي طبيعة الواقع وتحدياته.
وكان التفريق بين الثوابت والمتغيرات أمرًا لا يمكن تجاوزه، مكّن دار الإفتاء من إعمال الاجتهاد في نطاقه الصحيح، دون أن تمس الأحكام القطعية أو المبادئ الأساسية المستقرة.
وأشارت الدراسة إلى الجهود العلمية في دراسة مقاصد الشريعة، واستحداث العقود في فتاوى دار الإفتاء المصرية في تلك الفترة، والإشارة إلى الممارسة الفعلية لدار الإفتاء المصرية في ضوء مقاصد الشريعة، واستيعابها للنوازل المالية من خلال استحداث عقود جديدة خارج نطاق العقود المسماة في كتب الفقه.
أما عن الدور التجديدي في معالجة النوازل المالية فتناول الباحث مدى حضور المقاصد الشرعية في فتاوى دار الإفتاء المصرية المتعلقة بالمعاملات المالية في الفترة ما بين 1946م و2014م، منطلقًا أولًا من تأصيل نظري لمقاصد الشريعة من حيث: تعريفها، وأقسامها، وحكم الاستدلال بها، ثم انتقل إلى الدراسة التطبيقية، تناول فيها منهج دار الإفتاء المصرية في اعتبار مقاصد الشريعة، من خلال تحليل نماذج مختارة من فتاواها، وقدّم ذلك في مطلبين:
الأول: يبيّن كيف تستند الدار إلى المقاصد في الاختيار الفقهي بين الأقوال المذهبية في النوازل، مرجّحة ما يتوافق مع تحقيق المصلحة ودفع المفسدة.
أما الثاني: فيرصد حضور المقاصد في استنباط الأحكام عند تخريج النوازل الجديدة التي لا نص فيها، مما يدل على نزعة اجتهادية قائمة على تفعيل روح الشريعة الإسلامية.
وتناولت الدراسة الاتجاه التجديدي لدار الإفتاء، وذلك باستحداث عقود غير مسماة في الفقه الإسلامي، وممارستها اجتهادًا معاصرًا يستوعب الوقائع المستجدة، من خلال استحداث عقود جديدة تستجيب لحاجات العصر، وأنه لا يجب التقيد بالعقود المسماة الموروثة في الفقه الإسلامي، وجواز أن ننشئ من العقود ما يحقق المصلحة في مجال المعاملات، غير مقيدين بصيغ بذاتها أو ألفاظ بعينها.
واستعرضت الدراسة الأسباب الداعية لهذا الاستحداث، والضوابط التي يتوجب مراعاتها لضمان بقاء تلك العقود منضبطة بأصول الشريعة ومقاصدها.
وقامت الدراسة –أيضًا- بتقديم نماذج تطبيقية مهمة من فتاوى الدار هي: فتوى أذون الخزانة، وهي إحدى صور أدوات الدين الحديثة التي خضعت لاجتهاد شرعي دقيق، وفتوى تمويلات الصندوق الاجتماعي للتنمية، بوصفها صورة من صور العقود التمويلية المعاصرة، التي تم التكييف عليها وفق ضوابط العقود الجديدة.
وتناولت الدراسة – في إطار تحليلها لمنهج دار الإفتاء المصرية في فتاوى النوازل المالية خلال الفترة من 1946م إلى 2014م – جانبين منهجيين بالغَي الأهمية، وهما:
أثر الاجتهاد الجماعي ممثلًا في اعتماد الدار على قرارات المجامع الفقهية.
الرجوع إلى أهل الخبرة من غير الفقهاء في التصور.
فقد أفردت الدراسة الحديث عن موقف دار الإفتاء من الاجتهاد الجماعي، موضحةً مدى استفادتها من قرارات المجامع الفقهية الكبرى واستئناسها بها في بناء فتاواها المعاصرة، كما قدمت نماذج تطبيقية توضّح هذا الأثر في معالجة نوازل مالية بعينها.
كما أفردت –أيضا- حضور أهل الخبرة في فتاوى الدار، واستعراض عدد من النماذج التطبيقية في كيفية اعتماد الدار على آرائهم، قبل إصدار الفتوى لتحقيق التصور الدقيق للمسألة.
إن هذه الدراسة الجادة تعتبر بحق إضافة إلى المكتبة العلمية، وإلى الأعمال التي تسلط الضوء على جهود دار الإفتاء المصرية، وبيان ما تميزت به المؤسسة من وسطية واعتدال، قام عليها أحد أبناء هذه المؤسسة العريقة وهو الباحث النابه الدكتور/ محمود محمد محمد أنور شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، والتي حصل من خلالها على درجة العالمية الدكتوراة من جامعة الأزهر، والله نسأل له دوام التوفيق والسداد.
وقبل الختام أقول: إن دار الإفتاء المصرية – من خلال هذا المنهج المتكامل في إصدار الفتوى – تمثل نموذجًا معاصرًا للاجتهاد المؤسسي الرشيد، الذي يوازن بين الالتزام بالنصوص الشرعية، وتحقيق مصالح الناس، ومراعاة أحوال الواقع المتغير، وهذا المنهج يجعل فتاواها أكثر قبولًا واستجابة لاحتياجات المجتمع، دون أن تخرج عن إطار الشريعة أو تنفصل عن تراثها الفقهي العريق.
وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أ.د نظير محمد عياد
مفتي الديار المصرية
رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم
([1]) ينظر: الفوائد المكية فيما يحتاجه طلبة الشافعية، السيد العلامة علوي بن أحمد بن عبدالرحمن السقاف، تحقيق: حميد مسعد الحالمي، صـ 159، 160، مركز النور للدراسات والأبحاث.
تصفح الكتاب
العربية
English
French
Deutsch
Urdu
Pashto
Swahili
Hausa
