01 يناير 2017 م

اتق الله حيثما كنت

اتق الله حيثما كنت


عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه الترمذي.

في هذا الحديث الشريف يجمع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة من أسباب النجاة ونَيْلِ رضا الله جل وعلا في الدنيا والآخرة، ويوصي أبا ذرٍّ رضي الله عنه وجميع المسلمين وصيةً عظيمةً جامعةً لحقوق الله وحقوق عباده، فإنَّ حقَّ الله على عباده أنْ يتقوه حقَّ تقاته، وقد قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131].

وتقوى العبد لربه أنْ يجعل بينه وبينَ ما يخشاه من ربه وقايةً تحميه مما يخافه من عذابه، وذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه.

قال عُمَرُ بن عبد العزيز: "ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليطِ فيما بَيْنَ ذلك، ولكن تقوى اللهِ تركُ ما حرَّم الله، وأداءُ ما افترضَ الله، فمن رُزِقَ بعد ذلك خيرًا، فهو خيرٌ إلى خير".

وأصلُ التقوى: أنْ يعلم العبدُ ما يُتَّقى ثم يتقي، فلا بد من العلم، وهو أمر مهم في كيفية إدراك المسلمين لواقعهم وحالهم وترتيب أولوياتهم، فأول السعي الوعي، وذلك في كل أمور الدين والدنيا، فمن أراد أن يسعى في عمارة الأرض فعليه أن يعي أولا واقعه وكيف يتعامل معه، ومن أراد العبادة وتحصيل مرضاة الله فعليه أن يعرف ما الذي يجب أن يفعله وما الذي يجب أن يجتنبه حتى ينال مبتغاه، وذلك في كل أحواله كما قال صلى الله عليه وسلم «حَيْثُمَا كُنْتَ» أي في الخلوة وبين الناس وفي السرَّاء والضرَّاء.

ولما كان العبدُ مأموراً بالتقوى في السرِّ والعلانية مع أنَّه لابُدَّ أنْ يقع منه أحيانًا تفريط في التقوى، إما بترك بعض المأمورات، أو بارتكاب بعض المحظورات، فأمره أنْ يفعل ما يمحو به هذه السيئة وهو أنْ يتبعها بالحسنة، قال الله عز وجل: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114]، وقال أيضًا: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ • أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ [آل عمران: 135 ، 136]، فجعل اللهُ للعبد مخرجًا مما يقع فيه من الذنوب بالتوبة والاستغفار.

ثم دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدم الاكتفاء بالعلاقة الخاصة بين العبد وربه، بل نبهنا إلى ما يمكن أن يغيب عنا من عناصر تقوى الله سبحانه وتعالى، وذلك فيما يتعلق بالعلاقة مع الناس، فقال: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»، وهذا من خصال التقوى، ولا تَتِمُّ التقوى إلا به، وأكد عليه صلى الله عليه وسلم لأهميته، فتلاطف الناس وتبتسم في وجوههم وتصبر عليهم وتتحمل أذاهم؛ فإن فاعل ذلك يرجى له في الدنيا الفلاح وفي الآخرة الفوز بالنجاة والنجاح.

وروي أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَكْرَمِ أَخْلَاقِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَنْ تُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَأَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ» رواه الطبراني في المعجم الأوسط.

المصادر:
جامع العلوم والحكم لابن رجب.
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري.
 

ثم قصد صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فقال: «والصلاة نور»، فهي نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي آخرته؛ فإنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب، وهي عمود الإسلام، يقوم عليها بناؤه، فإذا لم يقم العمود انهار البناء؛ فهي نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ عليها ويحرص حتى يَكْثُرَ نورُه وإيمانُه. ثم يبيِّن صلى الله عليه وسلم أن: «الصدقة برهان»، ومعنى ذلك كما يقول العلماء أن الصدقة تكون


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مِنْ أَقَالَ مُسْلِمًا، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ». لمّا كانت المواساة لا تقتصر على مشاركة المسلم لأخيه في المال والجاه أو الخدمة والنّصيحة.. أو غير ذلك، فإنَّ من المواساة مشاركةُ المسلم في مشاعره خاصَّةً في أوقات حزنه، وعند تعرُّضه لما يعكِّر صفوَه، وهنا فإنَّ إدخال السّرور عليه، وتطييبَ خاطره بالكلمة الطَّيِّبَةِ، أو المساعدةِ الممكنةِ بالمال أو الجاهِ، أو المشاركة الوجدانيَّة هو من أعظم المواساة وأجلِّ أنواعها، وقد كان صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يواسي بالقليل والكثير، وقد علَّمنا أنَّ من أقال مسلمًا من عثرته أقال الله عثرتَه، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يزال في حاجة العبد مادام العبد في حاجة أخيه.


عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»، قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» رواه مسلم.


عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى المَاشِي، وَالمَاشِي عَلَى القَاعِدِ، وَالقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ» رواه البخاري ومسلم. في هذا الحديث الشريف توجيه عظيم من التوجيهات النبوية التي تعمل على تعميق صلات الود والتآخي بين المسلمين، بل وأكثر من ذلك يحدد هذا الحديث هيئة هذا التوجيه، وهو ما يتعلق بآداب إلقاء السلام، ومن المعروف أن حكم ابتداء السلام أنه سُنَّة ورد السلام واجب. وإذا كانت جماعة يسير بعضهم مع بعض فإلقاء السلام من بعضهم سنة كفاية في حقهم، إذا سلم بعضهم


عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ البَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ: «إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قَالَ: فَادْعُهْ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ» (رواه الترمذي وقال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ). وفى زيادة صحيحة صححها الحافظ الطبراني وأخرجها في "الدعاء" و"المعجم الكبير" و"الصغير" وأقر تصحيحَ الطبراني الحافظُ المنذري في "الترغيب والترهيب" والحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" وغيرهما: " عن عثمان بن حنيف أن رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28